الآثار العمانية تسبح في الإنترنت

الآثار العمانية تسبح في الإنترنت


سلطنة عمان تدشن موقعاَ إلكترونياَ يسلط الضوء على مكانتها التاريخية ومكتشفاتها الأثرية المستمرة.

ميدل ايست اونلاين
مسقط ـ من حسين شحادة

قام وزير التراث والثقافة العماني هيثم بن طارق آل سعيد في شهر سبتمبر/أيلول الماضي بتدشين الموقع الالكتروني لمواقع التراث العمانية، في حفل حضره علي بن حمود البوسعيدي وزير ديوان البلاط السلطاني، وعبدالعزيز بن محمد الرواس مستشار السلطان للشؤون الثقافية، وعبدالله بن سالم الرواس وزير البلديات الإقليمية وموارد المياه وعدد من المسئولين.

وأعرب وزير التراث والثقافة عن سعادته لتدشين هذا الموقع، مؤكداَ أن ما يثلج الصدر هو الاكتشافات الأثرية المستمرة والجديدة في السلطنة والتي تدل على المكانة التاريخية والثقافية لهذا البلد العريق.

وأشاد الوزير في تصريح للصحفيين بالجهود التي يقوم بها مكتب مستشار السلطان قابوس للشؤون الثقافية والدور الكبير الذي يقوم به في المواقع الأثرية المختلفة وهو دور مكمل لما تشهده السلطنة من الحفاظ على المواقع التاريخية والأثرية، مشيراَ إلى أن ما تم الإعلان عنه من مكتشفات أثرية عمانية يبشر بحقبة جديدة للاكتشافات الأثرية في محافظة ظفار، وهي أثار مهمة كانت مفقودة في الماضي وانه باستمرار عمل الخبراء في التنقيب عن هذه الآثار ستتضح معالمها يوما بعد يوم، وسيقوم مكتب المستشار بتسجيلها في سجل التراث العالمي وهذا شيء جيد يضاف إلى المواقع الأخرى التي تم تسجيلها.

وأكد وزير التراث والثقافة انه قبل أن تكون هذه المواقع سياحية فإنها تعد معالم ثقافية تاريخية أثرية تخص البلاد والواجب الكشف عنها وتوثيقها وتسجيلها كمعالم أثرية، وان هذه المواقع تدل على مكانة السلطنة التاريخية عبر الزمن والتي تمتد إلى ما قبل الإسلام وبعده، موضحا أن السلطنة مستمرة في توثيق هذه المواقع.

وتضمن الحفل تقديم عرض عن بعض المواقع الأثرية وسير العمل بها حالياَ، حيث تحدثت البروفيسورة اليندرا افنزيني رئيسة البعثة الايطالية من جامعة بيزا الايطالية عن موقع سلوت الأثري بولاية بهلا بالمنطقة الداخلية حيث تقوم هذه البعثة بأعمال التنقيب منذ عام 2004.

وقالت إن موقع سلوت الأثري هو هضبة غنية بالمواقع الأثرية التي ترجع إلى بدايات العصر البرونزي، مشيرة إلى انه تم مسح المنطقة بواسطة عدد من البعثات العلمية المختلفة منذ السبعينات من القرن الماضي، كما أن فريقاَ من جامعة برمنجهام ينفذ حالياَ مشروعاَ في الموقع.

وأوضحت أن الموقع بدأت ملامحه الأثرية والجمالية تتضح أكثر فأكثر وان العمل جار حالياَ في أعمال الترميم للجدران الحجرية مثل البرج الخارجي للمدينة.

وتحدثت افنزيني عن العصور التي توالت في سلوت عبر الحقب الزمنية إلى ما قبل العصر البرونزي والعصر البرونزي والعصر الحديدي، مؤكدة أن موقع سلوت يعتبر احد أهم المواقع الأثرية المثيرة للاهتمام في السلطنة.

وتحدثت عن موقع خور روري سمهرم الأثري في محافظة ظفار، مشيرة إلى أن أعمال الترميم مستمرة في هذا الموقع، حيث تم استخدام مواد تتوافق مع متطلبات وقوانين منظمة اليونسكو والايكوموس.

وقالت أن سمهرم كانت مدينة ذات مساحة صغيرة لا تتعدى الهكتار الواحد ولكن الكثافة السكانية بها كانت عالية وسور المدينة سميك جداَ وبه فجوات ومجمع البوابة الرئيسية، وان المدينة مقسمة إلى ضواحي مختلفة كالمنطقة السكنية وبها مبنى ضخم لحماية البئر ويضم جدرانا يبلغ سمكها أحيانا أكثر من 6 أمتار، كما أن طرفه الشمالي متصل بجدار المدينة ومنطقة تخزين البضائع التجارية في المخازن ومنطقة المعبد، كما توجد بها بئر عمقها 25 متراَ تتوسط الفناء المفتوح.

وأشارت إلى المراحل التي مرت بها سمهرم عبر العصور ومراحل البناء بها، موضحة انه في مثل هذه المواقع لا يتأمل الأثريون اكتشاف قطع أثرية مهمة أو ذو قيمة عالية، حيث أنه لا بد من أن السكان قد اخذوا كل شيء معهم أثناء هجرهم للمدينة وعليه فان القطع الأثرية الكثيرة التي تم العثور عليها في سمهرم دلت على مستوى ثراء المدينة وكم كانت السلع متوفرة فيها بكثرة لدرجة أن السكان الذين هجروا الموقع أخيراَ لم يتمكنوا من حمل كل شيء معهم.

وتحدث خلال الحفل البروفيسور يورنس زورنس استشاري أثار بمكتب مستشار السلطان للشؤون الثقافية عن أعمال الحفريات الأثرية الأخيرة في موقع البليد الأثري بمحافظة ظفار وخاصة جدار المدينة الجنوبي والبناء المعماري التذكاري المتصل به.

وقال زورنس انه بناء على الملاحظات الأولية حول الموقع منذ عام 1938 ونتائج أعمال التنقيب الأثري التي قام بها ويندل فيلبس في عام 1952 والمسح الأثري الذي تم تنفيذه على الجدار الجنوبي في عام 2007 تم تنفيذ حفريات أثرية تهدف إلى رسم صورة أوضح عن المجمع ككل وذلك في الفترة من سبتمبرـ كانون الأول عام 2009 حتى فبراير ـ شباط 2010، مشيراَ إلى انه تم حتى الآن تحديد حوالي 12 جزءاَ لهذا الموقع، حيث أن الموقع كان مغطى بطبقة من الرمال يتراوح سمكها ما بين 2 إلى 3 أمتار مما تتطلب إجراء عمليات إزالة الركام سواء يدويا أو عن طريق استخدام المعدات الثقيلة.

وأضاف أن أعمال التنقيب أوضحت سور المدينة الكبير المجاور لها والذي يحيط بفناء كبير ومنسبط يمتد من الشمال إلى الغرب ويحيط بالمجمع بأكمله سور مدينة ضخم وثلاثة أبراج وبعدما هجر السكان المدينة أصبحت هذه المنطقة مساحة رئيسية تستخدم كمقرة صغيرة إما في جهة الغرب من هذه المنطقة فيوجد سد صغير وبوابة صغيرة للتحكم في تدفق المياه العذبة من نبع الماء القريب.

وأشار إلى الجنوب من البوابة الشرقية فيمتد جدار المدينة حتى احد الأبراج الرئيسية والذي يمتد بدوره غربا حتى يصل لجدار بحري ضخم جداَ يصل طوله لحوالي 40 متراَ وعرضه 10 أمتار وهو بحق تحفه هندسية رائعة.

بعد ذلك شاهد الوزير والحضور عرضاَ للموقع الالكتروني لمواقع التراث العمانية المسجلة في قائمة التراث العالمي الذي يضم المواقع الأثرية والتراثية في السلطنة منها متحف ارض اللبان والافلاج في عمان ومقابر بات والخطم والعين وقلعة بهلا .. ثم تجول في معرض للصور يضم صوراَ للعديد من المواقع الأثرية بالسلطنة والتي يجري العمل بها حاليا.