إن الله تعالى قد أخبر في كتابه الكريم أن العباد سيسألون سؤالين يوم
العرض عليه ، أما الأول فهو(ماذا كنتم تعبدون )وأما الثاني فهو(ماذا أجبتم
المرسلين ). ومن هنا فإن الواجب على العبد أن يعلم أن الله هو مولاه ،
الذي خلقه ورزقه ، وله عليه حق أن يعبده لا يشرك به شيئا.
كما يجب عليه أن يعرف نبيه صلى الله عليه وسلم ، ويعرف سنته ، وهديه ، إذ
به الأسوة ، وهو القدوة ، ولا سبيل لنيل رضا المولى جل في علاه ، إلا عن
طريقه ، والسير على منهاجه ، واتباع خطواته ، في شمولية كاملة ، لا يحيد
عنها ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
فإذا كان هذا متفقا عليه بيني وبينك أيها العزيز ، ولا أظنه إلا كذلك ،
فإن الله تعالى قد أوجب علينا أمورا مقصدها جمع الكلمة ، ونشر الألفة ،
وحفظ العلاقة بيننا في أحسن أحوالها ، فاستمع إليه وهو يقول لنبيه صلى الله
عليه وسلم ، في سورة نال عليه الصلاة والسلام فيها شرفا ليس بعده شرف ،
وهو الإسراء والمعراج ، فيقول له(وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ، إن
الشيطان ينزغ بينهم ، إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا ).
واتكاء على هذه الآية وغيرها من آيات الذكر الحكيم ، وأحاديث سيد
المرسلين ، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، يظهر وجوب رأب الصدع ، وجمع
الكلمة ، ونزع فتيل الفرقة ، وإغاظة للشيطان الذي ينزغ بيننا ، حيث يجمعنا
حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وانتماؤنا لسلف هذه الأمة ، الذين
نفخر باتباعهم ، ونقتدي بهم ، علما وخلقا ومنهجا.
أسطر هذه الكلمات أحيي بها أخوة الدين التي لا تنقطع أواصرها مهما بلغت
حدة القسوة في الرد ، ولو جاوزت الحد إلى درجة حمل السيف ، وسفك الدم ، فإن
الله جل في علاه نص عليها والحال هذه ، فقال في سورة هي من أعظم سور
الأخلاق والقيم ، والتكاتف والتعاون(وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ،
فأصلحوا بينهما ، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء
إلى أمر الله ، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل ، وأقسطوا ، إن الله يحب
المقسطين )ثم تأمل بقلبك قوله بعد ذكر القتال والبغي(إنما المؤمنون إخوة )!
نعم ، إخوة حتى وإن اقتتلوا ! فإن الأخوة لا تنقطع ، أما تراه نص على ذلك
أيضا في سورة البقرة ، في آية القصاص(فمن عفي له من أخيه شيء).
فليتنا نقف عند هذه الآيات نتدبرها ، ونستشعرها في أخلاقنا ، ونزرعها في
قلوبنا ، لتنبت حبا وإخاء ، ومودة ورحمة ، ونصحا وتكاتفا ، فإن غايتنا
واحدة ، وإن اختلفت طرقنا وأساليبنا ، وإن تعارضت رؤانا ، وأفكارنا ، كلنا
يريد الله والدار الآخرة ، كلنا يسعى لمرضاة الرب جل جلاله ، هكذا أحسب
إخواني ، وهكذا أرجو من نفسي ، فإن نزغ الشيطان بيننا وبينهم ، رددنا كيده
في نحره ، وجعلنا تدبيره ومكره عليه غمة ، وقلنا له بلسان الحال ، وبلسان
المقال : مت بغيظك ، إن الله عليم بذات الصدور.
وفي نص الله تعالى على هذه الأخوة دليل عظمتها ، وقوة ربطها للقلوب ،
وتجنيد الأرواح لتتآلف ، فإن القلوب متى تنافرت ، وامتلأت حقدا وغلا وحسدا
لم يبق من أسس التعاون على البر والتقوى والتنافس في الخيرات شيء ،
والحياة لا تستقيم إلا بتعاون وتكاتف ، وتآخ ، ونصرة بعض الناس لبعض ،
ولهذا كان من وصف المؤمنين ما جاء على لسان الحبيب صلى الله عليه وسلم :
مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ، مثل الجسد . إذا اشتكى منه
عضو ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى . وفي التشبيه لتعاطفهم وتوادهم
بالجسد ملمح للاختلاف ، أعني اختلافهم في وظائفهم ، وفي مكانتهم ،
وأهميتهم ، وأعمالهم ، فالقلب له وظيفته ، ولا يستغني عن العين مع أنها في
الحياة أقل أهمية من القلب ، وقس على هذا ، إلا أن اختلافهم هذا ليس إلا
اختلاف تنوع ، لا اختلاف تضاد وتنافر ، فإن الجسد لحمة واحدة ، كل عضو منه
يؤدي مهمته ، ولا يضيره مهمة العضو الآخر ، بل هو يكملها ويعينها .
فوصف الله تعالى للمؤمنين بأنهم إخوة ، يجلي ما يجب أن تلقيه هذه الكلمة
في قلب المسلم ، وما ينبغي له أن يفعله كي ينمي هذه الأخوة ، ويحافظ عليها
، ولا يدع فرجة للشيطان ينفذ منها فيفرق بينه وبين أخيه!
ولو تأملت قول الحبيب صلى الله عليه وسلم في شأن صفوف الصلاة وأمره
بالتراص وعدم الاختلاف ، وتوعده بمخالفة الله بين قلوب من اختلفت صفوفهم ،
ظهر لك ساطعا نور الأخوة الواجبة ، وعلمت أن اختلاف القلوب من أشد
العقوبات ، وأن رص الصف من أهم الواجبات !
وكذا فإن الإسلام لم يترك الأمراض التي تودي بحياة الأخوة أو تمرضها ، أو
تضعفها ، بل بين علاجها ، وأظهر أسبابها ، فافتح قلبك لقول الله(ونزعنا
ما في صدورهم من غل )
ونقل فكرك هنا وهناك ، هنا في الدنيا ، وهناك في الآخرة ، ترى المسلم ،
بل المؤمن التقي ، الذي أعدت له الجنة ، وأزلفت ، تراه يحمل الغل في صدره ،
ويبقى فيه هذا الغل حتى ينزع من صدره في الجنة !
وهذا دليل على أن المؤمن ليس مطهرا في دنياه من غل أو حسد أو حقد ، ولكنه
مطالب بنزعها من صدره ، فإن بقيت نزعت منه في جنات النعيم .
والحديث عن المتقين الذين يدخلون الجنة ، فهو يثبت احتواء الصدور على
الغل الذي هو أشد من الحسد ، ولم يمنعهم ذلك من دخول الجنة ! وهو أيضا دليل
على أن كمال السعادة ، وتمام الأخوة لا يكون إلا بخلو الصدور من هذا الغل
، أما تراه قال بعدها(إخوانا على سرر متقابلين )فالأخوة إذا لا تكتمل مع
وجود الغل في الصدور ! فلا بد من خلوها من الغل والحسد لتكمل ، ولتنمو ،
ولهذا جاء النهي عن هذا في الحديث النبوي ، في قوله صلى الله عليه وسلم :
إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تحسسوا ، ولا تجسسوا ، ولا
تحاسدوا ، ولا تدابروا ، ولا تباغضوا ، وكونوا عباد الله إخوانا . وتأمل
قوله بعد هذه المناهي : وكونوا عباد الله إخوانا . فلا يمكن أن نكون إخوانا
ونحن نتحسس ، ونتجسس ، ونتحاسد ، ونتدابر ، ونتباغض ، ونتناجش ، كما في
الرواية الأخرى
فما أجمل ذلك الدعاء من المتبعين لمن سلف بإحسان ، يرددونه ، ويلهجون
به(ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ، ولا تجعل في قلوبنا
غلا للذين آمنوا ، ربنا إنك رؤوف رحيم ).
العرض عليه ، أما الأول فهو(ماذا كنتم تعبدون )وأما الثاني فهو(ماذا أجبتم
المرسلين ). ومن هنا فإن الواجب على العبد أن يعلم أن الله هو مولاه ،
الذي خلقه ورزقه ، وله عليه حق أن يعبده لا يشرك به شيئا.
كما يجب عليه أن يعرف نبيه صلى الله عليه وسلم ، ويعرف سنته ، وهديه ، إذ
به الأسوة ، وهو القدوة ، ولا سبيل لنيل رضا المولى جل في علاه ، إلا عن
طريقه ، والسير على منهاجه ، واتباع خطواته ، في شمولية كاملة ، لا يحيد
عنها ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
فإذا كان هذا متفقا عليه بيني وبينك أيها العزيز ، ولا أظنه إلا كذلك ،
فإن الله تعالى قد أوجب علينا أمورا مقصدها جمع الكلمة ، ونشر الألفة ،
وحفظ العلاقة بيننا في أحسن أحوالها ، فاستمع إليه وهو يقول لنبيه صلى الله
عليه وسلم ، في سورة نال عليه الصلاة والسلام فيها شرفا ليس بعده شرف ،
وهو الإسراء والمعراج ، فيقول له(وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ، إن
الشيطان ينزغ بينهم ، إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا ).
واتكاء على هذه الآية وغيرها من آيات الذكر الحكيم ، وأحاديث سيد
المرسلين ، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، يظهر وجوب رأب الصدع ، وجمع
الكلمة ، ونزع فتيل الفرقة ، وإغاظة للشيطان الذي ينزغ بيننا ، حيث يجمعنا
حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وانتماؤنا لسلف هذه الأمة ، الذين
نفخر باتباعهم ، ونقتدي بهم ، علما وخلقا ومنهجا.
أسطر هذه الكلمات أحيي بها أخوة الدين التي لا تنقطع أواصرها مهما بلغت
حدة القسوة في الرد ، ولو جاوزت الحد إلى درجة حمل السيف ، وسفك الدم ، فإن
الله جل في علاه نص عليها والحال هذه ، فقال في سورة هي من أعظم سور
الأخلاق والقيم ، والتكاتف والتعاون(وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ،
فأصلحوا بينهما ، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء
إلى أمر الله ، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل ، وأقسطوا ، إن الله يحب
المقسطين )ثم تأمل بقلبك قوله بعد ذكر القتال والبغي(إنما المؤمنون إخوة )!
نعم ، إخوة حتى وإن اقتتلوا ! فإن الأخوة لا تنقطع ، أما تراه نص على ذلك
أيضا في سورة البقرة ، في آية القصاص(فمن عفي له من أخيه شيء).
فليتنا نقف عند هذه الآيات نتدبرها ، ونستشعرها في أخلاقنا ، ونزرعها في
قلوبنا ، لتنبت حبا وإخاء ، ومودة ورحمة ، ونصحا وتكاتفا ، فإن غايتنا
واحدة ، وإن اختلفت طرقنا وأساليبنا ، وإن تعارضت رؤانا ، وأفكارنا ، كلنا
يريد الله والدار الآخرة ، كلنا يسعى لمرضاة الرب جل جلاله ، هكذا أحسب
إخواني ، وهكذا أرجو من نفسي ، فإن نزغ الشيطان بيننا وبينهم ، رددنا كيده
في نحره ، وجعلنا تدبيره ومكره عليه غمة ، وقلنا له بلسان الحال ، وبلسان
المقال : مت بغيظك ، إن الله عليم بذات الصدور.
وفي نص الله تعالى على هذه الأخوة دليل عظمتها ، وقوة ربطها للقلوب ،
وتجنيد الأرواح لتتآلف ، فإن القلوب متى تنافرت ، وامتلأت حقدا وغلا وحسدا
لم يبق من أسس التعاون على البر والتقوى والتنافس في الخيرات شيء ،
والحياة لا تستقيم إلا بتعاون وتكاتف ، وتآخ ، ونصرة بعض الناس لبعض ،
ولهذا كان من وصف المؤمنين ما جاء على لسان الحبيب صلى الله عليه وسلم :
مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ، مثل الجسد . إذا اشتكى منه
عضو ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى . وفي التشبيه لتعاطفهم وتوادهم
بالجسد ملمح للاختلاف ، أعني اختلافهم في وظائفهم ، وفي مكانتهم ،
وأهميتهم ، وأعمالهم ، فالقلب له وظيفته ، ولا يستغني عن العين مع أنها في
الحياة أقل أهمية من القلب ، وقس على هذا ، إلا أن اختلافهم هذا ليس إلا
اختلاف تنوع ، لا اختلاف تضاد وتنافر ، فإن الجسد لحمة واحدة ، كل عضو منه
يؤدي مهمته ، ولا يضيره مهمة العضو الآخر ، بل هو يكملها ويعينها .
فوصف الله تعالى للمؤمنين بأنهم إخوة ، يجلي ما يجب أن تلقيه هذه الكلمة
في قلب المسلم ، وما ينبغي له أن يفعله كي ينمي هذه الأخوة ، ويحافظ عليها
، ولا يدع فرجة للشيطان ينفذ منها فيفرق بينه وبين أخيه!
ولو تأملت قول الحبيب صلى الله عليه وسلم في شأن صفوف الصلاة وأمره
بالتراص وعدم الاختلاف ، وتوعده بمخالفة الله بين قلوب من اختلفت صفوفهم ،
ظهر لك ساطعا نور الأخوة الواجبة ، وعلمت أن اختلاف القلوب من أشد
العقوبات ، وأن رص الصف من أهم الواجبات !
وكذا فإن الإسلام لم يترك الأمراض التي تودي بحياة الأخوة أو تمرضها ، أو
تضعفها ، بل بين علاجها ، وأظهر أسبابها ، فافتح قلبك لقول الله(ونزعنا
ما في صدورهم من غل )
ونقل فكرك هنا وهناك ، هنا في الدنيا ، وهناك في الآخرة ، ترى المسلم ،
بل المؤمن التقي ، الذي أعدت له الجنة ، وأزلفت ، تراه يحمل الغل في صدره ،
ويبقى فيه هذا الغل حتى ينزع من صدره في الجنة !
وهذا دليل على أن المؤمن ليس مطهرا في دنياه من غل أو حسد أو حقد ، ولكنه
مطالب بنزعها من صدره ، فإن بقيت نزعت منه في جنات النعيم .
والحديث عن المتقين الذين يدخلون الجنة ، فهو يثبت احتواء الصدور على
الغل الذي هو أشد من الحسد ، ولم يمنعهم ذلك من دخول الجنة ! وهو أيضا دليل
على أن كمال السعادة ، وتمام الأخوة لا يكون إلا بخلو الصدور من هذا الغل
، أما تراه قال بعدها(إخوانا على سرر متقابلين )فالأخوة إذا لا تكتمل مع
وجود الغل في الصدور ! فلا بد من خلوها من الغل والحسد لتكمل ، ولتنمو ،
ولهذا جاء النهي عن هذا في الحديث النبوي ، في قوله صلى الله عليه وسلم :
إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تحسسوا ، ولا تجسسوا ، ولا
تحاسدوا ، ولا تدابروا ، ولا تباغضوا ، وكونوا عباد الله إخوانا . وتأمل
قوله بعد هذه المناهي : وكونوا عباد الله إخوانا . فلا يمكن أن نكون إخوانا
ونحن نتحسس ، ونتجسس ، ونتحاسد ، ونتدابر ، ونتباغض ، ونتناجش ، كما في
الرواية الأخرى
فما أجمل ذلك الدعاء من المتبعين لمن سلف بإحسان ، يرددونه ، ويلهجون
به(ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ، ولا تجعل في قلوبنا
غلا للذين آمنوا ، ربنا إنك رؤوف رحيم ).
السبت يوليو 27, 2019 4:19 am من طرف طلعت شرموخ
» كنوز الفراعنه
السبت مايو 18, 2019 1:00 am من طرف طلعت شرموخ
» الثقب الاسود
السبت أبريل 13, 2019 1:22 am من طرف طلعت شرموخ
» طفل بطل
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:15 am من طرف طلعت شرموخ
» دكتور زاكي الدين احمد حسين
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:12 am من طرف طلعت شرموخ
» البطل عبدالرؤوف عمران
الإثنين أبريل 01, 2019 9:17 pm من طرف طلعت شرموخ
» نماذج مشرفه من الجيش المصري
الإثنين أبريل 01, 2019 9:12 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» دجاجة القاضي
الخميس فبراير 28, 2019 5:34 am من طرف طلعت شرموخ
» اخلاق رسول الله
الأربعاء فبراير 27, 2019 1:50 pm من طرف طلعت شرموخ
» يوم العبور في يوم اللا عبور
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:59 pm من طرف طلعت شرموخ
» من اروع ما قرات عن السجود
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:31 pm من طرف طلعت شرموخ
» قصه وعبره
الأربعاء فبراير 20, 2019 11:12 am من طرف طلعت شرموخ
» كيف تصنع شعب غبي
الخميس فبراير 14, 2019 12:55 pm من طرف طلعت شرموخ