نسائم السلام تهب على الفلبين
تعليق علي الموضوع
إرسال لصديق
طباعة الصفحة
تعليق علي الموضوع
إرسال لصديق
طباعة الصفحة
- مرحلة جديدة:
- التخلي عن السلاح:
- التركيبة السُكانية الأصلية:
- جبهة تحرير مورو:
- اتفاقيات سلام بين الحكومة ومورو:
- 4 قرون من الاحتلال:
أخيرًا هبت نسائم السلام على
الفلبين بعد أن وقعت حكومة الفلبين وجبهة تحرير مورو الإسلامية اتفاقًا
إطاريًا، يفترض أن يرسي خلال أربع سنوات سلامًا دائمًا وحُكمًا ذاتيًا
للأقلية المسلمة في جزيرة منداناو جنوبي البلاد, ومن شأنه أن يضع حدًا
لصراع مسلح استمر أربعة عقود، وأن يُمثل نجاحًا تاريخيًا للرئيس بنينو
أكينو، قد يُمهد الطريق لمزيد من الاستثمار في الجنوب الفقير الغني
بالموارد.
كان قد أعلن القصر الرئاسي الفلبيني في 8 أكتوبر/تشرين الأول
الجاري أن الاتفاق بين الحكومة الفلبينية وجبهة تحرير "مورو" الإسلامية
سيُوقع في الـ 15 من شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وقالت سكرتيرة القصر
الرئاسي الفلبيني لعملية السلام "تيريستا ديليزي" في تصريح صحفي إن الاتفاق
سيوقع في العاصمة مانيلا من قبل رئيس لجنة السلام بالحكومة "مارفيك
ليونين" ورئيس لجنة جبهة مورو "مهاجر اقبال".
وجرى توقيع الاتفاق في حفل
كبير أقيم في القصر الرئاسي في مانيلا, وحضره الرئيس الفلبيني بنينو
أكينو, ورئيس جبهة مورو الحاج مراد إبراهيم, ورئيس وزراء ماليزيا نجيب عبد
الرزاق الذي قادت بلاده جهود الوساطة لإنهاء القتال في منداناو, الذي أوقع
نحو مائة ألف قتيل منذ عام 1969، وحضر الحفل أيضًا أمين عام منظمة التعاون
الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو ومسئولون من دول جنوب شرق آسيا.
وكان
الرئيس الفلبيني "بنينو أكينو" أعلن مؤخرًا عن توصل الحكومة الفلبينية
وجبهة تحرير "مورو" إلى هذا الاتفاق والذي سيأتي بكيان سياسي جديد يُسمى
"بانجسمورو" ليحل محل منطقة "منداناو" المسلمة التي تتمتع بالحُكم الذاتي،
مؤكدًا على أن هذا الاتفاق يُمهد الطريق لسلام نهائي ودائم في "منداناو"،
خاصة وأنه يشمل كافة المجموعات الانفصالية السابقة في المنطقة بحيث لا تسعى
جبهة مورو الإسلامية إلى إقامة دولة منفصلة.
وأوضح "أكينو" أن الحكومة
الفلبينية ستستمر في مُمارسة سلطاتها في الدفاع والأمن والسياسة الخارجية
والسياسة النقدية وصك العُملة والدفاع عن المواطنة والحقوق الوطنية في
بانجسمورو، مشيرًا إلى أن الدستور والقانون الفلبيني سيحكمان المرحلة
الانتقالية في بانجسمورو تأكيدًا لمفهوم وحدة الأمة الفلبينية بجميع
ثقافاتها المختلفة وأطيافها.
ووعد أكينو سُكان بانجسمورو الجديدة
بالحصول على نصيب عادل ومتساو من الضرائب والعائدات، وأشار إلى أنه بحسب
الدستور سوف تصيغ لجنة انتقالية القانون الأساسي لإقامة منطقة بانجسمورو،
مُضيفًا .. أن اللجنة ستبحث عملية التشريع الكاملة في البرلمان، ودعم قانون
يُجسد قيم وتطلعات أهالي المنطقة، وقال: إن أي قانون ينتج عن هذا الاتفاق
سيخضع إلى استفتاء شعبي، ومن ثم إجراء عملية التصويت والانتخابات، بما في
ذلك ضم مناطق أخرى بالقرب من منطقة بانجسمورو الجديدة.
فقد نجحت الجهود
الدبلوماسية المُكثفة في تجاوز عقبة رئيسية تعترض إبرام اتفاق إطار بين
الجانبين، والذي من شأنه إضفاء الصبغة الرسمية على الهُدنة في جزيرة
مينداناو والتي تقطنها أغلبية مسلمة، وبدء خطوات إقامة منطقة حُكم ذاتي في
الدولة التي يُمثل غالبية سُكانها من الكاثوليك قبل نهاية ولاية أكينو في
2016.
ومن جانبه وصف مارفيك ليونين - أستاذ القانون وكبير مفاوضي الفريق
الحكومي - الاتفاق بأنه خطوة رئيسية على طريق عملية السلام لإنهاء النزاع
الدائر منذ 40 عامًا، والذي راح ضحيته 120 ألف شخص.
يُذكر أن هذا
الاتفاق جاء عقب محادثات طويلة منذ عام 2001 استضافتها ماليزيا، وشكلت لها
هيئة مستقلة لمراقبة وقف اطلاق النار في المنطقة، ومُتابعة مساعي مفاوضاتها
للسلام التي استؤنفت مرات عديدة خلال السنوات الماضية.
العودة إلي أعلي
مرحلة جديدة:
وشددت الأطراف الموقعة على أن الاتفاق يأذن بمرحلة جديدة في
جزيرة منداناو، حيث ستقام منطقة للحُكم الذاتي يُطلق عليها "بانجسامور",
بيد أنها نبهت إلى أن مسار السلام مازال في خطواته الأولى, ويتطلب عملاً
وجُهدًا كبيرًا.
وتحل منطقة الحُكم الذاتي المنصوص عليها في الاتفاق
الإطاري الذي تم توقيعه محل المنطقة الموجودة حاليا في منداناو التي أقيمت
عام 1989, وتشمل خمس مناطق تقطنها أغلبية مسلمة يبلغ عدد سكانها أربعة
ملايين نسمة .
وقال الرئيس الفلبيني في كلمة له بالحفل إن حكومته
مُلتزمة بتنفيذ الاتفاق "الإطاري", وببدء عملية سياسية تشمل جميع الأطراف،
وأضاف أن الاتفاق يُحقق مصالح جميع الأطراف, مُتعهدًا بمنح منداناو نصيبها
العادل من التنمية بما يساعد على إرساء السلام، وأشاد أكينو بالوساطة
الماليزية التي ساعدت على التوصل للاتفاق, كما أشاد بزعيم جبهة تحرير مورو
الإسلامية مراد إبراهيم، وقال إبراهيم من جهته إنه يمد يده إلى أكينو
لإقامة سلام وشراكة على قاعدة الاتفاق الإطاري.
وكان أكينو قال لدى
إعلانه عن اتفاق السلام قبل نحو أسبوع إن منطقة الحكم الذاتي الجديدة في
منداناو "بانجسامور" ستلتزم بالدستور, وإن الحكومة ستتولى شئون الدفاع
والأمن والخارجية فضلاً عن السياسة النقدية والعُملة والجنسية.
وفي
الحفل نفسه, قال رئيس الوزراء الماليزي نجيب عبد الرزاق إن الاتفاق وضع
أساسًا لسلام دائم في جنوبي الفلبين. وأبدى عبد الرزاق استعداد ماليزيا
لتكون شريكًا في هذا السلام من خلال المُساعدة على تنمية منطقة الحُكم
الذاتي الجديدة.
العودة إلي أعلي
التخلي عن السلاح:
ويشمل الاتفاق الموقع في مانيلا كل المجموعات الانفصالية
السابقة، وقال الرئيس الفلبيني حين أعلن عن الاتفاق قبل أيام أن جبهة مورو
الإسلامية لم تعد تطالب بدولة منفصلة.
وأضاف أن الأيدي التي حملت
البنادق في الماضي ستلقيها من أجل حرث الأرض, وبيع المحصول, وإدارة محطات
العمل, وإتاحة الفرصة لمواطنين آخرين.
وينص الاتفاق أيضًا على تكوين
لجنة انتقالية من 15عضوًا تكلف بتذليل العقبات وإنهاء التفاصيل التي تبقى
عالقة في الاتفاق المبدئي، ووضع مشروع قانون يقضي بإقامة منطقة الحُكم
الذاتي الجديدة في غضون عامين.
ووفقًا لنص الاتفاق, يفترض أن ينخرط
مقاتلو جبهة مورو في برنامج لتفكيك مليشياتهم المسلحة بحيث تصبح غير قابلة
للعمل، لكن الاتفاق لم يحدد جدولاً زمنيًا لذلك.
العودة إلي أعلي
التركيبة السُكانية الأصلية:
يتألف سُكان الفلبين من عناصر مختلفة، ولكن العنصر الغالب هو
العنصر الماليزي الذي جاء مُهاجرًا منذ آلاف السنين من ماليزيا وإندونيسيا،
وفي العصور الحديثة جاء إلى البلاد الصينيون والإسبان والأمريكان، وتزاوج
عدد منهم مع الفلبينيين فنشأ عنصر مزيج من الدماء الماليزية والإسبانية
بشكل خاص، وتوجد كذلك مجموعة صغيرة من السُكان من ذوي البشرة السمراء،
ولكنهم يعيشون في المناطق النائية في الجبال والغابات.
تعد الفلبين من
البلاد التي توصف بالكثافة السُكانية، حيث يبلغ تعداد سُكان الفلبين نحو 95
مليون نسمة، بنسبة 1.35% تقريبًا من سُكان العالم، وأن مُعظم السُكان
يتمركزون في مناطق محدودة بها، فعلى الرغم من كبر مساحة جزيرة مثل
"مينداناو" إلا أنها قليلة السُكان، ويُشكل المسلمون ما يقرب من 11% من
مجموع السُكان، ويتمركزون في المناطق الجنوبية في "جزيرة مينداناو" و
"أرخبيل صولو" و "جزيرة بالاوان"، ويقلون في الجُزر الوسطى والشمالية.
يوجد
عدد من البوذيين، ومجموعة من الوثنيين الذين يؤمنون بالأرواح، وتشكل كل
مجموعة من هاتين المجموعتين ما يقارب 2% من مجموع السُكان.
اللغة الفلبينية
ويتحدث
سُكان الفلبين أكثر من 78 لغة محلية، أهمها "لغة التاجالوج" التي تنتشر
بين سكان العاصمة "مانيلا" والمحافظات المُجاورة لها، وتعد بمثابة اللغة
الوطنية، كما نجد الإسبانية التي انتشرت أيام الاستعمار الإسباني،
والإنجليزي التي سادت وقت الاستعمار الأمريكي؛ وتعد الإنجليزية هي اللغة
الرسمية للحكومة.
ويتحدث المسلمون لغتين من اللغات السائدة في البلاد،
وهي لغة "تاوصو" القـريبة من الإندونيسية، ولغـة "مراتاو" وهي الغـالبة في
"جزيرة مينداناو"، وتضم مُصطلحات عربية كثيرة، وتكتب بالحروف العربية.
فاللغات
الرئيسية المُعترف بها في الدستور الفلبيني تشمل "بيكولانو، سيبوانو،
إلوكانو، هيليجاينون أو إلونجو، كابامباجان، بانجاسينان، تاجالوج، واراي-
واراي"، ويُعترف بالإسبانية والعربية كلغات اختيارية.
مورو .. الأرض والتاريخ
تقع
مورو - وهو الاسم الذي أطلقه الإسبان على مسلمي هذه المنطقة وما حولها- في
أقصى الجنوب الفلبيني، وتتكون بلاد مورو من جزيرة مينداناو وأرخبيل سولو
بما فيها جزيرة باسيلان وتاوى تاوى وبالاوان، وكانت تعرف هذه المنطقة بـ
"بلاد مورو" منذ أكثر من 400 عام حتى الآن، وأطلقت عليها الفلبين بعد أن
ضمتها إليها بـ "جنوب الفلبين"، وتبلغ مساحة بلاد مورو في جنوب الفلبين
116,890 كيلومتر مربع أي أكثر من ثلث مساحة الفلبين.
العودة إلي أعلي
جبهة تحرير مورو:
جبهة تحرير مورو الإسلامية هي جبهة إسلامية في الفلبين تسعي
لتحرير شعب مورو المسلم يتزعمها "الحاج مراد إبراهيم" الذي اختير لرئاسة
الجبهة عقب وفاة زعيمها السابق "سلامات هاشم" عام 2003، وهي كانت إحدى أذرع
جبهة مورو الوطنية بزعامة "نور ميسواري" وتم الانشقاق عام 1977 بعد
الاختلاف في رؤية حل القضية؛ إذ رأى ميسواري أن مصلحة المسلمين تكمن في
قبول الاندماج تحت السيادة الفلبينية، بينما رأى سلامات هاشم - الذى توفى
في 13 يوليو/تموز 2003 - أن الحصول على كيان مُستقل ذات حُكم ذاتي للمسلمين
أفضل لهم وخصوصًا بعد سياسة الحصار الأمني الحكومي والإهمال الاقتصادي
وسياسة إضعاف المسلمين، وهو ما مهد الطريق لإعلان الحرب على جبهة تحرير
مورو الإسلامية وإعلانها جبهة تحرير مورو الإسلامية.
تأثر سلامات في
عمله بالجبهة بمناهج الحركات الإسلامية الكبرى في العالم الإسلامي، وخاصة
الإخوان المسلمين بـمصر، والجماعة الإسلامية بـباكستان، واهتم بتربية
الشباب الـمورو المسلم تربية إسلامية صحيحة، بعيدة عن البِدع والخُرافات،
اعتمدت على بث روح التدين في نفوسهم، وإلهاب حماسهم الجهادي، وقد اعترفت
منظمة المؤتمر الإسلامي بجبهة تحرير مورو الإسلامية مُمثلا لمُسلمي
الفلبين.
ولقد استطاعت جبهة تحرير مورو الإسلامية - التي تعد أكبر جماعة
إنفصالية في البلاد تقوم بعملية تمرد في الجنوب منذ عام 1969 - وضع لجانها
التي تضم أكثر من 80% من سُكان مورو، واستطاعت أيضًا تأسيس جيش قوي مُدرب
ومُنظم، ويُضم أكثر من 100 ألف مجاهد، جرى تدريبهم بشكل جيد، وتدريبًا
عسكريًا جيدًا، وكذلك الحصول على تعاطف سُكان شعب مورو.
تعد قضية إقليم
مورو المسلم من القضايا الشائكة، حيث ترجع أصول مسلمي حركة مورو إلى الشعب
الملاوي الضارب بجذوره في أعماق الشعوب الإندونيسية والماليزية
والسنغافورية، وتستقر حركة مورو الإسلامية في جنوب الفلبين، في مساحة تقدر
بـ 110 آلاف كم2، والتي تشمل جزر [مينداناو وباسيلان وصولو وطاوي وطالي]،
حين دخل الإسلام إلى الفلبين في القرن السادس عشر الهجري.
العودة إلي أعلي
اتفاقيات سلام بين الحكومة ومورو:
خدعة اتفاقيـة طرابلس 1976
منذ
عام 1976 بدأ اجراء سلسلة من مفاوضات السلام بين الحكومة وقادة الجبهة
الوطنية بوساطة ليبية أسفرت في النهاية عن توقيع "اتفاقية طرابلس" التي تنص
على منح المسلمين حُكمًا ذاتيًا، إلا أن الاتفاق لم يدخل حيز التنفيذ
نظرًا لمُماطلة الحكومة الفلبينية، كما تتهمها بذلك الأقلية المسلمة،
وسُرعان ما عادت الأمور إلى التوتر وعادت معها العمليات المسلحة بين
الجانبين، وانقسمت الجبهة في العام التالي، وظلت تعمل على الساحة بجناحيها
المختلفين تحت نفس الاسم حتى عام 1984، وحينئذ أطلق سلامات هاشم على جناحه
اسم "الجبهة الإسلامية لتحرير مورو".
لقد ظل سلامات هاشم جنبًا إلى جنب
بجوار نور ميسواري تحت مظلة الجبهة الوطنية لتحرير مورو إلى أن تم توقيع
اتفاقية طرابلس بين ميسواري والحكومة الفلبينية في ديسمبر عام 1976، وقد
اعتبر سلامات هاشم ومعه قادة ميدانيون هذه الاتفاقية خدعة وخيانة، مما أدى
الخلاف إلى انفجار بين الجانبين، ودعا القادة الميدانيون ميسواري إلى
التنازل لـهاشم عن قيادة الحركة.
وزادت حدة الاختلاف بين سلامات هاشم
ونور ميسواري بسبب تباعد الرؤى والتصورات حول أسلوب حل قضية المسلمين في
جنوب الفلبين، فسلامات هاشم يرى أن الحل العسكري الأمثل عن طريق الجهاد؛
تمهيدا لإقامة دولة إسلامية في الجنوب، في حين يرى نور مسواري أن طريق
المفاوضات في هذا الوقت ربما يكون أكثر فاعلية، من خلال الحصول على بعض
المكاسب من الحكومة الفلبينية.
اتفاقية سلام عام 1995
كانت
جبهة مورو الإسلامية تشرف على عدد كبير من المعسكرات يتدرب فيها نحو 120
ألف مجاهد معظمهم مسلح بأسلحة خفيفة، في حين خصصت الحكومة الفلبينية 200
ألف جندي مسلح بشكل كامل إلى جانب 20 ألف من قوات منظمة "بيجي لانتي" وهي
ميليشيات شعبية يتركز نشاطها على هدم البيوت والمنازل وقتل المدنيين وحرق
المساجد وغالبًا ما تستخدم هذه الميليشيات السيوف والخناجر لقتل المدنيين
المسلمين، ومعروف أن جبهة مورو قادت تمردًا إسلاميًا في السبعينيات لتحقيق
انفصال جزيرة منداناو عن الفلبين وإقامة دولة إسلامية، غير أن التمرد فشل
وانقرض بعقد اتفاقية سلام بين الحكومة والمتمردين عام 1995 التي رفضها
أبوسياف ومجموعته.
اتفاق سلام 1996 بـإندونيسيا
كانت
قد أعلنت الجبهة الإسلامية لتحرير مورو التي يقودها سلامات هاشم أن هدفها
الاستقلال بجنوب الفلبين، فيما كانت جبهة نور ميسواري تطالب فقط بالحكم
الذاتي، وبينما وقّع ميسواري اتفاق سلام مع الحكومة الفلبينية في 1996
بـإندونيسيا، واصل هاشم وجبهته قتاله ضد الحكومة، واحتل مناطق واسعة في وسط
مينداناو، لكن هاشم ساعد في الدفع باتجاه إجراء مُحادثات سلام مع الحكومة
الفلبينية ووافق على المُشاركة شخصيًا فيها.
وكان يؤكد في أحاديثه
الصحفية أن اتفاق الهُدنة الذي وقّعته الجبهة مع حكومة مانيلا في ماليزيا
لا يعني أن مسلمي الفلبين تخلوا عن مطالبهم بالاستقلال الكامل، غير أنه
قال: إننا قد نقبل إجراءً يؤدي إلى الاستقلال الكامل، بشرط ألا يمس هذا
الإجراء شيئًا من تنظيمنا الإداري والعسكري والشعبي.
وكان يرفض التفكير
في قبول الحُكم الذاتي أو الفيدرالية، حتّى لا تقع حركته فيما وقع فيه نور
ميسواري رئيس جبهة مورو الوطنية بعد فشل صيغة الحُكم الذاتي التي قبل بها
ميسواري في الوصول إلى طموحات وآمال شعب مورو المسلم.
العودة إلي أعلي
4 قرون من الاحتلال:
تم احتلال الفلبين من قبل الإسبان والأمريكان واليابان لمدة
تزيد على أربعة قرون اغتصبوا خلاله خيرات البلاد، حيث اتجه الإسبان غربًا
بعد أن عرفوا أن الأرض كروية - فقطعوا المحيط الأطلسي والمحيط الهادي
ليصلوا إلى الشرق - وأخذت القوات الإسبانية تستولي على جزر الفلبين واحدة
تلو الأخرى، وسقطت مانيلا عاصمة الفلبين في أيديهم عام 1571، بعد أن كان
بها إمارتين إسلاميتين هما إمارة "توندو" ويحكمها (راجا سليمان)، وإمارة
"باسيج" ويحكمها (لاكندولا)، وسقطت مملكة "راجا سليمان"، بعد قتل مرير عام
1571، وقد تمكن الإسبان من السيطرة على الجزر الشمالية والوسطى "لوزون
وفيساياس" ابتداء من عام 1565 إلى عام 1898، وسمى الأسبان الجزر التي
احتلوها بـ "الفلبين" نسبة إلى الأمير فيليب الثاني الذي أصبح ملكًا
لإسبانيا فيما بعد.
أما بلاد مورو في الجنوب فلم تتمكن القوات الأسبانية
من السيطرة عليها كاملة لأن هذه المنطقة كانت مركز تجمع قوات المسلمين
وتأسست فيها إمارات إسلامية مستقلة، وظل المسلمون يجاهدون ويطاردون الإسبان
المعتدين إلى أن تم انسحاب الأسبان من البلاد إثر هزيمتهم في حرب دارت
بينهم وبين أمريكا في عام 1898.
وبعد أن دُمِّر الأسطول الإسباني في
خليج "مانيلا" جرى اتفاق سري بين الولايات المتحدة وإسبانيا، يقضي بانسحاب
إسبانيا من تلك الجزر، ثم جاء الاحتلال الأمريكي ليحل محل الاستعمار
الإسباني، الذي تم مواجهته بالرفض والقيام بثورة في 1901، بينما قضت أمريكا
عليها، وجعلت البلاد إحدى ولاياتها.
واستمرت الحروب بين شعب المورو
المسلم وبين أمريكا 40 عامًا، ابتداءً من عام 1899، ولم تنته هذه الحروب
حتى حققت لأمريكا مأربها من فرض السيطرة الكاملة على بلاد المورو، ولكنها
توقّفت بوقوع البلاد ضمن الحرب العالمية الثانية.
في أثناء الحرب
العالمية الثانية احتلت اليابان الفلبين عام 1941، وطَردت القوات الأمريكية
منها، وتشكلت في البلاد فرق لحرب العصابات، وتمكن الجنرال "مالك أرثر" من
العودة إلى الفلبين عام 1944، وقاتل معه أبناء البلاد، واستطاعوا طرد
اليابانيين عام 1945، وهُزِمت اليابان في الحرب العالمية الثانية، وقاتل
المسلمون اليابانيون قتالاً عنيفًا، واشتركوا في كل مراحل النضال، واستشهد
عدد كبير منهم وجاءت بعد ذلك الحملات الأمريكية فهزم اليابانيون واستقلت
الفلبين عام 1646.
وفي 4 يوليو/تموز عام 1946 حصلت الفلبين على
استقلالها، وتبعًا لذلك أصبحت المناطق الإسلامية الجنوبية ضمن جمهورية
الفلبين، وبعد حصول الفلبين على استقلالها أصبح الحُكم فيها رئاسيًا، يُشبه
الحُكم في الولايات المتحدة، لكن الأمريكيين لم يغادروا الجُزر، وظل لهم
وجود عسكري واضح حتى عام 1991.
وكان مجلس النواب يضم 102 عضوًا،
يُنتخبون حسب نظام المناطق، ويضم هذا المجلس عضوين مسلمين فقط، وهم بذلك لا
يحصلون إلا على خُمس حقّهم؛ إذ يجب أن يكون لهم أحد عشر عضوًا حسب نسبتهم
المئوية.
خاتمة:
وإن كان
يعتبر البعض وصول إقليم الجنوب الفلبيني إلى اتفاق سلام مع الحكومة
الفلبينية وحصول مورو على حُكم ذاتي ضربًا من الخيال، خاصة بعد تاريخ طويل
من النضال والتلويح ببعض العقبات التي تواجه المفاوضات، إلا أنه أصبح حقيقة
بعد جهود دولية مُكثفة على رأسها ماليزيا، وليُحقق الإقليم حُلمًا كان
يسعى له على مدار أكثر من 40 عامًا.
الفلبين بعد أن وقعت حكومة الفلبين وجبهة تحرير مورو الإسلامية اتفاقًا
إطاريًا، يفترض أن يرسي خلال أربع سنوات سلامًا دائمًا وحُكمًا ذاتيًا
للأقلية المسلمة في جزيرة منداناو جنوبي البلاد, ومن شأنه أن يضع حدًا
لصراع مسلح استمر أربعة عقود، وأن يُمثل نجاحًا تاريخيًا للرئيس بنينو
أكينو، قد يُمهد الطريق لمزيد من الاستثمار في الجنوب الفقير الغني
بالموارد.
كان قد أعلن القصر الرئاسي الفلبيني في 8 أكتوبر/تشرين الأول
الجاري أن الاتفاق بين الحكومة الفلبينية وجبهة تحرير "مورو" الإسلامية
سيُوقع في الـ 15 من شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وقالت سكرتيرة القصر
الرئاسي الفلبيني لعملية السلام "تيريستا ديليزي" في تصريح صحفي إن الاتفاق
سيوقع في العاصمة مانيلا من قبل رئيس لجنة السلام بالحكومة "مارفيك
ليونين" ورئيس لجنة جبهة مورو "مهاجر اقبال".
وجرى توقيع الاتفاق في حفل
كبير أقيم في القصر الرئاسي في مانيلا, وحضره الرئيس الفلبيني بنينو
أكينو, ورئيس جبهة مورو الحاج مراد إبراهيم, ورئيس وزراء ماليزيا نجيب عبد
الرزاق الذي قادت بلاده جهود الوساطة لإنهاء القتال في منداناو, الذي أوقع
نحو مائة ألف قتيل منذ عام 1969، وحضر الحفل أيضًا أمين عام منظمة التعاون
الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو ومسئولون من دول جنوب شرق آسيا.
وكان
الرئيس الفلبيني "بنينو أكينو" أعلن مؤخرًا عن توصل الحكومة الفلبينية
وجبهة تحرير "مورو" إلى هذا الاتفاق والذي سيأتي بكيان سياسي جديد يُسمى
"بانجسمورو" ليحل محل منطقة "منداناو" المسلمة التي تتمتع بالحُكم الذاتي،
مؤكدًا على أن هذا الاتفاق يُمهد الطريق لسلام نهائي ودائم في "منداناو"،
خاصة وأنه يشمل كافة المجموعات الانفصالية السابقة في المنطقة بحيث لا تسعى
جبهة مورو الإسلامية إلى إقامة دولة منفصلة.
وأوضح "أكينو" أن الحكومة
الفلبينية ستستمر في مُمارسة سلطاتها في الدفاع والأمن والسياسة الخارجية
والسياسة النقدية وصك العُملة والدفاع عن المواطنة والحقوق الوطنية في
بانجسمورو، مشيرًا إلى أن الدستور والقانون الفلبيني سيحكمان المرحلة
الانتقالية في بانجسمورو تأكيدًا لمفهوم وحدة الأمة الفلبينية بجميع
ثقافاتها المختلفة وأطيافها.
ووعد أكينو سُكان بانجسمورو الجديدة
بالحصول على نصيب عادل ومتساو من الضرائب والعائدات، وأشار إلى أنه بحسب
الدستور سوف تصيغ لجنة انتقالية القانون الأساسي لإقامة منطقة بانجسمورو،
مُضيفًا .. أن اللجنة ستبحث عملية التشريع الكاملة في البرلمان، ودعم قانون
يُجسد قيم وتطلعات أهالي المنطقة، وقال: إن أي قانون ينتج عن هذا الاتفاق
سيخضع إلى استفتاء شعبي، ومن ثم إجراء عملية التصويت والانتخابات، بما في
ذلك ضم مناطق أخرى بالقرب من منطقة بانجسمورو الجديدة.
فقد نجحت الجهود
الدبلوماسية المُكثفة في تجاوز عقبة رئيسية تعترض إبرام اتفاق إطار بين
الجانبين، والذي من شأنه إضفاء الصبغة الرسمية على الهُدنة في جزيرة
مينداناو والتي تقطنها أغلبية مسلمة، وبدء خطوات إقامة منطقة حُكم ذاتي في
الدولة التي يُمثل غالبية سُكانها من الكاثوليك قبل نهاية ولاية أكينو في
2016.
ومن جانبه وصف مارفيك ليونين - أستاذ القانون وكبير مفاوضي الفريق
الحكومي - الاتفاق بأنه خطوة رئيسية على طريق عملية السلام لإنهاء النزاع
الدائر منذ 40 عامًا، والذي راح ضحيته 120 ألف شخص.
يُذكر أن هذا
الاتفاق جاء عقب محادثات طويلة منذ عام 2001 استضافتها ماليزيا، وشكلت لها
هيئة مستقلة لمراقبة وقف اطلاق النار في المنطقة، ومُتابعة مساعي مفاوضاتها
للسلام التي استؤنفت مرات عديدة خلال السنوات الماضية.
العودة إلي أعلي
مرحلة جديدة:
وشددت الأطراف الموقعة على أن الاتفاق يأذن بمرحلة جديدة في
جزيرة منداناو، حيث ستقام منطقة للحُكم الذاتي يُطلق عليها "بانجسامور",
بيد أنها نبهت إلى أن مسار السلام مازال في خطواته الأولى, ويتطلب عملاً
وجُهدًا كبيرًا.
وتحل منطقة الحُكم الذاتي المنصوص عليها في الاتفاق
الإطاري الذي تم توقيعه محل المنطقة الموجودة حاليا في منداناو التي أقيمت
عام 1989, وتشمل خمس مناطق تقطنها أغلبية مسلمة يبلغ عدد سكانها أربعة
ملايين نسمة .
وقال الرئيس الفلبيني في كلمة له بالحفل إن حكومته
مُلتزمة بتنفيذ الاتفاق "الإطاري", وببدء عملية سياسية تشمل جميع الأطراف،
وأضاف أن الاتفاق يُحقق مصالح جميع الأطراف, مُتعهدًا بمنح منداناو نصيبها
العادل من التنمية بما يساعد على إرساء السلام، وأشاد أكينو بالوساطة
الماليزية التي ساعدت على التوصل للاتفاق, كما أشاد بزعيم جبهة تحرير مورو
الإسلامية مراد إبراهيم، وقال إبراهيم من جهته إنه يمد يده إلى أكينو
لإقامة سلام وشراكة على قاعدة الاتفاق الإطاري.
وكان أكينو قال لدى
إعلانه عن اتفاق السلام قبل نحو أسبوع إن منطقة الحكم الذاتي الجديدة في
منداناو "بانجسامور" ستلتزم بالدستور, وإن الحكومة ستتولى شئون الدفاع
والأمن والخارجية فضلاً عن السياسة النقدية والعُملة والجنسية.
وفي
الحفل نفسه, قال رئيس الوزراء الماليزي نجيب عبد الرزاق إن الاتفاق وضع
أساسًا لسلام دائم في جنوبي الفلبين. وأبدى عبد الرزاق استعداد ماليزيا
لتكون شريكًا في هذا السلام من خلال المُساعدة على تنمية منطقة الحُكم
الذاتي الجديدة.
العودة إلي أعلي
التخلي عن السلاح:
ويشمل الاتفاق الموقع في مانيلا كل المجموعات الانفصالية
السابقة، وقال الرئيس الفلبيني حين أعلن عن الاتفاق قبل أيام أن جبهة مورو
الإسلامية لم تعد تطالب بدولة منفصلة.
وأضاف أن الأيدي التي حملت
البنادق في الماضي ستلقيها من أجل حرث الأرض, وبيع المحصول, وإدارة محطات
العمل, وإتاحة الفرصة لمواطنين آخرين.
وينص الاتفاق أيضًا على تكوين
لجنة انتقالية من 15عضوًا تكلف بتذليل العقبات وإنهاء التفاصيل التي تبقى
عالقة في الاتفاق المبدئي، ووضع مشروع قانون يقضي بإقامة منطقة الحُكم
الذاتي الجديدة في غضون عامين.
ووفقًا لنص الاتفاق, يفترض أن ينخرط
مقاتلو جبهة مورو في برنامج لتفكيك مليشياتهم المسلحة بحيث تصبح غير قابلة
للعمل، لكن الاتفاق لم يحدد جدولاً زمنيًا لذلك.
العودة إلي أعلي
التركيبة السُكانية الأصلية:
يتألف سُكان الفلبين من عناصر مختلفة، ولكن العنصر الغالب هو
العنصر الماليزي الذي جاء مُهاجرًا منذ آلاف السنين من ماليزيا وإندونيسيا،
وفي العصور الحديثة جاء إلى البلاد الصينيون والإسبان والأمريكان، وتزاوج
عدد منهم مع الفلبينيين فنشأ عنصر مزيج من الدماء الماليزية والإسبانية
بشكل خاص، وتوجد كذلك مجموعة صغيرة من السُكان من ذوي البشرة السمراء،
ولكنهم يعيشون في المناطق النائية في الجبال والغابات.
تعد الفلبين من
البلاد التي توصف بالكثافة السُكانية، حيث يبلغ تعداد سُكان الفلبين نحو 95
مليون نسمة، بنسبة 1.35% تقريبًا من سُكان العالم، وأن مُعظم السُكان
يتمركزون في مناطق محدودة بها، فعلى الرغم من كبر مساحة جزيرة مثل
"مينداناو" إلا أنها قليلة السُكان، ويُشكل المسلمون ما يقرب من 11% من
مجموع السُكان، ويتمركزون في المناطق الجنوبية في "جزيرة مينداناو" و
"أرخبيل صولو" و "جزيرة بالاوان"، ويقلون في الجُزر الوسطى والشمالية.
يوجد
عدد من البوذيين، ومجموعة من الوثنيين الذين يؤمنون بالأرواح، وتشكل كل
مجموعة من هاتين المجموعتين ما يقارب 2% من مجموع السُكان.
اللغة الفلبينية
ويتحدث
سُكان الفلبين أكثر من 78 لغة محلية، أهمها "لغة التاجالوج" التي تنتشر
بين سكان العاصمة "مانيلا" والمحافظات المُجاورة لها، وتعد بمثابة اللغة
الوطنية، كما نجد الإسبانية التي انتشرت أيام الاستعمار الإسباني،
والإنجليزي التي سادت وقت الاستعمار الأمريكي؛ وتعد الإنجليزية هي اللغة
الرسمية للحكومة.
ويتحدث المسلمون لغتين من اللغات السائدة في البلاد،
وهي لغة "تاوصو" القـريبة من الإندونيسية، ولغـة "مراتاو" وهي الغـالبة في
"جزيرة مينداناو"، وتضم مُصطلحات عربية كثيرة، وتكتب بالحروف العربية.
فاللغات
الرئيسية المُعترف بها في الدستور الفلبيني تشمل "بيكولانو، سيبوانو،
إلوكانو، هيليجاينون أو إلونجو، كابامباجان، بانجاسينان، تاجالوج، واراي-
واراي"، ويُعترف بالإسبانية والعربية كلغات اختيارية.
مورو .. الأرض والتاريخ
تقع
مورو - وهو الاسم الذي أطلقه الإسبان على مسلمي هذه المنطقة وما حولها- في
أقصى الجنوب الفلبيني، وتتكون بلاد مورو من جزيرة مينداناو وأرخبيل سولو
بما فيها جزيرة باسيلان وتاوى تاوى وبالاوان، وكانت تعرف هذه المنطقة بـ
"بلاد مورو" منذ أكثر من 400 عام حتى الآن، وأطلقت عليها الفلبين بعد أن
ضمتها إليها بـ "جنوب الفلبين"، وتبلغ مساحة بلاد مورو في جنوب الفلبين
116,890 كيلومتر مربع أي أكثر من ثلث مساحة الفلبين.
العودة إلي أعلي
جبهة تحرير مورو:
جبهة تحرير مورو الإسلامية هي جبهة إسلامية في الفلبين تسعي
لتحرير شعب مورو المسلم يتزعمها "الحاج مراد إبراهيم" الذي اختير لرئاسة
الجبهة عقب وفاة زعيمها السابق "سلامات هاشم" عام 2003، وهي كانت إحدى أذرع
جبهة مورو الوطنية بزعامة "نور ميسواري" وتم الانشقاق عام 1977 بعد
الاختلاف في رؤية حل القضية؛ إذ رأى ميسواري أن مصلحة المسلمين تكمن في
قبول الاندماج تحت السيادة الفلبينية، بينما رأى سلامات هاشم - الذى توفى
في 13 يوليو/تموز 2003 - أن الحصول على كيان مُستقل ذات حُكم ذاتي للمسلمين
أفضل لهم وخصوصًا بعد سياسة الحصار الأمني الحكومي والإهمال الاقتصادي
وسياسة إضعاف المسلمين، وهو ما مهد الطريق لإعلان الحرب على جبهة تحرير
مورو الإسلامية وإعلانها جبهة تحرير مورو الإسلامية.
تأثر سلامات في
عمله بالجبهة بمناهج الحركات الإسلامية الكبرى في العالم الإسلامي، وخاصة
الإخوان المسلمين بـمصر، والجماعة الإسلامية بـباكستان، واهتم بتربية
الشباب الـمورو المسلم تربية إسلامية صحيحة، بعيدة عن البِدع والخُرافات،
اعتمدت على بث روح التدين في نفوسهم، وإلهاب حماسهم الجهادي، وقد اعترفت
منظمة المؤتمر الإسلامي بجبهة تحرير مورو الإسلامية مُمثلا لمُسلمي
الفلبين.
ولقد استطاعت جبهة تحرير مورو الإسلامية - التي تعد أكبر جماعة
إنفصالية في البلاد تقوم بعملية تمرد في الجنوب منذ عام 1969 - وضع لجانها
التي تضم أكثر من 80% من سُكان مورو، واستطاعت أيضًا تأسيس جيش قوي مُدرب
ومُنظم، ويُضم أكثر من 100 ألف مجاهد، جرى تدريبهم بشكل جيد، وتدريبًا
عسكريًا جيدًا، وكذلك الحصول على تعاطف سُكان شعب مورو.
تعد قضية إقليم
مورو المسلم من القضايا الشائكة، حيث ترجع أصول مسلمي حركة مورو إلى الشعب
الملاوي الضارب بجذوره في أعماق الشعوب الإندونيسية والماليزية
والسنغافورية، وتستقر حركة مورو الإسلامية في جنوب الفلبين، في مساحة تقدر
بـ 110 آلاف كم2، والتي تشمل جزر [مينداناو وباسيلان وصولو وطاوي وطالي]،
حين دخل الإسلام إلى الفلبين في القرن السادس عشر الهجري.
العودة إلي أعلي
اتفاقيات سلام بين الحكومة ومورو:
خدعة اتفاقيـة طرابلس 1976
منذ
عام 1976 بدأ اجراء سلسلة من مفاوضات السلام بين الحكومة وقادة الجبهة
الوطنية بوساطة ليبية أسفرت في النهاية عن توقيع "اتفاقية طرابلس" التي تنص
على منح المسلمين حُكمًا ذاتيًا، إلا أن الاتفاق لم يدخل حيز التنفيذ
نظرًا لمُماطلة الحكومة الفلبينية، كما تتهمها بذلك الأقلية المسلمة،
وسُرعان ما عادت الأمور إلى التوتر وعادت معها العمليات المسلحة بين
الجانبين، وانقسمت الجبهة في العام التالي، وظلت تعمل على الساحة بجناحيها
المختلفين تحت نفس الاسم حتى عام 1984، وحينئذ أطلق سلامات هاشم على جناحه
اسم "الجبهة الإسلامية لتحرير مورو".
لقد ظل سلامات هاشم جنبًا إلى جنب
بجوار نور ميسواري تحت مظلة الجبهة الوطنية لتحرير مورو إلى أن تم توقيع
اتفاقية طرابلس بين ميسواري والحكومة الفلبينية في ديسمبر عام 1976، وقد
اعتبر سلامات هاشم ومعه قادة ميدانيون هذه الاتفاقية خدعة وخيانة، مما أدى
الخلاف إلى انفجار بين الجانبين، ودعا القادة الميدانيون ميسواري إلى
التنازل لـهاشم عن قيادة الحركة.
وزادت حدة الاختلاف بين سلامات هاشم
ونور ميسواري بسبب تباعد الرؤى والتصورات حول أسلوب حل قضية المسلمين في
جنوب الفلبين، فسلامات هاشم يرى أن الحل العسكري الأمثل عن طريق الجهاد؛
تمهيدا لإقامة دولة إسلامية في الجنوب، في حين يرى نور مسواري أن طريق
المفاوضات في هذا الوقت ربما يكون أكثر فاعلية، من خلال الحصول على بعض
المكاسب من الحكومة الفلبينية.
اتفاقية سلام عام 1995
كانت
جبهة مورو الإسلامية تشرف على عدد كبير من المعسكرات يتدرب فيها نحو 120
ألف مجاهد معظمهم مسلح بأسلحة خفيفة، في حين خصصت الحكومة الفلبينية 200
ألف جندي مسلح بشكل كامل إلى جانب 20 ألف من قوات منظمة "بيجي لانتي" وهي
ميليشيات شعبية يتركز نشاطها على هدم البيوت والمنازل وقتل المدنيين وحرق
المساجد وغالبًا ما تستخدم هذه الميليشيات السيوف والخناجر لقتل المدنيين
المسلمين، ومعروف أن جبهة مورو قادت تمردًا إسلاميًا في السبعينيات لتحقيق
انفصال جزيرة منداناو عن الفلبين وإقامة دولة إسلامية، غير أن التمرد فشل
وانقرض بعقد اتفاقية سلام بين الحكومة والمتمردين عام 1995 التي رفضها
أبوسياف ومجموعته.
اتفاق سلام 1996 بـإندونيسيا
كانت
قد أعلنت الجبهة الإسلامية لتحرير مورو التي يقودها سلامات هاشم أن هدفها
الاستقلال بجنوب الفلبين، فيما كانت جبهة نور ميسواري تطالب فقط بالحكم
الذاتي، وبينما وقّع ميسواري اتفاق سلام مع الحكومة الفلبينية في 1996
بـإندونيسيا، واصل هاشم وجبهته قتاله ضد الحكومة، واحتل مناطق واسعة في وسط
مينداناو، لكن هاشم ساعد في الدفع باتجاه إجراء مُحادثات سلام مع الحكومة
الفلبينية ووافق على المُشاركة شخصيًا فيها.
وكان يؤكد في أحاديثه
الصحفية أن اتفاق الهُدنة الذي وقّعته الجبهة مع حكومة مانيلا في ماليزيا
لا يعني أن مسلمي الفلبين تخلوا عن مطالبهم بالاستقلال الكامل، غير أنه
قال: إننا قد نقبل إجراءً يؤدي إلى الاستقلال الكامل، بشرط ألا يمس هذا
الإجراء شيئًا من تنظيمنا الإداري والعسكري والشعبي.
وكان يرفض التفكير
في قبول الحُكم الذاتي أو الفيدرالية، حتّى لا تقع حركته فيما وقع فيه نور
ميسواري رئيس جبهة مورو الوطنية بعد فشل صيغة الحُكم الذاتي التي قبل بها
ميسواري في الوصول إلى طموحات وآمال شعب مورو المسلم.
العودة إلي أعلي
4 قرون من الاحتلال:
تم احتلال الفلبين من قبل الإسبان والأمريكان واليابان لمدة
تزيد على أربعة قرون اغتصبوا خلاله خيرات البلاد، حيث اتجه الإسبان غربًا
بعد أن عرفوا أن الأرض كروية - فقطعوا المحيط الأطلسي والمحيط الهادي
ليصلوا إلى الشرق - وأخذت القوات الإسبانية تستولي على جزر الفلبين واحدة
تلو الأخرى، وسقطت مانيلا عاصمة الفلبين في أيديهم عام 1571، بعد أن كان
بها إمارتين إسلاميتين هما إمارة "توندو" ويحكمها (راجا سليمان)، وإمارة
"باسيج" ويحكمها (لاكندولا)، وسقطت مملكة "راجا سليمان"، بعد قتل مرير عام
1571، وقد تمكن الإسبان من السيطرة على الجزر الشمالية والوسطى "لوزون
وفيساياس" ابتداء من عام 1565 إلى عام 1898، وسمى الأسبان الجزر التي
احتلوها بـ "الفلبين" نسبة إلى الأمير فيليب الثاني الذي أصبح ملكًا
لإسبانيا فيما بعد.
أما بلاد مورو في الجنوب فلم تتمكن القوات الأسبانية
من السيطرة عليها كاملة لأن هذه المنطقة كانت مركز تجمع قوات المسلمين
وتأسست فيها إمارات إسلامية مستقلة، وظل المسلمون يجاهدون ويطاردون الإسبان
المعتدين إلى أن تم انسحاب الأسبان من البلاد إثر هزيمتهم في حرب دارت
بينهم وبين أمريكا في عام 1898.
وبعد أن دُمِّر الأسطول الإسباني في
خليج "مانيلا" جرى اتفاق سري بين الولايات المتحدة وإسبانيا، يقضي بانسحاب
إسبانيا من تلك الجزر، ثم جاء الاحتلال الأمريكي ليحل محل الاستعمار
الإسباني، الذي تم مواجهته بالرفض والقيام بثورة في 1901، بينما قضت أمريكا
عليها، وجعلت البلاد إحدى ولاياتها.
واستمرت الحروب بين شعب المورو
المسلم وبين أمريكا 40 عامًا، ابتداءً من عام 1899، ولم تنته هذه الحروب
حتى حققت لأمريكا مأربها من فرض السيطرة الكاملة على بلاد المورو، ولكنها
توقّفت بوقوع البلاد ضمن الحرب العالمية الثانية.
في أثناء الحرب
العالمية الثانية احتلت اليابان الفلبين عام 1941، وطَردت القوات الأمريكية
منها، وتشكلت في البلاد فرق لحرب العصابات، وتمكن الجنرال "مالك أرثر" من
العودة إلى الفلبين عام 1944، وقاتل معه أبناء البلاد، واستطاعوا طرد
اليابانيين عام 1945، وهُزِمت اليابان في الحرب العالمية الثانية، وقاتل
المسلمون اليابانيون قتالاً عنيفًا، واشتركوا في كل مراحل النضال، واستشهد
عدد كبير منهم وجاءت بعد ذلك الحملات الأمريكية فهزم اليابانيون واستقلت
الفلبين عام 1646.
وفي 4 يوليو/تموز عام 1946 حصلت الفلبين على
استقلالها، وتبعًا لذلك أصبحت المناطق الإسلامية الجنوبية ضمن جمهورية
الفلبين، وبعد حصول الفلبين على استقلالها أصبح الحُكم فيها رئاسيًا، يُشبه
الحُكم في الولايات المتحدة، لكن الأمريكيين لم يغادروا الجُزر، وظل لهم
وجود عسكري واضح حتى عام 1991.
وكان مجلس النواب يضم 102 عضوًا،
يُنتخبون حسب نظام المناطق، ويضم هذا المجلس عضوين مسلمين فقط، وهم بذلك لا
يحصلون إلا على خُمس حقّهم؛ إذ يجب أن يكون لهم أحد عشر عضوًا حسب نسبتهم
المئوية.
خاتمة:
وإن كان
يعتبر البعض وصول إقليم الجنوب الفلبيني إلى اتفاق سلام مع الحكومة
الفلبينية وحصول مورو على حُكم ذاتي ضربًا من الخيال، خاصة بعد تاريخ طويل
من النضال والتلويح ببعض العقبات التي تواجه المفاوضات، إلا أنه أصبح حقيقة
بعد جهود دولية مُكثفة على رأسها ماليزيا، وليُحقق الإقليم حُلمًا كان
يسعى له على مدار أكثر من 40 عامًا.
السبت يوليو 27, 2019 4:19 am من طرف طلعت شرموخ
» كنوز الفراعنه
السبت مايو 18, 2019 1:00 am من طرف طلعت شرموخ
» الثقب الاسود
السبت أبريل 13, 2019 1:22 am من طرف طلعت شرموخ
» طفل بطل
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:15 am من طرف طلعت شرموخ
» دكتور زاكي الدين احمد حسين
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:12 am من طرف طلعت شرموخ
» البطل عبدالرؤوف عمران
الإثنين أبريل 01, 2019 9:17 pm من طرف طلعت شرموخ
» نماذج مشرفه من الجيش المصري
الإثنين أبريل 01, 2019 9:12 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» دجاجة القاضي
الخميس فبراير 28, 2019 5:34 am من طرف طلعت شرموخ
» اخلاق رسول الله
الأربعاء فبراير 27, 2019 1:50 pm من طرف طلعت شرموخ
» يوم العبور في يوم اللا عبور
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:59 pm من طرف طلعت شرموخ
» من اروع ما قرات عن السجود
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:31 pm من طرف طلعت شرموخ
» قصه وعبره
الأربعاء فبراير 20, 2019 11:12 am من طرف طلعت شرموخ
» كيف تصنع شعب غبي
الخميس فبراير 14, 2019 12:55 pm من طرف طلعت شرموخ