منطقة أهرامات الجيزة
زيارة لمنطقة أهرامات الجيزة
خريطة لمنطقة أهرامات الجيزة.
"أبو الهول" الرابض على ربو الجيزة.
أبو الهول
جانب من الاحتفال بالانتهاء من ترميم تمثال "أبى الهول" يوم 25 مايو 1998 م، وعرض الصوت والضوء الذى قُدم فى هذا الاحتفال باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية - وهذا الترميم هو الترميم السادس فى عمر التمثال، حيث بدأت أولى أعمال الترميم لـ"أبى الهول" فى عهد الملك "تحتمس الرابع" عام 1550 ق.م، بإزالة الرمال التى كانت قد تراكمت فى ذلك الوقت حول التمثال.
يقبع "أبو الهول" بمنطقة الأهرام بالجيزة وكأنه حارس لمدينة الموتى فى منطقة الجيزة. وقد مجّده الأجداد منذ عهد بعيد، واعتبروه صورة من صور إله الشمس، وأقاموا نصباً باسمه (ماعت)، أى العدالة المستقرة. وجسم هذا التمثال العملاق يحاكى جسم الأسد، ورأسه رأس إنسان. وكان الفن فى أيامه راقياً، لأن المثَّالين والنحَّاتين كانوا يقومون بمثل هذه الأعمال الضخمة بقدرة عجيبة تجعل المشاهد لا يشعر بافتعال لهذا المزج الغريب بين الإنسان والحيوان.
ويقال أن رأس هذا التمثال هو رأس الفرعون "خفرع" الذى بنى الهرم الثانى، والذى يوجد هذا التمثال فى طريقه. وكان لـ"أبى الهول" لحية مستعارة طويلة ودقيقة ترمز إلى أن الملوك الأقدمين كانوا يطلقون لحاهم، وكان على جبينه حية ناهضة. لكن للأسف سقطت اللحية والحية من موضعيهما لأنهما فى الأطراف. ويبلغ ارتفاع هذا التمثال 22 متراً وطوله 46 متراً. ويقال أن الملك "خفرع" عندما أمر بإنشاء الطريق الممتد بين معبد الوادى والمعبد الجنائزى (معبد الشعائر)، اعترضته صخرة كبيرة، فرأى أن يصنع منها ذلك التمثال الهائل.
واسم هذا التمثال فى اللغة العربية "أبو الهول" .. يقال إن قوماً من الكنعانيين الذين كانوا يسكنون سوريا جاءوا إلى مصر فى عصر الدولة الحديثة الفرعونية، وسكنوا حول التمثال. وكانوا يعبدون فى بلادهم إلهاً على شكل صقر يدعى "حورون"، فاعتقد هؤلاء أنه يمثل إلههم. وأطلقوا على الحفرة التى فيها أبو الهول "برحول" أى بيت حول "الأسد"، وتحورت هذه الكلمة فيما بعد إلى كلمة "أبو الهول". وهناك بعض الناس الذين يعتقدون أن كلمة "أبو الهول" عربية ومعناها أبو الرعب، أو الجلال المفزع. وهذا أمر معقول جداً.
ولقد عُثر حوله على بعض الآثار التى تدل على أنه يمثل الإله "حور إم آخت" أى حور فى الأفق وهو الملك المتوفى الذى يشبهونه "بحور". ولقد عُبد فى جميع عصور الفراعنة وإن كان قد ازداد تقديسه فى أيام الدولة الحديثة، وامتد إلى عهد الرومان، بدليل ما وُجِد حوله من ألواح تبين الاهتمام بشأنه. ومعظم هذه الألواح موجودة الآن بالمتحف المصرى.
واتخذ ملوك الأسرة الثامنة عشرة التى ينتمى إليها "توت عنخ آمون"، اتخذوا من هذه البقعة مكاناً للصيد لشهرتها بحيوانات الصيد فى ذلك الوقت.
أصل تسمية الأهرامات Pyramids والغرض من بنائها
منظر عام لأهرامات الجيزة.
أما الأهرام فقد اعتبرها الناس فى العالم إحدى عجائب الدنيا السبع، وانبهروا (ومازالوا ينبهرون كل يوم) بهذا الأثر العجيب الخالد مع الزمن، الذى بناه أجدادنا الفراعنة منذ أكثر من أربعة آلاف عام، حوالى عام 2600 قبل الميلاد.
وقال بعض العلماء الأوروبيين الذين زاروا مصر فى القرن التاسع عشر الميلادى، إن هذه الأهرامات بُنيت لأغراض علمية. وقال البعض الآخر، أنها بنيت لتكون وحدة قياسية يعتمد عليها المصريون فى مقاييس الطول والثقل والوزن. وقال عالم فلكى قديم: "إن الأهرام كلها مبنية على نظريات فلكية. فقواعدها الأربعة تواجه الجهات الأصلية الأربع تماماً – الشرق والغرب، والشمال والجنوب!"
وقال بعضهم إنها بُنيت لتكون ساعات شمسية يمكن بواسطتها قياس فصول السنة، والمنافذ المنحدرة فيها ما هى إلا مراصد يراقب منها الفلكيون دوران النجوم، وقال غيرهم إنها كانت أسوارا ومتاريس، حاول بها المصريون القدماء أن يصدوا الرمال عن وادى النيل. لكن هذه كلها آراء مبالغ فيها، ولا أساس لها من الصحة. فالأهرام ما هى إلا مقابر ملكية، صُممت وبُنيت ليُدفن فيها الملك ومعه أشياؤه الثمينة التى كانت معه فى الحياة الدنيا.
وفى اللغات الإفرنجية يطلق على الهرم كلمة "بيراميد" Pyramid، ويجب أن نذكر أن اللغة القبطية التى ما زالت مستخدمة فى الطقوس الدينية للكنائس المصرية هى آخر صورة من صور اللغة المصرية القديمة. وفى هذه اللغة نجد كلمة "بى راما" تعنى الارتفاع. ويمكن أن تكون كلمة "بيراميد" الإفرنجية مشتقة من هذه الكلمة.
وهناك احتمال آخر أن تكون هذه الكلمة قد اشتقت من الكلمة المصرية القديمة "بر – ام – أوس" ومعناها بناء منحدر الجوانب، ثم نقلها الإغريق بصورتها "براميس" وجمعوها "براميدس"، ومنها أُخذت الكلمة الإفرنجية الحالية المتشابهة إلى حد كبير فى اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية.
وكلمة هَرَم باللغة العربية تعنى أقصى الكبر، بمعنى بلوغ أقصى العمر. ولقد أطلق العرب هذه الكلمة على هذا البناء دلالة على قدمه. ثم جُمعت على أهرام، وجُمع الجمع أحياناً فقيل أَهرامَات. أما كلمة "سفنكس" Sphinx الإفرنجية التى تطلق على "أبى الهول"، فترجع إلى أن الإغريق والرومان حينما جاءوا إلى مصر فى زيارات ثم كمستعمرين، أعجبهم شكل ذلك التمثال الضخم الذى يمثل جسم أسد، ورأس إنسان، فيجمع بذلك بين قوة الجسد وكمال العقل، وتذكروا ذلك الحيوان الخرافى الذى ورد فى أساطيرهم واسمه "سفنكس"، وكان له أيضاً جسم أسد ورأس امرأة بأجنحة.
والبعض يقول إن الأهرامات تم بناؤها بالسخرة واستخدام السوط، والبعض الآخر يقولون إنها بُنيت بروح الرضا وإشباع المزاج الفنى، وكذلك لتقديس المصريين لملوكهم وعبادتهم لهم بعد موتهم. ويقولون إن السخرة والإجبار قد تبنى ما هو أعظم من الهرم الأكبر .. لكنها لم تكن تستطيع أن تصل ببنائه إلى الروعة والإتقان اللذين يميزانه.
ومن ذلك نتعلم أن ننظر لأى قضية من جميع أطرافها .. فننظر إلى الحالة الاقتصادية، وإلى الحالة الاجتماعية والسياسية، وكذلك إلى الدين وطبيعة العقيدة التى كان يؤمن بها الناس فى هذا الوقت، وكذلك حالة الفنون والعلم ..
هضبة الأهرام
وهضبة الأهرام (وسميت هضبة لأنها منطقة مرتفعة) كانت الجبانة الرسمية التى اختارها أجدادنا فى الدولة القديمة للعاصمة القديمة "ممفيس" ("ميت رهينة" حالياً). وقد اختير هذا المكان (وأيضاً منطقة "سقارة") بعناية لأنه جاف ومرتفع جداً، وبذلك تكون المقابر بعيدة عن مياه فيضان النيل ورشْحه. فالمنطقة شديدة الجفاف دائماً، لذا تستطيع أن تحفظ الأجساد سليمة لأزمان طويلة. وتقع هضبة الأهرام على الشاطئ الغربى للنيل.
لقد كانت معظم المدن المصرية القديمة تُبنى على الشاطئ الشرقى للنيل. أما الجبانات أو المقابر فإنها تبنى على الشاطئ الغربى، لأن المصريون كانوا يعتقدون أن أرواحهم مثل الشمس التى تشرق كل يوم من الشرق ثم تغرب ناحية الغرب، وأن الموت ما هو إلا الغروب بالنسبة لحياتهم.
أهرامات أخرى
وجبانة الجيزة التى تمتد على الشاطئ الغربى للنيل، وعلى حافة الصحراء الليبية من شمال "أبو رواش" إلى جنوب "ميدوم" (قرب بنى سويف) يبلغ طولها 40 كيلومتراً. هذه الجبانة تحتوى على ست مجموعات من الأهرام، وهى من الشمال إلى الجنوب: أهرام "أبو رواش"، ثم أهرام الجيزة، ثم أهرام "أبوصير"، و"سقارة"، و"اللشت" (قرب بنى سويف)، و"دهشور" (هرمى "سنفرو")، ثم هناك أهرام أخرى تم بناؤها بعيداً عن هذه الهضبة فى منطقتى "اللاهون"، و"هوارة" بالفيوم. ولكن أشهر هذه الأهرام وأعظمها شأناً هى أهرام الجيزة الثلاثة.
التطور فى بناء المقابر من المصطبة إلى الشكل الهرمى الكامل
لم يظهر بناء الهرم كاملاً هكذا دفعة واحدة، بل كان نتيجة لارتقاء بطئ فى تكوين شكل المقبرة وطريقة بنائها .. ففى العهد الأول من الدولة القديمة كانت المصاطب هى مقابر الملوك والأمراء والأثرياء. ثم رأى أحد ملوك الأسرة الثالثة من هذه الدولة – وهو ملك عظيم اسمه "زوسر" – أن يضع فوق هذه المصاطب مصاطب أخرى، كل واحدة أصغر مما تحتها. فنشأ بذلك الهرم المدرج المعروف فى "سقارة"، وهو التطور المعقول من المصطبة إلى الهرم. أما كلمة مصطبة فمعناها فى اللغة شئ مرتفع عن الأرض يجلس عليه الناس، أو يرقدون عليه. وفى الريف المصرى تبنى من الطوب أمام بعض منازل القرية للجلوس عليها. ولذلك أخذ علماء الآثار هذا الاسم للتشابه مع هذه المصاطب التى كانت أصلاً مقابر.
وكانت المصطبة تنقسم إلى جزأين: جزء ينحت فى الصخر تحت الأرض، وفى هذا الجزء توجد حجرة الدفن التى يوضع فيها التابوت، وكذلك الطريق الموصل إليها، ثم جزء فوق سطح الأرض، ويبنى بالطوب على شكل مستطيل، ويحتوى على عدة حجرات.
ومن المهم أن نشرح التطور الذى حدث فى بناء الهرم:
أولاً: المصطبة الكبيرة المشيدة من الطوب اللبن، وظهرت أولاً فى "سقارة" و"أبيدوس" أيام الأسرة الأولى.
هرم "زوسر" المدرج بـ"سقارة".
ثانياً: المصاطب المستطيلة المتراكبة فوق بعضها، مثل هرم "زوسر" المدرج.
هرم "ميدوم" بالفيوم.
ثالثاً: المصاطب المربعة المتراكبة فوق بعضها، مثل هرم "سنفرو" بميدوم شمال محافظة بنى سويف عند مدخل الفيوم (جنوب "سقارة")، وله هرمين بدهشور واحد شمالى والآخر جنوبى.
هرم الملك "سنفرو" الجنوبى المنحنى بدهشور جنوب سقارة (bent pyramid).
رابعاً: مُلئت المسافات التى بين المصاطب فاقتربت من الشكل الهرمى، كما فى هرم "سنفرو" بدهشور (الهرم الجنوبى).
هرم "سنفرو" الشمالى بدهشور (الهرم الأصغر على اليسار هو أيضاً للملك "سنفرو").
خامساً: تم انتظام الشكل، فاتخذ زاوية ثابتة لا تتغير درجاتها من القاعدة إلى القمة كما فى هرم "سنفرو" بدهشور (الهرم الشمالى).
وهكذا تم التطور من المصطبة إلى الشكل الهرمى الكامل الذى نراه فى أهرام الجيزة.
انظر أيضاً: عصر الدولة القديمة - عصر بناة الأهرام
ملحقات الأهرامات
كان لكل هرم ملحقات مكملة له، لا يعتبر الهرم بدونها كاملاً. وللأسف فإن الزمن وعوامل العبث والتخريب جارت على هذه الملحقات، ولكن آثارها باقية لتدل عليها .. وكل هرم من الثلاثة لابد أن يكون له الآتى:
1 – بابان فى الجهة الشمالية (البحرية) أحدهما فى المداميك (صفوف الطوب أو الحجارة) السفلية، والثانى فوقه بقليل. وكل منهما يوصل إلى حجرة الدفن. وكان أمام هذا الباب حجرات صغيرة للعبادة.
2 – فى الجهة الشرقية من كل هرم كان يقام معبد ضخم يسمى معبد الشعائر أو المعبد الجنائزى. وهذا المعبد يتصل بمعبد آخر يسمى معبد الوادى، بطريق يبنى من الأحجار الضخمة المقطوعة من منطقة الجيزة نفسها ويسمى بالطريق الصاعد. يبلغ عرض هذا الطريق أحياناً 25 متراً، ويتوسط طوله ممر ضيق مسقوف. وكان يُستعمل لمرور الكهنة الذين كانوا يقومون بالمراسيم الدينية للملك من المعبد الجنائزى إلى معبد الوادى وبالعكس. وهذا الطريق الذى يوصل بين المعبدين طويل جداً. وقد بلغ طوله نحو نصف كيلومتر فى الهرم الثانى. وكان من المعتاد أن ينحت فى منتصف هذا الطريق نفق تحت الأرض تسهيلاً للذين يريدون أن يعبروا الطريق من جهة إلى أخرى.
بالنسبة لمعبد الوادى فإن واجهة المعبد ناحية الشرق تُستقبل بمدخلين يرمزان إلى الوجهين البحرى والقبلى، ويرمزان إلى اجتماع شمل أهلهما فى طاعة الفرعون وساحة معبده.
3 – كان من مستلزمات كل هرم أيضاً أن يقام حوله سور ضخم، حتى لا يقترب منه أحد غير الكهنة. وكان يُبنى هذا السور من الحجر، أو من الطوب اللبن النيئ.
4 – من أهم ما لفت الأنظار من آثار الملك "خوفو" صاحب الهرم الأكبر هى مراكبه والتى ذاعت شهرتها على أنها "مراكب الشمس"، وهى معروضة الآن بمتحف ملحق بمنطقة أهرامات الجيزة.
الجيزة - متحف "مراكب الشمس" بجوار الأهرامات.
وما هو موجود حتى الآن هو خمسة مواضع لمراكب .. ثلاثة منها تقع إلى الشرق من الهرم الأكبر، وقد نزعت منها مراكبها الخشبية، أو بطانتها الخشبية فى عصور سابقة. وهى الآن عبارة عن حفر طويلة عميقة نحتت فى الصخر على هيئة المراكب، تتجه اثنتان منها اتجاهاً موازياً للضلع الشرقى بين الشمال والجنوب، وتتعامد الثالثة على هذا الضلع بين الشرق والغرب. ثم عُثر على موضعين جديدين لمركبتين كبيرتين منحوتتين فى الصخر إلى جنوب الهرم الأكبر.
ووُجدت فى الموضع المكتشف (بواسطة العالِم الأثرى الراحل "كمال الملاخ") ألواح كثيرة لمراكب خشبية يبلغ طولها نحو 43 متراً، وأكبر عرض لها ستة أمتار. وهى مفككة الأجزاء يسهل تجميعها مع بعضها، ووضعت معها مجاديفها وحبالها، وغير ذلك. وذهبت بعض الآراء إلى تسمية مراكب "خوفو" باسم "مراكب الشمس"، والربط بينها وبين الرحلتين اللتين يقوم بهما "إله الشمس"، ويصحب الفرعون معه فيهما، رحلة يجوب بها سماء الدنيا بالنهار، وأخرى يجوب بها سماء العالم السفلى بالليل. ولكن هذا أمر يصعب قبوله لأسباب عديدة.
الهرم الأكبر
صورة للهرم الأكبر.
إن الهرم الأكبر بناه الملك "خوفو"، ثانى ملوك الأسرة الرابعة. وقد شيده فوق مساحة تزيد على 12 فداناً تقريباً (الفدان يساوى 4200 متر مربع)، وبلغ ارتفاعه الأصلى 146 متراً، لم يبق منها الآن سوى 137 متر. واستخدم البناءون فى بنائه حوالى مليونين وثلاثمائة ألف حجر تقريباً، يزن كل حجر منها حوالى ثلاثة أطنان. استغرق بناء الهرم الأكبر حوالى 20 عاماً. وكانت مدة العمل فيه ثلاثة أشهر فى السنة يتناوب العمل فيها مائة ألف عامل.
وكان البناء يتم فى أوقات الفيضان حينما كانت المياه تغمر جميع الأراضى الزراعية، ولا يكون هناك عمل زراعى لدى الفلاحين. فكان المهندسون والمشرفون يجمعونهم ويعطونهم أجورهم التى كانت فى الغالب حبوباً أو حيوانات، ويوفرون لهم المسكن والمأكل. وكانوا يقطعون أحجار البناء من منطقة الهرم نفسها. أما أحجار الكسوة التى غُطى الهرم بها فكانت تجلب من الناحية الشرقية من النيل عند مدينة "طُرة" الحالية، لأنها شاهقة البياض، ثم ينقلونها بالمراكب إلى هذا الشط، ويحملونها على زحافات بعد أن يمهدوا لها طريقاً مرتفعاً من الرمال يوصلهم إلى مكانها فى منطقة البناء.
وكان العمال يُقسّمون إلى فِرَق، ثم إلى فصائل. وكانت كل فرقة تحمل اسماً معيناً. وكان الكاتب يعين أسماء كل فرقة ويحصر عملها، ويكتب التاريخ على الكومة التى أتمت الفرقة العمل فيها، ويقدر أجورها. وبعض هذه الفرق لازالت بعض أسمائها مسجلة على أحجار متفرقة من جوانب الهرم.
بنى هذا الهرم عام 2600 قبل الميلاد. ومدخله مثل مدخل جميع الأهرام من الناحية الشمالية على ارتفاع 15 متراً من سطح الأرض، وتتصل به زلاقة تنحدر تدريجياً حتى يتصل بغرفة تسمى غرفة الملكة، وتقع تقريباً على محور البناء.
ممرات بداخل الهرم الأكبر.
وفى الجهة الأخرى يخرج دهليز آخر يبتدئ برواق كبير طوله 47 متراً، وارتفاعه 8 أمتار تقريباً. وهو مبنى من الحجارة الملتصقة بإحكام، والمصقولة بإبداع. فإذا وصل الإنسان إلى نهايته، وجد فى أعلاه حجرة صغيرة كان بها أربع كتل من الحجر تسد الطريق، ثم تنتهى إلى الغرفة الكبيرة التى لا يزال بها تابوت الملك. وطول هذه الغرفة الأخيرة عشرة أمتار تقريباً، وعرضها حوالى 5 أمتار، وارتفاعها يقترب من 6 ستة أمتار.
أما سقفها فهو مسطح، ومكون من تسع قطع من الجرانيت، طول كل منها 5 أمتار تقريباً. ولتخفيف الضغط على سقف هذه الغرفة، تم عمل خمس غرف صغيرة من فوقه، بعضها فوق بعض، وأعلاها سقف مكون من كتلتين مائلتين "مثل الجمالون"، ليوزع الضغط ويلقيه على الجانبين.
وعلى أحجار هذه الغرفة الأخيرة وُجد اسم الملك "خوفو" مكتوباً بالمداد. وهناك منفذان للهواء يخرجان من باطن الهرم إلى سطحه الخارجى. ربما للتهوية، وربما لسبب عقائدى وهو إيجاد طريق للروح.
وملحقات الهرم الأكبر قد اندثرت، ولم يبق من بناء المعبد الجنائزى سوى تلك الأرضية المقطوعة من حجر البازلت. وهى من الناحية الشرقية من الهرم. أما الأهرام الثلاثة الصغيرة المجاورة فتخص زوجات الملك "خوفو".
الهرم الثانى
صورة من الجو لهرم الملك "خفرع".
إنه الهرم الذى بناه الملك "خفرع" – ثالث ملوك الأسرة الرابعة، وابن الملك "خوفو". لقد سمى الملك "خفرع" هرمه باسم "أور" أى العظيم، بينما كان خوفو قد سمى هرمه باسم "آخت خوفو" وهى تسمية تعنى "مشرق خوفو".
إن الهرم الثانى قد بُنى على جزء مرتفع من الهضبة، لذلك يظن كل من يشاهده من بعيد أنه أعلى من الهرم الأكبر، هذا بالرغم من أنه أقل من الهرم الأكبر من حيث الضخامة ومن حيث الارتفاع.
ويبلغ ارتفاعه الحالى 136 متراً، وكان عند بنائه 143 متراً. ويقع مدخله فى الجهة الشمالية كالمعتاد على ارتفاع نحو 11 متراً. ومنه يبدأ دهليز هابط يبلغ 32 متراً يسير بعدها فى خط أفقى، ينتهى بغرفة ارتفاعها 7 أمتار تقريباً، وطولها 14 متراً، وعرضها حوالى 4 أمتار، كان بها تابوت من حجر الجرانيت، دُفن فيه الملك. ولقد افتتح العالم الإيطالى "بلزونى" هذا الهرم فى شهر مارس سنة 1818، ووجده ممتلئاً بالأتربة والردم. وكان لهذا الهرم فيما مضى مدخل آخر أسفل واجهته البحرية أيضاً، يؤدى إلى غرفة نحتت فى الصخر قُصد بها أن تكون غرفة الدفن فى الأصل. ولكنهم عندما عدّلوا فى رسم هذا الهرم الأصلى ووسّعوه وكبّروه، أعرضوا عن استعمال هذا المدخل، وبنوا الغرفة الأخرى. أما كسوة هذا الهرم فلا تزال باقية فى الجزء الأعلى منه قرب القمة. وكانت هذه الكسوة من الحجر الجيرى فى المداميك العليا، ومن الجرانيت فى المداميك السفلى.
معبد الوادى
قلنا أنه يجب أن يكون لكل هرم معبدان. ومعبد الوادى يوجد مجاوراً لـ"أبى الهول". إنه يشبه المصطبة، جدرانه مبنية من الحجر الجيرى. واجهته ترتفع نحو ثلاثة عشر متراً، وكسيت بألواح ضخمة من الجرانيت. وتُستقبل واجهة المعبد فى اتجاه الشرق بمدخلين يرمزان إلى الوجهين، الوجه القبلى، والوجه البحرى. ووضعت على جوانبها تماثيل تمثل الملك وهو على هيئة "أبو الهول". والبابان يوصلان إلى دهليز عرضى فيه بئر وُجدت بها عدة تماثيل للملك "خفرع" صاحب المعبد ويمكن رؤيتها فى المتحف المصرى.
ويخرج من منتصف هذا الدهليز طريق يتصل برحبة مستطيلة، أفقية تقوم فيها ستة أعمدة متصلة برحبة أخرى عمودية عليها، بها عشرة أعمدة من الجرانيت. وفى أحد طرفى الرحبة (مكان واسع بشكل معقول) الأولى يوجد دهليز يوصل إلى ثلاث غرف صغيرة ذات طبقتين، كانت تستعمل كمخازن للشموع والمشاعل والزيوت والأوانى المقدسة، وملابس الكهنة وغيرها من أدوات الاحتفالات المقدسة.
وفى الطرف الآخر غرفة بها دَرَج (سلم) يصعد إلى سطح البناء، وعلى الجانب الآخر غرفة يطلقون عليها غرفة البواب، وهى مبنية من المرمر فى جزئها العلوى، ويمتد هذا الدهليز إلى خارج المعبد فيتصل بدهليز آخر يربط هذا المعبد بالمعبد الجنائزى العلوى. وهذا الدهليز أو الطريق الصاعد Causeway مازالت آثاره باقية. وكان يبلغ طوله نحو نصف كيلومتر، وهو يصل بين المعبد العلوى ومعبد الوادى. وكان ينتهى برصيف على النهر أعد لرسو السفن.
معبد الشعائر
أحد ممرات المعبد الجنائزى ويطلق عليه أيضاً معبد الشعائر.
وهو معبد يجاور الهرم من الناحية الشرقية، ولا يقل فى الضخامة عن معبد الوادى. ولكن للأسف تهدم معظمه. فبعد خروج الوفود من الطريق الصاعد، كان يوجد باب للدخول، تنتهى الوفود عنده حيث يبدأ بصالة أعمدة. ويتلو الصالة بهو أعمدة كان به تماثيل للملك "خفرع" فى ملابسه الدنيوية الرسمية، ثم بعد ذلك تماثيل تمثله فى ملابس الآخرة، وهى عباءة محبوكة عليها تاج الصعيد على الجانب الأيسر، وتاج الدلتا على الجانب الأيمن.
وبعد الأجزاء الباقية يأتى قدس الأقداس، أو الحرم الذى لم يكن يَقْرَبُه غير الفرعون وكبار الكهان. وهو عبارة عن مقصورة بسيطة مستطيلة يتصدرها باب وهمى عظيم من الجرانيت ومائدة كبيرة للقرابين.
الهرم الثالث
هرم"منكاورع".
هو أصغر أهرامات الجيزة الثلاثة .. إنه هرم الملك "منقرع" أو "منكاورع". كان ارتفاع هذا الهرم فى الأصل 66 متراً، وأصبح الآن 62 متراً، وكما كان هرم الملك "خفرع" أصغر من هرم أبيه الملك "خوفو"، جاء هرم "منقرع" أصغر من هرمى أبيه وجده. وكما حاول أبوه أن يكسو مدماكين من هرمه بالجرانيت، حاول هو أن يكسو هرمه كله بالجرانيت، ولكنه مات قبل أن يتمه بعد أن كسا 16 مدماكاً.
يقع مدخل هذا الهرم أيضاً فى الجهة الشمالية على ارتفاع نحو أربعة أمتار من الأرض. وهذا المدخل يؤدى إلى دهليز هابط طوله حوالى 32 متراً، يمر بغرفة يعتدل بعدها الدهليز فيسير أفقياً حتى يصل إلى غرفة تتصل بها غرفة أخرى وُجد بها تابوت الملك الحجرى والخشبى، وبداخله بقايا جثة بشرية.
وقد تم كشف هذا الهرم من الداخل سنة 1839 على يد رجل اسمه "برنج" Berring ولقد وجد بداخله تابوتاً حجرياً، وبقايا تابوت من الخشب منقوش عليه اسم الملك "منقرع" وقد نُقلت بقايا هذا التابوت إلى إنجلترا للأسف، وما زالت محفوظة بالمتحف البريطانى. أما التابوت الحجرى فقد شُحن إلى إنجلترا أيضاً، ولكن السفينة غرقت به أمام شواطئ إسبانيا فى 12 أكتوبر سنة 1838، ولا يزال فى قاع البحر إلى الآن.
هرم "منقرع" وبجواره بعض الأهرامات الصغيرة.
وكان لهذا الهرم معبدان وطريق صاعد، شأنه شأن بقية أهرام الأسرة الرابعة: معبد شعائر (المعبد الجنائزى) كبير ضخم معقد التركيب، لم يتم بناؤه فى عهد صاحبه، ثم معبد الوادى الذى أمر خليفته الملك "شبسكاف" بتشييد معظمه من الطوب اللبن ووجدت هناك عدة تماثيل رائعة تعد من أعظم مجموعات تماثيل الدولة القديمة.
ولقد أحب المصريون الملك "منكاورع" أكثر من حبهم لأبيه وجده، لتساهله مع رعيته، ولأنه ترك ممارسة الشعائر بحرية مطلقة.
جبانة الجيزة ومصاطبها
نُسقت مقابر العظماء فى جبانة الجيزة بشكل جميل، وبنيت فى نظام عجيب. وذلك على العكس من مقابر منطقة "سقارة" التى انتثرت هنا وهناك بدون ترتيب.
وفى الجيزة وإلى الشرق من بناء الهرم نجد قبور الأمراء أهل البيت المالك. وتقوم قبور العظماء، ورجال البلاط وأعيان الدولة ووجهائها فى ناحية الغرب.
وتوازى هذه القبور محور الهرم فى اتجاهها من الجنوب إلى الشمال. وقد انتظمت بينها شوارع وطرقات متقاطعة. ولم يراع مهندس العمارة فى تخطيط قبور تلك الجبانة وتصميم بنائها، وشق طرقاتها وشوارعها، مكان تلك القبور من الهرم فحسب، وإنما راعى فى ذلك إخراج الجبانة كمجموعة واحدة متصلة الأجزاء يكمل بعضها بعضاً. ومن أهم مقابر منطقة الجيزة التى يمكن زيارتها، مقبرة "ايدو وكار"، وهما من الأشراف، وكذلك مقبرة الأميرة "مرسى عنخ"، وهى حفيدة الملك "خوفو"، وكذلك مقبرة الأمير "خاف".
"أبو الهول" ومن خلفه هرم "خفرع".
زيارة لمنطقة أهرامات الجيزة
خريطة لمنطقة أهرامات الجيزة.
"أبو الهول" الرابض على ربو الجيزة.
أبو الهول
جانب من الاحتفال بالانتهاء من ترميم تمثال "أبى الهول" يوم 25 مايو 1998 م، وعرض الصوت والضوء الذى قُدم فى هذا الاحتفال باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية - وهذا الترميم هو الترميم السادس فى عمر التمثال، حيث بدأت أولى أعمال الترميم لـ"أبى الهول" فى عهد الملك "تحتمس الرابع" عام 1550 ق.م، بإزالة الرمال التى كانت قد تراكمت فى ذلك الوقت حول التمثال.
يقبع "أبو الهول" بمنطقة الأهرام بالجيزة وكأنه حارس لمدينة الموتى فى منطقة الجيزة. وقد مجّده الأجداد منذ عهد بعيد، واعتبروه صورة من صور إله الشمس، وأقاموا نصباً باسمه (ماعت)، أى العدالة المستقرة. وجسم هذا التمثال العملاق يحاكى جسم الأسد، ورأسه رأس إنسان. وكان الفن فى أيامه راقياً، لأن المثَّالين والنحَّاتين كانوا يقومون بمثل هذه الأعمال الضخمة بقدرة عجيبة تجعل المشاهد لا يشعر بافتعال لهذا المزج الغريب بين الإنسان والحيوان.
ويقال أن رأس هذا التمثال هو رأس الفرعون "خفرع" الذى بنى الهرم الثانى، والذى يوجد هذا التمثال فى طريقه. وكان لـ"أبى الهول" لحية مستعارة طويلة ودقيقة ترمز إلى أن الملوك الأقدمين كانوا يطلقون لحاهم، وكان على جبينه حية ناهضة. لكن للأسف سقطت اللحية والحية من موضعيهما لأنهما فى الأطراف. ويبلغ ارتفاع هذا التمثال 22 متراً وطوله 46 متراً. ويقال أن الملك "خفرع" عندما أمر بإنشاء الطريق الممتد بين معبد الوادى والمعبد الجنائزى (معبد الشعائر)، اعترضته صخرة كبيرة، فرأى أن يصنع منها ذلك التمثال الهائل.
واسم هذا التمثال فى اللغة العربية "أبو الهول" .. يقال إن قوماً من الكنعانيين الذين كانوا يسكنون سوريا جاءوا إلى مصر فى عصر الدولة الحديثة الفرعونية، وسكنوا حول التمثال. وكانوا يعبدون فى بلادهم إلهاً على شكل صقر يدعى "حورون"، فاعتقد هؤلاء أنه يمثل إلههم. وأطلقوا على الحفرة التى فيها أبو الهول "برحول" أى بيت حول "الأسد"، وتحورت هذه الكلمة فيما بعد إلى كلمة "أبو الهول". وهناك بعض الناس الذين يعتقدون أن كلمة "أبو الهول" عربية ومعناها أبو الرعب، أو الجلال المفزع. وهذا أمر معقول جداً.
ولقد عُثر حوله على بعض الآثار التى تدل على أنه يمثل الإله "حور إم آخت" أى حور فى الأفق وهو الملك المتوفى الذى يشبهونه "بحور". ولقد عُبد فى جميع عصور الفراعنة وإن كان قد ازداد تقديسه فى أيام الدولة الحديثة، وامتد إلى عهد الرومان، بدليل ما وُجِد حوله من ألواح تبين الاهتمام بشأنه. ومعظم هذه الألواح موجودة الآن بالمتحف المصرى.
واتخذ ملوك الأسرة الثامنة عشرة التى ينتمى إليها "توت عنخ آمون"، اتخذوا من هذه البقعة مكاناً للصيد لشهرتها بحيوانات الصيد فى ذلك الوقت.
أصل تسمية الأهرامات Pyramids والغرض من بنائها
منظر عام لأهرامات الجيزة.
أما الأهرام فقد اعتبرها الناس فى العالم إحدى عجائب الدنيا السبع، وانبهروا (ومازالوا ينبهرون كل يوم) بهذا الأثر العجيب الخالد مع الزمن، الذى بناه أجدادنا الفراعنة منذ أكثر من أربعة آلاف عام، حوالى عام 2600 قبل الميلاد.
وقال بعض العلماء الأوروبيين الذين زاروا مصر فى القرن التاسع عشر الميلادى، إن هذه الأهرامات بُنيت لأغراض علمية. وقال البعض الآخر، أنها بنيت لتكون وحدة قياسية يعتمد عليها المصريون فى مقاييس الطول والثقل والوزن. وقال عالم فلكى قديم: "إن الأهرام كلها مبنية على نظريات فلكية. فقواعدها الأربعة تواجه الجهات الأصلية الأربع تماماً – الشرق والغرب، والشمال والجنوب!"
وقال بعضهم إنها بُنيت لتكون ساعات شمسية يمكن بواسطتها قياس فصول السنة، والمنافذ المنحدرة فيها ما هى إلا مراصد يراقب منها الفلكيون دوران النجوم، وقال غيرهم إنها كانت أسوارا ومتاريس، حاول بها المصريون القدماء أن يصدوا الرمال عن وادى النيل. لكن هذه كلها آراء مبالغ فيها، ولا أساس لها من الصحة. فالأهرام ما هى إلا مقابر ملكية، صُممت وبُنيت ليُدفن فيها الملك ومعه أشياؤه الثمينة التى كانت معه فى الحياة الدنيا.
وفى اللغات الإفرنجية يطلق على الهرم كلمة "بيراميد" Pyramid، ويجب أن نذكر أن اللغة القبطية التى ما زالت مستخدمة فى الطقوس الدينية للكنائس المصرية هى آخر صورة من صور اللغة المصرية القديمة. وفى هذه اللغة نجد كلمة "بى راما" تعنى الارتفاع. ويمكن أن تكون كلمة "بيراميد" الإفرنجية مشتقة من هذه الكلمة.
وهناك احتمال آخر أن تكون هذه الكلمة قد اشتقت من الكلمة المصرية القديمة "بر – ام – أوس" ومعناها بناء منحدر الجوانب، ثم نقلها الإغريق بصورتها "براميس" وجمعوها "براميدس"، ومنها أُخذت الكلمة الإفرنجية الحالية المتشابهة إلى حد كبير فى اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية.
وكلمة هَرَم باللغة العربية تعنى أقصى الكبر، بمعنى بلوغ أقصى العمر. ولقد أطلق العرب هذه الكلمة على هذا البناء دلالة على قدمه. ثم جُمعت على أهرام، وجُمع الجمع أحياناً فقيل أَهرامَات. أما كلمة "سفنكس" Sphinx الإفرنجية التى تطلق على "أبى الهول"، فترجع إلى أن الإغريق والرومان حينما جاءوا إلى مصر فى زيارات ثم كمستعمرين، أعجبهم شكل ذلك التمثال الضخم الذى يمثل جسم أسد، ورأس إنسان، فيجمع بذلك بين قوة الجسد وكمال العقل، وتذكروا ذلك الحيوان الخرافى الذى ورد فى أساطيرهم واسمه "سفنكس"، وكان له أيضاً جسم أسد ورأس امرأة بأجنحة.
والبعض يقول إن الأهرامات تم بناؤها بالسخرة واستخدام السوط، والبعض الآخر يقولون إنها بُنيت بروح الرضا وإشباع المزاج الفنى، وكذلك لتقديس المصريين لملوكهم وعبادتهم لهم بعد موتهم. ويقولون إن السخرة والإجبار قد تبنى ما هو أعظم من الهرم الأكبر .. لكنها لم تكن تستطيع أن تصل ببنائه إلى الروعة والإتقان اللذين يميزانه.
ومن ذلك نتعلم أن ننظر لأى قضية من جميع أطرافها .. فننظر إلى الحالة الاقتصادية، وإلى الحالة الاجتماعية والسياسية، وكذلك إلى الدين وطبيعة العقيدة التى كان يؤمن بها الناس فى هذا الوقت، وكذلك حالة الفنون والعلم ..
هضبة الأهرام
وهضبة الأهرام (وسميت هضبة لأنها منطقة مرتفعة) كانت الجبانة الرسمية التى اختارها أجدادنا فى الدولة القديمة للعاصمة القديمة "ممفيس" ("ميت رهينة" حالياً). وقد اختير هذا المكان (وأيضاً منطقة "سقارة") بعناية لأنه جاف ومرتفع جداً، وبذلك تكون المقابر بعيدة عن مياه فيضان النيل ورشْحه. فالمنطقة شديدة الجفاف دائماً، لذا تستطيع أن تحفظ الأجساد سليمة لأزمان طويلة. وتقع هضبة الأهرام على الشاطئ الغربى للنيل.
لقد كانت معظم المدن المصرية القديمة تُبنى على الشاطئ الشرقى للنيل. أما الجبانات أو المقابر فإنها تبنى على الشاطئ الغربى، لأن المصريون كانوا يعتقدون أن أرواحهم مثل الشمس التى تشرق كل يوم من الشرق ثم تغرب ناحية الغرب، وأن الموت ما هو إلا الغروب بالنسبة لحياتهم.
أهرامات أخرى
وجبانة الجيزة التى تمتد على الشاطئ الغربى للنيل، وعلى حافة الصحراء الليبية من شمال "أبو رواش" إلى جنوب "ميدوم" (قرب بنى سويف) يبلغ طولها 40 كيلومتراً. هذه الجبانة تحتوى على ست مجموعات من الأهرام، وهى من الشمال إلى الجنوب: أهرام "أبو رواش"، ثم أهرام الجيزة، ثم أهرام "أبوصير"، و"سقارة"، و"اللشت" (قرب بنى سويف)، و"دهشور" (هرمى "سنفرو")، ثم هناك أهرام أخرى تم بناؤها بعيداً عن هذه الهضبة فى منطقتى "اللاهون"، و"هوارة" بالفيوم. ولكن أشهر هذه الأهرام وأعظمها شأناً هى أهرام الجيزة الثلاثة.
التطور فى بناء المقابر من المصطبة إلى الشكل الهرمى الكامل
لم يظهر بناء الهرم كاملاً هكذا دفعة واحدة، بل كان نتيجة لارتقاء بطئ فى تكوين شكل المقبرة وطريقة بنائها .. ففى العهد الأول من الدولة القديمة كانت المصاطب هى مقابر الملوك والأمراء والأثرياء. ثم رأى أحد ملوك الأسرة الثالثة من هذه الدولة – وهو ملك عظيم اسمه "زوسر" – أن يضع فوق هذه المصاطب مصاطب أخرى، كل واحدة أصغر مما تحتها. فنشأ بذلك الهرم المدرج المعروف فى "سقارة"، وهو التطور المعقول من المصطبة إلى الهرم. أما كلمة مصطبة فمعناها فى اللغة شئ مرتفع عن الأرض يجلس عليه الناس، أو يرقدون عليه. وفى الريف المصرى تبنى من الطوب أمام بعض منازل القرية للجلوس عليها. ولذلك أخذ علماء الآثار هذا الاسم للتشابه مع هذه المصاطب التى كانت أصلاً مقابر.
وكانت المصطبة تنقسم إلى جزأين: جزء ينحت فى الصخر تحت الأرض، وفى هذا الجزء توجد حجرة الدفن التى يوضع فيها التابوت، وكذلك الطريق الموصل إليها، ثم جزء فوق سطح الأرض، ويبنى بالطوب على شكل مستطيل، ويحتوى على عدة حجرات.
ومن المهم أن نشرح التطور الذى حدث فى بناء الهرم:
أولاً: المصطبة الكبيرة المشيدة من الطوب اللبن، وظهرت أولاً فى "سقارة" و"أبيدوس" أيام الأسرة الأولى.
هرم "زوسر" المدرج بـ"سقارة".
ثانياً: المصاطب المستطيلة المتراكبة فوق بعضها، مثل هرم "زوسر" المدرج.
هرم "ميدوم" بالفيوم.
ثالثاً: المصاطب المربعة المتراكبة فوق بعضها، مثل هرم "سنفرو" بميدوم شمال محافظة بنى سويف عند مدخل الفيوم (جنوب "سقارة")، وله هرمين بدهشور واحد شمالى والآخر جنوبى.
هرم الملك "سنفرو" الجنوبى المنحنى بدهشور جنوب سقارة (bent pyramid).
رابعاً: مُلئت المسافات التى بين المصاطب فاقتربت من الشكل الهرمى، كما فى هرم "سنفرو" بدهشور (الهرم الجنوبى).
هرم "سنفرو" الشمالى بدهشور (الهرم الأصغر على اليسار هو أيضاً للملك "سنفرو").
خامساً: تم انتظام الشكل، فاتخذ زاوية ثابتة لا تتغير درجاتها من القاعدة إلى القمة كما فى هرم "سنفرو" بدهشور (الهرم الشمالى).
وهكذا تم التطور من المصطبة إلى الشكل الهرمى الكامل الذى نراه فى أهرام الجيزة.
انظر أيضاً: عصر الدولة القديمة - عصر بناة الأهرام
ملحقات الأهرامات
كان لكل هرم ملحقات مكملة له، لا يعتبر الهرم بدونها كاملاً. وللأسف فإن الزمن وعوامل العبث والتخريب جارت على هذه الملحقات، ولكن آثارها باقية لتدل عليها .. وكل هرم من الثلاثة لابد أن يكون له الآتى:
1 – بابان فى الجهة الشمالية (البحرية) أحدهما فى المداميك (صفوف الطوب أو الحجارة) السفلية، والثانى فوقه بقليل. وكل منهما يوصل إلى حجرة الدفن. وكان أمام هذا الباب حجرات صغيرة للعبادة.
2 – فى الجهة الشرقية من كل هرم كان يقام معبد ضخم يسمى معبد الشعائر أو المعبد الجنائزى. وهذا المعبد يتصل بمعبد آخر يسمى معبد الوادى، بطريق يبنى من الأحجار الضخمة المقطوعة من منطقة الجيزة نفسها ويسمى بالطريق الصاعد. يبلغ عرض هذا الطريق أحياناً 25 متراً، ويتوسط طوله ممر ضيق مسقوف. وكان يُستعمل لمرور الكهنة الذين كانوا يقومون بالمراسيم الدينية للملك من المعبد الجنائزى إلى معبد الوادى وبالعكس. وهذا الطريق الذى يوصل بين المعبدين طويل جداً. وقد بلغ طوله نحو نصف كيلومتر فى الهرم الثانى. وكان من المعتاد أن ينحت فى منتصف هذا الطريق نفق تحت الأرض تسهيلاً للذين يريدون أن يعبروا الطريق من جهة إلى أخرى.
بالنسبة لمعبد الوادى فإن واجهة المعبد ناحية الشرق تُستقبل بمدخلين يرمزان إلى الوجهين البحرى والقبلى، ويرمزان إلى اجتماع شمل أهلهما فى طاعة الفرعون وساحة معبده.
3 – كان من مستلزمات كل هرم أيضاً أن يقام حوله سور ضخم، حتى لا يقترب منه أحد غير الكهنة. وكان يُبنى هذا السور من الحجر، أو من الطوب اللبن النيئ.
4 – من أهم ما لفت الأنظار من آثار الملك "خوفو" صاحب الهرم الأكبر هى مراكبه والتى ذاعت شهرتها على أنها "مراكب الشمس"، وهى معروضة الآن بمتحف ملحق بمنطقة أهرامات الجيزة.
الجيزة - متحف "مراكب الشمس" بجوار الأهرامات.
وما هو موجود حتى الآن هو خمسة مواضع لمراكب .. ثلاثة منها تقع إلى الشرق من الهرم الأكبر، وقد نزعت منها مراكبها الخشبية، أو بطانتها الخشبية فى عصور سابقة. وهى الآن عبارة عن حفر طويلة عميقة نحتت فى الصخر على هيئة المراكب، تتجه اثنتان منها اتجاهاً موازياً للضلع الشرقى بين الشمال والجنوب، وتتعامد الثالثة على هذا الضلع بين الشرق والغرب. ثم عُثر على موضعين جديدين لمركبتين كبيرتين منحوتتين فى الصخر إلى جنوب الهرم الأكبر.
ووُجدت فى الموضع المكتشف (بواسطة العالِم الأثرى الراحل "كمال الملاخ") ألواح كثيرة لمراكب خشبية يبلغ طولها نحو 43 متراً، وأكبر عرض لها ستة أمتار. وهى مفككة الأجزاء يسهل تجميعها مع بعضها، ووضعت معها مجاديفها وحبالها، وغير ذلك. وذهبت بعض الآراء إلى تسمية مراكب "خوفو" باسم "مراكب الشمس"، والربط بينها وبين الرحلتين اللتين يقوم بهما "إله الشمس"، ويصحب الفرعون معه فيهما، رحلة يجوب بها سماء الدنيا بالنهار، وأخرى يجوب بها سماء العالم السفلى بالليل. ولكن هذا أمر يصعب قبوله لأسباب عديدة.
الهرم الأكبر
صورة للهرم الأكبر.
إن الهرم الأكبر بناه الملك "خوفو"، ثانى ملوك الأسرة الرابعة. وقد شيده فوق مساحة تزيد على 12 فداناً تقريباً (الفدان يساوى 4200 متر مربع)، وبلغ ارتفاعه الأصلى 146 متراً، لم يبق منها الآن سوى 137 متر. واستخدم البناءون فى بنائه حوالى مليونين وثلاثمائة ألف حجر تقريباً، يزن كل حجر منها حوالى ثلاثة أطنان. استغرق بناء الهرم الأكبر حوالى 20 عاماً. وكانت مدة العمل فيه ثلاثة أشهر فى السنة يتناوب العمل فيها مائة ألف عامل.
وكان البناء يتم فى أوقات الفيضان حينما كانت المياه تغمر جميع الأراضى الزراعية، ولا يكون هناك عمل زراعى لدى الفلاحين. فكان المهندسون والمشرفون يجمعونهم ويعطونهم أجورهم التى كانت فى الغالب حبوباً أو حيوانات، ويوفرون لهم المسكن والمأكل. وكانوا يقطعون أحجار البناء من منطقة الهرم نفسها. أما أحجار الكسوة التى غُطى الهرم بها فكانت تجلب من الناحية الشرقية من النيل عند مدينة "طُرة" الحالية، لأنها شاهقة البياض، ثم ينقلونها بالمراكب إلى هذا الشط، ويحملونها على زحافات بعد أن يمهدوا لها طريقاً مرتفعاً من الرمال يوصلهم إلى مكانها فى منطقة البناء.
وكان العمال يُقسّمون إلى فِرَق، ثم إلى فصائل. وكانت كل فرقة تحمل اسماً معيناً. وكان الكاتب يعين أسماء كل فرقة ويحصر عملها، ويكتب التاريخ على الكومة التى أتمت الفرقة العمل فيها، ويقدر أجورها. وبعض هذه الفرق لازالت بعض أسمائها مسجلة على أحجار متفرقة من جوانب الهرم.
بنى هذا الهرم عام 2600 قبل الميلاد. ومدخله مثل مدخل جميع الأهرام من الناحية الشمالية على ارتفاع 15 متراً من سطح الأرض، وتتصل به زلاقة تنحدر تدريجياً حتى يتصل بغرفة تسمى غرفة الملكة، وتقع تقريباً على محور البناء.
ممرات بداخل الهرم الأكبر.
وفى الجهة الأخرى يخرج دهليز آخر يبتدئ برواق كبير طوله 47 متراً، وارتفاعه 8 أمتار تقريباً. وهو مبنى من الحجارة الملتصقة بإحكام، والمصقولة بإبداع. فإذا وصل الإنسان إلى نهايته، وجد فى أعلاه حجرة صغيرة كان بها أربع كتل من الحجر تسد الطريق، ثم تنتهى إلى الغرفة الكبيرة التى لا يزال بها تابوت الملك. وطول هذه الغرفة الأخيرة عشرة أمتار تقريباً، وعرضها حوالى 5 أمتار، وارتفاعها يقترب من 6 ستة أمتار.
أما سقفها فهو مسطح، ومكون من تسع قطع من الجرانيت، طول كل منها 5 أمتار تقريباً. ولتخفيف الضغط على سقف هذه الغرفة، تم عمل خمس غرف صغيرة من فوقه، بعضها فوق بعض، وأعلاها سقف مكون من كتلتين مائلتين "مثل الجمالون"، ليوزع الضغط ويلقيه على الجانبين.
وعلى أحجار هذه الغرفة الأخيرة وُجد اسم الملك "خوفو" مكتوباً بالمداد. وهناك منفذان للهواء يخرجان من باطن الهرم إلى سطحه الخارجى. ربما للتهوية، وربما لسبب عقائدى وهو إيجاد طريق للروح.
وملحقات الهرم الأكبر قد اندثرت، ولم يبق من بناء المعبد الجنائزى سوى تلك الأرضية المقطوعة من حجر البازلت. وهى من الناحية الشرقية من الهرم. أما الأهرام الثلاثة الصغيرة المجاورة فتخص زوجات الملك "خوفو".
الهرم الثانى
صورة من الجو لهرم الملك "خفرع".
إنه الهرم الذى بناه الملك "خفرع" – ثالث ملوك الأسرة الرابعة، وابن الملك "خوفو". لقد سمى الملك "خفرع" هرمه باسم "أور" أى العظيم، بينما كان خوفو قد سمى هرمه باسم "آخت خوفو" وهى تسمية تعنى "مشرق خوفو".
إن الهرم الثانى قد بُنى على جزء مرتفع من الهضبة، لذلك يظن كل من يشاهده من بعيد أنه أعلى من الهرم الأكبر، هذا بالرغم من أنه أقل من الهرم الأكبر من حيث الضخامة ومن حيث الارتفاع.
ويبلغ ارتفاعه الحالى 136 متراً، وكان عند بنائه 143 متراً. ويقع مدخله فى الجهة الشمالية كالمعتاد على ارتفاع نحو 11 متراً. ومنه يبدأ دهليز هابط يبلغ 32 متراً يسير بعدها فى خط أفقى، ينتهى بغرفة ارتفاعها 7 أمتار تقريباً، وطولها 14 متراً، وعرضها حوالى 4 أمتار، كان بها تابوت من حجر الجرانيت، دُفن فيه الملك. ولقد افتتح العالم الإيطالى "بلزونى" هذا الهرم فى شهر مارس سنة 1818، ووجده ممتلئاً بالأتربة والردم. وكان لهذا الهرم فيما مضى مدخل آخر أسفل واجهته البحرية أيضاً، يؤدى إلى غرفة نحتت فى الصخر قُصد بها أن تكون غرفة الدفن فى الأصل. ولكنهم عندما عدّلوا فى رسم هذا الهرم الأصلى ووسّعوه وكبّروه، أعرضوا عن استعمال هذا المدخل، وبنوا الغرفة الأخرى. أما كسوة هذا الهرم فلا تزال باقية فى الجزء الأعلى منه قرب القمة. وكانت هذه الكسوة من الحجر الجيرى فى المداميك العليا، ومن الجرانيت فى المداميك السفلى.
معبد الوادى
قلنا أنه يجب أن يكون لكل هرم معبدان. ومعبد الوادى يوجد مجاوراً لـ"أبى الهول". إنه يشبه المصطبة، جدرانه مبنية من الحجر الجيرى. واجهته ترتفع نحو ثلاثة عشر متراً، وكسيت بألواح ضخمة من الجرانيت. وتُستقبل واجهة المعبد فى اتجاه الشرق بمدخلين يرمزان إلى الوجهين، الوجه القبلى، والوجه البحرى. ووضعت على جوانبها تماثيل تمثل الملك وهو على هيئة "أبو الهول". والبابان يوصلان إلى دهليز عرضى فيه بئر وُجدت بها عدة تماثيل للملك "خفرع" صاحب المعبد ويمكن رؤيتها فى المتحف المصرى.
ويخرج من منتصف هذا الدهليز طريق يتصل برحبة مستطيلة، أفقية تقوم فيها ستة أعمدة متصلة برحبة أخرى عمودية عليها، بها عشرة أعمدة من الجرانيت. وفى أحد طرفى الرحبة (مكان واسع بشكل معقول) الأولى يوجد دهليز يوصل إلى ثلاث غرف صغيرة ذات طبقتين، كانت تستعمل كمخازن للشموع والمشاعل والزيوت والأوانى المقدسة، وملابس الكهنة وغيرها من أدوات الاحتفالات المقدسة.
وفى الطرف الآخر غرفة بها دَرَج (سلم) يصعد إلى سطح البناء، وعلى الجانب الآخر غرفة يطلقون عليها غرفة البواب، وهى مبنية من المرمر فى جزئها العلوى، ويمتد هذا الدهليز إلى خارج المعبد فيتصل بدهليز آخر يربط هذا المعبد بالمعبد الجنائزى العلوى. وهذا الدهليز أو الطريق الصاعد Causeway مازالت آثاره باقية. وكان يبلغ طوله نحو نصف كيلومتر، وهو يصل بين المعبد العلوى ومعبد الوادى. وكان ينتهى برصيف على النهر أعد لرسو السفن.
معبد الشعائر
أحد ممرات المعبد الجنائزى ويطلق عليه أيضاً معبد الشعائر.
وهو معبد يجاور الهرم من الناحية الشرقية، ولا يقل فى الضخامة عن معبد الوادى. ولكن للأسف تهدم معظمه. فبعد خروج الوفود من الطريق الصاعد، كان يوجد باب للدخول، تنتهى الوفود عنده حيث يبدأ بصالة أعمدة. ويتلو الصالة بهو أعمدة كان به تماثيل للملك "خفرع" فى ملابسه الدنيوية الرسمية، ثم بعد ذلك تماثيل تمثله فى ملابس الآخرة، وهى عباءة محبوكة عليها تاج الصعيد على الجانب الأيسر، وتاج الدلتا على الجانب الأيمن.
وبعد الأجزاء الباقية يأتى قدس الأقداس، أو الحرم الذى لم يكن يَقْرَبُه غير الفرعون وكبار الكهان. وهو عبارة عن مقصورة بسيطة مستطيلة يتصدرها باب وهمى عظيم من الجرانيت ومائدة كبيرة للقرابين.
الهرم الثالث
هرم"منكاورع".
هو أصغر أهرامات الجيزة الثلاثة .. إنه هرم الملك "منقرع" أو "منكاورع". كان ارتفاع هذا الهرم فى الأصل 66 متراً، وأصبح الآن 62 متراً، وكما كان هرم الملك "خفرع" أصغر من هرم أبيه الملك "خوفو"، جاء هرم "منقرع" أصغر من هرمى أبيه وجده. وكما حاول أبوه أن يكسو مدماكين من هرمه بالجرانيت، حاول هو أن يكسو هرمه كله بالجرانيت، ولكنه مات قبل أن يتمه بعد أن كسا 16 مدماكاً.
يقع مدخل هذا الهرم أيضاً فى الجهة الشمالية على ارتفاع نحو أربعة أمتار من الأرض. وهذا المدخل يؤدى إلى دهليز هابط طوله حوالى 32 متراً، يمر بغرفة يعتدل بعدها الدهليز فيسير أفقياً حتى يصل إلى غرفة تتصل بها غرفة أخرى وُجد بها تابوت الملك الحجرى والخشبى، وبداخله بقايا جثة بشرية.
وقد تم كشف هذا الهرم من الداخل سنة 1839 على يد رجل اسمه "برنج" Berring ولقد وجد بداخله تابوتاً حجرياً، وبقايا تابوت من الخشب منقوش عليه اسم الملك "منقرع" وقد نُقلت بقايا هذا التابوت إلى إنجلترا للأسف، وما زالت محفوظة بالمتحف البريطانى. أما التابوت الحجرى فقد شُحن إلى إنجلترا أيضاً، ولكن السفينة غرقت به أمام شواطئ إسبانيا فى 12 أكتوبر سنة 1838، ولا يزال فى قاع البحر إلى الآن.
هرم "منقرع" وبجواره بعض الأهرامات الصغيرة.
وكان لهذا الهرم معبدان وطريق صاعد، شأنه شأن بقية أهرام الأسرة الرابعة: معبد شعائر (المعبد الجنائزى) كبير ضخم معقد التركيب، لم يتم بناؤه فى عهد صاحبه، ثم معبد الوادى الذى أمر خليفته الملك "شبسكاف" بتشييد معظمه من الطوب اللبن ووجدت هناك عدة تماثيل رائعة تعد من أعظم مجموعات تماثيل الدولة القديمة.
ولقد أحب المصريون الملك "منكاورع" أكثر من حبهم لأبيه وجده، لتساهله مع رعيته، ولأنه ترك ممارسة الشعائر بحرية مطلقة.
جبانة الجيزة ومصاطبها
نُسقت مقابر العظماء فى جبانة الجيزة بشكل جميل، وبنيت فى نظام عجيب. وذلك على العكس من مقابر منطقة "سقارة" التى انتثرت هنا وهناك بدون ترتيب.
وفى الجيزة وإلى الشرق من بناء الهرم نجد قبور الأمراء أهل البيت المالك. وتقوم قبور العظماء، ورجال البلاط وأعيان الدولة ووجهائها فى ناحية الغرب.
وتوازى هذه القبور محور الهرم فى اتجاهها من الجنوب إلى الشمال. وقد انتظمت بينها شوارع وطرقات متقاطعة. ولم يراع مهندس العمارة فى تخطيط قبور تلك الجبانة وتصميم بنائها، وشق طرقاتها وشوارعها، مكان تلك القبور من الهرم فحسب، وإنما راعى فى ذلك إخراج الجبانة كمجموعة واحدة متصلة الأجزاء يكمل بعضها بعضاً. ومن أهم مقابر منطقة الجيزة التى يمكن زيارتها، مقبرة "ايدو وكار"، وهما من الأشراف، وكذلك مقبرة الأميرة "مرسى عنخ"، وهى حفيدة الملك "خوفو"، وكذلك مقبرة الأمير "خاف".
"أبو الهول" ومن خلفه هرم "خفرع".
السبت يوليو 27, 2019 4:19 am من طرف طلعت شرموخ
» كنوز الفراعنه
السبت مايو 18, 2019 1:00 am من طرف طلعت شرموخ
» الثقب الاسود
السبت أبريل 13, 2019 1:22 am من طرف طلعت شرموخ
» طفل بطل
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:15 am من طرف طلعت شرموخ
» دكتور زاكي الدين احمد حسين
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:12 am من طرف طلعت شرموخ
» البطل عبدالرؤوف عمران
الإثنين أبريل 01, 2019 9:17 pm من طرف طلعت شرموخ
» نماذج مشرفه من الجيش المصري
الإثنين أبريل 01, 2019 9:12 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» دجاجة القاضي
الخميس فبراير 28, 2019 5:34 am من طرف طلعت شرموخ
» اخلاق رسول الله
الأربعاء فبراير 27, 2019 1:50 pm من طرف طلعت شرموخ
» يوم العبور في يوم اللا عبور
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:59 pm من طرف طلعت شرموخ
» من اروع ما قرات عن السجود
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:31 pm من طرف طلعت شرموخ
» قصه وعبره
الأربعاء فبراير 20, 2019 11:12 am من طرف طلعت شرموخ
» كيف تصنع شعب غبي
الخميس فبراير 14, 2019 12:55 pm من طرف طلعت شرموخ