بسم الله الرحمن الرحيم
جامع أحمد بن طولون بالقاهرة ..
عمارة ساحرة تروي أسرار الأقدمين
مسجد أحمد بن طولون
يقع جامع أحمد بن طولون في حي السيدة زينب، وهو ثالث مساجد مصر الإسلامية، و أقدم جامع احتفظ بتخطيطه وكثير من تفاصيله المعمارية الأصلية، بعدما شهد أول مساجد مصر جامع عمرو بن العاص في الفسطاط تغيرات عديدة على مر العصور، أما ثاني مساجد مصر (العسكر) والذي بُني عام 169 هجريا، فقد زال واندثر قديما.
باني جامع بن طولون هو حاكم مصر من قبل الخليفة العباسي أحمد بن طولون مؤسس أول دولة إسلامية في مصر تستقل عن الخلافة العباسية عام 868م.
استغرق بناء الجامع عامين فقط، وهي مدة قليلة مقارنة بالجهد المعماري المبذول فيه، وهو عبارة عن مربع، تبلغ مساحته ستة فدادين ونصف، يتوسطه صحن مكشوف تصل مساحته إلي فدانين، تحيط به من جوانبه الأربعة أروقة مسقوفة.
تم تشييد الجامع بالطوب الأحمر وتغطيه طبقة سميكة من الملاط، تعلوها طبقة أخرى بيضاء من الجص بها زخارف جميلة محفورة. أما شرفات هذا الجامع فهي فريدة في طرازها، حيث تبدو وكأنها أفراد متراصين يمسكون بأيدي بعضهم البعض، في إشارة إلي أن المسلمين كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.
وفي وسط صحن الجامع توجد فُسقية للوضوء تعلوها قبة جديدة أقلّ فنًا من القبة الأصلية التي كانت مقامةً على عشرة أعمدةٍ مرمريّةٍ، حيث لم تكن هذه الفسقية موجودة في البناء الأصلي للجامع وإنما كانت نافورة غير مخصصة للوضوء تعلوها قبة لكنها احترقت عام 986م.
تم بناء المسجد على ربوة عالية لحمايته من فيضان النيل، في موضع كان يسمي جبل يشكر، وهو مكان مشهور بالدعاء، وقيل أن موسى عليه السلام ناجي ربه عليه بكلمات علي حسب ما يقول المقريزي في كتابه "الخطط".
أما مئذنة الجامع فهي من جملة الأعاجيب، إذ تقع خارج الجامع، ويُصعد إليها بسلالم من الخارج على شكل مدرجٍ حلزوني، ويبلغ ارتفاعها عن سطح الأرض نحو 40.44 متراً، وهي تماثل مئذنة جامع سامراء، المدينة التي ولد فيها أحمد بن طولون بالعراق.
ابن طولون - القبة التي تتوسطه
تراجع الدعاية
حظي الجامع بعناية المؤلفين القدامى والمحدثين، كما نال حكام مصر علي مر العصور الذين اهتموا بترميم المسجد من فعل الزمان، وكانت آخر هذه الترميمات في بداية الألفية الثالثة وتم الانتهاء منها عام 2004 بعد جهد استمر أربعة سنوات بتكلفة 13 مليون جنيه، وداخل الجامع توجد لوحة كبيرة تبين الحالة التي كان عليها الجامع قبل الترميم وحالته الآن..
لكنك حينما تصعد مئذنة الجامع تلاحظ أن المسجد المجاور له مباشرة، وهو مسجد الأمير صرغتمش يعاني من آثار مياه الصرف الصحي التي تهدد أساس المسجد !.
والشيء اللافت الآخر الذي تجده وأنت هناك ، هو قلة عدد زواره المصريين أو الأجانب بحيث لا يتجاوز عددهم اصابع اليد أحيانا ، وقد سألنا رجلا من بين الزوار وكانت ملامحه تقترب من التركية وأكد أن المساجد لدينا تنقصها الدعاية لها كآثار إسلامية هامة ، وهذا ما يحدث لمساجد اسطنبول ولذا تجد أن زوارها بالآلاف يوميا .
أحلام الأمير
وحول تاريخ الجامع يقول المؤرخ الشهير المقريزي في كتابه "الخطط" : رأي أحمد بن طولون في منامه كأن الله تعالى قد تجلى ووقع نوره على المدينة التي حول الجامع (مدينة القطائع عاصمة الدولة الطولونية) إلا الجامع فانه لم يقع عليه من النور شئ فتألم بن طولون وقال: والله ما بنيته إلا لله خالصا ومن المال الحلال. فقال له أحد مفسري الأحلام : هذا الجامع يبقي ويخرب كل ما حوله لأن الله قال " فلما تجلي ربه للجبل جعله دكا" فكل شئ يقع عليه جلال الله عز وجل لا يثبت.
وقد صح تعبير هذه الرؤيا ، فإن جميع ما حول الجامع خرب طويلا وبقي الجامع عامرا ثم عادت العمارة لما حوله كما هي الآن.
ويقص علينا المقريزي رؤيا أخري لابن طولون أنه لما فرغ من بنائه رأى في منامه كأن نارا نزلت من السماء فأخذت الجامع دون ما حوله، فلما أصبح قص رؤياه فقيل له : أبشر بقبول الجامع، لأن النار كانت في الزمان الماضي إذا قبل الله قربانا نزلت من السماء أخذته، مثلما قص علينا القرآن في قصة قابيل وهابيل.
أعمدة مرصعة بالنقوش
مصمم الجامع.. نصراني!
كان مصمم الجامع نصرانيا من أهل مصر يدعى: سعيد بن كاتب الفرغانى، كان من المشهود لهم في الهندسة المعمارية في ذلك الوقت. بنى للأمير أحمد بن طولون عين ماء ، لكن لأمر ما غضب عليه بن طولون وقذف به في "المطبق" – أحد السجون المرعبة التي شهدتها مصر في عهد بن طولون، حتى قيل أنه شهد وفاة أكثر من 18 ألف إنسان !!
وحينما أراد بن طولون بناء مسجده قدر له 300 عمود ، وقيل له ما تجدها إلا بالاستيلاء علي أعمدة الكنائس في الأرياف والضياع الخراب. رفض بن طولون الفكرة وتعذب قلبه بالفكر في أمره، فبلغ سعيد بن كاتب الفرغانى الأمر فأرسل إلي بن طولون أنه يستطيع أن يبنيه كما يريد الأمير.
خرج الفرغاني من السجن وقد طال شعره حتى نزل علي وجهه، فقال بن طولون: ويحك ما تقول في بناء الجامع؟، فقال: أنا أصوره للأمير حتى يراه عيانا بلا عمد إلا عمودي القبلة.. فأمر بن طولون بأن تحضر له الجلود فصوره له فأعجبه واستحسنه وأطلقه، وخصص له ميزانية تقدر بـ 100 ألف دينار لبناء الجامع.. وحينما فرغ من البناء كما صوره عفي عنه بن طولون، وأمر له بعشرة آلاف دينار، وأجري عليه الرزق الواسع إلي أن مات.
لوحة تظهر ترميمات الجامع
المحراب
محراب الجامع
جامع الأمير صرغمتش
جانب الجامع
القاهرة من مئذنة ابن طولون
جامع أحمد بن طولون بالقاهرة ..
عمارة ساحرة تروي أسرار الأقدمين
مسجد أحمد بن طولون
يقع جامع أحمد بن طولون في حي السيدة زينب، وهو ثالث مساجد مصر الإسلامية، و أقدم جامع احتفظ بتخطيطه وكثير من تفاصيله المعمارية الأصلية، بعدما شهد أول مساجد مصر جامع عمرو بن العاص في الفسطاط تغيرات عديدة على مر العصور، أما ثاني مساجد مصر (العسكر) والذي بُني عام 169 هجريا، فقد زال واندثر قديما.
باني جامع بن طولون هو حاكم مصر من قبل الخليفة العباسي أحمد بن طولون مؤسس أول دولة إسلامية في مصر تستقل عن الخلافة العباسية عام 868م.
استغرق بناء الجامع عامين فقط، وهي مدة قليلة مقارنة بالجهد المعماري المبذول فيه، وهو عبارة عن مربع، تبلغ مساحته ستة فدادين ونصف، يتوسطه صحن مكشوف تصل مساحته إلي فدانين، تحيط به من جوانبه الأربعة أروقة مسقوفة.
تم تشييد الجامع بالطوب الأحمر وتغطيه طبقة سميكة من الملاط، تعلوها طبقة أخرى بيضاء من الجص بها زخارف جميلة محفورة. أما شرفات هذا الجامع فهي فريدة في طرازها، حيث تبدو وكأنها أفراد متراصين يمسكون بأيدي بعضهم البعض، في إشارة إلي أن المسلمين كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.
وفي وسط صحن الجامع توجد فُسقية للوضوء تعلوها قبة جديدة أقلّ فنًا من القبة الأصلية التي كانت مقامةً على عشرة أعمدةٍ مرمريّةٍ، حيث لم تكن هذه الفسقية موجودة في البناء الأصلي للجامع وإنما كانت نافورة غير مخصصة للوضوء تعلوها قبة لكنها احترقت عام 986م.
تم بناء المسجد على ربوة عالية لحمايته من فيضان النيل، في موضع كان يسمي جبل يشكر، وهو مكان مشهور بالدعاء، وقيل أن موسى عليه السلام ناجي ربه عليه بكلمات علي حسب ما يقول المقريزي في كتابه "الخطط".
أما مئذنة الجامع فهي من جملة الأعاجيب، إذ تقع خارج الجامع، ويُصعد إليها بسلالم من الخارج على شكل مدرجٍ حلزوني، ويبلغ ارتفاعها عن سطح الأرض نحو 40.44 متراً، وهي تماثل مئذنة جامع سامراء، المدينة التي ولد فيها أحمد بن طولون بالعراق.
ابن طولون - القبة التي تتوسطه
تراجع الدعاية
حظي الجامع بعناية المؤلفين القدامى والمحدثين، كما نال حكام مصر علي مر العصور الذين اهتموا بترميم المسجد من فعل الزمان، وكانت آخر هذه الترميمات في بداية الألفية الثالثة وتم الانتهاء منها عام 2004 بعد جهد استمر أربعة سنوات بتكلفة 13 مليون جنيه، وداخل الجامع توجد لوحة كبيرة تبين الحالة التي كان عليها الجامع قبل الترميم وحالته الآن..
لكنك حينما تصعد مئذنة الجامع تلاحظ أن المسجد المجاور له مباشرة، وهو مسجد الأمير صرغتمش يعاني من آثار مياه الصرف الصحي التي تهدد أساس المسجد !.
والشيء اللافت الآخر الذي تجده وأنت هناك ، هو قلة عدد زواره المصريين أو الأجانب بحيث لا يتجاوز عددهم اصابع اليد أحيانا ، وقد سألنا رجلا من بين الزوار وكانت ملامحه تقترب من التركية وأكد أن المساجد لدينا تنقصها الدعاية لها كآثار إسلامية هامة ، وهذا ما يحدث لمساجد اسطنبول ولذا تجد أن زوارها بالآلاف يوميا .
أحلام الأمير
وحول تاريخ الجامع يقول المؤرخ الشهير المقريزي في كتابه "الخطط" : رأي أحمد بن طولون في منامه كأن الله تعالى قد تجلى ووقع نوره على المدينة التي حول الجامع (مدينة القطائع عاصمة الدولة الطولونية) إلا الجامع فانه لم يقع عليه من النور شئ فتألم بن طولون وقال: والله ما بنيته إلا لله خالصا ومن المال الحلال. فقال له أحد مفسري الأحلام : هذا الجامع يبقي ويخرب كل ما حوله لأن الله قال " فلما تجلي ربه للجبل جعله دكا" فكل شئ يقع عليه جلال الله عز وجل لا يثبت.
وقد صح تعبير هذه الرؤيا ، فإن جميع ما حول الجامع خرب طويلا وبقي الجامع عامرا ثم عادت العمارة لما حوله كما هي الآن.
ويقص علينا المقريزي رؤيا أخري لابن طولون أنه لما فرغ من بنائه رأى في منامه كأن نارا نزلت من السماء فأخذت الجامع دون ما حوله، فلما أصبح قص رؤياه فقيل له : أبشر بقبول الجامع، لأن النار كانت في الزمان الماضي إذا قبل الله قربانا نزلت من السماء أخذته، مثلما قص علينا القرآن في قصة قابيل وهابيل.
أعمدة مرصعة بالنقوش
مصمم الجامع.. نصراني!
كان مصمم الجامع نصرانيا من أهل مصر يدعى: سعيد بن كاتب الفرغانى، كان من المشهود لهم في الهندسة المعمارية في ذلك الوقت. بنى للأمير أحمد بن طولون عين ماء ، لكن لأمر ما غضب عليه بن طولون وقذف به في "المطبق" – أحد السجون المرعبة التي شهدتها مصر في عهد بن طولون، حتى قيل أنه شهد وفاة أكثر من 18 ألف إنسان !!
وحينما أراد بن طولون بناء مسجده قدر له 300 عمود ، وقيل له ما تجدها إلا بالاستيلاء علي أعمدة الكنائس في الأرياف والضياع الخراب. رفض بن طولون الفكرة وتعذب قلبه بالفكر في أمره، فبلغ سعيد بن كاتب الفرغانى الأمر فأرسل إلي بن طولون أنه يستطيع أن يبنيه كما يريد الأمير.
خرج الفرغاني من السجن وقد طال شعره حتى نزل علي وجهه، فقال بن طولون: ويحك ما تقول في بناء الجامع؟، فقال: أنا أصوره للأمير حتى يراه عيانا بلا عمد إلا عمودي القبلة.. فأمر بن طولون بأن تحضر له الجلود فصوره له فأعجبه واستحسنه وأطلقه، وخصص له ميزانية تقدر بـ 100 ألف دينار لبناء الجامع.. وحينما فرغ من البناء كما صوره عفي عنه بن طولون، وأمر له بعشرة آلاف دينار، وأجري عليه الرزق الواسع إلي أن مات.
لوحة تظهر ترميمات الجامع
المحراب
محراب الجامع
جامع الأمير صرغمتش
جانب الجامع
القاهرة من مئذنة ابن طولون
السبت يوليو 27, 2019 4:19 am من طرف طلعت شرموخ
» كنوز الفراعنه
السبت مايو 18, 2019 1:00 am من طرف طلعت شرموخ
» الثقب الاسود
السبت أبريل 13, 2019 1:22 am من طرف طلعت شرموخ
» طفل بطل
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:15 am من طرف طلعت شرموخ
» دكتور زاكي الدين احمد حسين
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:12 am من طرف طلعت شرموخ
» البطل عبدالرؤوف عمران
الإثنين أبريل 01, 2019 9:17 pm من طرف طلعت شرموخ
» نماذج مشرفه من الجيش المصري
الإثنين أبريل 01, 2019 9:12 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» دجاجة القاضي
الخميس فبراير 28, 2019 5:34 am من طرف طلعت شرموخ
» اخلاق رسول الله
الأربعاء فبراير 27, 2019 1:50 pm من طرف طلعت شرموخ
» يوم العبور في يوم اللا عبور
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:59 pm من طرف طلعت شرموخ
» من اروع ما قرات عن السجود
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:31 pm من طرف طلعت شرموخ
» قصه وعبره
الأربعاء فبراير 20, 2019 11:12 am من طرف طلعت شرموخ
» كيف تصنع شعب غبي
الخميس فبراير 14, 2019 12:55 pm من طرف طلعت شرموخ