أحداث العمرانية الدامية.. تؤزم موقف الوطني قبيل الانتخابات

شهدت منطقة العمرانية أحداثا دامية على مدار الأيام الثلاثة الماضية، وبلعت ذروتها الأربعاء الماضي بعد وقوع اشتباكات عنيفة بين مئات المسيحيين وقوات الأمن على خلفية منع عمليات البناء في كنيسة العذراء والملاك ميخائيل بالعمرانية.ووضعت الاحداث الأخيرة الحزب الوطني الديموقراطي في أزمة حقيقية قبيل انتخابات مجلس الشعب المقرر اجراءها الأحد، حيث دعى نجيب جبرائيل، مستشار البابا شنودة الثالث المسيحيين الى عدم اعطاء أصواتهم للحزب الوطني ومقاطعة انتخابات مجلس الشعب القادمة ردا على أحداث كنيسة العمرانية.وقال جبرائيل: "اننا نطالب الاقباط ردا على هذه "المجزرة" التي تسبب فيها رئيس حي العمرانية بمقاطعة الانتخابات وتعليق عضوية مصر في مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة".واتهم جبرائيل رئيس حي العمرانية باصطناع فتنة طائفية بين المسلمين والمسيحيين، مشيرا الى ان رئيس حي العمرانية حرض الامن على اجتياح الكنيسة ودور العبادة.وتأتي احداث الأربعاء بعد تجمهر مئات المسيحيين على مدار ثلاثة أيام متوالية أمام مبني الخدمات التابع لطائفة الأقباط الأرثوذكس والكائن بشارع الإخلاص المطل على الطريق الدائري بمنطقة العمرانية في محافظة الجيزة في محاولة منهم لاستكمال أعمال البناء لمبنى الخدمات وتحويله إلى مبنى كنسي بالرغم من عدم الحصول على الترخيص النهائي الخاص باستكمال البناء نظرا لوجود مخالفات هندسية عديدة في مقدمتها تشييد "قباب" بالمبنى تمهيدا لتحويله إلى مبنى كنسي لممارسة الشعائر الدينية به بالمخالفة لما هو مثبت في أعمال البناء من كونه مبنى مخصص للخدمات.شاهد الفيديوالأقباط والأمن

وعندما تصدت قوات الأمن بالمنع لسيارات نقل محملة بمواد البناء، ثار المسيحيون وقاموا برشق قوات الأمن بالحجارة وزجاجات المولوتوف، مما اضطر الأمن بالرد عليه بالقنابل المسيلة للدموع والهراوت، إلا أن هذا لم يمنعهم من التمادي في اعمال الشغب، حيث توجه المسيحيون الغاضبون إلى الطريق الدائري، وقاموا بقطعه والنوم على الاسفلت، مما أدى إلى توقف الحركة المرورية بشكل كامل.وفي المقابل، صعدت قوات الامن من ردها على المحتجين، حيث استخدمت القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي لتفريقهم، كما قامت بضبط أعداد كبيرة من مثيري الشغب وصل عددهم إلى 157 مسيحيا.ولم تقف الأحداث عند هذا الحد بل تجددت الاشتباكات مرة أخرى في شارع الهرم أمام مبنى محافظة الجيزة، بين الجانبين حيث تم تحطيم عدد من السيارات واتلاف بعض الممتلكات مما تسبب فى ذعر المواطنين وتوقف الدراسة في المدارس القريبة من المحافظة وحدوث شلل مروري بالشارع و الطريق الدائري.وتجمع حوالى 3 ألاف قبطى بصحبة أحد القساوسة محاولين اقتحام مقر محافظة الجيزة حيث قاموا بقذف المبنى بالحجارة والأبنية السكنية المجاورة وإشارات المرور وقطع المرور بشارع الهرم، غير أن قيادات الأمن نجحت في احتواء الجموع الغاضبة وإقناعهم بعدم المضي قدما في الاعتداءات وصرفهم بالتنسيق مع قيادات البطريركية الأرثوذكسية.وأصيب في أحداث الأربعاء الدامية ما يقرب من 35 مصابا من بينهم 13 من اجهزة الامن والباقى من المواطنين، كما توفى اثنين الأول يدعى ماتريوس جاد شكري (19 عاما) من سوهاج كان وصل الأربعاء إلى مستشفى ام المصريين جثة هامدة، أما الثاني فتوفي الجمعة ويدعى ميلاد ملاك ميخائيل سليمان، متأثرا بطلق ناري في البطن حيث لفظ الضحية أنفاسه الأخيرة داخل مستشفى الهرم متأثرا بإصابته.شاهد الفيديوالأقباط والأمن

ومن بين المصابين من رجال الشرطة كلا من اللواء محمد مصطفى عبد العال نائب مدير أمن الجيزة واللواء ماهر كامل محمود مدير إدارة الأمن المركزى بالجيزة واللواء شعيب صيام بالأمن المركزى واللواء هشام يوسف بالدفاع المدنى واللواء محمد الطوخى بمرور الجيزة والرائد علاء عبد الوهاب كما إصيب 15 مجندا آخرين من بينهم نبيل مجدى وأحمد ثابت وعبد الرحمن محمد وتم نقلهم إلى مستشفيات أم المصريين والعمرانية والهرم والشرطة لتلقى العلاج.وعقب هذه الأحداث كلف المستشار عبد المجيد محمود النائب العام بتشكيل فريق من النيابة العامة لمتابعة الاحداث العنيفة بين المسيحين الغاضبين وقوات الامن، حيث قام المستشار مجاهد على مجاهد المحامى العام لجنوب الجيزة بتشكيل فريق كبير من نيابتى العمرانية وجنوب الجيزة بالانتقال الى مكان الحادث للمعاينة والتحقيق.وبعد التحقيق مع المتهمين في أحداث الشغب قررت نيابة جنوب الجيزة الكلية الخميس حبس المتهمين في أحداث الشغب والعنف التي شهدتها منطقة العمرانية الأربعاء، على خلفية صدور قرار بإيقاف البناء في كنيسة العذراء والملاك ميخائيل بالعمرانية، 15 يوما على ذمة التحقيقات.وتبادل كل من أفراد الشرطة المصابين، والمتهمين المسيحيين -وعددهم 157- الاتهامات، حيث قال المتهمون أن قوات الشرطة هي التي اعتدت عليهم وأصابتهم بجروح، في حين قال المصابين من أفراد الشرطة أن المتهمين المسيحيين هم من رشقوهم بالحجارة وزجاجات المولوتوف.وقال المتهمون إنهم لا يعرفون شيئا عن الموضوع، وانهم قبض عليهم بشكل عشوائي أثناء سيرهم في موقع الأحداث.ووجهت النيابة إلى المتهمين عدة اتهامات من بينها التجمهر بغرض منع وتعطيل القوانين واللوائح، التعدي على القائمين بتنفيذ القوانين، احراز عبوات مفرقعة وزجاجات مولتوف دون ترخيص، التخريب العمدي للممتلكات العامة والخاصة بغرض الإرهاب، تعطيل سير المواصلات العامة والخاصة وقطع الطريق، التأثير على السلطات العامة باستخدام القوة، إحراز أسلحة بيضاء دون ترخيص، الشروع في قتل عدد من أفراد الشرطة، وسرقة منقولات خاصة بسيارات الأمن المركزي.على صعيد متصل ألقت قوات الأمن الخميس القبض على 3 من الأقباط حاولوا إثارة الشغب مرة أخرى عند الكنيسة المخالفة، حيث ألقوا الحجارة على قوات الشرطة واشتبكوا معها، وبهذا يرتفع عدد الاقباط الذين تم إلقاء القبض عليهم إلى 159 شخصا.ووسط حراسة أمنية مشددة، شارك أكثر من 5 آلاف مسلم ومسيحي في تشييع جنازة ماتريوس جاد شكري ''19 سنة'' الضحية الأولى الذي لقي حتفه خلال الأحداث الدامية التي جرت صباح الأربعاء بالعمرانية؛ وذلك في مسقط رأسه بقرية الجرجة التابعة لمركز البلينا بسوهاج.وطوقت أجهزة الأمن الجنازة، وكثفت من وجودها أما الكنائس والأديرة تحسباً لحدوث وقفات احتجاجية.وقال بعض المسيحيين في سوهاج إنه سينظمون وقفات أمام الأديرة والكنائس تضامناً مع مسيحيي الجيزة يوم الأحد المقبل، بالتزامن مع إجراء انتخابات مجلس الشعب.وفي أول ظهور له عقب التظاهرات التي وقعت صبيحة العظة الأسبوعية له، لم يتطرق البابا شنودة إلى تلك الأحداث، مفضلاً الحديث عن مصادمات بين مسلمين ومسيحيين وقعت منذ نحو أسبوعين في محافظة قنا جنوب الصعيد، ودعا المسؤولين إلى صرف تعويضات مادية للمتضررين من الأقباط، متهماً الأمن بغض الطرف عن التدمير الذي تعرضت له تلك ممتلكاتهم، وقال "يعني إيه يتحرق 20 بيت في منطقة النواهض بقنا فين رجال الأمن؟".وحاول عدد من الأقباط المتضررين من أحداث العمرانية وقرية أبوتشت في قنا، الحديث خلال العظة ورددوا عبارات سرعان ما تمت السيطرة عليها وعلى اللافتات التي أخرجوها من ملابسهم ورفعوها إلا أن الأمن سرعان ما سيطر على الموقف وقال البابا "من يريد أن يتحدث عما يعانيه ويطالب بأي شيء عليه أن يكتب ذلك ليصلني وأتعامل معه بالحكمة اللازمة، ولكن الصوت العالي والشغب لن يفيد ويضر بل يضرني أنا شخصيا".وجاء الموقف الرسمي للحزب الوطني عبر بيان شديد اللهجة صدر الخميس، كشف النقاب عن غضب تجاه جهات كنسية وان لم يسمها البيان، الذي اعتبر أحداث العمرانية التي وقعت صباح الاربعاء، "مبيتة ومخططة".واوضح الأمين العام للحزب صفوت الشريف في البيان، إن الحزب الوطني "يرى أن ذلك كله ليس مبررا لارتكاب أعمال عنف مبيتة ومخططة انتهت باعتداء على رجال الأمن والخروج على القانون الواجب احترامه والشرعية".وأكد أن أحداث العنف التي شهدتها محافظة الجيزة بين قوات الأمن ومتظاهرين أقباط، صباح الأربعاء "ناتجة عن سوء فهم وغياب الحقائق وشحن غير مرغوب فيه، في ظل اختفاء صوت العقل والحكمة".ومن جهته اتهم الدكتور مصطفى الفقي، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشورى، جهاز الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) وجهات أجنبية فى إشعال حوادث الفتنة الطائفية المتوالية التي تشهدها مصر على مدار الفترة الماضية، وكان آخرها المصادمات العنيفة التي وقعت الأربعاء.وقال القيادي في الحزب الوطني مصطفى الفقي خلال لقاء بجامعة عين شمس، "إنه من الواضح جدا أن أصابع أجنبية تعبث بمقدرات الوطن وتستغل فترة الانتخابات لتنفيذ مخططها فى زعزعة أمن واستقرار مصر، ومن شبه المؤكد تورط جهاز الموساد في تلك الأحداث، بعد اعتراف مدير الجهاز الإسرائيلي بمسؤولية جهازه بلعب دور محوري لتأليب جنوب السودان والدول الأفريقية ضد مصر".وقال الفقي الذي عمل مستشاراً لرئاسة الجمهورية إن "البلاد تشهد أحداثًا خطيرة لا يمكن ان تكون إلا بضلوع جهات خارجية وإسرائيلية في المقام الأول، ولم يستثن الفقي دورا لجهات داخلية تقوم بتحريض وشحن وتعبئة الشعب ضد النظام والدولة بشكل مستمر وتستقوي بالولايات المتحدة، التي تصدر كل فترة تقارير تتحدث عن اضطهاد لحقوق الإنسان والأقليات، وتسعى لضرورة فرض ديمقراطية لم نكن نسمع عنها في فترة انتهاكات حقوق الإنسان التي شهدتها مصر في عهد الرئيس جمال عبد الناصر أو الاعتقالات الكبرى التي شهدها عهد السادات".اقرأ ايضا:الإعلان عن الوفاة الثانية لأحد المصابين بأحداث العمرانية متأثراً بجراحه