هكذا كان أبتي رحمه الله
الحاج صلاح حسانين - رحمه الله
الحاج صلاح حسانين - رحمه الله
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، وبعد ....
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله. قيل : كيف يستعمله؟ قال : يوفِّقه لعمل صالح قبل الموت ثم يقبضه عليه" رواه أحمد والترمذي وابن حبان والحاكم عن أنس كما في صحيح الجامع رقم: 305
من الناس صنف كالهواء يملأ "الفراغ" من حولنا، و"ينتشر" بيننا موزِّعا نسماته وبركاته على كل من يمر به، سجية في النفس وطبعا لا تكلف فيه، وكما لا نستشعر أهمية الهواء حتى نفقده، وعندها يصيبنا الاختناق ونشعر بالألم، فكذلك هذا النوع الفريد من البشر نحس أن أرواحنا أصابها لون من ألوان الموت حين نفقده، فلا يعود هناك ما نستنشقه من عبير كلماته وعطر أفعاله، ولا أدري ما سبب عدم إحساسنا بقيمة هذا الجيل الذي يتوازن بهم الكون فلا يضطرب، ويرحم الله بهم عباده فلا ينزل بهم العذاب ؟!
أهي النفس الجحودة التي لا تدرك النعمة إلا بعد فقدها أم هو النسيان المغروس في طبيعة البشر أم هي أعباء الدنيا المتراكمة تلقي غشاوتها على القلوب والأبصار، أم هذه الثلاثة مجتمعة؟
"مقتبس من د/خالد أبو شادي "
أحسب من هؤلاء الأفذاذ والله حسيبه : أبتي الحبيب " صلاح حسانين عبدالله " وإن كان أبي لم يرتبط بسلك الدعاة تنظيمياً – لظروفٍ بعينها – إلا أنه ارتبط بفكرة الإسلام فكرا وخلقا وسلوكا ؛ بل كان يدفعنا دفعاً لحياة الدعاة وفتح باب دارنا لهم في أي وقت من صباح ومساء ،وإنني إذ أكتب ناعيا له لا يفوتني أن أطوف ببعض صفاته لتأخذ منها الأجيال العبرة والخلق بإذن الله تعالى :
1-رجل من أهل الجنة :
قال - صلى الله عليه وسلم - " والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا " رواه مسلم
وهو والله كان من هذا الصنف الذي يحب ولا يكره ؛ حتى أنه كانت تحدث له مشكلة مع فلان أو علان فنأخذ نحن منهم موقفا فيقول لي " يا ولدي خلي قلبك نضيف " .
2- رجل محب للصلاة :
كان حريصاً على الصلاة يؤديها بسننها القبلية والبعدية ، لا تفوته صلاة الوتر يوماً وكان يقوم بإيقاظي لأداء صلاة الفجر ؛ حتى في مرضه الأخير ما ترك صلاته قط .
وكان أعجب ما رأينا منه وهو في لحظاته الأخيرة – قبل موته بيوم – كان في غيبوبة تامة فاقداً للنطق وأجلسناه لنطعمه شيئا أو نسقيه ولم نجد أي استجابة وإذا به فجأة يؤمي برأسه على يديه مرتين ثم يلتفت برأسه يمينا قائلا " السلام عليكم ورحمة الله " ويلتفت يساراً " السلام عليكم ورحمة الله "ثم ذهب في شبه غيبوبة انتهت بوفاته.
3- وله مع القرآن حال :
منذ خمس عشرة سنة وما رأيته ترك ورده القرآني مرة واحدة ، فكانت له ختمة كل شهر لا يتجاوزه ، وكان إذا انتهى من تلاوة جزئه كل يوم دندن بأسماء الله الحسنى والذي يحفظها عن ظهر قلب .
4- ومن الذاكرين :
فقد كان له مع الذكر أمر عجيب ، فقد كان يأخذ مسبحته ليلا ويغلق حجرة الضيوف عليه ويظل يذكر بالساعة والساعتين لا يكل ولا يمل وهكذا كان عهده بالذكر .
5- لا يخشى إلا الله :
كان دائماً لا يبالي بأحد أو يخشاه ، ووالله لا أنسى موقفاً حدث معي وأنا في الصف الأول الثانوي عندما خوفتني إدارة المدرسة بالأمن إن لم أكفّ عن تعليق المجلات وعمل الخير ،فانتابني بعض الخوف وذهبت إلى البيت وأخبرته ؛ فقال لي كلمة كان لها تأثير شديد في حياتي : "لو خفت مش هاعتبرك رجل ، واللي يعمل مع ربنا ميخافش من مخلوق! " .
6- عزة نفس :
وكان يمتاز بعزة نفس قلما تجد لها مثيل ؛ حتى أنه في مرضه الأخير كان يرفض أن يتبول في غير دورة المياه ويحبس بولته حتى تستطيع قدماه أن ترفعاه ليدخل دورة المياه ؛ بل ويؤثر الحركة بنفسه حتى وإن أدت إلى كثير من الصدمات حتى لا يتعب أحداً معه .
7- تواضع جم :
وهذا يعرفه كل من تعامل معه ، فكان يسلي الجميع ويدخل الفرحة على قلوبهم ( الكبار – الأطفال – بائع الخضار – الترزي – الحمال – السائق ...... إلخ ) حتى أنني كنت أرجع البيت فأجد بعض إخواني قد جاءوا لزيارتي وينتظروني منذ أكثر من ساعة مع أبتي يسامرهم بحديثه – وكأنه صاحبهم – فلا يشعرون بغربة .
وأذكر له وأنا في الخامسة من عمري – منذ عشرين عاما تقريبا – وكان يصنع مائدة للفقراء فيجلس يأكل معهم وكنت أتافف من هذا – في وقتها سامحني الله – ويمسك باللقمة يضعها في فمهم غير متعال عليهم .
8- بار بوالديه :
والله ما رأيت أحداً يبر أبويه مثله حتى أنني كنت أحاول تقليد ما يفعله معهم بفعله معه فلا أستطيع ؛ حتى رأيته على كبر سنه – وهو ابن التاسعة والخمسين – إذا دخل على أمه لا يجلس حتى يقبل يديها ، وما رفع صوته عليها قط !!!.
9- واصل رحمه :
ما قرأت عن أحد يعرف كل أهله وأهل زوجته سوى الإمام البنا – رحمه الله – وثانيهما أبي الذي كان يصل كل أهله ؛ بل وأهل زوجته ، يواسي الكبير ، ويهادي الصغير ؛ حتى رأينا دموع الأطفال في جنازته تسبق دموع الكبار .
10- صبور :
وأظن هذه أشهر صفة في رجل لازمته الابتلاءات والأزمات خمس عشرة سنة ولم ينكسر أو يجزع – وإن اعتورته بعض لحظات الضعف كطبيعة البشر – إلا أنه ظل صابراً محتسباً ، ولا أنسى قبل موته بعشرة أيام عندما دخل للغسيل الكلوي أول مرة - وكان رافضا الغسيل تماما – فلما رجوناه وقف عند باب غرفة الغسيل ورفع نظره إلى السماء قائلا " اللهم لا اعتراض " بكل هذا التسليم لله مما جعل دموع من حوله تسيل من رنين كلمته في القلوب والأذان .
11- وخاتمة بشهادة :
روى البخاري (2829) ومسلم (1914) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (الشهداء خمسة : المطعون والمبطون والغرِق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله ). فكان سبب موته مرض بطنه ليلقى الله – إن شاء الله – شهيداً راضياً مرضياَ .
شهادات بحقه
1-الحاج عبد الجواد محمد إبراهيم أحد الرعيل الأول للإخوان المسلمين كان يقول :" لو كل الناس زي الرجل ده كانت البشرية كلها تأكل من طبق واحد "
2- الأستاذ مدثر محمد إبراهيم أحد قيادات الإخوان بمركز القوصية يقول :
" الحاج / صلاح مدرسة في الصبر " .
3- الحاج درويش أحمد نجيب أحد قيادات الإخوان بأسيوط يقول :
" الرجل الذي يتمتع بحسن الخلق والسمعة الطيبة " .
4- الدكتور أسامة مدثر أحد قيادات الإخوان بمركز القوصية يقول :
" الرجل الطيب الذي يحب الصالحين ومجالسة الصالحين ومعاونة الصالحين وفتح بيته للصالحين والدفع بأبنائه مع الصالحين " .
5- بعض أهله وأحبابه يقولون :
" الرجل الذي جاء بعد زمنه ، فزمننا لا يعرف مثل هذه الطيبة !! "
فرحمك الله يا أبتي على ما غرست فينا من قيم وما علمته لنا من آداب ، وأرجو أن تسامحنا على كل تقصير منا في حقك ؛ فقد قصرنا في حقك كثيرا ولم نوفك حقك فغفر الله لنا .
أبتي ما أصعب الفراق ! ، وما أشد ألمه ! ولكننا لا نملك إلا التفويض والتسليم ؛ قائلين " والله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراقك يا أبتي لمحزنون لمحزنون ، ولكننا لا نقول إلا ما يرضي ربنا إنا لله وإنا إليه راجعون " .
وفي ختام كلمتي نتحمل عنك – أبتي الحبيب – كل دين في رقبتك أنا وإخوتي سائلين الله العون على السداد .
اللهم اغفر له وارحمه ، اللهم ألحقه بالصالحين ، وارفع درجته في المهديين ، واحشره مع النبي الكريم ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .ـ
السبت يوليو 27, 2019 4:19 am من طرف طلعت شرموخ
» كنوز الفراعنه
السبت مايو 18, 2019 1:00 am من طرف طلعت شرموخ
» الثقب الاسود
السبت أبريل 13, 2019 1:22 am من طرف طلعت شرموخ
» طفل بطل
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:15 am من طرف طلعت شرموخ
» دكتور زاكي الدين احمد حسين
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:12 am من طرف طلعت شرموخ
» البطل عبدالرؤوف عمران
الإثنين أبريل 01, 2019 9:17 pm من طرف طلعت شرموخ
» نماذج مشرفه من الجيش المصري
الإثنين أبريل 01, 2019 9:12 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» دجاجة القاضي
الخميس فبراير 28, 2019 5:34 am من طرف طلعت شرموخ
» اخلاق رسول الله
الأربعاء فبراير 27, 2019 1:50 pm من طرف طلعت شرموخ
» يوم العبور في يوم اللا عبور
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:59 pm من طرف طلعت شرموخ
» من اروع ما قرات عن السجود
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:31 pm من طرف طلعت شرموخ
» قصه وعبره
الأربعاء فبراير 20, 2019 11:12 am من طرف طلعت شرموخ
» كيف تصنع شعب غبي
الخميس فبراير 14, 2019 12:55 pm من طرف طلعت شرموخ