يعتبرتخطيط وإنشاء المدن الإسلامية من الأعمال العمرانية المهمة التي قام بها عمرو، لقدكان الهدف من إنشاء هذه المدن من أجل جند المسلمين وعائلاتهم في المناطق المفتوحة؛ليكون الجند فيها مستعدين دائمًا للجهاد في سبيل الله، وللدفاع عن حدود الدولةالجديدة، ونقطة انطلاق عسكري لأي توسع إسلامي. وكان المسلمون قبل إنشاء المدنيقيمون بمساكن من القصب، فكانوا إذا غزوا نزعوا ذلك القصب وحزموه ووضعوه حتىيرجعوا من الغزو، وإذا رجعوا أعادوا بناءه، فلم تزل الحال كذلك حتى كانت أوامرأمير المؤمنين ببناء المدن. وإذاما بحثنا في تاريخ العرب المسلمين نرى أنهم حين خرجوا من شبه الجزيرة العربيةفاتحين ورجال دعوة للدين الإسلامي، وبناة حضارة جديدة، كانوا قد تعودوا علىالاستقرار في المدن كمكة والمدينة، ناهيك عن إقامتهم في المدن التي كانت قائمة فيجنوبي الجزيرة العربية منذ الألف الثاني قبل الميلاد، وحضارات عرب سوريا قبلالإسلام كالأنباط والتدمريين والغساسنة واللخميين. لذلكيمكننا القول: إن العرب المسلمين حينما خرجوا فاتحين كانوا مهيئين لهذه النقلةالتاريخية من طور البداوة إلى طور الحضارة، وهذا ما جسده بناء البصرة والكوفة، ثمالفسطاط في عهد الخليفة عمر بن الخطاب. وفيذلك نقول: إن الدعوة الإسلامية أحدثت ثورة دينية، وسياسية، واقتصادية؛ فقد تجاوزالإسلام بالعرب الحدود القبلية، ثم وحدهم بحروب الردة في نطاق أمة واحدة، ودفعهمإلى الجهاد فأخرجهم من مواطنهم إلى آفاق جغرافية جديدة، ولم يعد المتتبع لسير حركةالفتوح يرى فيهم جماعات متعددة، وإنما يرى جماعة واحدة، تملأ عقيدتها ما كان بينهامن فراغ. وقدأُنشِئَتِ البصرة سنة 15هـ، والكوفة سنة 17هـ، والفسطاط سنة 21هـ. إنشاء الفسطاط
تقع الفسطاط في إقليممصر على ساحل النيل في طرفه الشمالي الشرقي، قبل القاهرة بحوالي ميلين، وكان النيلعندها ينقسم إلى قسمين، وموضعها كان فضاءً ومزارعَ بين النيل والجبل الشرقي، ليسفيه من البناء والعمارة سوى حصن بابليون الذي يطل على النيل من بابه الغربي الذييعرف بباب الحديد، واستفادت الفسطاط من موقعها على النيل بنتيجتين: فقديسر النيل للأهالي سبل الحصول على الماء من جهة، وخدم توسعها العمراني من جهةثانية، فتحكمت بطرق المواصلات التجارية الداخلية والخارجية بين مصر والشام، وبينمصر والحجاز. وقداكتشف هذا الموقع الإستراتيجي الفراعنة والبابليون والرومان، فاتخذ منه الفراعنةمكانًا لمدينة كبيرة، جعلها البابليون مكانًا لاستقرارهم عند نزولهم في مصر، ثماتخذه الرومان مقرًّا لدفاعهم يصلون به الوجهين البحري والقبلي، ويدفعون منه كلمعتدٍ خارجي على مصر. والفسطاطمن حيث المناخ، تتبع المناخ شبه الصحراوي، فهي حارة نهارًا وباردة ليلاً، لاينزلها المطر إلا نادرًا، كما هو الحال في باقي إقليم مصر ما عدا الإسكندرية. وبعدالصلح سار المسلمون إلى الإسكندرية وعاونهم القبط في أعمالهم، ورحبوا بهم. وعندحصن الإسكندرية اقتتلوا قتالاً شديدًا، ثم تمَّ لهم فتحها بعد حصار دام بضعة أشهر،وقبل أهل مصر الصلح.وعليهنشير إلى أن عمرو بن العاص حينما عزم على التوجه إلى الإسكندرية، أمر بنزع فسطاطهالذي ضربه قرب حصن بابليون، فإذا فيه يمام قد فرخ فأقره كما هو. وحينمافتح المسلمون الإسكندرية أراد عمرو بن العاص اتخاذها عاصمة ودار هجرة للمسلمين،فكتب إلى عمر بن الخطاب يستأذنه في ذلك، فسأل عمر رسول عمرو بن العاص: "هليحول بيني وبين المسلمين الماء؟" فأجابه: نعم. فكتبعمر إلى ابن العاص أن يرحل عن هذا المكان؛ لأنه لا يريد أن يحول بينه وبينالمسلمين الماء، لا في الصيف ولا في الشتاء. فتحولعمرو بن العاص إلى موضع فسطاطه القديم، وذلك حينما استشار أصحابه أين ينزلون،فأشاروا عليه بالنزول في هذا الموضع، وكان مضروبًا في موضح الدار التي تعرف بدارالحصى عند دار عمرو الصغرى، ثم انضمت إليه القبائل وتنافست في المواضع، واختط عمروالمسجد الجامع الذي عرف بتاج الجوامع، وكان حوله حدائق وأعناب، وقام عمرو بنصبالحبال مع أصحابه حتى استقامت، وقد اشترك في وضع قبلة المسجد من ثمانين صحابيًّا،واتخذوا فيه منبرًا، ثم اختط الناس بعد اختطاط المسجد الجامع، ونزل المسلمونالفسطاط بعد تمصيره سنة 21هـ. هذا،وقد أنزل عمرو بن العاص القبائل العربية بالفسطاط، وبعد أن اختط المسجد الجامع،بنى للخليفة عمر دارًا عند المسجد، فكتب إليه عمر قائلاً: "أنَّى لرجلبالحجاز تكون له دار بمصر؟!" وأمره أن يجعلها سوقًا للمسلمين، وتمَّ ما أرادهأمير المؤمنين، وأصبحت هذه الدار تسمى بدار البركة. وسَرْعانما اتخذت الفسطاط مظهر المدينة بجامعها الكبير، وبأسواقها التجارية التي أحاطت به،وبدور السكن التي ارتفعت بمرور الزمن إلى خمسة وسبعة أطباق، وعظم أمرها واغتنت،وكثر ساكنوها حتى قاربت ثلث بغداد مساحة، أي حوالي فرسخ على غاية الخصب والعمارةوالحضارة، وبقيت دار الإمارة حتى سقطت الدولة الأموية، وبنيت المعسكرات بظاهرها. وقدوُفِّقَ عمرو بن العاص في اختيار الموقع الإستراتيجي لبناء الفسطاط سياسيًّاوجغرافيًّا؛ فالموقع الذي ضرب عليه عمرو فسطاطه كان موضعًا لمدينة قديمة اندثرتثم ازدهرت ثانية مع دخول الإسلام لمصر، وإنما بنمط معماري جديد وبحياة وحضارةجديدتين، حتى أصبحت الفسطاط -مع هذا كله- مدينة جديدة زاهرة بكل ما يجعل شأنالعواصم كبيرًا. وكانذلك إيذانًا بدخول وادي النيل في الإسلام لتسطع من الفسطاط فيما بعد أنوار الحضارةالعربية الإسلامية وأنوار الدين الإسلامي، ولتصبح فيما بعد قاعدة الفتوح الإسلاميةفي المغرب. وعنسبب التسمية نشير إلى أن عمرو بن العاص كما يذكر الطبري، وبعد فتح حصن بابليونأراد رفع الفسطاط والمسير إلى الإسكندرية لإتمام فتح مصر، فإذا يمام قد فرخ فيأعلاه فتركه على حاله، وأوصى به صاحب الحصن والقصر. فلمافتح الإسكندرية وأراد الاستقرار بها نهاه عمر بن الخطاب عن ذلك، وأوصاه باختيارموضع وسط يتيسر الاتصال به، فلم يجد عمرو أنسب من اختيار الموقع الملاصق لحصنبابليون لحصانته وموقعه، وسأل أصحابه: أين تنزلون؟ قالوا:نرجع إلى موقع فسطاطه؛ لنكون على ماء وصحراء. فعاد إليها ومَصَّرَها وأقطعهاللقبائل التي معه، فنسبت المدينة إلى فسطاطه، فقيل: فسطاط عمرو. فالفسطاط على هذاالنحو معسكر أو مخيم أو بيت من الشَّعر. ويذكرابن قتيبة في كتابه عيون الأخبار أن العرب يقولون لكل مدينة: الفسطاط، ولذا سموامصر بالفسطاط، ويستشهد على ذلك بحديث للرسول رواه أبو هريرة، قال فيه: "عليكم بالجماعة؛ فإن يد الله علىالفسطاط" أي المدينة. تخطيط الفسطاط
وعنتخطيط المدينة العمراني نشير إلى أن أول بناء اختطه عمرو بن العاص في الفسطاط كانمسجده الجامع، وكان مسجدًا كبيرًا شريف القدر شهير الذكر، ثم بنى عمرو داره الكبرىعند باب المسجد، وكان يفصلها عن الجامع طريق، ثم اختط دارًا أخرى ملاصقة لها، وبنىحمام الفار (الذي سمي كذلك لصغر حجمه، قياسًا بحمامات الروم الضخمة)، واختطت قريشوالأنصار وأسلم وغفار وجهينة، ومن كان قد اشترك في جيش المسلمين حول المسجد الجامعودار عمرو. هذا،وكانت هذه الخطط في الفسطاط بمثابة الحارات في القاهرة، واختط خارجة بن حذافة غربيالمسجد، وبنى أول غرفة بمصر، والغرفة هي قاعة تعلو الدار وتطل على الطريق، وهيالتي أمره عمر بن الخطاب بهدمها؛ لكي لا يطلع على عورات جيرانه. أماالدار البيضاء التي استغرق بناؤها أربعين يومًا فاختطها عبد الرحمن بن عُدَيْسالبلوي، وبُنِيَتْ لمروان بن الحكم حين قدم إلى مصر، وكانت صحنًا وموقفًا لخيلالمسلمين بين المسجد ودار عمرو. وبنىعمرو بن العاص لبني سهم دار السلسلة الواقعة غربي المسجد، واختطت ثقيف في الركنالشرقي للمسجد الجامع، واختط أبو ذر الغفاري دار العمد ذات الحمام، واختطت همذانالجيزة، وحينما أخبر عَمرو عُمر بن الخطاب بذلك ساءه، وكتب إلى عمرو يقول: كيفرضيت أن تفرق عنك أصحابك؟! لم يكن ينبغي لك أن ترضى لأحد من أصحابك أن يكون بينكوبينهم بحر، لا تدري ما يفاجئهم، فلعلك لا تقدر على غياثهم حتى ينزل بهم ما تكره،فاجمعهم إليك، فإن أبوا عليك وأعجبهم موضعهم فابنِ عليهم من فَيْء المسلمين حصنًا. وحينمالم يرجعوا ومن والاهم من رهطهم كيافع وغيرها، بنى لهم عمرو الحصن سنة 22هـ. وكانيتوسط خطط الجيزة أرض فناء فسيحة، فلما قدمت الإمدادات زمن عثمان بن عفان، وفيمابعد ذلك، كثر الناس في هذه الأرض، وكثر بنيانها حتى التأمت خطط الجيزة، وأصبحتامتدادًا للفسطاط وأرضًا منها. وكثرتبالفسطاط الحارات والأزقة والدروب، التي تعتبر مظهرًا من مظاهر التوسع العمرانيوالازدهار الاقتصادي؛ يقول في ذلك جمال الدين الشيال اعتمادًا على حفريات الفسطاطلبهجت وعكوش: إنه كان يفصل بين منازل الفسطاط أنواع من الطرقات المختلفة الاتساعوالامتداد، فأكبرها لا يزيد عرضه عن ستة أمتار، وأضيقها لا يتجاوز مترًا ونصفالمتر، وكان يطلق عليها بنسبة عرضها أو اتساعها أو طولها أو اتصالها اسم حارة أو دربأو زقاق، وكانت تسمى بأسماء القبائل التي نزلت بها، أو باسم كبار العرب الذينسكنوها، أو بأسماء الحرف والصناعات، أو أنواع التجارة.المساجد: جامع عمرو
هو أول جامع أقيم فيمصر، ويعرف بالجامع العتيق، وكان موضعه جبانة، وعندما نزل المسلمون في مكانه حازموضعه قيسبة بن كلثوم التجيبي ونزله، وحينما رجع المسلمون من الإسكندرية إلى هذاالمكان، سأل عمرو قيسبة في منزله هذا أن يجعله مسجدًا، فتصدق به على المسلمين، فبُنِيَفي سنة 21هـ، وقد وقف على تحرير قبلته جمع كبير من جِلَّة الصحابة رضوان اللهعليهم، قال المقريزي: إنهم ثمانون رجلاً من أصحاب رسول الله ، منهم: الزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود، وعبادة بن الصامت،وأبو الدرداء، وأبو ذر الغفاري، وغيرهم رضي الله عنهم، وكان طوله خمسين ذراعًا فيعرض ثلاثين، ثم توالت الزيادات، إلى أن كانت سنة 212هـ، إذ أمر عبد الله بن طاهروالي مصر من قبل المأمون بتوسيعه، فزيد فيه مثله، وبذلك بلغت 5012 * 50120 مترًا. وكانتتقام فيه حلقات الدروس، بعضها للإرشاد، والآخر لدروس الفقه والحديث وعلوم القرآنوالأدب، فكان جامعة إسلامية ذاع ذكرها في الآفاق، وصار يقصدها الطلاب من الأقطارالمختلفة.ويرويابن إسحاق أن عَمرًا بنى بعد فتح الإسكندرية مسجدًا، كان لا يزال باقيًا إلى عصره.
تقع الفسطاط في إقليممصر على ساحل النيل في طرفه الشمالي الشرقي، قبل القاهرة بحوالي ميلين، وكان النيلعندها ينقسم إلى قسمين، وموضعها كان فضاءً ومزارعَ بين النيل والجبل الشرقي، ليسفيه من البناء والعمارة سوى حصن بابليون الذي يطل على النيل من بابه الغربي الذييعرف بباب الحديد، واستفادت الفسطاط من موقعها على النيل بنتيجتين: فقديسر النيل للأهالي سبل الحصول على الماء من جهة، وخدم توسعها العمراني من جهةثانية، فتحكمت بطرق المواصلات التجارية الداخلية والخارجية بين مصر والشام، وبينمصر والحجاز. وقداكتشف هذا الموقع الإستراتيجي الفراعنة والبابليون والرومان، فاتخذ منه الفراعنةمكانًا لمدينة كبيرة، جعلها البابليون مكانًا لاستقرارهم عند نزولهم في مصر، ثماتخذه الرومان مقرًّا لدفاعهم يصلون به الوجهين البحري والقبلي، ويدفعون منه كلمعتدٍ خارجي على مصر. والفسطاطمن حيث المناخ، تتبع المناخ شبه الصحراوي، فهي حارة نهارًا وباردة ليلاً، لاينزلها المطر إلا نادرًا، كما هو الحال في باقي إقليم مصر ما عدا الإسكندرية. وبعدالصلح سار المسلمون إلى الإسكندرية وعاونهم القبط في أعمالهم، ورحبوا بهم. وعندحصن الإسكندرية اقتتلوا قتالاً شديدًا، ثم تمَّ لهم فتحها بعد حصار دام بضعة أشهر،وقبل أهل مصر الصلح.وعليهنشير إلى أن عمرو بن العاص حينما عزم على التوجه إلى الإسكندرية، أمر بنزع فسطاطهالذي ضربه قرب حصن بابليون، فإذا فيه يمام قد فرخ فأقره كما هو. وحينمافتح المسلمون الإسكندرية أراد عمرو بن العاص اتخاذها عاصمة ودار هجرة للمسلمين،فكتب إلى عمر بن الخطاب يستأذنه في ذلك، فسأل عمر رسول عمرو بن العاص: "هليحول بيني وبين المسلمين الماء؟" فأجابه: نعم. فكتبعمر إلى ابن العاص أن يرحل عن هذا المكان؛ لأنه لا يريد أن يحول بينه وبينالمسلمين الماء، لا في الصيف ولا في الشتاء. فتحولعمرو بن العاص إلى موضع فسطاطه القديم، وذلك حينما استشار أصحابه أين ينزلون،فأشاروا عليه بالنزول في هذا الموضع، وكان مضروبًا في موضح الدار التي تعرف بدارالحصى عند دار عمرو الصغرى، ثم انضمت إليه القبائل وتنافست في المواضع، واختط عمروالمسجد الجامع الذي عرف بتاج الجوامع، وكان حوله حدائق وأعناب، وقام عمرو بنصبالحبال مع أصحابه حتى استقامت، وقد اشترك في وضع قبلة المسجد من ثمانين صحابيًّا،واتخذوا فيه منبرًا، ثم اختط الناس بعد اختطاط المسجد الجامع، ونزل المسلمونالفسطاط بعد تمصيره سنة 21هـ. هذا،وقد أنزل عمرو بن العاص القبائل العربية بالفسطاط، وبعد أن اختط المسجد الجامع،بنى للخليفة عمر دارًا عند المسجد، فكتب إليه عمر قائلاً: "أنَّى لرجلبالحجاز تكون له دار بمصر؟!" وأمره أن يجعلها سوقًا للمسلمين، وتمَّ ما أرادهأمير المؤمنين، وأصبحت هذه الدار تسمى بدار البركة. وسَرْعانما اتخذت الفسطاط مظهر المدينة بجامعها الكبير، وبأسواقها التجارية التي أحاطت به،وبدور السكن التي ارتفعت بمرور الزمن إلى خمسة وسبعة أطباق، وعظم أمرها واغتنت،وكثر ساكنوها حتى قاربت ثلث بغداد مساحة، أي حوالي فرسخ على غاية الخصب والعمارةوالحضارة، وبقيت دار الإمارة حتى سقطت الدولة الأموية، وبنيت المعسكرات بظاهرها. وقدوُفِّقَ عمرو بن العاص في اختيار الموقع الإستراتيجي لبناء الفسطاط سياسيًّاوجغرافيًّا؛ فالموقع الذي ضرب عليه عمرو فسطاطه كان موضعًا لمدينة قديمة اندثرتثم ازدهرت ثانية مع دخول الإسلام لمصر، وإنما بنمط معماري جديد وبحياة وحضارةجديدتين، حتى أصبحت الفسطاط -مع هذا كله- مدينة جديدة زاهرة بكل ما يجعل شأنالعواصم كبيرًا. وكانذلك إيذانًا بدخول وادي النيل في الإسلام لتسطع من الفسطاط فيما بعد أنوار الحضارةالعربية الإسلامية وأنوار الدين الإسلامي، ولتصبح فيما بعد قاعدة الفتوح الإسلاميةفي المغرب. وعنسبب التسمية نشير إلى أن عمرو بن العاص كما يذكر الطبري، وبعد فتح حصن بابليونأراد رفع الفسطاط والمسير إلى الإسكندرية لإتمام فتح مصر، فإذا يمام قد فرخ فيأعلاه فتركه على حاله، وأوصى به صاحب الحصن والقصر. فلمافتح الإسكندرية وأراد الاستقرار بها نهاه عمر بن الخطاب عن ذلك، وأوصاه باختيارموضع وسط يتيسر الاتصال به، فلم يجد عمرو أنسب من اختيار الموقع الملاصق لحصنبابليون لحصانته وموقعه، وسأل أصحابه: أين تنزلون؟ قالوا:نرجع إلى موقع فسطاطه؛ لنكون على ماء وصحراء. فعاد إليها ومَصَّرَها وأقطعهاللقبائل التي معه، فنسبت المدينة إلى فسطاطه، فقيل: فسطاط عمرو. فالفسطاط على هذاالنحو معسكر أو مخيم أو بيت من الشَّعر. ويذكرابن قتيبة في كتابه عيون الأخبار أن العرب يقولون لكل مدينة: الفسطاط، ولذا سموامصر بالفسطاط، ويستشهد على ذلك بحديث للرسول رواه أبو هريرة، قال فيه: "عليكم بالجماعة؛ فإن يد الله علىالفسطاط" أي المدينة. تخطيط الفسطاط
وعنتخطيط المدينة العمراني نشير إلى أن أول بناء اختطه عمرو بن العاص في الفسطاط كانمسجده الجامع، وكان مسجدًا كبيرًا شريف القدر شهير الذكر، ثم بنى عمرو داره الكبرىعند باب المسجد، وكان يفصلها عن الجامع طريق، ثم اختط دارًا أخرى ملاصقة لها، وبنىحمام الفار (الذي سمي كذلك لصغر حجمه، قياسًا بحمامات الروم الضخمة)، واختطت قريشوالأنصار وأسلم وغفار وجهينة، ومن كان قد اشترك في جيش المسلمين حول المسجد الجامعودار عمرو. هذا،وكانت هذه الخطط في الفسطاط بمثابة الحارات في القاهرة، واختط خارجة بن حذافة غربيالمسجد، وبنى أول غرفة بمصر، والغرفة هي قاعة تعلو الدار وتطل على الطريق، وهيالتي أمره عمر بن الخطاب بهدمها؛ لكي لا يطلع على عورات جيرانه. أماالدار البيضاء التي استغرق بناؤها أربعين يومًا فاختطها عبد الرحمن بن عُدَيْسالبلوي، وبُنِيَتْ لمروان بن الحكم حين قدم إلى مصر، وكانت صحنًا وموقفًا لخيلالمسلمين بين المسجد ودار عمرو. وبنىعمرو بن العاص لبني سهم دار السلسلة الواقعة غربي المسجد، واختطت ثقيف في الركنالشرقي للمسجد الجامع، واختط أبو ذر الغفاري دار العمد ذات الحمام، واختطت همذانالجيزة، وحينما أخبر عَمرو عُمر بن الخطاب بذلك ساءه، وكتب إلى عمرو يقول: كيفرضيت أن تفرق عنك أصحابك؟! لم يكن ينبغي لك أن ترضى لأحد من أصحابك أن يكون بينكوبينهم بحر، لا تدري ما يفاجئهم، فلعلك لا تقدر على غياثهم حتى ينزل بهم ما تكره،فاجمعهم إليك، فإن أبوا عليك وأعجبهم موضعهم فابنِ عليهم من فَيْء المسلمين حصنًا. وحينمالم يرجعوا ومن والاهم من رهطهم كيافع وغيرها، بنى لهم عمرو الحصن سنة 22هـ. وكانيتوسط خطط الجيزة أرض فناء فسيحة، فلما قدمت الإمدادات زمن عثمان بن عفان، وفيمابعد ذلك، كثر الناس في هذه الأرض، وكثر بنيانها حتى التأمت خطط الجيزة، وأصبحتامتدادًا للفسطاط وأرضًا منها. وكثرتبالفسطاط الحارات والأزقة والدروب، التي تعتبر مظهرًا من مظاهر التوسع العمرانيوالازدهار الاقتصادي؛ يقول في ذلك جمال الدين الشيال اعتمادًا على حفريات الفسطاطلبهجت وعكوش: إنه كان يفصل بين منازل الفسطاط أنواع من الطرقات المختلفة الاتساعوالامتداد، فأكبرها لا يزيد عرضه عن ستة أمتار، وأضيقها لا يتجاوز مترًا ونصفالمتر، وكان يطلق عليها بنسبة عرضها أو اتساعها أو طولها أو اتصالها اسم حارة أو دربأو زقاق، وكانت تسمى بأسماء القبائل التي نزلت بها، أو باسم كبار العرب الذينسكنوها، أو بأسماء الحرف والصناعات، أو أنواع التجارة.المساجد: جامع عمرو
هو أول جامع أقيم فيمصر، ويعرف بالجامع العتيق، وكان موضعه جبانة، وعندما نزل المسلمون في مكانه حازموضعه قيسبة بن كلثوم التجيبي ونزله، وحينما رجع المسلمون من الإسكندرية إلى هذاالمكان، سأل عمرو قيسبة في منزله هذا أن يجعله مسجدًا، فتصدق به على المسلمين، فبُنِيَفي سنة 21هـ، وقد وقف على تحرير قبلته جمع كبير من جِلَّة الصحابة رضوان اللهعليهم، قال المقريزي: إنهم ثمانون رجلاً من أصحاب رسول الله ، منهم: الزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود، وعبادة بن الصامت،وأبو الدرداء، وأبو ذر الغفاري، وغيرهم رضي الله عنهم، وكان طوله خمسين ذراعًا فيعرض ثلاثين، ثم توالت الزيادات، إلى أن كانت سنة 212هـ، إذ أمر عبد الله بن طاهروالي مصر من قبل المأمون بتوسيعه، فزيد فيه مثله، وبذلك بلغت 5012 * 50120 مترًا. وكانتتقام فيه حلقات الدروس، بعضها للإرشاد، والآخر لدروس الفقه والحديث وعلوم القرآنوالأدب، فكان جامعة إسلامية ذاع ذكرها في الآفاق، وصار يقصدها الطلاب من الأقطارالمختلفة.ويرويابن إسحاق أن عَمرًا بنى بعد فتح الإسكندرية مسجدًا، كان لا يزال باقيًا إلى عصره.
السبت يوليو 27, 2019 4:19 am من طرف طلعت شرموخ
» كنوز الفراعنه
السبت مايو 18, 2019 1:00 am من طرف طلعت شرموخ
» الثقب الاسود
السبت أبريل 13, 2019 1:22 am من طرف طلعت شرموخ
» طفل بطل
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:15 am من طرف طلعت شرموخ
» دكتور زاكي الدين احمد حسين
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:12 am من طرف طلعت شرموخ
» البطل عبدالرؤوف عمران
الإثنين أبريل 01, 2019 9:17 pm من طرف طلعت شرموخ
» نماذج مشرفه من الجيش المصري
الإثنين أبريل 01, 2019 9:12 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» دجاجة القاضي
الخميس فبراير 28, 2019 5:34 am من طرف طلعت شرموخ
» اخلاق رسول الله
الأربعاء فبراير 27, 2019 1:50 pm من طرف طلعت شرموخ
» يوم العبور في يوم اللا عبور
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:59 pm من طرف طلعت شرموخ
» من اروع ما قرات عن السجود
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:31 pm من طرف طلعت شرموخ
» قصه وعبره
الأربعاء فبراير 20, 2019 11:12 am من طرف طلعت شرموخ
» كيف تصنع شعب غبي
الخميس فبراير 14, 2019 12:55 pm من طرف طلعت شرموخ