فناء قبيلتين من العرب العاربة
(طسم )، و( جديس ) هما قبيلتان قديمتان من العرب العاربة0
وقد كانت ديار القبيلتين ( داخل المملكة العربية السعودية حالياً ) باليمامة، واسم اليمامة إذ ذاك ( جَؤ ) .
تنتمي قبيلة طسم إلي جدها : طسم بن لاوذ بن أرم بن سام بن نوح
وتنتمي قبيلة جديس إلي جدها : جديس بن عابر بن سام بن نوح
وفي
هذا الوقت من العصور القديمة كانت الأمطار غزيرة فوق أرض اليمامة ولذا
كانت بلاد اليمامة أفضل البلاد، وأكثرها خيراً، فيها صنوف الشجر والأعناب،
وهي حدائق ملتفة، وقصور مصطفة
ولكن تعرضت هاتان القبيلتان للإبادة ولذلك قصة معروفة في كتب التاريخ
هذه القصة حدثت منذ أكثر من آلاف السنين قبل التاريخ المكتوب
وتناقلها الرواة
ولابد أن يكون لها أساس من الحقيقة
ونرويها كما وردت
----------------------------------------
عملوق ملك طسم
كان
لطسم وجديس ملك واحد اسمه ( عملوق ) وهو من طسم وكان ظلوماً غشوماً،
لاينهاه شيء عن هواه، وكان له هوي في إصراره علي قهر قبيلة جديس واخماد
طموحاتها
وجاء يوم حضر إلي قصره امرأة من جديس، يُقال لها (
هُزَيلة بنت مازن ) ومعها رجل اسمه(ماشق ) كان زوجاً لها وفارقها ثم أراد
قبض ولده منها ليكون في حضانته وسط أهله فأبت المرأة عليه، فاتفقا أن يذهبا
معاً إلى الملك (عملوق ) ليحكم بينهما
فلما وقفا أمام عملوق قالت المرأة
أيها الملك، هذا الذي حملته تسعاً، ووضعته دفعاً، وأرضعته شفعاً، ولم أنل
منه نفعاً، حتى إذا تمت أوصاله، واستوفت خصاله، أراد أن يأخذه قسراً،
ويسلبنيه قهراً ويتركني منه صِفْراً!)
قال زوجها: (قد أخذت المهر كاملاً، ولم أنل منه نائلا، إلا ولداً خاملا، فافعل ما كنت فاعلاً)
فلم يحكم الملك عملوق بالولد لأي منهما وأمر أن يؤخذ الولد منهما ويجعل ضمن غلمانه
فخرجا من عنده نادمين
وقالت في ذلك هُزَيلة :
أتينا أخا طسمِ ليحكـم بـينـنـا --- فأبرم حكماً في هُزَيْلَة ظالـمـا
لعمري لقد حكمْتَ لا متـورعـا--- ولافهِماً عند الحكومة عالـمـا
ندمتُ فلم أقدرعلى متـزحـزح --- وأصبح زوجي حائر الرأي نادما
فبلغ
المَلِكَ شعر المرأة الجديسية الذي تتناقله المجالس ، فغضب وقرر إذلال
نساء جديس فأمر أن لا تتزوج امرأة من جديس فتزف إلى زوجها حتى تحمل إليه،
فيفترعها قبل زوجها
فلقوآ من ذلك ذلاً وصارت هذه عادة جديدة للملك ولم
تزل تلك حالتهم حتى تزوجت ( عفيرة بنت غفار الجديسي ) أخت ( الأسود بن غفار
)،وكان فيهم سيداً مطاعاً ولكن لم يقدر علي المخالفة للملك دون دعم قومه
وإلا قتله عملوق ؛ فلما كانت ليلة زفاف أخته إلى زوجها انطلق بها إلى عملوق
الملك ليطأها على عادته الجديدة، ومعها القَيْنَات يغنين ويقلن في غنائهن:
إبدِي بعملوق وَقُومِي فاركبي --
وَبَادرِي الصبح بأمر معجب --
فَمَا لِبِكْرٍ بَعدكُمْ مِنْ مذهب
فلما دخلت عفيرة على عملوق افترعها وخلى سبيلها،
فخرَجَتْ عفيرة غاضبة على قومها جديس تحرض قومها على طسم، وأبت أن تمضي إلى زوجها ومزقت ملابسها و كشفت عورتها وهي تقول:
لا أحد أفل منها جَدِيس -- أهكذا يفعل بالعروس؟.
ثم أنشدت وكانت شاعرة تقول : :
أيَصْلُح ما يؤتى إلى فـتـياتـكـم -- وأنتم رجال فيكم عـدد الـرمـل
أيَصْلُح تمشي في الدما فتـياتُـكـم -- صبيحة زُفَّت في النساء إلى البُعل
فإن أنتم لاتغضبـوا بـعـد هـذه -- فكونوا نساء لا تفروا من الكحـل
ودونكمٍ طيبَ العـروس؛فـإنـمـا --خلقتم لأثواب العروس وللغـسـل
فقبحا و شيكأ للذى لـيس دافـعـاً -- ويختال يمشي بيننا مشية الفـحل
فلو أننا كنا الـرجـال وكـنـتـم -- نساء لكنا لا نقـر عـلـى الـذل
فموتوا كرامأ، واصبروا لعـدوكـم --بحرب تَلظى في القرام من الجزل
ولاتجزعوا للحرب يا قوم، إنـمـا --تقوم بأقوام كرام عـلـى رِجْـل
فيهلك فيها كل نِـكْـسٍ مـواكـل -- ويسلم فيها ذو النجابة والفـضـل
وأنشد الأسود أخوها:
جَاءَتْ تَمَشَّى طَسْمُ في خميس -- كالريح في هشهشة اليبـيس
يا طَسْم مالقيت مـن جـديس -- حَقّا ًلك الويل فهيسي هيسي
----------------------------------------------
إبادة قبيلة طسم
------------------------
لما سمع رجال جديس ماقيل فيهم من عفيرة وأخيها اجتمع رجالها حزاني غاضبين،
فصاح فيهم الأسود بن غفار :
يا جديس، أطيعوني فيما آمركم به، وأدعوكم إليه، ففي ذلك عز الدهر، وذهاب الذل
قالوا: وما ذلك؟؟
قال:
قد علمتم أن هؤلاء- يعني طسماً- ليسو بأعز منكم، ولكن مُلْكَ صاحبهم عليكم
وعليهم وهو الذي يُذْعِننا إليه بالطاعة، ولولا ذلك ما كان له علينا من
فضل، ولو امتنعنا منه لكان لنا النصف
فقالوا: قد قبلنا قولك، ولكن القوم أقراننا، وأكثر عمداً وَعدداً مِنَا، فنخاف إن ظفروا بنا أن لا يقيلونا
فقال: واللّه يا جديس لتطيعنني فيما آمركم به وأدعوكم إليه أو لأتكئن على سيفي فأقتل به نفسي!
فتأثروا وقالوا: فإنا نطيعك فيما قد عزمت عليه0
قال:
إني صانع لعملوق وقومه من طسا طعاماً وداعيهم إليه، فإذا جاءوا إليه
متفضلين في الحلل والنعال نهضنا إليهم بأسيافنا، فانفردت أنا بالملك،
وانفرد كل رجل منكم برجل منهم
قالوا له: فافعل ما بدا لك
واجتمع رأيهم علي هذه المؤامرة الخطيرة
ثم إن عفيرة قالت لأخيها الأسود: لا تفعل هذا؛ فإن الغدر فيه ذلة وعار، ولكن كابدوا القوم في ديارهم تظفروا أو تموتوا كراماً
فكان رده عليها : لا، ولكن نمكر بهم، فيكون ذلك أمْكَنَ لنا من نواصيهم، وأبلغ في الانتقام منهم
ثم إن الأسود صنع طعاماً كثيراً، وأمر قومه فاخترطوا سيوفهم ودفنوها في الرمل حيث أعَدُوا الطعام
ثم قال لقومه:
إذا
أتاكم القوم يرفلون في حليهم فخذوا أسيافكم ثم شدوا عليهم قبل أن يأخذوا
مجالسهم وابدوا بالرؤساء؛ فإنكم إذا قتلتموهم لم تبالوا بالسَّفِلة، ولم
تكُن بعد ذلك منهم حال تكْرهونها
قالوا: نفعل ما قلت.
ثم دعا الأسود عملوق الطسمى لحضور الوليمة هو ومن معه من رؤساء طسم فأسرعوا بإجابة الدعوة 0
فلما
توافدوا إلى مكان الوليمة وثب فرسان جديس،وانتزعوا سيوفهم المخفية في
الرمال ، وشدوا بها على عملوق وأصحابه فقتلوهم حتى أفنوهم عن اخرهم، ثم
مضوا إلى ديار طسم فانتهبوها
وبعد انتهاء المذبحة قال الأسود بن غفار أشعاراً يرثي بها قبيلة طسم ويبرر مافعل وقومه ببغي طسم ومافعل عملوق بأخته
--------------------------------------------------------
رباح الطَّسْمي يستنجد بملك حمير للانتقام من جديس
--------------------------------------------------------
هرب من المذبحة رجل من طسم، وكان أسمه ( رباح بن مرة الطسمي )،آلمه إبادة قومه ولو بسبب خطايا عملوق
فقرر الاستغاثة وطلب الانصاف من ملك اليمن ( حسان بن تبع الحميري )
وخشي أن يرفض حسان التحرك بالجيش لبعد المسافة بين اليمن وبين ديار جديس
فعمد
رياح إلى جريدة نخل رطبة فجعل عليها طيناً رطباً، وحملها معه وأخرج معه
كلبة، فلما ورد على حسان كسر يَدَ كلبته، ونزع الطين عن الجريدة فخرجت
خضراء 0
ودخل إلى حسان واستعاذ به،
فقال له الملك: لله أبوك، فمن أين مبداك ؟
قال:
جئتك، أبيت اللعن من أرض قريبة وقوم انتهك منهم ما لم ينتهك من أحد، أنا
رباح بن مرة الطسمي، دعتنا جديس إلى مَدْعَاة لهم فأجبناهم متفضلين في
الحلل وقد أعدوا لنا السلاح عند جِفَانهم، فما ذُقْنَا الطعام حتى صرنا
حُطَاماً، بلا طلب دم ولا تِرَةٍ سلفت، فدونك- أبيت اللعن!- قومأ قطعوا
أرحامنا وسفكوا دماءنا
قال الملك حسان: أمعك خرجت هذه الجريدة وهذه الكلبة؟
قال: نعم
فقال الملك: إن كنت صادقاً لقد خرجت من أرض قريبة وأعدك بالنصرة 00
ثم نادى حسان بن تبع في سادة حمير بالمسير للحرب، وأعلمهم بما حدث من إبادة عرب طسم
قالوا: مَنْ فعلَ هذا أبيت اللعن ؟
قال: عبيدهم
قالوا: ما لنا في هذا من أرَبٍ، هم إخواننا فلا نعين بعضنا على بعض، وهم عبيدك أيها الملك فدعهم !
فقال حسان: ما هذا بحسن، أرأيتم لوكان هذا فيكم أكان حسناً لملككم أن يهدر دماءكم؟! وما علينا في الحكم إلا أننا ننصف بعضنا من بعض.
فقام فرسانهم فقالوا: أبيت اللعن الأمر أمرك، فمرنا بما أحببت
فأمرهم حسان بالمسير للحرب
------------------------------------------------
إبادة قبيلة جديس
سار فرسان اليمن بقيادة حسان بن تبع إلي أرض اليمامة وكان من سار بهم ليرشدهم لديار جديس هو ( رباح بن مرة)0-
وكان لرباح أخت تتميز بحدة الابصار لدرجة هائلة اسمها( يمامة بنت مرة )0 وكانت متزوجة من رجل من جديس0
فلما صار جيش اليمن على مسيرة ثلاث ليال من اليمامة قال رباح بن مرة للملك حسان:
"
أبيت اللعن إن لي أختاً متزوجة في جديس ليس في الأرض أبصر منها، إنها تبصر
الراكب على مسيرة ثلاث ليال، وأنا أخاف أن تنذر القوم بك، فلتأمر كل واحد
من أصحابك أن يقتلع شجرة من الأرض فيجعلها أمامه ثم يسير"
فأمر حسان جنوده بحمل الأشجار أثناء السير ، ففعلوا وكانوا وقتذاك أقوياء الأبدان فساروا يحملون الشجر
وكان اسم أخت رباح ( يمامة بنت مرة ) فأشرفت من منظرها فرأت الشجر يسير
فقالت: يا جديس، لقد سارت إليكم الشجر
قالوا لها: وما ذاك.
قالت: أرى أشجاراً تسير ووراءها شيء، وإني لأرى رجلاً من وراء شجرة ينهش كتفاً أو يخصف نعلا
فكذبوها، فغفلوا عن أخذ أهبة الحرب،
ففي ذلك تقول اليمامة لجديس تحفزهم:
إني أرى شجراً من خلفها بشـر -- فكَيْفَ تجتمع الأشجار و البشر.
ثورُوا بأجمعكمْ في وجه أولهـم --- فإن ذلك منكُمْ فاعلموا ظَـفَـر
ُ وأقبل الملك حسان بحمير، حتى إذا كان من جَؤ على مسيرة ليلة واحدة عبأ جيشه
ثم صًبَح البلدة فاستباح أهلها من قبيلة جديس فأفناهم قتلاً، وسبى نساءهم وصبيانهم
وهرب الأسود بن غفار ملكها حتى نزل بدار طيىء واستجار بالطائيين فأجاروه من الملك وغيره من غير أن يعرفوه
وللأن فإن سلالته في طيىء موجودة.
-----------------------------------------------------
تسمية اليمامة :
فلما
فرغ حسان من جديس دعا باليمامة بنت مرة، وكانت امرأة زرقاء وفية لقبيلة
جديس ، فأمر بنزع عينيها من محجريهما ونظر فيهما فإذا في داخلها عروق سود
!فسألها عن ذلك، فقالت: حجر أسود يقال له ( الإثمد ) كنت أكتحل به فنشب إلى بصري
ً ثم أمر الملك باليمامة، فصلبت على باب بلدة (جو)
ثم أمرهم بتسمية هذه البلدة ببلدة اليمامة
فسميت بها إلى اليوم.
وكانت اليمامة أول من أكتحل بالاثمد، فاتخذوه بعد ذلك كحلا
السبت يوليو 27, 2019 4:19 am من طرف طلعت شرموخ
» كنوز الفراعنه
السبت مايو 18, 2019 1:00 am من طرف طلعت شرموخ
» الثقب الاسود
السبت أبريل 13, 2019 1:22 am من طرف طلعت شرموخ
» طفل بطل
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:15 am من طرف طلعت شرموخ
» دكتور زاكي الدين احمد حسين
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:12 am من طرف طلعت شرموخ
» البطل عبدالرؤوف عمران
الإثنين أبريل 01, 2019 9:17 pm من طرف طلعت شرموخ
» نماذج مشرفه من الجيش المصري
الإثنين أبريل 01, 2019 9:12 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» دجاجة القاضي
الخميس فبراير 28, 2019 5:34 am من طرف طلعت شرموخ
» اخلاق رسول الله
الأربعاء فبراير 27, 2019 1:50 pm من طرف طلعت شرموخ
» يوم العبور في يوم اللا عبور
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:59 pm من طرف طلعت شرموخ
» من اروع ما قرات عن السجود
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:31 pm من طرف طلعت شرموخ
» قصه وعبره
الأربعاء فبراير 20, 2019 11:12 am من طرف طلعت شرموخ
» كيف تصنع شعب غبي
الخميس فبراير 14, 2019 12:55 pm من طرف طلعت شرموخ