الحقبة الزمنية لسيدنا يوسف

دخل العبرانيون
مصر من خلال نفوذ النبى يوسف عليه السلام والذى استطاع أن يصل لمكان مرموق
داخل مصر (وزير الخزانة المصرية-وزير المالية) , فلقد دعا يوسف عليه السلام
أهله للقدوم لمصر فاستقروا بها وتناسلوا ولكن يبدو أن هناك ثورة أطاحت
بوضعهم حتى أخرجهم النبى موسى عليه السلام

وقبل الولوج للحديث عن النبى موسى عليه السلام وجب علينا أن نتحدث عن بعض النقاط والتى تتعلق بالنبى يوسف عليه السلام وهى :

1- هل تقبل الوسط الفرعونى يوسف عليه السلام وهو عبرانى ؟

2- كيف تعامل يوسف عليه السلام وهو مؤمن مع الوسط الفرعونى بما يحمله من وثنيات؟

3- كيف كان وضع بنى اسرائيل داخل مصر فى عهد يوسف عليه السلام ؟

4-ما هى أهم العقبات التى تعرض لها بنى اسرائيل داخل مصر فى عهد يوسف عليه السلام وبعده؟

-------

لقد كان دخول يوسف عليه السلام أرض مصر ليس مستهجنا" لأن المصريين القدماء استقدموا عبيدا" لهم من خارج الأراضى المصرية وأيضا" من خلال الشعوب التى أخضعوها لسيطرتهم

يذكر الأستاذ موريس كروزيه فى الجزء الأول من موسوعته (تاريخ الحضارات
العام) أن المصريين كانوا محبين للانغلاق الشديد داخل مجتمعهم فهل يمنع ذلك
من أن المصريين القدماء استقدموا عبيدا" لهم ؟

الحقيقة أن الحضارة
المصرية كما يذكر الأستاذ أندريه إيمار فى كتابه (الشرف واليونان القديمة )
لم تكن بمستوى واحد من التطور فيقول: لقد مرت الحضارة المصرية بفترات من
الازدهار العالى جدا" حيث يقفز المعدل لأعلى بينما نجد العكس فى بعض
الفترات الأخرى

لذلك يمكننا أن نقول بصراحة أننا لسنا أمام حضارة
متجانسة بالكامل لكنها متجانسة فى بعض الأصول سواء فى الدين والتقاليد
والعادات الفنية ..إلخ , لذا فقد أدخل المصريون القدماء الكثير من
التجديدات والاستحداثات الفكرية داخل مجتمعهم

يبدو جيدا" أن يوسف عليه السلام لم يكن دخوله فى المجتمع الفرعونى بشىء مستهجن وذلك للأسباب التالية :

1 - كان دخول يوسف عليه السلام مصر كدخول معظم العبيد العاملين فى قصور
الملوك أو العظام الأمر اشبه تماما" بفكرة الأتراك وهو أنهم كانوا يستقطبون
الشباب الأشداء لتعليمهم القتال ثم الاعتماد عليهم فيما بعد ذلك







2- يبدو أن يوسف عليه السلام دخل مصر وقت رخاء وقوة للإمبراطورية المصرية (
يذكر بأن بنى اسرائيل بقوا فى مصر 500 عام ) ولو قلت هذه المدة فيمكن
القول بأن يوسف عليه السلام دخل مصر فى وقت الدولة الوسطى , لأن سلطة
الحاكم كانت قوية حتى يفرض على أتباعه الأقوياء اتباع أوامره( احضاره امرأة
العزيز واعترافها ,,الخ)

3-هناك رأى يقول بأن مصر كانت فى ذلك الوقت تحت سلطة الهكسوس وأن الحاكم
كان منهم وقد يكون عدم مقدرة من حوله على تفسير حلمه سببا" قويا" فى ذلك
فالمصريين القدماء كانوا من أبلغ الاقوام فى الروحانيات مثل السحر وغيره,
ولو قسنا هذا الأمر بقصة موسى عليه السلام فلقد أشار المنجم على الفرعون
بأنه سيولد فى وقت كذا طفل يهد حكمك ( يسمى هذا فى علم النجوم الاقترانات
الكبرى وهو أن يقترن كوكب مهم مثل المشترى وزحل فى برج قوى معين وهذا يدل
على وقوع حدث كبير , ايضا فى معرفة المنجمين مولد الرسول الأكرم محمد صلى
الله عليه واله وسلم (اقصد المنجمين الفرس وغيرهم) وهذا ببساطة لأن مولده
الكريم وقع اثناء مثل هكذا اقترانات , بل إن علماء النجوم يحددون تأريخ الامم بواسطة النجوم وعملية الاقتران)

هناك أسباب عديدة تؤيد بأن يوسف عليه السلام لم يكن دخوله أرض مصر شىء
مستهجن ويبدو أن العرب (الإسماعليين) كانوا يقومون بعملية تجارة الرقيق
لمصر

أختلف كثير من العلماء والباحثين علي تحديد
فترة دخول يوسف لمصر والتي سوف تعقبها عصر بناء التجمع الإسرائيلي علي أرض
مصر حتى الخروج مع موسي عليه السلام.

وبعيداً عن المصادر الآثار
يه والنصوص التوراتية والإسرار المخفية تحت طيات الزمن فإن هناك لفظ قرأني
يعد إعجاز علمي جديد في تحديد فترة وتزامن يوسف في مصر وليس بعد المصدر
القرآني أي أدلة أصدق من كلام الله تعالي:-

لقد ذكر الله تعالي في كثير من الآيات في قصة يوسف لفظ " الملك "
بينما في قصة موسي ذكر لقب فرعون وهذا الدليل القرآني يثبت بأن فترة وزمن
دخول يوسف مصر كان في عصر الهكسوس وذلك حيث للكلمة مدلو لفظى وتاريخي في
فى سرد أحداث التاريخ

حيث كلمة هكسوس تعني الملوك الرعاة وتنطق الكلمة بالغة المصرية القديمة "حكاوخاسوت " ومعنها الملوك الرعاه أو الحكام الأجانب.

كما جاء في قوله تعالي " وقال الملك إني أري سبع بقرات سمان
يأكلهن سبع عجاف" 43- يوسف " وقال الملك أءتوني به أستخلفه لنفسي فلما كلمه
قال إنك اليوم لدينا مكين أمين" 54-يوسف.

أما ذكر لفظ فرعون في قصة موسي فكلمة فرعون تعني بالمصرية
القديمة " برعا " بمنعي بيت العظيم او بيت الحاكم وتنطق بالعبرية برعون
وللفظ مدلول تاريخي واضح حيث بيت الحاكم هو الحاكم الشرعي عن آلهة المصريين
وله قدسيته بين أفراد الشعب بينما الملك الهكسوسي هو حاكم أجنبي علي
البلاد ولا يستحق اللقب المصري وهذا ما أوردة القرآن الكريم في الفرق بين
عصر يوسف وعصر موسي. والتفريق بين مسميات حكام هذه العصور



" اذهب الى فرعون انه طغى "

الهكسوس

والهكسوس كما أطلق عليهم المؤرخ المصري ماينتون لا ينتمون إلي
جنس واحد بل هم مجموعة من قبائل آسيوية وشعوب بربرية تحركت من أسيا في
تجمعات عشوائية غير منتظمة وقد أطلق عليهم بعض المؤرخين اسم (الإريين أو
الهندواريين ) وعرفوا في مصر باسم حقاو خاسوت التي تحرفت إلي الهكسوس وقد
تدفقو علي مصر في عصر الأسرة الثالثة عشر في ظل الضعف السياسي وعدم مراقبة
الحدود ودخلو مصر ليس كاغزو ولكن كاهجرات شعوبية لمصر في دفعات متتابعة
واستقرو علي الحدود الشرقية للبلاد وكان من الطبيعي علي هؤلاء الغزاة أن
يتعرفوا علي بني إسرائيل حيث أنهم قبيلة آسيوية من عصر إبراهيم ولهم نفوذ
في فلسطين وذلك ربما لمعياشتهم لهم علي بعض الأراضي الفلسطينية ولقد ساعد
تفوق الهكسوس العسكري وإستخدامهم للعربات الحربية التي لم تعرف في مصر من
قبل فى حزم المعركة لصالحهم وكان الغزو البربرى لمصر ولقد إستقرو في الدلتا
في منطقة أفاريس والمعروفة بتل اليهودية بين الزقازيق وقناة السويس حالياً
وجعلوها عاصمة لهم وقد أختارو هذا المكان ليكونوا قربين من فلسطين في حالة
أي خطر.

وقد كانت هذه الفترة التي غزا فيها الهكسوس مصر تمثل حقبة زمنية
سوداء للمصريين وذكر المؤرخ المصري مانيتون تلك الأزمة التي ألمت بالبلاد
فقال " تحت حكمة (أي توتمايوس) عصف بنا غضب المعبود ولا أدري السبب في ذلك
وفجأة جاء من جهة الشرق رجال من أصل غير معروف، كانت لديهم الجرأة لغزو
بلادنا، واستولوا عليها بعنف بدون صعوبة وبلا أي قتال وتغلب هؤلاء الأشخاص
علي الرؤساء، واحرقوا المدن بوحشية وهدموا معابد المعبودات من أساسها
وعاملوا الأهالي بقسوة بالغة فذبحوا بعضا منهم واتخذوا الأطفال والنساء
عبيداً واخيراً عينوا أحدهم "ساليتيس" ملكاً ".

وكان حكم الهكسوس لمصر حكم إقليمي ولم يشمل كل الأرض المصرية.

وهذا ينفي نظريات بعض الباحثين علي أن فرعون موسي من مللوك
الهكسوس حيث أوضح القرآن الكريم ملك وسلطان وثراء هذا الفرعون فكيف يكون من
الحكام الهكسوس وهم دخلاء على البلاد وهناك أدلة كثيرة سوف تأتي في
موضعها وان هذا الموقع الجغرافي لعاصمة الهكسوس لهو دليل جغرافي علي أن
الهكسوس وعصر يوسف تزامنو في موقع واحد في دلتا مصر .

كما أن هناك دليل آثاري أخر يوضح الفترة الزمنية لدخول إبراهيم
عليه السلام مصر قبل يوسف وهو الجد الثانى ليوسف والمرجح أن تكون هذه
الفترة في عصر الدولة الوسطي وبالتحديد في عصر الأسرة الثانية عشر تحت حكم
الملك سنوسرت الثاني وذلك بالمقارنة بالتتابع الزمني بين إبراهيم عليه
السلام ويوسف حيث من المفترض أن المتوسط الزمني بين الأباء والأبناء من
إبراهيم حتى يوسف , ويتضح لو حسبنا متوسط العمر الأب الاول ابراهيم ثم
اسحاق ثم يعقوب ثم عدد سنوات شباب يوسف ( أى حوالى 400 سنة ) وهى المسافة
الزمنية بين الأسرة الثانية عشر وعصر الهكسوس كما ان هناك دليل آثري قد
سجل وصول وقد أسيوي رفيع المستوي لمصر وقد سجل علي أحدي جدران مقابر بني
حسن في المنيا وهذا النقش عبارة عن لوحة تسمي " أبشا " (شكل1 ، 2 ، 3 ، 4)
وإبشا معناها الزعيم وكما هو معروف أن اسم إبرام أو إبراهيم هو قائد أو أب
لجمهور الناس وقد سجل في هذا النقش زيارة وفد أسيوي رفيع المستوي وربما كان
ابشا هو نبى الله ابراهيم علما انه لم يسجل من قبل في الآثار المصرية
تسجيل لزيارات أسياوية بهذا المستوي وربما أن الفرعون سنوسرت الثاني قد
تعرف علي شخصية هذا القادم وإنه نبي وربما كانت هناك معجزات كما هو معروف
في قصة السيدة سارة مع فرعون وحين أدرك الفرعون إنه أمام شخص غير عادي وقرة
واحسن تقديرة بدليل أن وهبة أميرة مصرية
وهي السيدة هاجر أم إسماعيل وقد سمح للابراهيم بالتجول في ارض مصر بسلام
بدليل وصول الوفد0 الأسيوي إلى حدود المنيا وهناك دليل آثاري وجد في فلسطين
وبلاد الشام تؤكد حرص الملك سنوسرت الأول علي انشاء علاقة طيبة مع أمراء
فلسطين وسوريا وهذا يؤكد حسن العلاقة بين فلسطين وسوريا ومصروكذالك البدو