لقد تبع الضربات التي وجهتها بيونجيانج لجزيرة
يونبيونج في23 نوفمبر2010 تصعيدا واضحا من جانب سيول وواشنطن. هذا
التصعيد أخذ بعدين رئيسيين, الأول هو إطلاق تصريحات شديدة اللهجة ضد
بيونجيانج, لم يستبعد بعضها إمكانية القيام بعمل عسكري ضدها.
الثاني هو سلسلة التدريبات العسكرية الأمريكية المشتركة مع سيول, ثم مع
اليابان, بالإضافة إلي التدريبات العسكرية الكورية المنفردة. هذان
المؤشران قد أوحيا بأن حربا قريبة يجري الإعداد لها في شبه الجزيرة
الكورية, خاصة إذا أضيف إليهما التفاعلات الصراعية التي سيطرت علي شبه
الجزيرة الكورية خلال العامين الأخيرين منذ انهيار الجولة الأخيرة
للمحادثات السداسية في ديسمبر.2008
ولكن ما أن وصلت الأزمة إلي قمتها في20 ديسمبر الماضي مع إجراء سيول
مناورات بالذخيرة الحية بجزيرة يونبيونج ذاتها, حتي بدأت تشهد انفراجا
واضحا, بدءا من إعلان بيونجيانج أن مناورات سيول لا تستحق الرد عليها,
ودعوتها للمبعوث الأمريكي الخاص ريتشاردسون لزيارة بيونجيانج ثم الإعلان
علي لسانه موافقتها علي استئناف عمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة
الدولية لمنشآتها النووية, ثم إعلان الرئيس الكوري الجنوبي في3 يناير
الجاري أن باب الحوار مع الشمال مازال مفتوحا, واستعداد بلاده لمساعدة
الشمال اقتصاديا, وانتهاء بإعلان بيونجيانج في5 يناير عن سعيها لإجراء
محادثات غير مشروطة مع جارتها الجنوبية, وهو التصريح الذي تزامن مع وصول
المبعوث الأمريكي الخاص, ستيفين بوزورث, للصين لمناقشة هذا الملف,
والذي قال هو الآخر صراحة نعتقد بأن التفاوض الجدي يجب أن يكون في قلب أية
إستراتيجية للتعامل مع كوريا الشمالية, ونتطلع إلي إطلاق المفاوضات في
أقرب فرصة.
واقع الأمر أنه رغم أهمية الأزمة الأخيرة في شبه الجزيرة الكورية بالمقارنة
بالأزمات السابقة, سواء من حيث حدتها أو من حيث كثافة التفاعلات
الصراعية التي ارتبطت بها, إلا أنها أثبتت من جديد أن العوامل التي تحول
دون حدوث الحرب مازالت أقوي بكثير من الحسابات التي قد تدفع بحكومات
المنطقة إلي تفضيل خيار الحرب.
أول تلك العوامل يتعلق بالتكلفة الشاملة لهذه الحرب. معظم التحليلات
والتقديرات تتفق علي أن أي حرب ضد نظام بيونجيانج سوف تؤدي في النهاية إلي
انهياره, ولكن هذا الانهيار سوف يكون شديد التكلفة, سواء بالنسبة
لواشنطن أو لسيول, أو لطوكيو التي يصعب استبعادها من الحرب. وتستند هذه
التحليلات إلي القدرات العسكرية التقليدية لبيونجيانج, من ناحية, خاصة
القدرات النووية والصاروخية, ووقوع كوريا الجنوبية واليابان في مدي هذه
القدرات. ويضاعف من حجم هذه التكلفة بالنسبة لواشنطن وجود قوات أمريكية
في المنطقة. استنادا إلي هذا الواقع, ذهبت بعض التقديرات العسكرية
الأمريكية ـ التي وضعت منذ حوالي15 سنة ـ إلي أن التكلفة البشرية لهذه
الحرب لن تقل عن مليون جندي سيكون من بينهم حوالي52 ألف أمريكي, وهو
رقم ضخم بالمقارنة بإجمالي الخسائر الأمريكية والدولية في الحرب علي العراق
وأفغانستان.
النقطة المهمة التي يجب أخذها في الاعتبار هنا هي حساسية سيول وواشنطن لهذه
الخسائر بدرجة تفوق بكثير حساسية بيونجيانج, فالأخيرة ليس لديها الكثير
مما يمكن أن تخسره في هذه الحرب في ضوء الأوضاع الاقتصادية السيئة وحالة
التقشف والعسكرة التي يفرضها النظام علي المجتمع, في مقابل تجربة التنمية
الاقتصادية والصناعية التي حققتها سيول والتي يصعب أن تغامر بها في هذه
الحرب. الأمر ذاته, بالنسبة لواشنطن; فارتفاع معدل الخسائر البشرية
الأمريكية في أفغانستان, والتحديات الخطيرة التي تواجهها هذه الحرب,
تجعل الإدارة الأمريكية أكثر حساسية للدخول في أي حروب جديدة أو لبدء مشروع
سياسي خارجي جديد, خاصة أن أي حرب ضد بيونجيانج لن تنتهي عند حد انهيار
النظام أو تحمل التكلفة الإجمالية المباشرة لهذه الحرب, فمن المتوقع أن
يبدأ بعدها مباشرة مشروع لإعادة بناء كوريا الشمالية أو مشروع لإعادة توحيد
الكوريتين, الأمر الذي سيعني تورط واشنطن في مشروع خارجي جديد. ورغم
أن هذا المشروع قد يبدو أكثر احتمالا للنجاح بالمقارنة بالمشروعين العراقي
والأفغاني, بالنظر إلي اختلاف الظروف الثقافية, إلا أنه سيصطدم بعائق
مهم لا يمكن تجاهله وهو الصين, التي يصعب قبولها بهذا المشروع.
العامل الثاني يتعلق بتصاعد الاتجاه المعارض للحرب داخل الولايات
المتحدة, وللسياسة الأمريكية التقليدية التي تم إتباعها ضد نظام
بيونجيانج سواء خلال إدارة بوش الابن, أو خلال إدارة أوباما, فعلي
العكس من الخطاب الإيجابي الذي تبناه أوباما في مواجهة العالم الخارجي,
بما في ذلك قضايا الانتشار النووي, فقد تجاهل الملف النووي الكوري بشكل
واضح. وكانت تحليلات عدة قد فسرت حالة التشدد التي أبدتها بيونجيانج في
العام الأخير من إدارة بوش برغبتها في تعطيل تسوية أزمة برنامجها النووي
انتظارا لإدارة أوباما.
الأزمة الراهنة أدت إلي تنشيط الاتجاه المعارض لهذه السياسة وإعادة النظر
فيها, وتفهم مصالح وحاجات نظام بيونجيانج, خاصة حاجته إلي إنهاء حالة
الحرب وتوقيع معاهدة سلام رسمية مع واشنطن, وتطبيع العلاقات السياسية
والاقتصادية معها, والاعتراف بحقه في امتلاك برنامج نووي سلمي, وهو
الحق الذي تم الاعتراف به فعلا وبشكل صريح في اتفاق سبتمبر2005 الموقع
تحت مظلة المحادثات السداسية, والتعامل مع أزمة برنامجه النووي العسكري
في إطار سياسة متكاملة لإخلاء شبه الجزيرة الكورية من أسلحة الدمار
الشامل. أبرز رموز هذا الاتجاه هو الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر,
الذي طالب إدارة اوباما, علي خلفية الأزمة الأخيرة, بتفهم الدوافع
الكورية, ودعا إلي التفكير جديا فيما نقله( هو) عن بيونجيانج
استعداداها لتسوية أزمة برنامجها النووي مقابل توقيع اتفاق سلام نهائي عبر
محادثات مباشرة مع واشنطن. ومن المتوقع أن تتعاطي إدارة أوباما إيجابيا
مع هذه الأفكار بعد انتهاء هذه الأزمة.
ولا يختلف الأمر كثيرا علي جانب سيول, فرغم ما كشفت عنه الأزمة من وجود
تيار متشدد يدعو إلي الانتقام من بيونجيانج, إلا أن ملاحظتين مهمتين يجب
أخذهما في الاعتبار. الأولي هي سيطرة حكومة يمينية علي السلطة منذ
فبراير2008 بقيادة الرئيس لي ميونج باك, والتي أدخلت تغييرات مهمة علي
السياسة الكورية تجاه بيونجيانج, كان أبرزها إلغاء سياسة الشمس المشرقة
التي طبقها الرئيسان السابقان كيم دي جونج(3002 ـ8991), وروه موـ
هيون(8002 ـ3002), وربط أي حوافز اقتصادية أو سياسية لبيونجيانج
بالتقدم في تسوية أزمة برنامجها النووي. ومن ثم, فإن بروز التيار
اليميني المتشدد هو نتيجة مباشرة لسيطرة حكومة يمينية علي السلطة.
الملاحظة الثانية أن تأثير الضربات الكورية أدي إلي خلق شعور عام بالتهديد
الحقيقي الذي تمثله بيونجيانج, وخلق ضغوط علي كافة القوي السياسية بضرورة
التساوق مع موقف الحزب الحاكم. غير أن هذا لا ينفي وجود تيار مهم يمثله
الحزب الديمقراطي المعارض, والذي حمل الحكومة اليمينية الحالية- علي
لسان رئيس الحزب سوهن هاك كيو ـ جزءا من مسئولية التدهور الأمني الحالي في
شبه الجزيرة الكورية بسبب سياستها المتشددة تجاه لبيونجيانج.
العامل الثالث يتعلق بموقف الصين, إذ تبنت الصين خلال السنوات الأخيرة
مواقف توافقية مع واشنطن وحلفائها إزاء بعض سلوكيات بيونجيانج خلال السنوات
الأربع الأخيرة, بدءا من أزمة التجارب الصاروخية في يوليو2006 وانتهاء
بالتجربة النووية الثانية, والتي انتهت بموافقة الصين علي إصدار عدد من
قرارات مجلس الأمن ردا علي هذه السلوكيات. إلا أن هذه المرونة لا تعني
ذهاب الصين إلي حد التوافق علي حرب ضد بيونجيانج; فالحرب ضد بيونجيانج
تعني من وجهة نظر المصالح الصينية أربع تداعيات إستراتيجية خطيرة. فهي
تعني, أولا, حضورا عسكريا أمريكيا قويا في منطقة شمال شرقي آسيا وفي
البحر الأصفر, الأمر الذي يخل بالتوازنات الإستراتيجية القائمة لصالح
واشنطن وحلفائها في المنطقة, فضلا عما تمثله هذه الحرب من أول اختبار
حقيقي للتحالفات الأمريكية في المنطقة. كما تعني, ثانيا, انطلاق
مشروع سياسي لإعادة بناء كوريا الشمالية أو توحيد الكوريتين, الأمر الذي
سيعني خروج بيونجيانج كورقة صينية في سياق التحالفات القائمة في المنطقة.
وتعني, ثالثا, جر الصين إلي حرب مفتوحة لا تتوافق مع السياسة الصينية
الثابتة ـ حتي الآن ـ والتي تقوم علي تجميد الصراعات الخارجية, لصالح
التركيز علي عمليات التحديث الاقتصادي والعسكري الجارية. وستعني,
آخرا, دخول ملايين النازحين الكوريين إلي الصين, الأمر الذي سيخلق
أعباء علي الاقتصاد الصيني.
هذه العوامل ستظل قائمة لفترة طويلة, وستحكم طريقة إدارة هذا النمط من
الأزمات في شبه الجزيرة الكورية ما لم تقم بيونجيانج بعمل عسكري شامل ضد
كوريا الجنوبية أو توجيه ضربة عسكرية في عمق الأراضي الكورية كأن تشمل سيول
مثلا.
يونبيونج في23 نوفمبر2010 تصعيدا واضحا من جانب سيول وواشنطن. هذا
التصعيد أخذ بعدين رئيسيين, الأول هو إطلاق تصريحات شديدة اللهجة ضد
بيونجيانج, لم يستبعد بعضها إمكانية القيام بعمل عسكري ضدها.
الثاني هو سلسلة التدريبات العسكرية الأمريكية المشتركة مع سيول, ثم مع
اليابان, بالإضافة إلي التدريبات العسكرية الكورية المنفردة. هذان
المؤشران قد أوحيا بأن حربا قريبة يجري الإعداد لها في شبه الجزيرة
الكورية, خاصة إذا أضيف إليهما التفاعلات الصراعية التي سيطرت علي شبه
الجزيرة الكورية خلال العامين الأخيرين منذ انهيار الجولة الأخيرة
للمحادثات السداسية في ديسمبر.2008
ولكن ما أن وصلت الأزمة إلي قمتها في20 ديسمبر الماضي مع إجراء سيول
مناورات بالذخيرة الحية بجزيرة يونبيونج ذاتها, حتي بدأت تشهد انفراجا
واضحا, بدءا من إعلان بيونجيانج أن مناورات سيول لا تستحق الرد عليها,
ودعوتها للمبعوث الأمريكي الخاص ريتشاردسون لزيارة بيونجيانج ثم الإعلان
علي لسانه موافقتها علي استئناف عمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة
الدولية لمنشآتها النووية, ثم إعلان الرئيس الكوري الجنوبي في3 يناير
الجاري أن باب الحوار مع الشمال مازال مفتوحا, واستعداد بلاده لمساعدة
الشمال اقتصاديا, وانتهاء بإعلان بيونجيانج في5 يناير عن سعيها لإجراء
محادثات غير مشروطة مع جارتها الجنوبية, وهو التصريح الذي تزامن مع وصول
المبعوث الأمريكي الخاص, ستيفين بوزورث, للصين لمناقشة هذا الملف,
والذي قال هو الآخر صراحة نعتقد بأن التفاوض الجدي يجب أن يكون في قلب أية
إستراتيجية للتعامل مع كوريا الشمالية, ونتطلع إلي إطلاق المفاوضات في
أقرب فرصة.
واقع الأمر أنه رغم أهمية الأزمة الأخيرة في شبه الجزيرة الكورية بالمقارنة
بالأزمات السابقة, سواء من حيث حدتها أو من حيث كثافة التفاعلات
الصراعية التي ارتبطت بها, إلا أنها أثبتت من جديد أن العوامل التي تحول
دون حدوث الحرب مازالت أقوي بكثير من الحسابات التي قد تدفع بحكومات
المنطقة إلي تفضيل خيار الحرب.
أول تلك العوامل يتعلق بالتكلفة الشاملة لهذه الحرب. معظم التحليلات
والتقديرات تتفق علي أن أي حرب ضد نظام بيونجيانج سوف تؤدي في النهاية إلي
انهياره, ولكن هذا الانهيار سوف يكون شديد التكلفة, سواء بالنسبة
لواشنطن أو لسيول, أو لطوكيو التي يصعب استبعادها من الحرب. وتستند هذه
التحليلات إلي القدرات العسكرية التقليدية لبيونجيانج, من ناحية, خاصة
القدرات النووية والصاروخية, ووقوع كوريا الجنوبية واليابان في مدي هذه
القدرات. ويضاعف من حجم هذه التكلفة بالنسبة لواشنطن وجود قوات أمريكية
في المنطقة. استنادا إلي هذا الواقع, ذهبت بعض التقديرات العسكرية
الأمريكية ـ التي وضعت منذ حوالي15 سنة ـ إلي أن التكلفة البشرية لهذه
الحرب لن تقل عن مليون جندي سيكون من بينهم حوالي52 ألف أمريكي, وهو
رقم ضخم بالمقارنة بإجمالي الخسائر الأمريكية والدولية في الحرب علي العراق
وأفغانستان.
النقطة المهمة التي يجب أخذها في الاعتبار هنا هي حساسية سيول وواشنطن لهذه
الخسائر بدرجة تفوق بكثير حساسية بيونجيانج, فالأخيرة ليس لديها الكثير
مما يمكن أن تخسره في هذه الحرب في ضوء الأوضاع الاقتصادية السيئة وحالة
التقشف والعسكرة التي يفرضها النظام علي المجتمع, في مقابل تجربة التنمية
الاقتصادية والصناعية التي حققتها سيول والتي يصعب أن تغامر بها في هذه
الحرب. الأمر ذاته, بالنسبة لواشنطن; فارتفاع معدل الخسائر البشرية
الأمريكية في أفغانستان, والتحديات الخطيرة التي تواجهها هذه الحرب,
تجعل الإدارة الأمريكية أكثر حساسية للدخول في أي حروب جديدة أو لبدء مشروع
سياسي خارجي جديد, خاصة أن أي حرب ضد بيونجيانج لن تنتهي عند حد انهيار
النظام أو تحمل التكلفة الإجمالية المباشرة لهذه الحرب, فمن المتوقع أن
يبدأ بعدها مباشرة مشروع لإعادة بناء كوريا الشمالية أو مشروع لإعادة توحيد
الكوريتين, الأمر الذي سيعني تورط واشنطن في مشروع خارجي جديد. ورغم
أن هذا المشروع قد يبدو أكثر احتمالا للنجاح بالمقارنة بالمشروعين العراقي
والأفغاني, بالنظر إلي اختلاف الظروف الثقافية, إلا أنه سيصطدم بعائق
مهم لا يمكن تجاهله وهو الصين, التي يصعب قبولها بهذا المشروع.
العامل الثاني يتعلق بتصاعد الاتجاه المعارض للحرب داخل الولايات
المتحدة, وللسياسة الأمريكية التقليدية التي تم إتباعها ضد نظام
بيونجيانج سواء خلال إدارة بوش الابن, أو خلال إدارة أوباما, فعلي
العكس من الخطاب الإيجابي الذي تبناه أوباما في مواجهة العالم الخارجي,
بما في ذلك قضايا الانتشار النووي, فقد تجاهل الملف النووي الكوري بشكل
واضح. وكانت تحليلات عدة قد فسرت حالة التشدد التي أبدتها بيونجيانج في
العام الأخير من إدارة بوش برغبتها في تعطيل تسوية أزمة برنامجها النووي
انتظارا لإدارة أوباما.
الأزمة الراهنة أدت إلي تنشيط الاتجاه المعارض لهذه السياسة وإعادة النظر
فيها, وتفهم مصالح وحاجات نظام بيونجيانج, خاصة حاجته إلي إنهاء حالة
الحرب وتوقيع معاهدة سلام رسمية مع واشنطن, وتطبيع العلاقات السياسية
والاقتصادية معها, والاعتراف بحقه في امتلاك برنامج نووي سلمي, وهو
الحق الذي تم الاعتراف به فعلا وبشكل صريح في اتفاق سبتمبر2005 الموقع
تحت مظلة المحادثات السداسية, والتعامل مع أزمة برنامجه النووي العسكري
في إطار سياسة متكاملة لإخلاء شبه الجزيرة الكورية من أسلحة الدمار
الشامل. أبرز رموز هذا الاتجاه هو الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر,
الذي طالب إدارة اوباما, علي خلفية الأزمة الأخيرة, بتفهم الدوافع
الكورية, ودعا إلي التفكير جديا فيما نقله( هو) عن بيونجيانج
استعداداها لتسوية أزمة برنامجها النووي مقابل توقيع اتفاق سلام نهائي عبر
محادثات مباشرة مع واشنطن. ومن المتوقع أن تتعاطي إدارة أوباما إيجابيا
مع هذه الأفكار بعد انتهاء هذه الأزمة.
ولا يختلف الأمر كثيرا علي جانب سيول, فرغم ما كشفت عنه الأزمة من وجود
تيار متشدد يدعو إلي الانتقام من بيونجيانج, إلا أن ملاحظتين مهمتين يجب
أخذهما في الاعتبار. الأولي هي سيطرة حكومة يمينية علي السلطة منذ
فبراير2008 بقيادة الرئيس لي ميونج باك, والتي أدخلت تغييرات مهمة علي
السياسة الكورية تجاه بيونجيانج, كان أبرزها إلغاء سياسة الشمس المشرقة
التي طبقها الرئيسان السابقان كيم دي جونج(3002 ـ8991), وروه موـ
هيون(8002 ـ3002), وربط أي حوافز اقتصادية أو سياسية لبيونجيانج
بالتقدم في تسوية أزمة برنامجها النووي. ومن ثم, فإن بروز التيار
اليميني المتشدد هو نتيجة مباشرة لسيطرة حكومة يمينية علي السلطة.
الملاحظة الثانية أن تأثير الضربات الكورية أدي إلي خلق شعور عام بالتهديد
الحقيقي الذي تمثله بيونجيانج, وخلق ضغوط علي كافة القوي السياسية بضرورة
التساوق مع موقف الحزب الحاكم. غير أن هذا لا ينفي وجود تيار مهم يمثله
الحزب الديمقراطي المعارض, والذي حمل الحكومة اليمينية الحالية- علي
لسان رئيس الحزب سوهن هاك كيو ـ جزءا من مسئولية التدهور الأمني الحالي في
شبه الجزيرة الكورية بسبب سياستها المتشددة تجاه لبيونجيانج.
العامل الثالث يتعلق بموقف الصين, إذ تبنت الصين خلال السنوات الأخيرة
مواقف توافقية مع واشنطن وحلفائها إزاء بعض سلوكيات بيونجيانج خلال السنوات
الأربع الأخيرة, بدءا من أزمة التجارب الصاروخية في يوليو2006 وانتهاء
بالتجربة النووية الثانية, والتي انتهت بموافقة الصين علي إصدار عدد من
قرارات مجلس الأمن ردا علي هذه السلوكيات. إلا أن هذه المرونة لا تعني
ذهاب الصين إلي حد التوافق علي حرب ضد بيونجيانج; فالحرب ضد بيونجيانج
تعني من وجهة نظر المصالح الصينية أربع تداعيات إستراتيجية خطيرة. فهي
تعني, أولا, حضورا عسكريا أمريكيا قويا في منطقة شمال شرقي آسيا وفي
البحر الأصفر, الأمر الذي يخل بالتوازنات الإستراتيجية القائمة لصالح
واشنطن وحلفائها في المنطقة, فضلا عما تمثله هذه الحرب من أول اختبار
حقيقي للتحالفات الأمريكية في المنطقة. كما تعني, ثانيا, انطلاق
مشروع سياسي لإعادة بناء كوريا الشمالية أو توحيد الكوريتين, الأمر الذي
سيعني خروج بيونجيانج كورقة صينية في سياق التحالفات القائمة في المنطقة.
وتعني, ثالثا, جر الصين إلي حرب مفتوحة لا تتوافق مع السياسة الصينية
الثابتة ـ حتي الآن ـ والتي تقوم علي تجميد الصراعات الخارجية, لصالح
التركيز علي عمليات التحديث الاقتصادي والعسكري الجارية. وستعني,
آخرا, دخول ملايين النازحين الكوريين إلي الصين, الأمر الذي سيخلق
أعباء علي الاقتصاد الصيني.
هذه العوامل ستظل قائمة لفترة طويلة, وستحكم طريقة إدارة هذا النمط من
الأزمات في شبه الجزيرة الكورية ما لم تقم بيونجيانج بعمل عسكري شامل ضد
كوريا الجنوبية أو توجيه ضربة عسكرية في عمق الأراضي الكورية كأن تشمل سيول
مثلا.
السبت يوليو 27, 2019 4:19 am من طرف طلعت شرموخ
» كنوز الفراعنه
السبت مايو 18, 2019 1:00 am من طرف طلعت شرموخ
» الثقب الاسود
السبت أبريل 13, 2019 1:22 am من طرف طلعت شرموخ
» طفل بطل
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:15 am من طرف طلعت شرموخ
» دكتور زاكي الدين احمد حسين
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:12 am من طرف طلعت شرموخ
» البطل عبدالرؤوف عمران
الإثنين أبريل 01, 2019 9:17 pm من طرف طلعت شرموخ
» نماذج مشرفه من الجيش المصري
الإثنين أبريل 01, 2019 9:12 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» دجاجة القاضي
الخميس فبراير 28, 2019 5:34 am من طرف طلعت شرموخ
» اخلاق رسول الله
الأربعاء فبراير 27, 2019 1:50 pm من طرف طلعت شرموخ
» يوم العبور في يوم اللا عبور
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:59 pm من طرف طلعت شرموخ
» من اروع ما قرات عن السجود
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:31 pm من طرف طلعت شرموخ
» قصه وعبره
الأربعاء فبراير 20, 2019 11:12 am من طرف طلعت شرموخ
» كيف تصنع شعب غبي
الخميس فبراير 14, 2019 12:55 pm من طرف طلعت شرموخ