استيقظتُ صباح الأحد الماضي على كابوس مروع تمثل في إنشغال جميع وسائل الإعلام بالحديث عن الاستفتاء الذي سيترتب عليه انفصال الجنوب السوداني.
إذن فقد جاء الدور على السودان الشقيق وانضم إلي الولايات المتفرقة الإسلامية, هذه الفُرقة التي كانت إحدى أهم الإستراتيجيات الاستعمارية قديما" وحديثا.
ذاق مرارتها الأمريكيون عندما حدثت الحرب الأهلية بين شمالهم وجنوبهم, اكتووا بنارها عندما كانوا مستعمرة انجليزية , ولكنهم تعلموا الدرس وأتقنوه ,علموا أن الإتحاد قوة فاتحدوا, أيقنوا أن الفرقة ضعف فعملوا على تشتيت الأمة الإسلامية .
إن انفصال الجنوب لم يكن وليد اليوم ولكنه مخطط استعماري يرجع إلى أوائل القرن العشرين وضع إبان فترة سيطرة الجيش الإنجليزي على مقدرات مصر والسودان وانتشار البعثات التبشيرية فى الجنوب السوداني .
والتي كانت توصى في تقاريرها الإدارة البريطانية بعدم رفع رواتب الجنوبيين , لأن هذه البعثات لا تجد ضالتها إلا فى المناطق التي يسودها الفقر والجهل والمرض.
بالإضافة إلى ذلك التفاوت فى التنمية والخدمات بين الشمال الغنى بالمزارع التي تمد مصانع لانكشير الانجليزية بالقطن وبين الجنوب الفقير , ثم زاد من هذا الأمر صدور قانون المناطق المقفلة سنة 1922 وبموجبه تم منع العرب والمسلمين الشماليين من دخول المناطق الجنوبية بإيعاز من تلك البعثات .
وتم ترحيل التجار والموظفين الشماليين ومنع استخدام اللغة العربية واستبدالها بالإنجليزية أو اللغات المحلية مثل النوير والدنكا والشلك فى عموم الجنوب السوداني .
وبالرغم من تلك الممارسات الاستعمارية تمسك الجنوبيون بالسودان الموحد ولم يقبلوا ضغوط الإدارة الإنجليزية بالانفصال فى مؤتمر جوبا عام 1947 والذي حضره ممثلون عن الجنوب والشمال برعاية بريطانية .
أسفرت الحرب العالمية الثانية عن تراجع مكانة القارة الأوروبية فلم تعد فرنسا وبريطانيا تهيمنان على العالم بل برز قطبان جديدان هما الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي كما تغيرت أنظمة الحكم بأوروبا الوسطى والشرقية حيث نشأت الديمقراطيات الشعبية.
وتطورت المستعمرات خارج أوروبا واتضحت المطالب المشروعة لحركات التحرر من الاستعمار وانقسم العالم إلى كتلتين متنافستين, الكتلة الغربية برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية والكتلة الشرقية بزعامة الاتحاد السوفييتي.
وعلى إثر حصول العديد من المستعمرات على استقلالها, ظهرت الدول النامية التي شكلت ما سمي بالعالم الثالث وقد كانت الدول العربية والإسلامية قوام هذا العالم.
ولقد ورثت الولايات المتحدة الأمريكية الدور الاستعماري لبريطانيا العظمى ولكن بأسلوب جديد حيث أنها أرادت التحكم والسيطرة على دول العالم بدون خسائر بشرية فادحة وباستخدام الخبرات المكتسبة من الاستعمار الإنجليزي لذا سعت إلى إيقاع الفرقة بين أبناء الوطن الواحد وتقسيم القوميات الكبرى .
ولكن الطريق لم يكن ممهدا لها فى هذا الاتجاه حيث أن وجود السوفيت كعقبة فى سبيل توسع النفوذ الأمريكي أخًر من عملية تقسيم السودان الشقيق, وبانهيار الإتحاد السوفيتي خلت الساحة للولايات المتحدة وسعت لتنفيذ مخطط التقسيم لأكثر من سبب.
السبب الأول:
يكمن فى الخوف المتزايد لأمريكا من توحد القومية العربية أو البلدان الإسلامية مما يكسب أي منهما قوة ونفوذ دولي يهدد المصالح الامريكية في الهيمنة علي ثروات المنطقة ويتعارض مع كون الولايات المتحدة قوة عظمى وحيدة على الساحة العالمية.
ولذلك سعت إلي تقسيم الدول العربية والإسلامية بتأجيج الصراعات الاثنية والدينية والمذهبية داخل هذه الدول تمهيدا لتقسيمها ووضعت ابنتها اللعوب "إسرائيل" كمسمار جحا فى هذه المنطقة وإمدادها بكل ما يلزم لتنفيذ أجندة التقسيم.
وهذا الوضع يمكن اسرائيل من تسريع عمليات التقسيم والتفتيت وإشاعة ما أ سمته كوندليزا رايس بـ " الفوضى الخلاقة" من فرض هيمنتها الاقتصادية والعسكرية علي المنطقة بمعاونة امريكا والتوسع في الفضاء العربي الممزق لإقامة "إسرائيل الكبرى" من النيل إلي الفرات .
وإن كان انفصال الجنوب السوداني قد تم فعليا حتى قبل ظهور نتيجة الاستفتاء الروتيني فإن بعض الدول العربية والإسلامية قد سبقت السودان فى الوقوع تحت براثن خطة التنفيذ الفعلي لأجندة التقسيم الأمريكية الإسرائيلية مثل العراق, لبنان, أفغانستان,اليمن والصومال والبقية علي الطريق .
السبب الثاني :
تقويض النفوذ الصيني فى هذه المنطقة حيث حرصت الصين على التغلغل فى إفريقيا الغنية بالثروات ومركز عملياتها يقع فى السودان حيث الشركات الصينية التي تنعم بخيرات البترول الممنوع عن الشركات الأمريكية بأمر من الرئيس عمر البشير.
وبالنظر إلى النتائج المتوقعة لعملية التقسيم نرى أن الرابح الأعظم منها هو دولة إسرائيل , فالوجود الصهيوني فى جنوب السودان , أثيوبيا , أوغندا والذي تم بدعم أمريكي يهدف إلى تطويق مصر وحصارها مائيا وخلق نزاعات بينها وبين دول حوض النيل على تقسيم المياه مما يرهق مصر سياسيا.
مع احتمال جرها إلي الخيار العسكري وهو ما يمثل ذروة ما يتمناه الكيان الصهيوني لاضعاف مصر وتحجيم دورها فى القضية الفلسطينية وإزاحتها باعتبارها اقوي قوة عربية يمكن ان تتصدي للمخططات الصهيو أمريكية بالإضافة إلى إلهاء العرب والمسلمين عن الانتهاكات والمذابح و عمليات التهويد المستمرة للمقدسات الإسلامية.
ورغم أن كل ما تقدم يعرفه كل حكام الأمة العربية والإسلامية إلا أن مشهد إعدام صدام حسين فى يوم عيد الأضحى اريد به ردع كل من تسول له نفسه أن يقف فى طريق المخططات الصهيوأمريكية , ويجعل الحكام العرب يخاف كل منهم أن يكون الضحية التالية .
ولكن يبقى الأمل في الشعوب !
السبت يوليو 27, 2019 4:19 am من طرف طلعت شرموخ
» كنوز الفراعنه
السبت مايو 18, 2019 1:00 am من طرف طلعت شرموخ
» الثقب الاسود
السبت أبريل 13, 2019 1:22 am من طرف طلعت شرموخ
» طفل بطل
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:15 am من طرف طلعت شرموخ
» دكتور زاكي الدين احمد حسين
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:12 am من طرف طلعت شرموخ
» البطل عبدالرؤوف عمران
الإثنين أبريل 01, 2019 9:17 pm من طرف طلعت شرموخ
» نماذج مشرفه من الجيش المصري
الإثنين أبريل 01, 2019 9:12 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» دجاجة القاضي
الخميس فبراير 28, 2019 5:34 am من طرف طلعت شرموخ
» اخلاق رسول الله
الأربعاء فبراير 27, 2019 1:50 pm من طرف طلعت شرموخ
» يوم العبور في يوم اللا عبور
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:59 pm من طرف طلعت شرموخ
» من اروع ما قرات عن السجود
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:31 pm من طرف طلعت شرموخ
» قصه وعبره
الأربعاء فبراير 20, 2019 11:12 am من طرف طلعت شرموخ
» كيف تصنع شعب غبي
الخميس فبراير 14, 2019 12:55 pm من طرف طلعت شرموخ