قصه حلوه : أيها الناس إن المعروف لا يضيع مهما طال الزمن ومهما اختلفت الأعراق والمشارب
مثل القصص تلك تجعل القارئ أو السامع يرتاح قليلاً من الإحساس بجفوة الحياة في المدن الكبيرة المزعجة.
عبر ذلك الارتياح الذي أحسست به آنذاك ذكرتني زاوية الأخ ناصر بموقف مشابه جرى لي شخصياً
كنا أربعة شباب سعوديين (شباب آنذاك بالطبع)، ثلاثة منا يدرسون الطب في جامعة هايدلبيرج
انصرفنا من المطعم عند منتصف الليل، وكانت السماء تصب وتهب والظلام دامس لغزارة المطر
ما هي إلا دقائق قليلة وتوقفتْ أمامنا سيارة شرطة المرور بأنوارها المتلألئة وواحدة مثلها خلفنا،
سألته، وكنت أقدَمَ زملائي وأفصَحَهم، إلى أين سيأخذنا؟ فقال إنه سوف يقِلُّنا إلى حيث نسكن في بيت الطلبة.
أحدثكم هنا بما قاله لي ذلك الشرطي الألماني الذي ربطتني به لاحقاً صداقة طويلة فتحدث وقال:
خسرنا الحرب هناك للحلفاء بقيادة الإنجليزي مونتجومري فصدرت لنا الأوامر بالتفرق إلى جماعات صغيرة
صحوت بعد أيام في خيمة بدوي عربي ليبي يسكن مع زوجته وأطفاله فيها ويرعى أغنامه حولها».
ذات ليلة مقمرة أفهمني ذلك البدوي أن يا رالف (وهذا هو اسمي) هذه الليلة سوف تعود إلى وطنك.
أردت أن أرد له بعض الجميل في شخصك». انتهت القصة،
ويا أيها الناس إن المعروف لا يضيع مهما طال الزمن ومهما اختلفت الأعراق والمشارب.
[/center]
قبل أسابيع كثيرة - لا أذكر عددها - قرأتُ في جريدة الرياض زاوية الكاتب الممتع ناصر الحجيلان
(إيقاع الحرف).
أذكر أنها حوتْ ثلاث قصص عن ثلاث فضائل سُجلت لمجهولين، وكانت العبرة فيها أن المروءة ثمرة يزرعها الله
[center]في قلوب كثيرة فتعطيها ولا تنتظر رد الجميل مقابل أفعالها الطيبة.
(إيقاع الحرف).
أذكر أنها حوتْ ثلاث قصص عن ثلاث فضائل سُجلت لمجهولين، وكانت العبرة فيها أن المروءة ثمرة يزرعها الله
[center]في قلوب كثيرة فتعطيها ولا تنتظر رد الجميل مقابل أفعالها الطيبة.
مثل القصص تلك تجعل القارئ أو السامع يرتاح قليلاً من الإحساس بجفوة الحياة في المدن الكبيرة المزعجة.
عبر ذلك الارتياح الذي أحسست به آنذاك ذكرتني زاوية الأخ ناصر بموقف مشابه جرى لي شخصياً
ندما كنت طالباً في ألمانيا الغربية عام 1969م.
كنا أربعة شباب سعوديين (شباب آنذاك بالطبع)، ثلاثة منا يدرسون الطب في جامعة هايدلبيرج
ورابعنا قريبٌ لأحدنا قَدِمَ إلى ألمانيا لزراعة قرنية في عينه وزُرعت له ونجحتْ، وغداً يعود إلى الوطن،
فقررنا توديعه بعشاء نتشارك في تكاليفه في مطعم معتبر عند متوسطي الحال.
فقررنا توديعه بعشاء نتشارك في تكاليفه في مطعم معتبر عند متوسطي الحال.
انصرفنا من المطعم عند منتصف الليل، وكانت السماء تصب وتهب والظلام دامس لغزارة المطر
ونحن الأربعة محشورون في سيارة أوبل صغيرة كان يمتلكها محدثكم أيام شبابه.
في وسط الميدان الرئيس لمدينة هايدلبيرج (ميدان بيسمارك) انكسر شيء ما أسفل السيارة
وتوقفت مائلة على جنبها الأيسر فتسمرنا بداخلها لا ندري ماذا نفعل.
في وسط الميدان الرئيس لمدينة هايدلبيرج (ميدان بيسمارك) انكسر شيء ما أسفل السيارة
وتوقفت مائلة على جنبها الأيسر فتسمرنا بداخلها لا ندري ماذا نفعل.
ما هي إلا دقائق قليلة وتوقفتْ أمامنا سيارة شرطة المرور بأنوارها المتلألئة وواحدة مثلها خلفنا،
وإذا بشرطي ألماني طويل عريض مرتدياً لباس المطر الجلدي يسلط نور مصباحه اليدوي على وجهي،
وكنت السائق. أصبت بالخوف من ثقل الغرامة المتوقعة لأنني كنت قد تخطيت موعد الفحص الدوري على سيارتي بشهور كثيرة،
ولأنَّ الشرطي أطال النظر في وجهي على ضوء مصباحه. أخيراً طلب منا بلطف نسبي لا نتوقعه كأجانب
في مثل ذلك الموقف أن نتفضل معه إلى إحدى السيارتين.
وكنت السائق. أصبت بالخوف من ثقل الغرامة المتوقعة لأنني كنت قد تخطيت موعد الفحص الدوري على سيارتي بشهور كثيرة،
ولأنَّ الشرطي أطال النظر في وجهي على ضوء مصباحه. أخيراً طلب منا بلطف نسبي لا نتوقعه كأجانب
في مثل ذلك الموقف أن نتفضل معه إلى إحدى السيارتين.
سألته، وكنت أقدَمَ زملائي وأفصَحَهم، إلى أين سيأخذنا؟ فقال إنه سوف يقِلُّنا إلى حيث نسكن في بيت الطلبة.
هكذا، وبدون أن يطلب أوراق السيارة الرسمية وبدون سؤال وجواب ينقلنا إلى بيت الطلبة!
إن هذا غريب وغير متوقع. سألته عن مصير سيارتي فرد بهدوء: لا تقلق،
سوف تجدها غداً في ورشة إصلاح سيارات أوبل في الشارع الفلاني.
عند بيت الطلبة رفضت أن أترجل من السيارة قبل أن يخبرني عن سبب لطفه وكسره لقواعد الصرامة
المعهودة في الشرطة الألمانية فوعدني أن يحضر غداً ليخبرني بذلك، وأعطيته رقم غرفتي في بيت الطلبة وانصرف.
وبالفعل في اليوم التالي حضر الشرطي واتضحت الأمور
كما اتضح لي أيضاً أن الدنيا صغيرة وأن المعروف مهما طال الزمن لا يضيع.
إن هذا غريب وغير متوقع. سألته عن مصير سيارتي فرد بهدوء: لا تقلق،
سوف تجدها غداً في ورشة إصلاح سيارات أوبل في الشارع الفلاني.
عند بيت الطلبة رفضت أن أترجل من السيارة قبل أن يخبرني عن سبب لطفه وكسره لقواعد الصرامة
المعهودة في الشرطة الألمانية فوعدني أن يحضر غداً ليخبرني بذلك، وأعطيته رقم غرفتي في بيت الطلبة وانصرف.
وبالفعل في اليوم التالي حضر الشرطي واتضحت الأمور
كما اتضح لي أيضاً أن الدنيا صغيرة وأن المعروف مهما طال الزمن لا يضيع.
أحدثكم هنا بما قاله لي ذلك الشرطي الألماني الذي ربطتني به لاحقاً صداقة طويلة فتحدث وقال:
«كنت في التاسعة عشرة من عمري جندياً في جيش القائد الألماني رومل في الصحراء الليبية غير بعيد عن مدينة طبرق الساحلية.
خسرنا الحرب هناك للحلفاء بقيادة الإنجليزي مونتجومري فصدرت لنا الأوامر بالتفرق إلى جماعات صغيرة
أو أفراد ومحاولة أن ينجو كل واحد بنفسه بوسائله الخاصة. هربت وهربت وهربت في الصحراء حتى أغمي عليَّ من الإعياء والعطش.
صحوت بعد أيام في خيمة بدوي عربي ليبي يسكن مع زوجته وأطفاله فيها ويرعى أغنامه حولها».
استمر الألماني وعيناه مغرورقة بالدموع: «مكثت عندهم أكثر من شهرين،
أنام معهم في خيمتهم وآكل مما يأكلون ولا أبرح الخيمة إلا في الظلام خوفاً من أن تلتقطني دوريات الحلفاء.
أنام معهم في خيمتهم وآكل مما يأكلون ولا أبرح الخيمة إلا في الظلام خوفاً من أن تلتقطني دوريات الحلفاء.
ذات ليلة مقمرة أفهمني ذلك البدوي أن يا رالف (وهذا هو اسمي) هذه الليلة سوف تعود إلى وطنك.
انطلق معي على ضوء القمر إلى شاطئ البحر قرب طبرق وكمنا هناك.
ما هي إلا ساعتان أو ثلاث حتى رأينا أنوار قارب عسكري في عرض البحر يرسل ومضات ضوئية
عرفت معناها لأن القارب كان ألمانياً. ناولني البدوي الليبي مصباحاً صغيراً من ردائه فأرسلت للبحر
ومضات محددة تدربت عليها في الجيش، وما هي إلا أقل من ساعة
ويصل قارب مطاطي به جنديان ألمانيان يأخذانني معهما
بعد أن ودعت صديقي الليبي بما أملك من متاع الدنيا آنذاك وهو الشكر والامتنان وغصة في الحلق».
قال الشرطي الألماني: «ذهبتْ السنين وكبرتُ وتزوجتُ وصار لي أولاد وأنا أتذكر ذلك العربي كل يوم.
البارحة حين رأيتك في السيارة على ضوء المصباح
عرفت أنني وجدت ابن ذلك البدوي أو قريبه أو أحداً من قبيلته فأنت تشبهه إلى حد بعيد.
ما هي إلا ساعتان أو ثلاث حتى رأينا أنوار قارب عسكري في عرض البحر يرسل ومضات ضوئية
عرفت معناها لأن القارب كان ألمانياً. ناولني البدوي الليبي مصباحاً صغيراً من ردائه فأرسلت للبحر
ومضات محددة تدربت عليها في الجيش، وما هي إلا أقل من ساعة
ويصل قارب مطاطي به جنديان ألمانيان يأخذانني معهما
بعد أن ودعت صديقي الليبي بما أملك من متاع الدنيا آنذاك وهو الشكر والامتنان وغصة في الحلق».
قال الشرطي الألماني: «ذهبتْ السنين وكبرتُ وتزوجتُ وصار لي أولاد وأنا أتذكر ذلك العربي كل يوم.
البارحة حين رأيتك في السيارة على ضوء المصباح
عرفت أنني وجدت ابن ذلك البدوي أو قريبه أو أحداً من قبيلته فأنت تشبهه إلى حد بعيد.
أردت أن أرد له بعض الجميل في شخصك». انتهت القصة،
ويا أيها الناس إن المعروف لا يضيع مهما طال الزمن ومهما اختلفت الأعراق والمشارب.
السبت يوليو 27, 2019 4:19 am من طرف طلعت شرموخ
» كنوز الفراعنه
السبت مايو 18, 2019 1:00 am من طرف طلعت شرموخ
» الثقب الاسود
السبت أبريل 13, 2019 1:22 am من طرف طلعت شرموخ
» طفل بطل
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:15 am من طرف طلعت شرموخ
» دكتور زاكي الدين احمد حسين
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:12 am من طرف طلعت شرموخ
» البطل عبدالرؤوف عمران
الإثنين أبريل 01, 2019 9:17 pm من طرف طلعت شرموخ
» نماذج مشرفه من الجيش المصري
الإثنين أبريل 01, 2019 9:12 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» دجاجة القاضي
الخميس فبراير 28, 2019 5:34 am من طرف طلعت شرموخ
» اخلاق رسول الله
الأربعاء فبراير 27, 2019 1:50 pm من طرف طلعت شرموخ
» يوم العبور في يوم اللا عبور
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:59 pm من طرف طلعت شرموخ
» من اروع ما قرات عن السجود
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:31 pm من طرف طلعت شرموخ
» قصه وعبره
الأربعاء فبراير 20, 2019 11:12 am من طرف طلعت شرموخ
» كيف تصنع شعب غبي
الخميس فبراير 14, 2019 12:55 pm من طرف طلعت شرموخ