محمد حسنين هيكل
قال
الكاتب الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل فى الجزء الثالث والأخير من حواره
مع جريدة "الأهرام" الذى نشرته اليوم، إن مصر تعيش حركة فوران فى هذه
الأوقات، واقترح إنشاء مجلس أمن قومي مصغر من داخل المجلس الأعلي للقوات
المسلحة أو بجانبه, يكلف بمتابعة ما يجري من حولنا ويساعد علي تحديد حركتنا
إزائه,
وقال: ما يجري الآن سوف يقرر مستقبل المنطقة وشعوبها لعشرين سنة قادمة علي أقل تقدير.
وحين سألته الأهرام فى الجزء الثالث عن مدى قلقه على الأحوال فى بر
مصر، جاءت إجابته بعبارة حملت بعض التخوف مفادها: ما يقلقني في هذه الساعة
هو أن مصر في هذه الظروف كلها تبدو مستغرقة بالكامل, في مشاكل آنية ..
تقسيم الدوائر الانتخابية.. فردي أو نسبي.. إلي آخره.
وبسؤال الكاتب الكبير عن رؤيته لطقوس الربيع العربي، وما إن كان هو
نهاية لمشروع نظام عربي قديم أم هو تنقيح له، فأجاب: ما نراه الآن ليس
مجرد ربيع عربي تهب نسماته علي المنطقة, وليس مجرد عاصفة تقتحم أجوائها
برياحها وغبارها وعتمتها, وإنما هو في ذات الوقت تغيير إقليمي ودولي سياسي,
يتحرك بسرعة كاسحة علي جبهة عريضة, ويحدث آثارا عميقة, وأيضا محفوفة
بالخطر، وما نراه الآن هو إزاحة وتصفية وكنس بقايا وعوالق مشروع نظام عربي,
حاول عدد من رواد النهضة في هذه الأمة أن يبشروا به, وحاول ساسة علي مسار
هذه النهضة أن يمهدوا له, وحاولت شعوب كثيرة أن تقيم أعمدته بعد غيبة عربية
طويلة عن التاريخ, وقد تبدي في بعض سنين الخمسينيات والستينيات
والسبعينيات من القرن العشرين أن هذا المشروع العربي قابل للبقاء وقابل
للنجاح, ثم فجأة تخلي العرب عن مشروعهم, حين استجدت ظروف ومتغيرات, وبعد
التخلي بدأ التراجع, وراحت تداعيات هذا التراجع تظهر يوما بعد يوم, وتحدث
آثارها, حتي جاءت لحظة السقوط النهائي, فإذا بالمشروع يتهاوي كتلا وأحجارا
وعوالق وزوائد.
وعاودته الأهرام بتساؤل مفاده: إذا كان المشروع القومي العربي يتهاوي
الآن.. فما هي نقطة البداية لهذا الانهيار أو السقوط؟..فرد الكاتب الكبير:
"يمكن أن نتوقف هنا للحظة لإيضاح أنبه به إلي أن المشروع لم يسقط كما يظن
بعضنا نتيجة لضربة1967, فكل المشروعات التاريخية الكبري ومنها المشروع
الأمريكي والمشروع الأوروبي والمشروع الآسيوي وغيرها خاضت الحروب, وتلقت
الضربات, وتحملت النكسات, لكن مشروعاتها بقيت, دافعت عن نفسها, وواصلت
دورها، ثم إن المشروع العربي ذاته بعد ضربة67 استعاد إرادته وقدراته, وخاض
معركة سنة1973, وأثبت خصوصا في الأيام العشرة الأولي من تلك المعركة أن
بنيانه علي ما فيه من ثغرات- قادر بموارده وإرادة شعوبه, وبجيوشه وتحالفاته
علي الصمود
وتحدث الأستاذ عن دور العرب أنفسهم في هذا السقوط، بقوله: العرب الأن
ينسحبون وآخرون يتقدمون وملف الصراع العربي- الإسرائيلي يزاح من إهتمامات
البيت الأبيض إلي لجنة فرعية بالأمم المتحدة.
وبعد هذه العبارة التى حملت معانٍ عدة، واجهته الأهرام بتساؤل حمل
صيغة: هؤلاء الذين يتقدمون بينما ينسحب العرب.. ماذا يفعلون تحديدا مع
الملف الفلسطيني؟.لكن الكاتب الكبير أجاب بتوقع حمل خبرة السنين قائلاً:
أكاد أري حتي من مقعدي في هذا المكتب أن هناك حركة نشيطة تجري في مواقع صنع
القرار في عواصم مؤثرة وفاعلة ملفات جديدة تطرح وملفات غيرها ترفع وخرائط
جديدة تجيء, وخرائط غيرها تطوي، فملف الصراع' العربي الإسرائيلي' مثلا يزاح
من اهتمامات البيت الأبيض, ويحال إلي لجنة فرعية في الأمم المتحدة، وملف
التفاوض' الفلسطيني الإسرائيلي' مثلا يخرج من مكتب' هيلاري كلينتون'( وزيرة
الخارجية الأمريكية), ليذهب إلي فندق' الكوخ' السويسريSwissCottageفي
القدس, حيث مكتب' توني بلير' الذي عهد إليه بتمثيل اللجنة الرباعية في
إدارة مفاوضات السلام في الشرق الأوسط, وهو في الحقيقة مجرد قناع ظاهر, لأن
الذي يمسك بالملف فعلا هو' دنيس روس' موظف الخارجية الأمريكية الغامض,
الذي أشرف منذ سنوات علي كتم أنفاس أهم قضايا العرب.
وتساءل الأستاذ: لماذا لا يقبل الفلسطينيون الآن حلا مؤقتا يرضي
طموحاتهم في دولة أو بمعني أدق نصف دولة يعترف بها العالم ولكنها ليست دولة
أو لها حدود نصف دولة يعترف بها العالم, والولايات المتحدة الأمريكية
وأوروبا علي استعداد للاعتراف بمثل هذا الحل الذي يوفق بين مطالب الجميع.
وأردف قائلا: مع أن لدي شخصيا بعض التخوف من فكرة إعلان دولة فلسطينية
بغير ضمانات محددة لحقوق اللاجئين وحق العودة تواجه حقوقا أساسية سوف تظل
عالقة بعدها: القضية الرئيسية لفلسطين وكافة جوانبها؟!- حقوق اللاجئين وحق
العودة وداعي التخوف من أن تتحول الدولة الفلسطينية المقترحة أمام إسرائيل
إلي دولة أمام دولة, ثم إن ما بينهما ساعتها مجرد مشكلة خلاف علي حدود.
هنا سألت الأهرام: في إطار رؤيتك الثاقبة الراصدة لما يجري علي الساحة
من هم اللاعبون الرئيسيون وماهي مشروعاتهم؟ فأجاب الأستاذ: علي الساحة الآن
وبالتحديد3 مشروعات ونصف..الأول مشروع غربي يبدو مصمما ولديه فعلا من
أدوات الفعل والتأثير ما يشجع طلابه والثاني مشروع تركي يبدو طامحا والثالث
مشروع إيراني يؤذن من بعيد علي استحياء ثم أخيرا نصف مشروع أو شبح مشروع
إسرائيلي يتسم بالغلاظة, وأقول إنه شبح مشروع, لأنه فيما أري بلا مستقبل
علي المدي البعيد, وهذه قضية معقدة نناقشها فيما بعد, رغم أن هذا الشبح
الإسرائيلي يبدو متشجعا هذه اللحظة وكأنه يتمدد, لكني أظن أن ما تراه
إسرائيل نوعا من خداع البصر, سببه في الغالب هذه الحركة السريعة لتهاوي
المشروع العربي والفراغ الواسع في المنطقة بعد سقوطه.
وعادت الأهرام لتسأل الأستاذ هيكل : كيف يعمل الغرب علي تحويل الخلاف
المذهبي السني ـ الشيعي إلي فتنة وصولا إلي استعادة تلك الحرب الأهلية بين
المسلمين مرة أخري؟ فرد قائلاً: هذه النقطة التي نحن عندها تذكرني بمسألة
أشرت إليها من قبل حين تحدثت عن رفع الحظر الأمريكي والغربي أخيرا عن'
الإخوان المسلمين، وأريد أن أعود إلي ما أشرت إليه من قبل من أن الاعتراف
الأمريكي والغربي بالإخوان المسلمين لم يجيء قبولا بحق لهم, ولا تقديرا
تجلت دواعيه فجأة أمام المعترفين, ولا إعجابا ولا حكمة, لكنه جاء قبولا-
ولو جزئيا- بنصيحة عدد من المستشرقين, بينهم' برنارد لويس' أيضا!- تطلب
مددا يستكمل عزل إيران في العالم الإسلامي والعربي بالفتنة المذهبية، وما
حدث أنه في بداية القبول بنصائح' برنارد لويس', أن السياسة الأمريكية حاولت
توظيف قادة وزعماء من العرب, سواء في ذلك أمراء السعودية من الملك' فهد'
وغيره- أو رؤساء دول عربية مؤثرة مثل' مبارك' وغيره لتحقيق المطلب.
فى موضع آخر، سألت الأهرام: كيف تنظرون إلي رد الغرب ـ من خلال حلف
الأطلنطي ـ علي ما جري في ليبيا؟ فرد الكاتب الكبير: أنا لا أعلم أن حلف
الأطلنطي يريد أن يحرر شبرا عربيا،وبصراحة وأنا لا أداري في موقفي, فإن'
القذافي' كان من الحق أن يسقط, ولكن الشعب الليبي هو من كان يجب أن يتحمل
هذه المسئولية, وقد كانت هناك إشارات وعلامات فعلا وإن في بدايتها, وكان
يجب للبداية أن تواصل حتي النهاية, وبشعب ليبيا, وليس بالطيران الأمريكي,
ولا بأسراب صواريخ' الكروز' الأمريكية, ولا بالطيران الإنجليزي, ولا
بالقوات الخاصة البريطانية, ولا بالأسطول الفرنسي, والقوات الفرنسية, ولا
بالمخابرات من كل الأطراف.
وحول سوريا قال الكاتب الكبير: هناك أمر غير مقبول آخر يجري في سوريا
بعد ما سبقته هو الآخر مرحلة من غير المعقول، ويكفي في سوريا هذا الذي جري
في عملية توريث رئاسة الدولة, وكان سابقة خطيرة، حيث كان الإصرار علي
التوريث مهينا للشعب السوري بكل معيار، والتغيير في' سوريا' مطلوب, لكن
تدخلا عسكريا أجنبيا في سوريا في هذه اللحظة مخيف, وصحيح أن النظام أساء
إلي شرعيته بقسوة, لكن البديل بالغزو الأجنبي في هذه الظروف يصعب تقدير
عواقبه.
سألت الأهرام: بعض العرب يريدون تكرار سيناريو ليبيا في سوريا.. هل
الأرض مهيأة والظروف سانحة؟ فأجاب الأستاذ : تثير قلقي هذه الإنذارات التي
توجهها بعض الدول العربية إلي' سوريا', وكأنها تمهد الطريق لتدخل عسكري
دولي, بنفس الأسلوب الذي رأيناه ونراه.
المهم أن الأزمة في' سوريا' بالفعل أزمة نظام جاوز اللامعقول, لكن علاج
اللامعقول لا يجيء بدواء اللامقبول، وبعض ما يجري في' سوريا' مقصود به'
إيران' كهدف أساسي في ملء فضاء الشرق الأوسط.
السبت يوليو 27, 2019 4:19 am من طرف طلعت شرموخ
» كنوز الفراعنه
السبت مايو 18, 2019 1:00 am من طرف طلعت شرموخ
» الثقب الاسود
السبت أبريل 13, 2019 1:22 am من طرف طلعت شرموخ
» طفل بطل
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:15 am من طرف طلعت شرموخ
» دكتور زاكي الدين احمد حسين
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:12 am من طرف طلعت شرموخ
» البطل عبدالرؤوف عمران
الإثنين أبريل 01, 2019 9:17 pm من طرف طلعت شرموخ
» نماذج مشرفه من الجيش المصري
الإثنين أبريل 01, 2019 9:12 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» دجاجة القاضي
الخميس فبراير 28, 2019 5:34 am من طرف طلعت شرموخ
» اخلاق رسول الله
الأربعاء فبراير 27, 2019 1:50 pm من طرف طلعت شرموخ
» يوم العبور في يوم اللا عبور
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:59 pm من طرف طلعت شرموخ
» من اروع ما قرات عن السجود
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:31 pm من طرف طلعت شرموخ
» قصه وعبره
الأربعاء فبراير 20, 2019 11:12 am من طرف طلعت شرموخ
» كيف تصنع شعب غبي
الخميس فبراير 14, 2019 12:55 pm من طرف طلعت شرموخ