فريدمان: الأسد الابن يكرّر ما فعل الأب
المصدر:
- ترجمة: عوض خيري عن «نيويورك تايمز»
التاريخ:
16 فبراير 2012
مشهد الجيش السوري وهو يدك مدينة حمص لسحق الثورة التي شبت
هناك ضد نظام الرئيس بشار الاسد، ليس الا سوى اعادة صياغة لفيلم سيئ
الاخراج من بطولة حافظ الاسد، والد بشار الاسد، تم تصويره بالضبط قبل 30
عاماً مضت وتوافق ذكراه هذا الشهر. اعلم ذلك، واشهد بانني شاهدت النسخة
الاصلية.
كان ذلك في أبريل من عام ،1982 وكنت في ذلك الوقت وصلت لتوي الى بيروت
صحافياً مبتعثاً من صحيفة نيويورك تايمز، وسرعان ما سمعت قصصا مفزعة تتحدث
عن انتفاضة هبت في فبراير في مدينة حماة السورية بقيادة الاخوان المسلمين
السوريين.
ولم تكن هناك من وسيلة سوى الاخبار المتواترة (لم يكن هناك انترنت او
هاتف محمول في ذلك الوقت)، حيث تقول الاخبار ان الرئيس السوري في ذلك
الوقت، حافظ الاسد، قد سحق الثورة بقصفه كل ضواحي حماة، وتفخيخ المباني
بالديناميت، وكان بعضها لايزال مأهولا بالسكان. في مايو من ذلك التاريخ
حصلت على تأشيرة دخول لسورية، بعد اعادة فتح مدينة حماة. وكان النظام
السوري يشجع السوريين على التجوال حول حطام المدينة لشيء يقصده النظام،
ولهذا السبب استقللت سيارة اجرة الى هناك.
راعني ما رأيت، فقد كانت هناك مجموعات كاملة من المباني تم تدميرها
وتسويتها بالأرض، وتحويلها الى مواقف سيارات بحجم ملاعب كرة القدم، فاذا
صادف ان ضربت الارض بقدمك قد تظهر على السطح قطع من الملابس، او كتاب ممزق،
او حذاء، وقدرت منظمة العفو الدولية ان نحو 20 الف شخص قضوا هناك. لم ارَ
في حياتي وحشية بهذا القدر والتي اطلقت عليها في كتاب ألفته في ما بعد اسم
«قوانين حماة».
لم تكن «قوانين حماة» تنطبق عليها العبارة بالمرة. لا يلزمك سوى استغلال
تلك القوانين بالقدر الذي يبقيك في السلطة، وليس عليك ان تهزم اعداءك فقط
وانما ايضا ان تقصفهم داخل منازلهم، ثم تساوي تلك المنازل بالأرض، حتى لا
ينسى اطفال اطفالهم ما حدث، ولا يجسرون مطلقا على تحديك مرة اخرى.
حسناً. بعد 30 عاما نسي احفاد أولئك الأمر، ونسوا ايضا خوفهم، ولم تشمل
الثورة هذه المرة الاخوان المسلمين فقط في هذه المدينة، وانما ايضاً الشباب
من جميع انحاء سورية. ويشير كل من نافتيج دهيلون وطارق يوسف في كتابهما
«جيل على قائمة الانتظار: الوعد غير المنجز للشباب في الشرق الاوسط»، الى
ان اكثر من 100 مليون شخص بين سن 15 و29 يعيشون في الشرق الاوسط مقارنة
بـ67 مليون شخص عام ،1990 وان الوعود التي قطعتها الحكومات لهؤلاء الشباب
في ايجاد وظائف لهم وفرص للزواج وشقق سكنية، ونوع من الحرية في المستقبل،
جميع هذه الوعود لم يتم الايفاء بها، وهذا هو السبب الذي اشعل شرارة بركان
الانتفاضات.
الا ان سورية ليست كالنرويج، فالبحث عن الديمقراطية لم يكن الدافع
الوحيد لمثل ما يحدث هناك، فسورية من اكثر البلدان قبلية وانقساماً، من حيث
المجموعات الطائفية، إذ ان الاقلية العلوية، والتي تمثل الطائفة الشيعية،
التي تتصدرها اسرة الاسد وتشكل 12٪ من السكان - تهيمن على الحكومة والجيش
والاجهزة الامنية، بينما تشكل الطائفة السنية 75٪، والمسيحيون 10٪، والدروز
والاكراد واخرون يشكلون البقية من السكان.
وحيث إن الانتفاضة السورية بدأت بداية غير طائفية وغير عنفوية تعبيراً
عن رغبة الشباب في معاملتهم كمواطنين، وعندما رد الاسد بقوانين حماة اعترى
العنف الثورة، ما أجج المخاوف الطائفية على جميع الصعد. والان من الصعب
معرفة الحد الذي ستقف عنده التطلعات الديمقراطية للثوار - تتطلع الاغلبية
السنية للاطاحة بالأقلية العلوية - وتبدأ عنده التطلعات الطائفية.
ونتيجة لذلك، فان معظم العلويين يعاضدون الاسد تماماً مثلما يفعل بعض
السنة المستفيدين من هذا النظام، لاسيما في حلب ودمشق العاصمة. هؤلاء
العلويون والسنة المؤيدون للنظام ينظرون الى الفوضى والاحتجاجات التي تعم
مصر ويسألون انفسهم: «الاسد ام الفوضى، هل سنختار الاسد» ماذا نفعل؟ اننا
نرغب في انتقال سلمي للسلطة من نظام الاسد الاحادي الى نظام اكثر تعددية.
لا نريد حربا اهلية في سورية والتي قد تزرع عدم الاستقرار في جميع انحاء
المنطقة، وعلينا ان نتذكر ان مصر انفجرت في الداخل، وليبيا انفجرت في
الداخل، وتونس انفجرت في الداخل، اما سورية فانفجرت الى الخارج. لا أعلم
كيف نستطيع ان نقنع الاسد بشكل كافٍ كي يتخلى عن السلطة لحكومة وحدة وطنية،
لكنني اعلم ما هو ضروري فعله: ينبغي ان يفقد اهم دعامتين تسندان نظامه،
احداهما دعامة الصين وايران وروسيا، وفي هذا الخصوص ينبغي ان تستمر الامم
المتحدة والاتحاد الاوروبي والدول العربية والاسلامية في دعوة موسكو وبكين
وايران للامتناع عن تأييد الاسد في قتله الجماعي للمدنيين العزل، حيث ان
الصين وايران وروسيا لا تأبه بالإدانة الاميركية، لكنها قد تهتم بما يصدر
عن بقية دول العالم. الدعامة الثانية لا يستطيع زعزعتها سوى السوريين
انفسهم. فعلى المعارضة السورية المتشظية ان تجد طريقة لتوحيد نفسها، وخلق
قنوات اتصال بالطائفة العلوية والمسيحيين والتجار السنة، وتطمئنهم على
حماية مصالحهم في سورية الجديدة لكي يتخلوا عن تأييد الاسد. ومن دون ذلك لن
يتمخض عما يجري أي شيء ذي قيمة، وكلما اكدت المعارضة السورية لنفسها
ولجميع السوريين ولبقية العالم انها بصدد صياغة نظام تعددي في سورية تتم
فيه معاملة جميع المواطنين على قدم المساواة كلما اصبح الاسد في وضع اضعف،
وكلما ظلت المعارضة السورية متشظية كلما صار الاسد في وضع اقوى، وكلما تعلق
به بعض السوريين خوفاً من الفوضى كلما مضى قدماً بقوانين حماة.
توماس فريدمان - صحافي أميركي مهتم بالشرق الأوسط
السبت يوليو 27, 2019 4:19 am من طرف طلعت شرموخ
» كنوز الفراعنه
السبت مايو 18, 2019 1:00 am من طرف طلعت شرموخ
» الثقب الاسود
السبت أبريل 13, 2019 1:22 am من طرف طلعت شرموخ
» طفل بطل
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:15 am من طرف طلعت شرموخ
» دكتور زاكي الدين احمد حسين
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:12 am من طرف طلعت شرموخ
» البطل عبدالرؤوف عمران
الإثنين أبريل 01, 2019 9:17 pm من طرف طلعت شرموخ
» نماذج مشرفه من الجيش المصري
الإثنين أبريل 01, 2019 9:12 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» دجاجة القاضي
الخميس فبراير 28, 2019 5:34 am من طرف طلعت شرموخ
» اخلاق رسول الله
الأربعاء فبراير 27, 2019 1:50 pm من طرف طلعت شرموخ
» يوم العبور في يوم اللا عبور
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:59 pm من طرف طلعت شرموخ
» من اروع ما قرات عن السجود
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:31 pm من طرف طلعت شرموخ
» قصه وعبره
الأربعاء فبراير 20, 2019 11:12 am من طرف طلعت شرموخ
» كيف تصنع شعب غبي
الخميس فبراير 14, 2019 12:55 pm من طرف طلعت شرموخ