محمود بن سبكتكين
التعريف به
محمود بن سُبُكْتِكِين أبو القاسم الملقب يمين الدولة وأمين الملة، وصاحب بلاد غزنة[1].
جهاده وأهم المعارك ودوره فيها
غزا يمين الدولة محمود بن سبكتكين بلاد الهند، فقصده ملكها جيبال في جيش عظيم، فاقتتلوا قتالاً شديدًا، ففتح الله على المسلمين وانهزمت الهنود وأسر ملكهم جيبال وأخذوا من عنقه قلادة قيمتها ثمانون ألف دينار وغنم المسلمون منهم أموالاً عظيمة وفتحوا بلادا كثيرة ثم إن محمودا سلطان المسلمين أطلق ملك الهند احتقارًا له واستهانة به ليراه أهل مملكته والناس في المذلة فحين وصل جيبال إلى بلاده، ألقى نفسه في النار التي يعبدونها من دون الله، فاحترق لعنه الله[2].
وافتتح غزنة ثم بلاد ما وراء النهر، ثم استولى على سائر خراسان وعظم ملكه ودانت له الأمم، وفرض على نفسه غزو الهند كل عام، فافتتح منه بلادًا واسعة[3].
أهم المعارك فتح سومنات
كان للهند صنم يسمونه سومنات وهو أعظم أصنامهم في حصن حصين على ساحل البحر بحيث تلتقفه أمواجه والصنم مبنى في بيته على ستة وخمسين سارية من الساج المصفح بالرصاص وهو من حجر طوله خمسة أذرع منها ذراعان غائصان في البناء وليس له صورة مشخصة والبيت مظلم يضيء بقناديل الجوهر الفائق وعنده سلسلة ذهب بجرس وزنها مائة من تحرك بأدوار معلومة من الليل فيقوم عباد البرهميين لعبادتهم بصوت الجرس وعنده خزانة فيها عدد كثير من الأصنام ذهبا وفضة عليها ستور معلقة بالجوهر منسوجة بالذهب تزيد قيمتها على عشرين ألف ألف دينار وكانوا يحجون إلى هذا الصنم ليلة خسوف القمر فتجتمع إليه عوالم لا تحصى وتزعم الهنود أن الأرواح بعد المفارقة تجتمع إليه فيبثها فيمن شاء بناء على التناسخ والمد والجزر عندهم هو عبادة البحر وكانوا يقربون إليه كل نفيس وذخائرهم كلها عنده ويعطون سدنته الأموال الجليلة وكان له أوقاف تزيد على عشرة آلاف ضيعة وكان نهرهم المسمى كنك الذي يزعمون أن مصبه في الجنة ويلقون فيه عظام الموتى من كبرائهم وبينه وبين سومنات مائتا فرسخ وكان يحمل من مائه كل يوم لغسل هذا الصنم وكان يقوم عند الصنم من عباد البرهميين ألف رجل في كل يوم للعبادة وثلاثمائة لحلق رؤوس الزوار ولحاهم وثلاثمائة رجل وخمسمائة امرأة يغنون ويرقصون ولهم على ذلك الجرايات الوافرة وكان كلما فتح محمود بن سبكتكين من الهند فتحا أو كسر صنما يقول أهل الهند : إن سومنات ساخط عليهم ولو كان راضيًا عنهم لأهلك محمودا دونه فاعتزم محمود بن سبكتكين إلى غزوه وتكذيب دعاويهم في شأنه فسار من غزنة في شعبان سنة ست عشرة وأربعمائة في ثلاثين ألف فارس سوى المتطوعة وقطع القفر إلى الملتان وتزود له من القوت والماء قدر الكفاية وزيادة عشرين ألف حمل وخرج من المفازة إلى حصون مشحونة بالرجال قد غوروا آبارهم مخافة الحصار فقذف الله الرعب في قلوبهم وفتحها وقتل سكانها كسر أصنامها واستقى منها الماء وسار إلى أنهلوارن وأجفل عنها صاحبها بهيم وسار إلى بعض حصونه وملك السلطان المدينة ومر إلى سومنات ووجد في طريقه حصونا كثيرة فيها أصنام وضعوها كالنقباء والخدمة لسومنات ففتحها وخربها وكسر الأصنام ثم سار في قفر معطش واجتمع من سكانه عشرون ألفا لدفاعه فقاتلهم سراياه وغنموا أموالهم وانتهوا إلى دبلواه على مرحلتين من سومنات فاستولى عليها وقتل رجالها ووصل إلى سومنات منتصف ذي القعدة فوجد أهلها مختفين في أسوارهم وأعلنوا بكلمة الإسلام فوقها فاشتد القتال حتى حجز بينهم الليل ثم أصبحوا إلى القتال وأثخنوا في الهنود وكانوا يدخلون إلى الصنم فيعنفونه ويبكون ويتضرعون إليه ويرجعون إلى القتال ثم انهزموا بعد أن أفناهم القتل وركب فلهم السفن فأدركوا وانقسموا بين النهب والقتل والغرق وقتل منهم نحو من خمسين ألفا واستولى السلطان على جميع ما في البيت ثم بلغه أن بهيم صاحب أنهلوارن اعتصم بقلعة له تسمى كندهة في جزيرة على أربعين فرسخا من البر فرام خوض البحر إليها ثم رجع عنها وقصد المنصورة وكان صاحبها ارتد عن الإسلام ففارقها وتسرب في غياض هناك فأحاطت عساكر السلطان بها وتتبعوهم بالقتل فأنهوهم ثم سار إلى بهاطية فدان أهلها بالطاعة، ورجع إلى غزنة في صفر سنة سبع عشرة وأربعمائة[4].
وفاته
مات في يوم الخميس لسبع بقين من ربيع الآخر إحدى وعشرين وأربعمائة على ثلاثة وستين سنة، ملكه منها ثلاث وثلاثون[5].
قالوا عنه
وكان على عزم وصدق في الجهاد. قال عبد الغافر الفارسي: كان صادق النية في إعلاء كلمة الله تعالى، مظفرًا في غزواته، ما خلت سنة من سني ملكه عن غزوة أو سفرة، وكان ذكيًّا بعيد الغور، موفق الرأي، وكان مجلسه مورد العلماء[6].
مدحه بديع الزمان الهمذاني قائلاً:
أطلت شمس محمود ... على أنجم ساحـان
وأمسـى آل بهـرام ... عبيدًا لابن خاقان
إذا ما ركـب الفيـل ... لحرب أو لميدان
رأت عيناك سلطانًا ... على منكب شيطان[7]
[1] ابن كثير: البداية والنهاية 12/29.
[2] ابن كثير: البداية والنهاية 11/330.
[3] الذهبي: العبر 1/191.
[4] تاريخ ابن خلدون 4/491.
[5] ابن كثير: البداية والنهاية 12/31.
[6] الذهبي: العبر 1/191.
المصدر موقع قصة الاسلام
التعريف به
محمود بن سُبُكْتِكِين أبو القاسم الملقب يمين الدولة وأمين الملة، وصاحب بلاد غزنة[1].
جهاده وأهم المعارك ودوره فيها
غزا يمين الدولة محمود بن سبكتكين بلاد الهند، فقصده ملكها جيبال في جيش عظيم، فاقتتلوا قتالاً شديدًا، ففتح الله على المسلمين وانهزمت الهنود وأسر ملكهم جيبال وأخذوا من عنقه قلادة قيمتها ثمانون ألف دينار وغنم المسلمون منهم أموالاً عظيمة وفتحوا بلادا كثيرة ثم إن محمودا سلطان المسلمين أطلق ملك الهند احتقارًا له واستهانة به ليراه أهل مملكته والناس في المذلة فحين وصل جيبال إلى بلاده، ألقى نفسه في النار التي يعبدونها من دون الله، فاحترق لعنه الله[2].
وافتتح غزنة ثم بلاد ما وراء النهر، ثم استولى على سائر خراسان وعظم ملكه ودانت له الأمم، وفرض على نفسه غزو الهند كل عام، فافتتح منه بلادًا واسعة[3].
أهم المعارك فتح سومنات
كان للهند صنم يسمونه سومنات وهو أعظم أصنامهم في حصن حصين على ساحل البحر بحيث تلتقفه أمواجه والصنم مبنى في بيته على ستة وخمسين سارية من الساج المصفح بالرصاص وهو من حجر طوله خمسة أذرع منها ذراعان غائصان في البناء وليس له صورة مشخصة والبيت مظلم يضيء بقناديل الجوهر الفائق وعنده سلسلة ذهب بجرس وزنها مائة من تحرك بأدوار معلومة من الليل فيقوم عباد البرهميين لعبادتهم بصوت الجرس وعنده خزانة فيها عدد كثير من الأصنام ذهبا وفضة عليها ستور معلقة بالجوهر منسوجة بالذهب تزيد قيمتها على عشرين ألف ألف دينار وكانوا يحجون إلى هذا الصنم ليلة خسوف القمر فتجتمع إليه عوالم لا تحصى وتزعم الهنود أن الأرواح بعد المفارقة تجتمع إليه فيبثها فيمن شاء بناء على التناسخ والمد والجزر عندهم هو عبادة البحر وكانوا يقربون إليه كل نفيس وذخائرهم كلها عنده ويعطون سدنته الأموال الجليلة وكان له أوقاف تزيد على عشرة آلاف ضيعة وكان نهرهم المسمى كنك الذي يزعمون أن مصبه في الجنة ويلقون فيه عظام الموتى من كبرائهم وبينه وبين سومنات مائتا فرسخ وكان يحمل من مائه كل يوم لغسل هذا الصنم وكان يقوم عند الصنم من عباد البرهميين ألف رجل في كل يوم للعبادة وثلاثمائة لحلق رؤوس الزوار ولحاهم وثلاثمائة رجل وخمسمائة امرأة يغنون ويرقصون ولهم على ذلك الجرايات الوافرة وكان كلما فتح محمود بن سبكتكين من الهند فتحا أو كسر صنما يقول أهل الهند : إن سومنات ساخط عليهم ولو كان راضيًا عنهم لأهلك محمودا دونه فاعتزم محمود بن سبكتكين إلى غزوه وتكذيب دعاويهم في شأنه فسار من غزنة في شعبان سنة ست عشرة وأربعمائة في ثلاثين ألف فارس سوى المتطوعة وقطع القفر إلى الملتان وتزود له من القوت والماء قدر الكفاية وزيادة عشرين ألف حمل وخرج من المفازة إلى حصون مشحونة بالرجال قد غوروا آبارهم مخافة الحصار فقذف الله الرعب في قلوبهم وفتحها وقتل سكانها كسر أصنامها واستقى منها الماء وسار إلى أنهلوارن وأجفل عنها صاحبها بهيم وسار إلى بعض حصونه وملك السلطان المدينة ومر إلى سومنات ووجد في طريقه حصونا كثيرة فيها أصنام وضعوها كالنقباء والخدمة لسومنات ففتحها وخربها وكسر الأصنام ثم سار في قفر معطش واجتمع من سكانه عشرون ألفا لدفاعه فقاتلهم سراياه وغنموا أموالهم وانتهوا إلى دبلواه على مرحلتين من سومنات فاستولى عليها وقتل رجالها ووصل إلى سومنات منتصف ذي القعدة فوجد أهلها مختفين في أسوارهم وأعلنوا بكلمة الإسلام فوقها فاشتد القتال حتى حجز بينهم الليل ثم أصبحوا إلى القتال وأثخنوا في الهنود وكانوا يدخلون إلى الصنم فيعنفونه ويبكون ويتضرعون إليه ويرجعون إلى القتال ثم انهزموا بعد أن أفناهم القتل وركب فلهم السفن فأدركوا وانقسموا بين النهب والقتل والغرق وقتل منهم نحو من خمسين ألفا واستولى السلطان على جميع ما في البيت ثم بلغه أن بهيم صاحب أنهلوارن اعتصم بقلعة له تسمى كندهة في جزيرة على أربعين فرسخا من البر فرام خوض البحر إليها ثم رجع عنها وقصد المنصورة وكان صاحبها ارتد عن الإسلام ففارقها وتسرب في غياض هناك فأحاطت عساكر السلطان بها وتتبعوهم بالقتل فأنهوهم ثم سار إلى بهاطية فدان أهلها بالطاعة، ورجع إلى غزنة في صفر سنة سبع عشرة وأربعمائة[4].
وفاته
مات في يوم الخميس لسبع بقين من ربيع الآخر إحدى وعشرين وأربعمائة على ثلاثة وستين سنة، ملكه منها ثلاث وثلاثون[5].
قالوا عنه
وكان على عزم وصدق في الجهاد. قال عبد الغافر الفارسي: كان صادق النية في إعلاء كلمة الله تعالى، مظفرًا في غزواته، ما خلت سنة من سني ملكه عن غزوة أو سفرة، وكان ذكيًّا بعيد الغور، موفق الرأي، وكان مجلسه مورد العلماء[6].
مدحه بديع الزمان الهمذاني قائلاً:
أطلت شمس محمود ... على أنجم ساحـان
وأمسـى آل بهـرام ... عبيدًا لابن خاقان
إذا ما ركـب الفيـل ... لحرب أو لميدان
رأت عيناك سلطانًا ... على منكب شيطان[7]
[1] ابن كثير: البداية والنهاية 12/29.
[2] ابن كثير: البداية والنهاية 11/330.
[3] الذهبي: العبر 1/191.
[4] تاريخ ابن خلدون 4/491.
[5] ابن كثير: البداية والنهاية 12/31.
[6] الذهبي: العبر 1/191.
المصدر موقع قصة الاسلام
السبت يوليو 27, 2019 4:19 am من طرف طلعت شرموخ
» كنوز الفراعنه
السبت مايو 18, 2019 1:00 am من طرف طلعت شرموخ
» الثقب الاسود
السبت أبريل 13, 2019 1:22 am من طرف طلعت شرموخ
» طفل بطل
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:15 am من طرف طلعت شرموخ
» دكتور زاكي الدين احمد حسين
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:12 am من طرف طلعت شرموخ
» البطل عبدالرؤوف عمران
الإثنين أبريل 01, 2019 9:17 pm من طرف طلعت شرموخ
» نماذج مشرفه من الجيش المصري
الإثنين أبريل 01, 2019 9:12 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» دجاجة القاضي
الخميس فبراير 28, 2019 5:34 am من طرف طلعت شرموخ
» اخلاق رسول الله
الأربعاء فبراير 27, 2019 1:50 pm من طرف طلعت شرموخ
» يوم العبور في يوم اللا عبور
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:59 pm من طرف طلعت شرموخ
» من اروع ما قرات عن السجود
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:31 pm من طرف طلعت شرموخ
» قصه وعبره
الأربعاء فبراير 20, 2019 11:12 am من طرف طلعت شرموخ
» كيف تصنع شعب غبي
الخميس فبراير 14, 2019 12:55 pm من طرف طلعت شرموخ