مازال الشاعر الكبير الراحل أمل دنقل يدهشنا، ومازال هناك فى المجهول بعض من تراثه، بالأمس القريب اكتشفنا قصائد له لم يضمنها أيّا من دواوينه، ولم نجدها فى أعماله الشعرية الكاملة التى صدرت عام 2003 عن المجلس الأعلى للثقافة، بمناسبة الاحتفال بمرور عشرين عاما على رحيله، وها نحن نكتشف قصيدة أخرى له ذهبت طى النيسان أيضا، ولم تتضمنها تلك الأعمال الكاملة، والجدير بالذكر أن ذكرى ميلاد الشاعر قد حلت علينا هذا العام إذ ولد فى 23 يونيو عام 1940، بقرية القلعة جنوب مدينة قنا، وكان أبوه من علماء الأزهر ــ كما هو مسجل ببلوجرافيا الشعر ــ وكان والده يكتب الشعر العمودى، وحصل أمل على شهادة الثانوية العامة عام 1957، وبدأ أمل كتابة الشعر فى هذا العام.
وبعيدا عن مسيرة الشاعر المعروفة، والتى نوه عنها فى كتابات كثيرة، أقامت ونهضت تجربة الشاعر على أرضية الرفض والمقاومة، هذا الرفض الذى كان نافرا من الأوضاع الاجتماعية والسياسية القائمة، ومن الشائع أن أمل كتب قصيدته الشهيرة (كلمات سبارتاكوس الأخيرة) عام 1962 والتى يستهلها بـ:
(المجد للشيطان.. معبود الرياح
من قال «لا» فى وجه من قالوا «نعم»
من علم الانسان تمزيق العدم
من قال «لا».. فلم يمت،
وظل روحا عبقرية الألم!)
ورغم أن القصيدة مكتوبة عام 1962، إلا أن أمل لم ينشرها إلا فى عام 1969 ضمن ديوانه الأول، وهذا يمثل لغزا، لأن أمل كان قد لمع اسمه منذ سنوات قبل هذا التاريخ، وقد برزت قصائده بقوة، ولفتت انتباه النقاد والقراء والأوساط الثقافية العربية معا، وكان مرحبا به فى جميع وسائل النقد.. إذن لماذا لم ينشر القصيدة مبكرا؟.. رغم أنه نشر قصائده الأخرى فى مجلات مرموقة وكبيرة مثل مجلة الآداب البيروتية، وصباح الخير المصرية، وغيرها، والقصيدة التى نحن بصدد اكتشافها هنا هى قصيدة تحت عنوان «اعتراف» منشورة فى العدد العاشر من مجلة الآداب فى أكتوبر عام 1964، وفيها سنلاحظ أن أمل بدأت ملامحه المستقلة والخاصة تبرز بشكل واضح، وأبرز ملامح هذه القصيدة هو العنصر الدرامى الحاد، هذا العنصر الذى لازمه طوال تجربته الشعرية، على مدى حياته كلها، ومنذ مطلع القصيدة يضع أمل القارئ أمام مفارقة حادة ودامية:
(إنى فعلتها
لقد ذبحت طفلتى
حين تسللت إلى غرفتها والليل مسبل الجفون)
عنصر الدراما والعنف والتشكيل اللغوى، والصورى، هذه عناصر لازمت الشاعر ــ كما أسلفنا ــ طوال تجربته، ولا أريد أن أطيل فى القراءة، ولكننى أضع القصيدة أمام محبى وقراء ونقاد أمل دنقل، ربما تلقى ضوءا جديدا على تجربة الشاعر التى ما زالت تحتاج إلى اكتشافات، ونهديها للقراء فى ذكرى ميلاده السبعين.
اعتراف
إنى فعلتها
لقد ذبحت طفلتى
حين تسللت إلى غرفتها والليل مسبل الجفون
كوردة بلا أشواكها
كانت تنام فى فراشها وديعة الجسد
لا شىء حولها يعكر السكون
غير شعاع خافت ينسل من شباكها
.. وارتجفت فى كفى السكين عندما استللتها
لكننى أرسلتها
فى الصدر، فى الأحشاء، فى الرؤى التى جملتها
قتلتها.
هل تعرفون ماذا فعلت؟
قد صرخت
أبى.. أبى..
لكننى أخرستها إلى الأبد
وانهار من يدى شىء حزين ضاع فى التراب
وما تزال
عيونها المفزوعة الخرساء من خلف الظلال
تنظر لى وتسأل السؤال
لكننى أسبلتها
ثم انحنيت فوق وجهها المربد
قبلتها..
قلت اغفرى لى.. لم يكن هناك بد.
اتسألون: لم قتلتها
أتسألوننى عن الأسباب
وأنتم الذين احتجزوها فى محابس الظنون
وفى عيونكم كان القضاة والمحلفون
تكلموا.. فما أنا الذى أدنتها
لكننى حين أتانى الشك طائرا مرتجفا
يخاف.. كلما دنا منى: ابتعد
سألتها.. أجل سألتها.
قلت لها: يقال
عنك وعن هذا الذى باعته نفسه
فباع الشرفا
الأحدب الذى يرى الحياة كيس مال.
فأنكرت.. لكن شحوبها الرهيب اعترفا
قلت: بنيتى: هل تعرفين من نكون
الفقراء نحن
لكن قلوبنا يفيض منها الخصب
والأثرياء هم
لكنما نساؤهم ليست تلد
لأنهم لم يعرفوا ــ بنيتى ــ عذاب الحب
قالت: أبى.. هم الذين يملكون
قلت: الذين يملكون اليوم
لن يملكوا غدا
حتى الذين يملكون الغد
لا يملكون بعد غد
تذكرى..
نساؤهم ليست تلد
لأنهم لا يملكون بذرة النماء.
حذرتها
لكننى ليلة أن قتلتها
كان على ثيابها بقعة دم
طمستها فيما يسيل من دماء.
أمل دنقل
وبعيدا عن مسيرة الشاعر المعروفة، والتى نوه عنها فى كتابات كثيرة، أقامت ونهضت تجربة الشاعر على أرضية الرفض والمقاومة، هذا الرفض الذى كان نافرا من الأوضاع الاجتماعية والسياسية القائمة، ومن الشائع أن أمل كتب قصيدته الشهيرة (كلمات سبارتاكوس الأخيرة) عام 1962 والتى يستهلها بـ:
(المجد للشيطان.. معبود الرياح
من قال «لا» فى وجه من قالوا «نعم»
من علم الانسان تمزيق العدم
من قال «لا».. فلم يمت،
وظل روحا عبقرية الألم!)
ورغم أن القصيدة مكتوبة عام 1962، إلا أن أمل لم ينشرها إلا فى عام 1969 ضمن ديوانه الأول، وهذا يمثل لغزا، لأن أمل كان قد لمع اسمه منذ سنوات قبل هذا التاريخ، وقد برزت قصائده بقوة، ولفتت انتباه النقاد والقراء والأوساط الثقافية العربية معا، وكان مرحبا به فى جميع وسائل النقد.. إذن لماذا لم ينشر القصيدة مبكرا؟.. رغم أنه نشر قصائده الأخرى فى مجلات مرموقة وكبيرة مثل مجلة الآداب البيروتية، وصباح الخير المصرية، وغيرها، والقصيدة التى نحن بصدد اكتشافها هنا هى قصيدة تحت عنوان «اعتراف» منشورة فى العدد العاشر من مجلة الآداب فى أكتوبر عام 1964، وفيها سنلاحظ أن أمل بدأت ملامحه المستقلة والخاصة تبرز بشكل واضح، وأبرز ملامح هذه القصيدة هو العنصر الدرامى الحاد، هذا العنصر الذى لازمه طوال تجربته الشعرية، على مدى حياته كلها، ومنذ مطلع القصيدة يضع أمل القارئ أمام مفارقة حادة ودامية:
(إنى فعلتها
لقد ذبحت طفلتى
حين تسللت إلى غرفتها والليل مسبل الجفون)
عنصر الدراما والعنف والتشكيل اللغوى، والصورى، هذه عناصر لازمت الشاعر ــ كما أسلفنا ــ طوال تجربته، ولا أريد أن أطيل فى القراءة، ولكننى أضع القصيدة أمام محبى وقراء ونقاد أمل دنقل، ربما تلقى ضوءا جديدا على تجربة الشاعر التى ما زالت تحتاج إلى اكتشافات، ونهديها للقراء فى ذكرى ميلاده السبعين.
اعتراف
إنى فعلتها
لقد ذبحت طفلتى
حين تسللت إلى غرفتها والليل مسبل الجفون
كوردة بلا أشواكها
كانت تنام فى فراشها وديعة الجسد
لا شىء حولها يعكر السكون
غير شعاع خافت ينسل من شباكها
.. وارتجفت فى كفى السكين عندما استللتها
لكننى أرسلتها
فى الصدر، فى الأحشاء، فى الرؤى التى جملتها
قتلتها.
هل تعرفون ماذا فعلت؟
قد صرخت
أبى.. أبى..
لكننى أخرستها إلى الأبد
وانهار من يدى شىء حزين ضاع فى التراب
وما تزال
عيونها المفزوعة الخرساء من خلف الظلال
تنظر لى وتسأل السؤال
لكننى أسبلتها
ثم انحنيت فوق وجهها المربد
قبلتها..
قلت اغفرى لى.. لم يكن هناك بد.
اتسألون: لم قتلتها
أتسألوننى عن الأسباب
وأنتم الذين احتجزوها فى محابس الظنون
وفى عيونكم كان القضاة والمحلفون
تكلموا.. فما أنا الذى أدنتها
لكننى حين أتانى الشك طائرا مرتجفا
يخاف.. كلما دنا منى: ابتعد
سألتها.. أجل سألتها.
قلت لها: يقال
عنك وعن هذا الذى باعته نفسه
فباع الشرفا
الأحدب الذى يرى الحياة كيس مال.
فأنكرت.. لكن شحوبها الرهيب اعترفا
قلت: بنيتى: هل تعرفين من نكون
الفقراء نحن
لكن قلوبنا يفيض منها الخصب
والأثرياء هم
لكنما نساؤهم ليست تلد
لأنهم لم يعرفوا ــ بنيتى ــ عذاب الحب
قالت: أبى.. هم الذين يملكون
قلت: الذين يملكون اليوم
لن يملكوا غدا
حتى الذين يملكون الغد
لا يملكون بعد غد
تذكرى..
نساؤهم ليست تلد
لأنهم لا يملكون بذرة النماء.
حذرتها
لكننى ليلة أن قتلتها
كان على ثيابها بقعة دم
طمستها فيما يسيل من دماء.
أمل دنقل
السبت يوليو 27, 2019 4:19 am من طرف طلعت شرموخ
» كنوز الفراعنه
السبت مايو 18, 2019 1:00 am من طرف طلعت شرموخ
» الثقب الاسود
السبت أبريل 13, 2019 1:22 am من طرف طلعت شرموخ
» طفل بطل
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:15 am من طرف طلعت شرموخ
» دكتور زاكي الدين احمد حسين
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:12 am من طرف طلعت شرموخ
» البطل عبدالرؤوف عمران
الإثنين أبريل 01, 2019 9:17 pm من طرف طلعت شرموخ
» نماذج مشرفه من الجيش المصري
الإثنين أبريل 01, 2019 9:12 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» دجاجة القاضي
الخميس فبراير 28, 2019 5:34 am من طرف طلعت شرموخ
» اخلاق رسول الله
الأربعاء فبراير 27, 2019 1:50 pm من طرف طلعت شرموخ
» يوم العبور في يوم اللا عبور
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:59 pm من طرف طلعت شرموخ
» من اروع ما قرات عن السجود
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:31 pm من طرف طلعت شرموخ
» قصه وعبره
الأربعاء فبراير 20, 2019 11:12 am من طرف طلعت شرموخ
» كيف تصنع شعب غبي
الخميس فبراير 14, 2019 12:55 pm من طرف طلعت شرموخ