سيرة الأمازيغ في مصر: 2758 عاما من العزلة:
«البديل» ذهبت إلي عالمهم في واحة سيوة وعادت بالحكاية كاملة
صحيفة البديل المصرية/ملف يحققه يوسف عبد ربه: كانت مفاجأة لي-
وللعديدين- حين علمت بأن هناك أمازيغ في مصر.. كانت البداية في الخبر الذي
أطلقه الناشط القبطي المهجري عدلي أبادير علي الإنترنت، والذي يعتزم بموجبه
إرسال دعوة للأمازيغ في مصر لمشاركته في المؤتمر الذي ينظمه حول “الأقليات
في مصر”..
اختزنت الخبر في ذاكرتي، علي أن يكون أحد الموضوعات المطروحة علي أجندتي
للبحث فيما بعد.. لكن لم تمر إلا أيام قلائل ووجدت ردا علي تلك الدعوة
منشورا في إحدي الصحف القومية علي لسان “أماني الوشاحي”.. وهي سيدة
أمازيغية الأصل، وترجع أصولها إلي أمازيغ المغرب.. وشاءت الظروف أن تلقي
بها علي الساحة لتتحدث باسم أمازيغ مصر.. بحثت عن وسيلة للاتصال بها حتي
التقيتها.. وتحدثت معها عن الأمازيغ في مصر والمنطقة، فقالت لي إن تعداد
الأمازيغ في العالم يتجاوز 32 مليون نسمة، منهم 21 ألف أمازيغي في مصر
يقطنون في مدينة سيوة.. تحكمهم عادات وتقاليد وأحكام تتجاوز في كثير من
الأحيان مرتبة الدين والقانون.. وراحت المؤشرات تدعم كلامها نظريا حين
استضافتني في بيتها وأطلعتني علي مكتبة زاخرة بالمعلومات عن دولة الأمازيغ
التي يؤرخ لها بـ950 عاما قبل الميلاد.. والتي امتدت إلي مصر في عهد الملك
“رمسيس الثالث” حتي استولي الأمازيغ علي حكم مصر علي يد زعيمهم “شيشينق
الأول”.. لكن مع مرور الزمن سقط هذا الحكم وانحصر أمازيغ مصر وتحوصلوا في
واحة سيوة منذ حوالي 2758 .. وبقوا حتي الآن.. بعاداتهم .. وتقاليدهم ..
ولغتهم الأمازيغية.. لم يكن من السهل أن أترك موضوعاً كهذا دون أن أحقق
فيما يتردد حوله.. خاصة قضية انتمائهم العرقي الذي يتجاوز الانتماء للدين
والوطن.. تدعم هذا الأمر واقعة شهيرة في السبعينيات من القرن الماضي، سببت
أزمة سياسية بين مصر وليبيا، حين أعلن الرئيس معمر القذافي رغبته في ضم
واحة سيوة إلي ليبيا بسبب القرب المكاني والجذور الأمازيغية التي ينتمي
إليها سكان ليبيا وواحة سيوة.
..كان لي صديق- تعرفت عليه منذ فترة ليست طويلة- يدعي “حسين البدري” .. من
أهالي مرسي مطروح .. طرحت عليه أمر السفر إلي مدينة سيوة للتحقيق في الأمر،
فعرض علي مساعدته من خلال معارفه في مدينة “سيوة” .. لكني كنت قد اتخذت
إجراءات السفر بالفعل صبيحة اليوم التالي وبات الوقت ضيقا للاتصال
بمعارفه.. فما كان منه إلا أن اتصل ليلا بصديق له من “سيوة” يدعي “عمر
حمزة” يعمل مفتش آثار في مدينة “سيوة” وطلب منه مضايفتي .. فوجده في إجازة
عمل يقضيها في مرسي مطروح.. إلا أن الأخير طلب من صديقي التمهل حتي الصباح
ليتحدث إلي صديق له من “سيوة” ليكون في استقبالي.
خرجت في صباح يوم السبت 20 من سبتمبر الماضي ولا أعرف شيئا عن مستقبل رحلتي
إلي “سيوة” إلا أن رحلة الذهاب ستستغرق 11 ساعة تقريبا.. لا أعرف أين
سأقيم؟ ..ولا بمن سألتقي؟.. أشعر بأني سأكون ضيفا ثقيلا علي أناس لا أعرف
عنهم ولا يعرفون عني شيئاً .. كنت أتساءل أثناء وجودي في الأتوبيس عما
سأفعل عقب وصولي.. وكان من المقرر أن أصل مع حلول منتصف الليل.. وفجأة اتصل
بي صديقي “حسين”.. وكنت قد اقتربت في رحلتي من “مرسي مطروح” في طريقي إلي
سيوة.. وأخبرني بأن “عمر” وجد من سيكون في استقبالي وعلي الاتصال به لأخذ
بيانات الرفيق الجديد في رحلتي.. فاتصلت به.. وإذا به يخبرني باسم ورقم
تليفون صديق- سوف أحتفظ باسمه حتي لا أتسبب له في حرج نتيجة ما سأفصح عنه
فيما بعد- وهو شاب من “سيوة” ذو جذور أمازيغية.. وقد رافقني في رحلتي حتي
رحلت عن المدينة بعد 3 أيام قضيتها بين شيوخ القبائل وأهل المدينة
والمزارات السياحية.
عندما وصلت إلي مدينة “سيوة” في منتصف الليل تقريبا، وجدت رفيقي في
استقبالي علي المحطة.. وبحفاوة بالغة..ووجه بشوش.. ورداء أبيض اللون..
التقاني رفيقي وكأنني علي معرفة مسبقة به منذ سنين طويلة.. ثم قال لي: “نحن
علي مقربة من الفندق الذي ستقيم به.. تستغرق 10 دقائق سيرا علي الأقدام
ودقيقتين إذا ركبنا وسيلة مواصلات.. فأيهما تفضل؟ الزمن الذي تستغرقة لتقطع
مدينة “سيوة” من الشرق إلي الغرب أو من الشمال إلي الجنوب دقائق معدودة،
فهي مدينة صغيرة جدا لا يتجاوز تعداد سكانها 30 ألف نسمة، بما تبعها من قري
وقبائل.. وجدت نفسي أقول لزميلي: دعنا نسير كي أتعرف علي المدينة.. فكان
أول شئ إشار إليه قسم شرطة مدينة “سيوة” وأخذ يحكي عنه العديد من الروايات
التي تحمل كثيراً من الانتهاكات والتجاوزات في حق المواطنين وكان أشدها
قسوة هو التعذيب الذي تعرض لها أحد المواطنين العام الماضي وتم تسفيره خارج
البلاد للتعتيم علي الجريمة.. وبعد قليل من السير أشار إلي مسجد الملك وهو
المسجد الذي أنشأه الملك فؤاد في منتصف المدينة تقريبا.. ثم مدينة “شالي”
وهي مدينة قديمة جدا، يرجع تاريخها الي ما بين 200 الي 300 سنة- كما تروي
الحكايات الشعبية المتداولة بين الأهالي- وقد أقامها ساكن المنطقة من
الأمازيغ لرد هجوم العرب علي المدينة لسرقة ما بها من زراعات ومحاصيل.
كان من اللافت لي أن كل من التقيتهم في سيري من الرجال ولم ألتق أي سيدة
علي الإطلاق.. وقد ظننت في أول الأمر أن هذا يعود لتأخري، فالساعة كانت
تقترب من الثانية عشرة ليلا..لكن ما استوقفني في حينه هو مستوي التدين
الشكلي الذي يغطي وجوه سكانها.. فما التقيت رجلا ولا شابا إلا وقد أطلق
لحيته حتي توقفت عن التمدد..وما التقيت رجلا وشابا إلا وجدته مرتديا ثوبا
أبيض يغلق عليه بغطاء الرأس.. وبعد 10 دقائق تقريبا كنت قد وصلت إلي
الفندق.. فحجزت غرفة وصعدت إليها.. فلم أجدها أكثر من أربعة جدران تمتد
عليها ثلاثة أسرة وسقف معلق به مروحة.. فلم أقبع فيها كثيرا، حتي استبدلت
ملابسي وغسلت يدي ووجهي ونزلت إلي زميلي الذي كان في انتظاري.
وطوال كلامي معه كان يحاول التأكيد دوما علي مصريته وأن مسألة الانتماء
العرقي لا تنتقص من انتمائه لمصر، وهو ما كان يشعرني بأن هناك شيئا ما في
القضية.
حكاية الدولة المجهولة من مرسي مطروح إلي المغرب العربي
تشيعوا كرهاً في الأمويين وعادوا للمذهب السني بعد سقوط الدولة الفاطمية
قصة الملكة الأمازيغية التي هزمت الجيوش العربية وحكاية كراهية عمرها 1300 سنة مع العرب
السكان والجغرافيا والتاريخ
الامازيغ هم سكان شمال أفريقيا الاصليون قبل الفتح العربي، ويرجع وجودهم في
شمال أفريقيا إلي أكثر من 20 ألف سنة، ويمتد وجودهم عرضا من مدينة سيوة
شرقا حتي جزر كناري غربا، مرورا بليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا
.. وطولا: من حدود جنوب البحر المتوسط شمالا حتي صحراء أفريقيا الكبري
جنوبا، حيث مالي والنيجر وبوركينافاسو.. ويبلغ تعدادهم حاليا أكثر من 32
مليون نسمة، يتمركز 30 مليوناً منهم في موطنهم الاصلي شمال أفريقيا و2
مليون في 9 دول أوروبية منها فرنسا وبلجيكا وإسبانيا وهولندا.. ويوجد 21
ألفًا في مدينة سيوة المصرية، وعدة آلاف متناثرون في أمريكا الجنوبية خاصة
كوبا.. واستنادا لكتابات المؤرخ وعالم الاجتماع الأمازيغي “ابن خلدون” فإن
نسب الأمازيغ يعود إلي “أمازيغ بن كنعان بن حام بن نوح” الذي سكن شمال
أفريقيا بعد الطوفان، وكلمة امازيغ تعني “الآنسان الحر” وقد انجب امازيغ بن
كعنان ولدين “بتر” و”بارنس” ومن نسلهما خرج الشعب الأمازيغي، وينفي “ابن
خلدون” نسب الأمازيغ إلي اصول عربية، فهم من نسل “حام” والعرب من نسل “سام”
فكيف يكون الأمازيغ من أصول عربية، كما أن هناك دراسات حديثة تفيد بأن
اقدم الشعوب فوق الارض 32 شعبًا منها الامازيغ، حيث لم يكن العرب قد ظهروا
إلي الوجود انذاك.
ومن الأمازيغ الذين هم ليسوا من نسل أمازيغ بن كنعان قبيلة بني صمغون، جنوب
غرب الجزائر، حيث إن جدهم الأكبر من اليهود الفارين من بيت المقدس بعد غزو
الملك البابلي “نبوخذ نصر” ومقتل النبي زكريا، وقد لجأ هذا اليهودي مع
أولاده إلي شمال أفريقيا وعاشوا بين الأمازيغ وظلوا علي يهوديتهم حتي دخول
العرب، فاعتنقوا الإسلام .. ويقال إن أصل الاسم شمعون، إلا أنه ينطق باللغة
الأمازيغية “صمغون”.
الأمازيغ والعرب
كان دخول العرب شمال أفريقيا “بلاد الأمازيغ” مرتبطا بنشر الإسلام عام 64
هجرية، وكما يري الأمازيغ فإن العرب ابتعدوا عن روح الإسلام السمحاء وحكموا
كعرب وكأمويين..ومع وصول القائد العربي عقبة بن نافع الفهري بدأ العصر
العربي في شمال أفريقيا، فقد أعاد بناء مدينة القيروان – في تونس حاليا-
واتخذها عاصمة سياسية وعسكرية لقواته، وفي عهد القائد العربي أبوالمهاجر
بين دينار اكتملت الفتوحات العربية في شمال أفريقيا حتي وصلت إلي مدينة
تلمسان – في الجزائر حاليا- وحدث أول احتكاك عسكري مع الأمازيغ بقيادة
الملك “كسيلة” زعيم قبيلة “أوربة” وكان وثنيا، إلا أن العرب هزموه وأسروه،
ولما كان القائد العربي أبو المهاجر دينار بعيد النظر، فقد أكرم الملك
الاسير وعامله معاملة طيبة، وكان هدفه من وراء ذلك، شرح قلب الأمازيغ إلي
الإسلام، مما نتج عنه اعتناق الملك “كسيلة” وعدد كبير من الأمازيغ للاسلام ،
لكنه ارتد عن الإسلام بعد عودة عقبة بن نافع وحارب العرب وقتل في معركة
معهم قرب قلعة “ممش” في المغرب حاليا- مع عدد كبير من جنوده وصفوة رجاله
سنة 686 ميلادية.
الملكة التي هزمت الجيوش العربية
جانب آخر من احداث الفتح العربي لشمال أفريقيا.. “كاينا” ملكة الاوراس وهي
ابنة الملك “أمدغاسين” وكانت يهودية، والتي يطلق عليها العرب الكاهنة، وهي
لم تكن تعمل بالكهانة لكنه تحريف للاسم، وكانت زعيمة قبيلة “جراوة “التي
حشدت جيشا ضخما من الأمازيغ وتصدت للجيش العربي بقيادة القائد العربي حسان
الغساني، وحدثت بين الجيشين معركة “وادي مسكيانة” شرق الجزائر وانتصر
الأمازيغ في هذه المعركة وقتل حسان الغساني علي يد الملكة “كاينا”، إلا أن
انتفاضتها انتهت بقتلها في إحدي المعارك علي يد القائد العربي “أبوالمهاجر
دينار”.
ويدخل ضمن احداث الفتح العربي لشمال أفريقيا البطل الأمازيغي “ميسرة
المطغري” وهو شاب ينحدر من عائلة فقيرة وكان أبوه سقاء مياه، ويعد ميسرة من
الصفرية- فرع من الخوارج- وكان قائد الثورة الأمازيغية في عهد الخليفة
الاموي هشام بن عبد الملك، وقتل في ميدان المعركة في وادي “سبو” قرب مدينة
“طنجة” المغربية علي يد القائد العربي “كلثوم بن عياض” سنة 123 هجرية…تلك
الاحداث جميعها استقرت في نفس الشعب الأمازيغي وأدت إلي حساسية مفرطة في
العلاقة بين الأمازيغ والعرب مازالت قائمة حتي الآن، لدرجة ان البعض صورها
علي انها نوع من العداء التاريخي الذي لا يمكن ان يمحوه الزمن بمقتضي ما هو
وارد في الادبيات الأمازيغية.
شعب يحتكم إلي موروثه إذا تعارض مع الدين
معظم الأمازيغ مسلمون سنة، علي مذهب الإمام مالك بن أنس، وهناك أقلية
إباضية “إحدي فرق الخوارج” وأقلية كاثوليكية- الطائفة الدوناتية نسبة إلي
القديس دوناتوس الأمازيغي مؤسس هذا الفكر- وأقلية يهودية، ويعتمد المسلمون
الأمازيغ -سنة وإباضية- تفسير ابن كثير للقرآن الكريم لأسباب عرقية، لأن
ابن كثير أمازيغي، وقد كان تلميذا للإمام مالك بن أنس، وربما لهذا السبب
أيضا يعتنق المسلمون الأمازيغ المذهب المالكي، وتعلو النزعة العرقية بين
الأمازيغ علي النزعة الدينية، وهو ما تسبب لهم في اتهامات عديدة بسطحية
الانتماء الديني سواء بالنسبة للإسلام أو المسيحية أو اليهودية، خاصة أن
الثقافة الأمازيغية تعطي أولوية للموروثات التشريعية الأمازيغية إذا تعارضت
مع النصوص الدينية، وعلي سبيل المثال، فإن الأمازيغ يرفضون تعدد الزوجات
ويساوون في الميراث بين الرجل والمرأة.. ومثال آخر، فإن المسيحيين الأمازيغ
يحللون الطلاق علي الرغم من أن الشريعة المسيحية خاصة الكاثوليكية تحرمه،
وهذا يعود لأن الثقافة الأمازيغة تبيح الطلاق والزواج أكثر من مرة.
الدين والسياسة
تنسب الدولة العبيدية إلي عبيد الله المهدي، الذي يعود نسبه إلي الإمام
إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق، الذي رفض الشيعة الجعفرية إمامته، أما
الذين صدقوا بإمامته عرفوا فيما بعد بالشيعة الإسماعيلية، وقد قاد عبيد
الله المهدي حركة ثورية إسماعيلية في بغداد، إلا أنه تعرض للاضطهاد علي يد
العباسيين ففر ورفاقه إلي بلاد الأمازيغ -شمال أفريقيا- وقد سبقه اليها احد
رجاله -أبوعبد الله الشيعي- الذي كان له دور مهم جدا في نشر الفكر الشيعي
الإسماعيلي بين الأمازيغ خاصة قبيلة “كتامة”، مما ساعد عبيد الله المهدي
فيما بعد لإقامة دولته الشيعية الإسماعيلية بين الأمازيغ وعلي ارضهم سنة
297 هجرية – 908 ميلادية وأسس مدينة “المهدية” لتكون عاصمة له، ويعد
الخليفة المعز لدين الله رابع خلفاء الدولة العبيدية وأول خلفاء الدولة
الفاطمية واشهر خلفاء هذه الدولة.
وظل الفكر الشيعي الإسماعيلي منتشرا بين الأمازيغ مئات السنين إلي أن عادوا مرة أخري إلي المذهب السني بعد سقوط الدولة الفاطمية.
لقد كان الشعب الأمازيغي مهيئاً لنصرة المذهب الإسماعيلي لان التشيع منذ
نشأته اتخذ صبغة مضادة للأمويين، والذين كان الأمازيغ يكرهونهم اشد الكره،
فكما اعتمد الفكر الشيعي في المشرق علي الفرس، اعتمد في المغرب علي
الأمازيغ.
لغة خاصة
يتحدث الشعب الأمازيغي لغة خاصة بهم وتسمي “الأمازيغية”بطبيعة الحال..
يتفرع عن الأمازيغية حوالي 13 لهجة، تتحد جميعها في القاعدة اللغوية
المشتركة ويمكن للناطق بإحدي اللهجات الأمازيغية أن يتعلم لهجة اخري في
ايام قليلة.. وقد تم اعتماد لهجة الطوارق رسميا في المنظومة العامة للتعليم
والثقافة والاعلام باعتبارها اقرب اللهجات للأمازيغية الصحيحة .. ومن أهم
اللهجات الأمازيغية “الطارقية” وهي في دول النيجر ومالي وبوركينافاسو..
و”الريفية” و”السوسية” و”الاطلسية” و”التشليحية” في المغرب… و”القبائلية”
و”الشاوية” و”الميزابية” و”الطارقية” أيضا في الجزائر .. و”الزوارية”
و”الجبالية” و”الغدامسية” في ليبيا .. و”الغوانشية” في جزر كناري..
“السيوية” في مصر.. وعلي الرغم ان العربية والأمازيغية تمازجتا في شمال
أفريقيا وخرجت منهما اللهجات الدارجة في تونس والجزائر والمغرب، إلا ان
القواعد اللغوية لهذه اللهجات الدارجة أمازيغية بحتة، وعلي سبيل المثال لا
يوجد في اللغة الأمازيغية مثني ولكن يوجد مفرد وجمع فقط، واللهجات الشمال
افريقية لا يوجد بها مثني بينما يوجد المثني في اللغة العربية، هذا ولم تنل
اللغة الامازيغية حقها في الاهتمام الاكاديمي علي مر السنين.
عيدً رأس السنة الأمازيغية
يحتفل الشعب الأمازيغي ليلة 13 يناير برأس السنة الأمازيغية ويطلقون علي
هذا العيد القومي “أسكاس أمينو” يعني السنة الجديدة، ويعد هذا العيد أشهر
الاعياد الأمازيغية علي الاطلاق، حيث يعد عطلة رسمية في المغرب وموريتانيا
والولايات الأمازيغية في الجزائر، وهذا العيد له طقوس خاصة للاحتفال به،
حيث تقام ليلة العيد الولائم ويتجمع عليها الاهل والاقارب، وتتكون هذه
الولائم من الاكلات الشعبية الأمازيغية، مثل الكسكسي بالخضروات والعسل
الابيض بالتين المجفف والزبيب والشاي الاخضر، كما يقدم أيضا الديك الرومي
وإن كان تقديمه عاده غير أمازيغية أخذها الأمازيغ عن الرومان، ويتم استقبال
الضيوف بأكواب اللبن، وأشهر طقوس هذا الاحتفال بإشعال النار، التي تمثل
النور والامل في الثقافة الأمازيغية.. وفي صباح يوم العيد، تتزين النساء
والرجال، ويخرجون للاحتفال في الأماكن العامة.
والسنة الأمازيغية هي سنة شمسية، تتكون من 12 شهرًا وهي توازي الشهور
الميلادية، وهي يناير، خبراير، ماغريس، أيقرير، ماقو، يونيو، يوليوز، غشت،
شوتمبر، توبر، دونمبر، دوجمبر، ..ويبدأ التقويم الأمازيغي باعتلاء الملك
الأمازيغي “شيشينق” الأول عرش مصر سنة 950 قبل الميلاد وهو الفارق بين
التقويم الأمازيغي والتقويم الميلادي، حيث إن سنة 2008 ميلادية توافق سنة
2958 أمازيغية.
التاريخ يحركه المطربون أحيانا
ينقسم الشعب الأمازيغي إلي أمازيغ الريف وهم يقطنون شمال غرب المغرب،
ويتحدثون اللهجة الريفية واللهجة الزناتية وهم الذين خاضوا معركة “أنوال”
الشهيرة سنة 1921 أمام الاحتلال الإسباني علي المغرب، ومن مشاهيرهم الأمير
محمد عبدالكريم الخطابي -الزعيم الأمازيغي المغربي- .. وأمازيغ “الشلوح”
يقطنون وسط وغرب الاطلس الكبير وكذلك في الاطلس الصغير في المغرب، وتستخدم
في تلك المناطق اللهجة الشلوحية
أمازيغ “سوس” وهم يقطنون سهل سوس في المغرب الذي يعرف قديما باسم مملكة
جزولة، ويستخدمون اللهجة السوسية.. وكذلك أمازيغ القبائل الذين يقطنون شمال
وشرق الجزائر وأهم مدنهم “تيزي وزو” التي تعد معقل الحركة الانفصالية
الأمازيغية التي يتزعمها حاليا المطرب الأمازيغي القبائلي فرحات مهنا
ويتحدثون اللهجة القبائلية .. ومن مشاهيرهم المطرب العالمي “إيدير” والمطرب
الراحل ” معتوب لوناس” والقديس ” أوغستين” أحد آباء الكنيسة الكاثوليكية
و”لوكيسوس أبوليوس” صاحب رواية الحمار الذهبي التي تعد أول رواية في
التاريخ.. وأمازيغ الاوراس، وهم يقطنون شرق الجزائر قريبا من الحدود
التونسية بجوار الاوراس ويتحدثون اللهجة الاوراسية ومن مشاهيرهم الملك
“أمدغاسين” وابنته الملكة “كاينا”.. وامازيغ الطوارق ويقطنون جنوب الجزائر
وأجزاء من ليبيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو ويتحدثون اللهجة الطارقية،
ومن الجدير بالذكر انهم يتعرضون في النيجر لحرب إبادة واضطهاد عرقي.
“يوبا الثاني”موحد القبائل
للأمازيغ حضارة عريقة يقدرونها هم أنفسهم ب 20 ألف سنة.. لهذا فإن تاريخ
الأمازيغ حافل بعدد كبير من الاحداث والوقائع والشخصيات التي قدمت لهذا
العرق الكثير، مما جعلهم يؤرخون لما قدمته تلك الشخصيات:
يأتي في مقدمة تلك الشخصيات، الملك “يوبا الثاني” موحد القبائل الأمازيغية
الغربية “مملكة موريا وهي موريتانيا والمغرب حاليا” وأنشأ حكمًا ديمقراطيا
نيابيا واتخذ عاصمتين “شرشال” و”ليلي” وقد اهتم يوبا الثاني ومن بعده ابنه
بطليموس بالجانب العلمي والفكري والثقافي، وكانت له مؤلفات كثيرة ومنها
“تاريخ بلاد العرب” و”آثار آشور” و”آثار الرومان القديمة” و”تاريخ المسارح”
و”منابع النيل” و”تاريخ الرسم والرسامين”.. كما وضع كتابا في قواعد النحو
الأمازيغي وقد امتد حكمه لمدة عامين من 25- 23 قبل الميلاد، إلا أنه قد خدم
الثقافة الأمازيغية.
القديس “أغسطين” وولد بمملكة نوميديا – الجزائر حاليا- من أم مسيحية وهي
القديسة “مونيكا” وأب وثني. سافر إلي روما لدراسة الفلسفة اليونانية، وبعد
عودته إلي نوميديا سنة 388 ميلادية أنشأ ديرًا وسار يبشر بين الشعب بعد أن
تنصر وهو في الثالثة والثلاثين من عمره، وفي ظرف 9 سنوات وصل لرتبة الأسقف،
وكرس حياته للكنيسة والتأليف الديني ومن أشهر كتاباته “اعترافاتي ” والذي
يعد أول كتاب في أدب الاعترافات في تاريخ الإنسانية، كما كتب أيضا “مدينة
الإله” و”اعترافات التوبة” و”المراسلات”.. وقد كان القديس “أغسطين” متعاطفا
مع الأمازيغ ويدافع عن هويتهم العرقية، وقد انتهت حياته بالاستشهاد في 9
أغسطس 430 ميلادية وهو التاريخ الذي تحتفل به جميع الكنائس الكاثوليكية في
العالم، وقد مات وهو يدافع عن مدينته عنابه ضد الغزاة “الوندال” الألمان
القدماء.
“العباءة” فرض علي المرأة
تعد العباءة السيوية هي الرداء الرسمي لجميع السيدات السيوية، أما الفتيات
اللواتي لم يتزوجن بعد فلهن أن يرتدين ما شئن من الملابس، بشرط ألا تظهر أي
جزء من جسدها، ولذا تجد النقاب منتشرا بين الفتيات التي لم تتزوج بعد، علي
أساس أن النقاب هو أقرب الملابس إلي العباءة السيوية.. العباءة السيوية
عبارة عن قطعة قماش طويلة.. خفيفة الكثافة.. لونها رمادي في أغلب الحالات..
مصنوعة من القطن للتخفيف من وطأة درجة الحرارة المرتفعة..يتوسطها خط أحمر
بمثابة حزام ..وتباع بمبلغ 250 جنيهًا.. لا يجوز لأي امرأة سيوية أن تخرج
إلي الشارع دون ارتداء تلك العباءة، ولها أن ترتدي تحتها ما شاءت من
الملابس، وفي الغالب تكون “جلبية” ذات ألون زاهية..ومن العيب أن تخرج
المرأة بأي زي يحمل ألوانا غير الأسود والرمادي، لأنه ينظر إليه علي أنه
ليس من الحشمة.. كما يأخذ علي المرأة أن تخرج إلي الشارع بمفردها، إلا أن
يكون معها زوجها، ويتخذون من.. وسيلة للانتقال إلي حيث يقصد الرجل وزوجته
حتي لا يكونا عرضة لأنظار الناس إذا ما ساروا علي الأقدام.. كما تحرص
المرأه أن تغطي وجهها ب….وفي الغالب يكون لونه أسود، ومن لم يكن لديها،
فعليها أن تغلق فتحة العباءة من أعلي علي وجهها بحيث لا يراه أحد.
الهوية علي ثوب قماش
أهم ما يميز لبس الرجل الأمازيغي خاصة في دول شمال أفريقيا… “السلهام” وهو
ما يطلق عليه العرب الجلباب والبورنس، المنتشر في المملكة المغربية..
و”الوشاح” وهو قماشة طويلة تلف حول الرأس وذلك لمقاومة عوامل التعرية..
و”الجلابة” وهي تشبه الجلابية المصرية والجلباب العربي وهي منتشرة بين
الموريتانيين والطوارق ولكن بطراز مختلف.. و”الجرد” وهو عبارة عن قماشة
مستطيلة تلف حول الجسد وهي منتشرة في سيوة وليبيا.. و”العباءة” وهي منشرة
في تونس والجزائر.
الخطوبة والزواج
كان -ومازال- هناك تحفظ شديد علي زواج بنات القبائل من خارج قبائل سيوة،
ومن الشائع خطوبة الفتيات في سن 8 و9 سنوات، حتي أن الخطوبة قد تحدث في
كثير من الحالات بمجرد مولد الفتاة، علي أن تتم قراءة الفاتحة وتحجز
الفتاة- بمقتضي هذا العقد العرفي- للشاب حتي يصل إلي سن الزواج .. ولذا فإن
معدل فترة الخطوبة دائما ما تمتد إلي 10 سنوات وأكثر.. ليس من حق الشاب أن
يري خطيبته علي الإطلاق، مهما طالت فترة الخطوبة، ويقتصر أمر لقائهما في
العيدين فقط “عيد الفطر وعيد الأضحي” علي أن يكون لقاؤهما في حضور والدها
أو أخيها ولا يكون بينهما أي حديث ويقتصر اللقاء علي المصافحة فقط وتقديم
واجب الضيافة من المشروبات..كانت مراسم الزواج تمتد لمدة 7أيام، لكنها
اختزلت الآن في 3 أيام فقط، علي أن ينتقل جميع أقارب العروس إلي بيت العريس
والعكس، ويكون واجب الضيافة هو تقديم الطعام لهم لمدة الـ 3 أيام دون
انقطاع، كما كان من الشائع في الماضي أن يتم الاحتفال بالموسيقي والأغاني،
لكن مع انتشار الفكر السلفي توقف هذا الأمر وبات بينهم محرما.. وتنحو
العلاقة بين القبائل في سيوة إلي عدم المغالاة في المهور، ولذا يعاني
المجتمع السيوي من ارتفاع نسبة الطلاق.. كما يحق للرجل أن يكون علي ذمته
أكثر من امرأة، علي عكس عادات الأمازيغ في دول الشمال الأفريقي التي تمنع
وجود أكثر من مرأة علي ذمة الرجل، احتراما لمكانتها ودورها في المجتمع.
أفضل الأكلات
تعتبر “المخمخ” واحدة من أهم الأكلات التي تعتز بها القبائل، وهي نفسها
أكلة “الرجلة” التي كانت منتشرة منذ فترة ليست ببعيدة في ريف الوجه البحري،
وتعتمد في طبخها علي نبات “الرجلة” الذي ينبت بشكل عشوائي بين الزراعات في
فصل الشتاء.. كذلك “التجلان التيني” وهي تتكون من الدقيق والبلح وزيت
الزيتون، ويعتبرونها من أغني الأكلات بالطاقة التي يحتاجها الجسم عند
العمل.. و”المقطعة” التي تتكون من الدقيق واللبن والسمن البلدي.. لكن معظم
هذه الأكلات قل الاهتمام بها نظرا لأنها تحتاج لمجهود كبير في عمليات
إعدادها، واستسهل أهل سيوة الأكلات المتداولة الآن، والتي لا تنسب لهوية أو
أصل معين
حمودة عمران: مَن أيدوا انضمام سيوة إلي ليبيا «قلة».. ونحن مصريون حتي النخاع
«قيدوم» أمازيغ سيوة في حوار حول التاريخ والجغرافيا وحكايات الأجداد في الواحة
الملك فاروق أفطر معنا بعد أن اشتري من والدي السجائر في رمضان ولم يكن يعرفه أحد .. والسادات ربطنا بالعمران.. ومبارك جاء عام 1996
الشيخ “حمودة عمران ” واحد من كبار الشخصيات في عالم الأمازيغ، ويتبعه أناس
كثيرون، ولا يتحرك منهم أحد إلا بعد مشورته، كما أشار لي الناس هناك..
وبالفعل كنت عند صديقي في الموعد المحدد، فاصطحبني إلي بيت الشيخ العجوز..
وهو بيت واسع جدا، بني علي مساحة يحدها سور طويل، وتستغل المساحات الواسعة
المتبقية داخل حرم السور لتجميع الزيتون وتخزينه.. عندما دخلت من الباب
الرئيس للبيت وجدت الرجل جالسا علي عتبته بجلبابه الأبيض الناصع.. ولحيته
التي لا يختلف لونها كثيرا عن لون الجلباب..وبحفاوة شديدة مد يده- وهو
جالس- يسلم علي زميلي ثم علي.. ثم نهض من جلسته، وإذ أجده منحني الظهر
ويسير ببطء شديد، فتذكرت علي الفور البابا يوحنا بولس الثاني- بابا
الفاتيكان الراحل- لشدة الشبه بين حركتيهما وأسلوب سيرهما، وقد عرفت فيما
بعد من زميلي أنه مصاب بالغضروف منذ زمن.
جلست إلي الرجل الكهل.. فعرفته بنفسي وتعرفت عليه.. وأخذنا نتجاذب أطراف
الحديث، وعندما شرعنا في إجراء الحوار توقف الرجل فجأة وطلب مني تأجيل
الحوار حتي بعد الإفطار لأنه صائم ولا يستطيع أن يتكلم في ظل الصيام..
ذهبت.. ثم عدت إليه مرة أخري ليلا، فكان استقبال الليل أكثر حفاوة من
استقبال النهار.
* جلست إلي الرجل العجوز في المربوعة “غرفة بدوية مخصصة لاستقبال
الضيوف” وسألته سؤالا أكاد أكون أعرف إجابته مسبقا: هل التقيت أياً من
الرؤساء؟
- قال الرجال: لقد جاء هنا معظم الرؤساء تقريبا..الملك فاروق.. الرئيس السادات.. والرئيس مبارك والتقيت بعضهم ورأيت البعض الآخر.
* هل كانت هناك مناسبات معينة لزياراتهم؟
- أول من جاء إلي سيوة كان السلطان عبد الحميد، وذلك في أعقاب سفرية كان
يقوم بها عبر البحر.. وكان أعداؤه قد أجهزوا عليه ووضعوا له “السم” في
القهوة التي طلبها وهو في مركبه، وعندما أمسك بالفنجان.. وقع من يده.. ولما
وصل إلي حيث يقصد رأي رؤية.. بأن رجلا جاء إليه وأبلغه أن القهوة التي كان
سيحتسيها “مسمومة”، وهو الذي أسقطها من يده.. فسأله السلطان: مَنْ تكون؟..
فقال له: أنا سلطان “سيوة”.. فقرر السلطان عبد الحميد زيارة سيوة وبناء
مسجد بها.. وبالفعل جاء إلي هنا وذكر تلك الواقعة ووضع أساس المسجد الذي
أطلق عليه مسجد الملك، لأن الملك فؤاد هو الذي استكمل بناءه.. أما الملك
فاروق فكنا نسمع عنه فقط ولم يكن أحد قد رآه من قبل.. وجاء إلي هنا بــ
«عربية جيب» وكان يرتدي “أفرول” ونضارة ومعه اثنان من الحرس، ووقف أمام
دكانة والدي التي كانت أسفل “شالي” وسأله أحد الحارسين عن السجائر.. فأعطاه
السجائر.. فأخذها الحرس وأعطاها للملك وهو يقول..”تفضل جلالة الملك”.. فلم
يصدق والدي وظل يحيه.. «عاش جلالة الملك».. ثم دع الملك كل من في البلد
للعشاء في الجامع الكبير.. وكان ذلك في شهر رمضان.. أما بالنسبة للرئيس
جمال عبد الناصر فلم يأت إلي هنا، بينما جاء الرئيس السادات وكان في عربته
“الجيب” المكشوفة وأخذ يحيي الناس وجلس معهم في احتفال كبير حضره جميع أهل
البلد ووقتها اتخذ قرار رصف الطريق بين سيوة ومرسي مطروح بسبب شكاوي الناس
من بعدهم عن العمران.. وهكذا حضر الرئيس مبارك أيضا عام 1996.
* كم عدد سكان سيوة في فترة ما قبل الثورة؟
- كان عدد السكان في فترة ما قبل الثورة حوالي 6 آلاف، ثم ارتفع إلي حوالي
10 آلاف في فترة ما بعد الثورة.. وكان ـ ومازال حتي الآن ـ يحكمها العرف
الذي توارثناه عن أجدادنا
* كم عدد القبائل في تلك الفترة؟
- عدد القبائل كان ـ ومازال ـ ثابتاً مع مرور الزمن، وهي 10 قبائل
تقريبا..”الزناين” و”اللحمودات” و”الحدادين” و”أولاد موس” و”أغورمي”
و”الجواسيس” و”الشرامطة” و”السراحنة” و”المراقي”.
* من أين ينحدر العرق الأمازيغي في سيوة؟
- هذا أمر بعيد جدا يعرفه الآباء والأجداد.. فجذورنا تعود إلي دول الشمال،
سواء كانت المغرب أو الجزائر أو تونس، وكل العائلات الموجودة في سيوة- دون
العرب- تعود جذورها إلي تلك الدول، لكن مع مرور الزمن حدث انفصال وبدأت كل
جماعة تنغلق علي الدولة التي تنتمي إليها.. إلا أن أقرب الناس إلينا هم
الليبيون لأن أصلنا واحد ويتحدثون نفس اللغة.. وإن كان عدم التواصل بيننا
تسبب في اختلافات بسيطة بين اللهجتين.
* ولمن كان الولاء ساعة الأزمات..لمصرأم للانتماء العرقي؟
- كان الانتماء لمصر ..وحتي الآن.. ولو سألت أي واحد في سيوة بعيدا عن
أولاد علي- قبيلة كبيرة في سيوة ذات جذور عربية- سيقول لك:”مصر..مصر”.. لكن
ما تقصده ينطبق علي عرب مرسي مطروح، لأنهم قريبون جدا من ليبيا وبينهم
علاقات ود ونسب .
* لماذا توجد حساسيات تاريخية بين العرب والأمازيغ في سيوة؟
- لم يكن هناك عرب في سيوة، لكن حدث أن استقر عرب- رحل- في منطقة المراقي
ونطلق عليهم نحن، «أولاد علي»، وهم نوعان..”علي الأبيض” و”علي الأحمر” حسب
لون الأفراد.. وهذا المسمي نسبة إلي جدهم الأكبر “علي”.. وقد خرجت منهم
قبائل عديدة، تسكن الصحراء وتتنقل باستمرار ولم يستقر منهم إلا أولاد علي
في منطقة المراقي.
* وما سر الاحتقان الدائم بين العرب والأمازيغ..هل هناك بعد تاريخي لهذا الأمر؟
- لا يمكن تحديد سبب معين..ولكن ما يحدث في الانتخابات هو عملية تبادل
أصوات، فنحن لا نعطي أصواتنا لمرشح أي قبيلة إلا إذا اتفقنا علي أن يعطونا
أصواتهم في الانتخابات التالية ..هذا إذا كان لنا مرشح.. لكن واقع الأمر أن
العرب دائما يسعون لجمع الأصوات لصالح مرشحهم دون مقابل..ومع ذلك يبقي
أولاد علي هم أقرب العرب إلي السيويين.
* لماذا تنقسم “سيوة” إلي شرقية وغربية؟
- هذا ما خرجنا فوجدنا آباءنا وأجدادنا عليه..لكن لا أحد يعرف السر في
ذلك.. فمنذ أن ولدت وجدت سيوة الشرقية والغربية، ويخرج هذا التقسيم أحيانا
عندما تقع أزمة.. لكن مع ذلك فإن هذا التقسيم لم يعد في الاعتبار الآن،
فالعلاقة بيننا باتت علاقة نسب وأهل.. وهم يتزوجون منا ونحن نتزوج منهم.
* ما حقيقة مدينة “شالي”؟
- هذه المدينة منذ قديم الزمان..وكان يحكي لي عنها والدي الذي عاش 91 سنة
وعاصر الحياة بداخلها، قبل أن تتوسع “سيوة” بالشكل الذي هي عليه الآن..
فهذه المدينة يمتد عمرها لأكثر من 200 عام وأقامها الأجداد السيويون الذين
كانوا يتحدثون اللغة الأمازيغية وحدها آنذاك علي ارتفاع شديد لرد هجوم
العرب عليهم، وقد أحاطوها بسور كبير وبوابة ضخمة، لمنع دخول أو خروج أي فرد
منها بعد حلول الظلام.. حتي البهائم والأغلال كان يتم إدخالها خوفا من
سرقتها.
* متي تم اطلاق اسم سيوة علي المنطقة؟
- اسم سيوة.. اسم قديم جدا منذ أيام الفراعنة، وقد أطلق علي المدينة قبل أن
تنشأ “شالي”.. ولكن هذا الاسم كان للمنطقة بشكل عام ..أما اسم “شالي” فقد
كان للمدينة التي أنشأها أجدادنا وهي تمثل جزءاً كبيراً من سيوة حتي يكاد
لا توجد مبان في سيوة غيرها آنذاك.
* ماذا كان موقفكم عندما أعلن الرئيس معمر القذافي عن رغبته في ضم سيوة إلي ليبيا؟
- كان غرض القذافي هو ضم سيوة إلي ليبيا بسبب التقارب الذي حدث بين أهل
سيوة والليبيين في الفترة التي أهملت فيها مصر هذه المنطقة، وبسبب وحدة
اللغة بيننا، فكل منا يتحدث اللغة الامازيغية، مع اختلاف اللهجات، كما تعد
سيوة هي أقرب مكان في مصر لليبيا .
* ما موقف السيويين من هذا الطرح آنذاك؟
- عن نفسي.. لم أكن مؤيدا للانضمام إلي ليبيا.
* لكن ما موقف البقية؟
- كانت هناك قلة ترغب في الانضمام إلي ليبيا بسبب اللغة والقرب المكاني..
لكن الأغلبية كانت تفضل البقاء تابعين لمصر ..وحتي يومنا هذا، نحن دائما
نقول:”مصر..مهما حدث فينا”.
* هل تشعر بأنكم ظلمتم عبر العصور؟
- سيوة تعبت.. وهي مظلومة ببعدها عن العمران.. لكني لا أري ظلما قد وقع عليها من الحكام.
* البعض من أبناء “سيوة” مازال يتمني لو تعود إلي عزلتها عن العالم كما
كانت في الماضي للحفاظ علي هويتها وعرقيتها الأمازيغية..فهل تتفق مع هذا
الاتجاه؟
- لا.. فالدنيا تغيرت الآن ..لقد كان يحكمنا في السابق العرف، أما الآن فقد
دخل القانون وبدأ يأخذ مرتبة متقدمة عن العرف في العديد من المشكلات التي
نواجهها…لقد كنا نحكم..فينفذ.. ولا أحد يستطيع الاعتراض علي الحكم…أما الآن
فمن السهل أن أحكم ولا يرضي الخصم بحكمي فأتركه يذهب إلي قسم الشرطة.
* أيهما أفضل برأيك: دولة العرف أم دولة القانون؟
- الدولة سعت لتفكيك العرف.. وقد حدث إلي حد ما، فلم يعد هناك رجال كما كان
في الماضي، بحيث نحكم فيكون الأمر نافذا.. ومع ذلك فإن العرف والقانون ظلا
دائما علي تلك الأرض ومازلنا نأخذ بالعرف حتي الآن قبل أن نصل إلي القانون
الذي يعد المرجع النهائي إذا فشلنا في التوصل إلي حل عرفي .. ويمكن القول
إن القانون بدأ يأخذ مرتبة متقدمة عن العرف .
* علمت أن العقوبة الكبري بين القبائل هي “الجلد”..فهل هي مستقاة من العرف أم من الدين؟
- هذه العقوبة نابعة من العرف وليس لها أي علاقة بالدين .. وهي تطبق في
حالات محددة، وتعد أكثر العقوبات وطأة علي الفرد والقبيلة التي ينتمي
إليها.. ويتم ذلك من خلال مجلس عرفي يضم ممثلين لكل من القبيلتين المعنيتين
بالمشكلة، وتطرح الواقعة علي الحضور ويتم الحكم علي الفرد حسب درجة
الجرم..فقد تكون 40 جلدة أو 50 وقد تصل إلي 80 وقد تستبدل بالغرامة، إذا
كان الفرد قادرا علي دفع المال.
* هل “الجلد” عقوبة لكل التجاوزات؟
- لا.. فهناك مشكلات لا يجوز فيها الجلد.
* هل من الممكن الجمع بين “الجلد” والغرامة معا؟
- لا.. العقوبة إما جلداً أو غرامة.
* هل هناك شروط معينة يجب أن تراعي في عملية الجلد؟
- نعم.. يجب أن يكون الحبل بسمك معين.. وطوله 6 أمتار تقريبا، ويتم طيه إلي
4 طيات، بحيث عندما تضرب تترك أثر 4 خطوط علي ظهر من يتم جلده.. وتتم
عملية الجلد أمام الحاضرين، حيث يجرد الفرد من ملابسه- إلا القليل الذي
يستر عورته- ثم ينبطح علي الأرض ويقوم أحد أفراد عائلته بعملية الجلد،
إرضاء للطرف المتضرر.
* هل هناك سن معينة لتطبيق الجلد؟
- طبعا..سن البلوغ، أما دون ذلك فيترك الأمر لوالد الفرد كي يؤدبه بمعرفته
============
الحلقة الثانية
في الحلقة الثانية من ملف”الأمازيغ” الذي تفتحه البديل علي مدار عدة
حلقات، يوضح الشيخ فتحي الكيلاني شيخ قبيلة “الظناين”، كبري القبائل
الأمازيغية في واحة سيوة عددا من ملامح “الجماعة الأمازيغية في مصر علي
المستويين الثقافي والاجتماعي،خاصة فيما يتعلق بفكرتي “اللغة” و”العرق”،
وهو ما دفعنا بطبيعة الحال للسؤال عن العلاقة بين أمازيغ مصر وباقي
أقربائهم المنتشرين بمنقطة شمال أفريقيا. وكان منطقيا أن تطفو علي السطح
بعض تساؤلات سياسية قرر أن يتصدي لها أمين الحزب الوطني بسيوة، الذي حضر
اللقاء مع الشيخ الكيلاني، والذي اختصر إجابة كل الأسئلة في قوله “كل أهل
سيوة ينتمون للحزب الوطني..وقد فعل الحزب كل شيء لهم”! بينما راحت الباحثة
الأمازيغية أماني الوشاحي_في الحوار الثاني_ في توضيح عدة أبعاد تاريخية
للأمازيغ في مصر، وحاولت إذابة جسور الجليد بين فكرة العرق والمواطنة داخل
هذه الجماعة الصغيرة(21 ألفا في مصر)، وانتهت إلي أن علاقة الأمازيغ بمؤسسة
الدولة الرسمية لم تتلق أي أسافين حتي الآن، ورفضت دعوة عادلي أبادير
لإدراجهم علي أجندته فيما أطلق عليه “أقليات مصر”. وقالت إن لهم هيئة
عالمية تتحدث باسمهم وباسم قضاياهم تدعي “الكونجرس العالمي الأمازيغي”
بالإضافة إلي عدد من الصحف والإذاعات والفضائيات.
فتحي الكيلاني.. شيخ قبيلة «الظناين» السيوية: نطالب «التربية والتعليم» بتدريس اللغة الأمازيغية لأبناء سيوة حتي لا تنقرض
سيوة تضم 11 قبيلة أمازيغية هي قبائل «الظناين» و«الحدادين» و«اللحمودات»
و«الشرامطة» و«الجواسيس» و«أولاد موسي» و«السراحنة» و«الشحايم» و«أغورمي»
و«قرية أم الصغير» و«الشهيبات»
بدأت يومي الثالث في مدينة الأمازيغ بسيوة في مناطق نفوذ قبيلة “الظناين”
الأكبر في تلك المنطقة،حجم القبيلة تطلب أن يتولي أمر المشيخة فيها شيخان
هما الشيخ فتحي الكيلاني والشيخ عبدالرحمن الدميري. اليوم أيضا هو موعد
لقائي مع الشيخ فتحي الكيلاني، لقاء تطلب محاولات مضنية استمرت يومين. الآن
حل المساء علي مدينة الأمازيغ وعلي أن أتوجه إلي بيت الشيخ فتحي الكيلاني،
أمسكت بأدواتي وانطلقت إليه. تقارب الساعة الآن منتصف الليل ورغم ذلك علي
أن ألحق بالشيخ قبل أن يعود إلي دوامة الانشغال بحل القضايا التي يحيلها
إليه قسم الشرطة أو التي يلجأ إليه فيها أبناء قبيلته أو القبائل الأخري.
دخلت إلي المكان الذي يجلس فيه الشيخ ويستقبل ضيوفه، وكان جالسا فنهض
ليصافحني ويرحب بي، وسرعان ما أدرك دون سابق معرفة بيننا أنني الشخص الذي
ينتظره. قررت أن اختصر عليه الطريق وطلبت منه سرعة إجراء الحوار حتي يعود
إلي مشاغله التي تنتظره.. وإلي نص الحوار:
* لماذا يتولي مشيخة قبيلة الظناين اثنان من الشيوخ؟
- لأنها أكبر قبيلة في سيوة، ولابد أن يكون لها شيخان، وقد كان من قبلي في
هذا المنصب الشيخ أحمد سعيد الكيلاني، الذي توفاه الله فتوليت المشيخة خلفا
له، وأيضا الشيخ محمد الدميري، الذي توفاه الله فخلفه ابنه الشيخ عبد
الرحمن الدميري. تولي منصب المشيخة يكون بالانتخاب بين أبناء القبيلة ثم
ترسل نتيجة الانتخاب إلي قسم الشرطة لاعتمادها والتعامل مع الشيخ الجديد
بشكل رسمي من قبل وزارة الداخلية بعد أن تجري التحريات الأمنية المطلوبة
عنه وتتأكد من نزاهته.
* علمت أن رتبة شيخ القبيلة في وزارة الداخلية هي “العمدة”.. ما حقيقة هذا؟
-لا.. نحن علي رتبة شيخ أما رتبة العمدة فتكون بالنسبة للعرب في مرسي مطروح.
*ما القبائل التي تعيش في سيوة وكم يبلغ عددها؟
- يوجد في سيوة 11 قبيلة موجودة منذ عشرات السنين، هي قبائل “الحدادين”
و”اللحمودات” و”الشرامطة” و”الجواسيس” و”أولاد موسي” و”السراحنه”
و”الشحايم” و”أغورمي” و”قرية أم الصغير” و”الشهيبات” و”الظناين”
* ما أقدم قبيلة بين هذه القبائل؟
- لا يمكن تحديد ذلك علي الإطلاق لأن تلك القبائل موجودة منذ زمن بعيد،
فنحن في الأصل عرق أمازيغي ينحدر من دول شمال أفريقيا، لكن جئنا إلي هنا
منذ آلاف السنين واستقر بنا الحال في سيوة، لذلك من الصعب أن أحدد أيهم
أقدم من الأخري في النزول إلي سيوة.
* متي نزل الأمازيغ إلي سيوة؟
- كان هذا منذ زمن بعيد جدا، لكن في عصر قريب كان جبل “شالي” هو الموطن
الأساسي الذي يضم جميع القبائل، وكان محاطا بسور ضخم لرد أي هجوم من العرب
أو الرحالة في الصحراء. وعدد القبائل حينها -في عصر “شالي” – حوالي 7 قبائل
هي “الظناين” و”اللحمودات” و”الحدادين” و”أولاد موسي” و”الشحايم”
و”أغورمي” و”الشرامطة” ثم انضم لهم ثلاث قبائل أخري في الفترة الأخيرة.
* هل كانت هناك ملابسات معينة لإنشاء تلك المدينة؟
- كان السبب الرئيسي لإنشائها هو رد الغزو القادم من ليبيا والعرب، فأنشأوا
تلك المدينة علي منطقة عالية منعا لوصول الأعداء إليهم، ولكن مع مرور
الوقت وانتهاء الغارات علي المدينة وتزايد عدد السكان، بدأوا بالنزول إلي
البلد والعيش فيها. كانت سيوة بأكملها أراضي زراعية حتي منطقة السوق
الموجودة في وسط المدينة كانت منطقة زراعات، ولم يكن في سيوة كلها إلا جبل
“شالي” الذي تسكنه القبائل، لكننا الآن أصبحنا نعيش حياة غير التي كنا
عليها في الماضي من الانفتاح والاختلاط بالآخرين.
* من المعروف أن العلاقة بين أهل سيوة الشرقية والغربية شهدت توترات قلت حدتها الآن.. فهل هناك أسباب محددة لهذا التقارب؟
- يرجع الفضل في هذا إلي رجل فاضل هو الشيخ أحمد الظافر حيث حاول الصلح بين
الشرقيين والغربيين من خلال تنظيم خلوة للرجال من الطرفين في منطقة
الدكرور -تبعد عن سيوة حوالي 5 كيلومترات- للجلوس معا علي أن تستمر تلك
الخلوة لمدة 3 أيام متواصلة هي الأيام القمرية من شهر أكتوبر أي أنها أيام
13و 14و 15 من الشهر الهجري المتزامن مع شهر أكتوبر، وخلالها يأكلون
ويشربون معا. وقد أطلق الشيخ الظافر علي هذه الخلوة اسم “عيد الصلح”، وقد
نجحت تلك الفكرة في إزالة الحواجز والحساسيات بين الطرفين، وبات تنظيم هذا
العيد يتم بشكل سنوي، وقد سمي بـ “عيد الحصاد” لأنه يأتي متواكبا مع حصاد
التمر والزيتون في شهر أكتوبر.
* من أين ينحدر الشيخ أحمد الظافر؟
-كان من ليبيا.. وجاء إلي سيوة وأقام في منطقة “براني” لكنه كان رجلا صالحا واستطاع أن يؤثر علي الناس ويصنع الصلح بينهم.
* ما سبب الانفصال بين أبناء العرق الأمازيغي الموجود في سيوة ونظيره الموجود في المغرب والجزائر وليبيا؟
- حدث شبه انفصال بيننا وبين أمازيغ شمال أفريقيا منذ زمن ليس بالبعيد، وهو
ما أدي بدوره إلي اختلاف اللهجة، وفي هذا الشأن فأمازيغ شمال أفريقيا
يعتبرون أنفسهم أصل اللغة والعرق في حين نعتبر أنفسنا نحن الأصل. لقد
زارتني هنا العديد من الشخصيات الأمازيغية من المغرب والجزائر وكنا نتحدث
معا بكل سهولة مع وجود بعض الاختلافات اللغوية البسيطة النابعة من البعد
وعدم التواصل، كما أن اللغة الأمازيغية لديهم تكتب وتنطق وتدرس في المدارس،
في حين تبقي الأمازيغية هنا منطوقة فقط.
* البعض يتحدث أن اللغة الأمازيغية مهددة الآن بالانقراض.. فلماذا لم تحدث حركة تدوين لها؟
- هذا الأمر يرجع إلي وزارة التربية والتعليم فعليها أن تخصص حصصاً دراسية
في المدارس لتدريس الأمازيغية والحفاظ عليها من خطر التحلل والضياع بمرور
الزمن. يتحدث الطفل هنا اللغة السيوية منذ نعومة أظافره، فهي اللغة رقم
واحد في التعامل بيننا، ولذلك لا أعتقد أنها ستنتهي مهما زاد عدد الوافدين
إلي سيوة لأن السيويين أيضا في تزايد، ونحن حريصون علي بقاء لغتنا.
* لماذا أصبحت اللغة الأمازيغية جامدة لا تتطور حتي باتت معظم المصطلحات الحديثة باللغة العربية؟
- هذا أمر يمكن طرحه للنقاش بين القبائل لأن المصطلحات العربية باتت كثيرة جدا في اللغة السيوية.
* إلي أي مدي يوجد تواصل بين أبناء العرق الأمازيغي في سيوة وأقاربهم في المغرب والجزائر؟
-التواصل موجود لكن السبب الرئيس وراء حالة الانعزال هو البعد والانشغال
أما بالنسبة لأهل سيوة فهناك مشكلة لدي من يهجرها ويقرر الانضمام إلي
العمران مثل الإسكندرية لأن أبناءه يتكلمون فيما بعد العامية المصرية ولا
يكون هناك حرص من آبائهم علي تعليمهم اللغة السيوية.
السؤال القادم مثل مرحلة فاصلة في الحوار مع الشيخ فتحي الكيلاني حيث قرر
أمين الحزب الوطني في سيوة أن يتدخل ويجيب علي الأسئلة بدلا من الشيخ، كان
أمين الحزب الوطني يجلس بجوار الشيخ فتحي الكيلاني وتبدو عليه علامات
الثراء والوجاهة وظل ملازما لنا طول فترة إجراء الحوار. لا أعرف علي وجه
التحديد إذا كان الشيخ فتحي هو الذي استدعاه لحضور الحوار أم أن حضوره كان
مصادفة لكنه ظل “رقيبا” علي الحوار الذي دار بيني وبين الشيخ وكان يتدخل في
بعض الأحيان إذا كان السؤال محرجا.. الآن قررت أن أوجه له عددا من الأسئلة
:
* ما أسباب الحساسيات الدائمة بين الأمازيغ والعرب؟
- بدأ الشيخ فتحي يجيب عن السؤال لكن مهدي المشري أمين الحزب الوطني بسيوة
هم بمقاطعة الشيخ وتدخل قائلا : “مهلا يا شيخ فتحي.. الكلام ده هينشر”..
وواصل بقوله: “شوف ياأستاذ.. نحن لا توجد بيننا وعرب مرسي مطروح أي
حساسيات، فهم أهلنا وعشيرتنا وهناك علاقة ود ونسب ممتد بيننا”.
* قلت له أنا لم أقصد أن هناك حساسيات في التعامل في العصر الحالي ولكني
أتحدث عن وضع تاريخي بين الأمازيغ والعرب تذكره الكتب حتي اليوم؟
- فرد مهدي المشري قائلا: دعنا نبعد عن الكتب وما يذكر فيها، وعلينا أن
نتحدث عن الوضع القائم الذي لا يحمل أي عداوة بيننا والعرب، أما بالنسبة
للبعد التاريخي فإن السبب الذي جعل أهل سيوة يقيمون قلعة “شالي” كان الغزو
الذي يتعرضون له من قطاع طرق جاءوا من ليبيا، ودعم هذا الأمر غياب الأمن عن
المنطقة لكن تلك الاحتياطات لم تكن بهدف رد العرب الموجودين هنا.
* هنا توقفت عن حواري مع الشيخ فتحي الكيلاني وتوجهت لحوار في مجال آخر
مع أمين الحزب الوطني.. وسألته: لماذا تتسم الحياة في سيوة بعدم التعددية
الحزبية.. فلا يوجد إلا الحزب الوطني فقط؟
- فرد قائلا: ولماذا توجد أحزاب أخري إذا كان الحزب الوطني “عامل كل حاجة
ومش مخلي حاجة معملهاش؟”.إن جميع أهل سيوة ينتمون إلي الحزب الوطني عن
اقتناع لأنهم لم يروا أي تقصير من حكومة الحزب في سيوة وإلا كان هناك ناس
تسربوا إلي أحزاب المعارضة.
* هل هناك أحزاب سياسية حاولت العمل في سيوة أم أنها لم تحاول من الأساس؟
- هناك بعض الأحزاب السياسية التي حاولت لكنها لم تجد لنفسها أرضية، فرحلت لأنها لم تج
«البديل» ذهبت إلي عالمهم في واحة سيوة وعادت بالحكاية كاملة
صحيفة البديل المصرية/ملف يحققه يوسف عبد ربه: كانت مفاجأة لي-
وللعديدين- حين علمت بأن هناك أمازيغ في مصر.. كانت البداية في الخبر الذي
أطلقه الناشط القبطي المهجري عدلي أبادير علي الإنترنت، والذي يعتزم بموجبه
إرسال دعوة للأمازيغ في مصر لمشاركته في المؤتمر الذي ينظمه حول “الأقليات
في مصر”..
اختزنت الخبر في ذاكرتي، علي أن يكون أحد الموضوعات المطروحة علي أجندتي
للبحث فيما بعد.. لكن لم تمر إلا أيام قلائل ووجدت ردا علي تلك الدعوة
منشورا في إحدي الصحف القومية علي لسان “أماني الوشاحي”.. وهي سيدة
أمازيغية الأصل، وترجع أصولها إلي أمازيغ المغرب.. وشاءت الظروف أن تلقي
بها علي الساحة لتتحدث باسم أمازيغ مصر.. بحثت عن وسيلة للاتصال بها حتي
التقيتها.. وتحدثت معها عن الأمازيغ في مصر والمنطقة، فقالت لي إن تعداد
الأمازيغ في العالم يتجاوز 32 مليون نسمة، منهم 21 ألف أمازيغي في مصر
يقطنون في مدينة سيوة.. تحكمهم عادات وتقاليد وأحكام تتجاوز في كثير من
الأحيان مرتبة الدين والقانون.. وراحت المؤشرات تدعم كلامها نظريا حين
استضافتني في بيتها وأطلعتني علي مكتبة زاخرة بالمعلومات عن دولة الأمازيغ
التي يؤرخ لها بـ950 عاما قبل الميلاد.. والتي امتدت إلي مصر في عهد الملك
“رمسيس الثالث” حتي استولي الأمازيغ علي حكم مصر علي يد زعيمهم “شيشينق
الأول”.. لكن مع مرور الزمن سقط هذا الحكم وانحصر أمازيغ مصر وتحوصلوا في
واحة سيوة منذ حوالي 2758 .. وبقوا حتي الآن.. بعاداتهم .. وتقاليدهم ..
ولغتهم الأمازيغية.. لم يكن من السهل أن أترك موضوعاً كهذا دون أن أحقق
فيما يتردد حوله.. خاصة قضية انتمائهم العرقي الذي يتجاوز الانتماء للدين
والوطن.. تدعم هذا الأمر واقعة شهيرة في السبعينيات من القرن الماضي، سببت
أزمة سياسية بين مصر وليبيا، حين أعلن الرئيس معمر القذافي رغبته في ضم
واحة سيوة إلي ليبيا بسبب القرب المكاني والجذور الأمازيغية التي ينتمي
إليها سكان ليبيا وواحة سيوة.
..كان لي صديق- تعرفت عليه منذ فترة ليست طويلة- يدعي “حسين البدري” .. من
أهالي مرسي مطروح .. طرحت عليه أمر السفر إلي مدينة سيوة للتحقيق في الأمر،
فعرض علي مساعدته من خلال معارفه في مدينة “سيوة” .. لكني كنت قد اتخذت
إجراءات السفر بالفعل صبيحة اليوم التالي وبات الوقت ضيقا للاتصال
بمعارفه.. فما كان منه إلا أن اتصل ليلا بصديق له من “سيوة” يدعي “عمر
حمزة” يعمل مفتش آثار في مدينة “سيوة” وطلب منه مضايفتي .. فوجده في إجازة
عمل يقضيها في مرسي مطروح.. إلا أن الأخير طلب من صديقي التمهل حتي الصباح
ليتحدث إلي صديق له من “سيوة” ليكون في استقبالي.
خرجت في صباح يوم السبت 20 من سبتمبر الماضي ولا أعرف شيئا عن مستقبل رحلتي
إلي “سيوة” إلا أن رحلة الذهاب ستستغرق 11 ساعة تقريبا.. لا أعرف أين
سأقيم؟ ..ولا بمن سألتقي؟.. أشعر بأني سأكون ضيفا ثقيلا علي أناس لا أعرف
عنهم ولا يعرفون عني شيئاً .. كنت أتساءل أثناء وجودي في الأتوبيس عما
سأفعل عقب وصولي.. وكان من المقرر أن أصل مع حلول منتصف الليل.. وفجأة اتصل
بي صديقي “حسين”.. وكنت قد اقتربت في رحلتي من “مرسي مطروح” في طريقي إلي
سيوة.. وأخبرني بأن “عمر” وجد من سيكون في استقبالي وعلي الاتصال به لأخذ
بيانات الرفيق الجديد في رحلتي.. فاتصلت به.. وإذا به يخبرني باسم ورقم
تليفون صديق- سوف أحتفظ باسمه حتي لا أتسبب له في حرج نتيجة ما سأفصح عنه
فيما بعد- وهو شاب من “سيوة” ذو جذور أمازيغية.. وقد رافقني في رحلتي حتي
رحلت عن المدينة بعد 3 أيام قضيتها بين شيوخ القبائل وأهل المدينة
والمزارات السياحية.
عندما وصلت إلي مدينة “سيوة” في منتصف الليل تقريبا، وجدت رفيقي في
استقبالي علي المحطة.. وبحفاوة بالغة..ووجه بشوش.. ورداء أبيض اللون..
التقاني رفيقي وكأنني علي معرفة مسبقة به منذ سنين طويلة.. ثم قال لي: “نحن
علي مقربة من الفندق الذي ستقيم به.. تستغرق 10 دقائق سيرا علي الأقدام
ودقيقتين إذا ركبنا وسيلة مواصلات.. فأيهما تفضل؟ الزمن الذي تستغرقة لتقطع
مدينة “سيوة” من الشرق إلي الغرب أو من الشمال إلي الجنوب دقائق معدودة،
فهي مدينة صغيرة جدا لا يتجاوز تعداد سكانها 30 ألف نسمة، بما تبعها من قري
وقبائل.. وجدت نفسي أقول لزميلي: دعنا نسير كي أتعرف علي المدينة.. فكان
أول شئ إشار إليه قسم شرطة مدينة “سيوة” وأخذ يحكي عنه العديد من الروايات
التي تحمل كثيراً من الانتهاكات والتجاوزات في حق المواطنين وكان أشدها
قسوة هو التعذيب الذي تعرض لها أحد المواطنين العام الماضي وتم تسفيره خارج
البلاد للتعتيم علي الجريمة.. وبعد قليل من السير أشار إلي مسجد الملك وهو
المسجد الذي أنشأه الملك فؤاد في منتصف المدينة تقريبا.. ثم مدينة “شالي”
وهي مدينة قديمة جدا، يرجع تاريخها الي ما بين 200 الي 300 سنة- كما تروي
الحكايات الشعبية المتداولة بين الأهالي- وقد أقامها ساكن المنطقة من
الأمازيغ لرد هجوم العرب علي المدينة لسرقة ما بها من زراعات ومحاصيل.
كان من اللافت لي أن كل من التقيتهم في سيري من الرجال ولم ألتق أي سيدة
علي الإطلاق.. وقد ظننت في أول الأمر أن هذا يعود لتأخري، فالساعة كانت
تقترب من الثانية عشرة ليلا..لكن ما استوقفني في حينه هو مستوي التدين
الشكلي الذي يغطي وجوه سكانها.. فما التقيت رجلا ولا شابا إلا وقد أطلق
لحيته حتي توقفت عن التمدد..وما التقيت رجلا وشابا إلا وجدته مرتديا ثوبا
أبيض يغلق عليه بغطاء الرأس.. وبعد 10 دقائق تقريبا كنت قد وصلت إلي
الفندق.. فحجزت غرفة وصعدت إليها.. فلم أجدها أكثر من أربعة جدران تمتد
عليها ثلاثة أسرة وسقف معلق به مروحة.. فلم أقبع فيها كثيرا، حتي استبدلت
ملابسي وغسلت يدي ووجهي ونزلت إلي زميلي الذي كان في انتظاري.
وطوال كلامي معه كان يحاول التأكيد دوما علي مصريته وأن مسألة الانتماء
العرقي لا تنتقص من انتمائه لمصر، وهو ما كان يشعرني بأن هناك شيئا ما في
القضية.
حكاية الدولة المجهولة من مرسي مطروح إلي المغرب العربي
تشيعوا كرهاً في الأمويين وعادوا للمذهب السني بعد سقوط الدولة الفاطمية
قصة الملكة الأمازيغية التي هزمت الجيوش العربية وحكاية كراهية عمرها 1300 سنة مع العرب
السكان والجغرافيا والتاريخ
الامازيغ هم سكان شمال أفريقيا الاصليون قبل الفتح العربي، ويرجع وجودهم في
شمال أفريقيا إلي أكثر من 20 ألف سنة، ويمتد وجودهم عرضا من مدينة سيوة
شرقا حتي جزر كناري غربا، مرورا بليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا
.. وطولا: من حدود جنوب البحر المتوسط شمالا حتي صحراء أفريقيا الكبري
جنوبا، حيث مالي والنيجر وبوركينافاسو.. ويبلغ تعدادهم حاليا أكثر من 32
مليون نسمة، يتمركز 30 مليوناً منهم في موطنهم الاصلي شمال أفريقيا و2
مليون في 9 دول أوروبية منها فرنسا وبلجيكا وإسبانيا وهولندا.. ويوجد 21
ألفًا في مدينة سيوة المصرية، وعدة آلاف متناثرون في أمريكا الجنوبية خاصة
كوبا.. واستنادا لكتابات المؤرخ وعالم الاجتماع الأمازيغي “ابن خلدون” فإن
نسب الأمازيغ يعود إلي “أمازيغ بن كنعان بن حام بن نوح” الذي سكن شمال
أفريقيا بعد الطوفان، وكلمة امازيغ تعني “الآنسان الحر” وقد انجب امازيغ بن
كعنان ولدين “بتر” و”بارنس” ومن نسلهما خرج الشعب الأمازيغي، وينفي “ابن
خلدون” نسب الأمازيغ إلي اصول عربية، فهم من نسل “حام” والعرب من نسل “سام”
فكيف يكون الأمازيغ من أصول عربية، كما أن هناك دراسات حديثة تفيد بأن
اقدم الشعوب فوق الارض 32 شعبًا منها الامازيغ، حيث لم يكن العرب قد ظهروا
إلي الوجود انذاك.
ومن الأمازيغ الذين هم ليسوا من نسل أمازيغ بن كنعان قبيلة بني صمغون، جنوب
غرب الجزائر، حيث إن جدهم الأكبر من اليهود الفارين من بيت المقدس بعد غزو
الملك البابلي “نبوخذ نصر” ومقتل النبي زكريا، وقد لجأ هذا اليهودي مع
أولاده إلي شمال أفريقيا وعاشوا بين الأمازيغ وظلوا علي يهوديتهم حتي دخول
العرب، فاعتنقوا الإسلام .. ويقال إن أصل الاسم شمعون، إلا أنه ينطق باللغة
الأمازيغية “صمغون”.
الأمازيغ والعرب
كان دخول العرب شمال أفريقيا “بلاد الأمازيغ” مرتبطا بنشر الإسلام عام 64
هجرية، وكما يري الأمازيغ فإن العرب ابتعدوا عن روح الإسلام السمحاء وحكموا
كعرب وكأمويين..ومع وصول القائد العربي عقبة بن نافع الفهري بدأ العصر
العربي في شمال أفريقيا، فقد أعاد بناء مدينة القيروان – في تونس حاليا-
واتخذها عاصمة سياسية وعسكرية لقواته، وفي عهد القائد العربي أبوالمهاجر
بين دينار اكتملت الفتوحات العربية في شمال أفريقيا حتي وصلت إلي مدينة
تلمسان – في الجزائر حاليا- وحدث أول احتكاك عسكري مع الأمازيغ بقيادة
الملك “كسيلة” زعيم قبيلة “أوربة” وكان وثنيا، إلا أن العرب هزموه وأسروه،
ولما كان القائد العربي أبو المهاجر دينار بعيد النظر، فقد أكرم الملك
الاسير وعامله معاملة طيبة، وكان هدفه من وراء ذلك، شرح قلب الأمازيغ إلي
الإسلام، مما نتج عنه اعتناق الملك “كسيلة” وعدد كبير من الأمازيغ للاسلام ،
لكنه ارتد عن الإسلام بعد عودة عقبة بن نافع وحارب العرب وقتل في معركة
معهم قرب قلعة “ممش” في المغرب حاليا- مع عدد كبير من جنوده وصفوة رجاله
سنة 686 ميلادية.
الملكة التي هزمت الجيوش العربية
جانب آخر من احداث الفتح العربي لشمال أفريقيا.. “كاينا” ملكة الاوراس وهي
ابنة الملك “أمدغاسين” وكانت يهودية، والتي يطلق عليها العرب الكاهنة، وهي
لم تكن تعمل بالكهانة لكنه تحريف للاسم، وكانت زعيمة قبيلة “جراوة “التي
حشدت جيشا ضخما من الأمازيغ وتصدت للجيش العربي بقيادة القائد العربي حسان
الغساني، وحدثت بين الجيشين معركة “وادي مسكيانة” شرق الجزائر وانتصر
الأمازيغ في هذه المعركة وقتل حسان الغساني علي يد الملكة “كاينا”، إلا أن
انتفاضتها انتهت بقتلها في إحدي المعارك علي يد القائد العربي “أبوالمهاجر
دينار”.
ويدخل ضمن احداث الفتح العربي لشمال أفريقيا البطل الأمازيغي “ميسرة
المطغري” وهو شاب ينحدر من عائلة فقيرة وكان أبوه سقاء مياه، ويعد ميسرة من
الصفرية- فرع من الخوارج- وكان قائد الثورة الأمازيغية في عهد الخليفة
الاموي هشام بن عبد الملك، وقتل في ميدان المعركة في وادي “سبو” قرب مدينة
“طنجة” المغربية علي يد القائد العربي “كلثوم بن عياض” سنة 123 هجرية…تلك
الاحداث جميعها استقرت في نفس الشعب الأمازيغي وأدت إلي حساسية مفرطة في
العلاقة بين الأمازيغ والعرب مازالت قائمة حتي الآن، لدرجة ان البعض صورها
علي انها نوع من العداء التاريخي الذي لا يمكن ان يمحوه الزمن بمقتضي ما هو
وارد في الادبيات الأمازيغية.
شعب يحتكم إلي موروثه إذا تعارض مع الدين
معظم الأمازيغ مسلمون سنة، علي مذهب الإمام مالك بن أنس، وهناك أقلية
إباضية “إحدي فرق الخوارج” وأقلية كاثوليكية- الطائفة الدوناتية نسبة إلي
القديس دوناتوس الأمازيغي مؤسس هذا الفكر- وأقلية يهودية، ويعتمد المسلمون
الأمازيغ -سنة وإباضية- تفسير ابن كثير للقرآن الكريم لأسباب عرقية، لأن
ابن كثير أمازيغي، وقد كان تلميذا للإمام مالك بن أنس، وربما لهذا السبب
أيضا يعتنق المسلمون الأمازيغ المذهب المالكي، وتعلو النزعة العرقية بين
الأمازيغ علي النزعة الدينية، وهو ما تسبب لهم في اتهامات عديدة بسطحية
الانتماء الديني سواء بالنسبة للإسلام أو المسيحية أو اليهودية، خاصة أن
الثقافة الأمازيغية تعطي أولوية للموروثات التشريعية الأمازيغية إذا تعارضت
مع النصوص الدينية، وعلي سبيل المثال، فإن الأمازيغ يرفضون تعدد الزوجات
ويساوون في الميراث بين الرجل والمرأة.. ومثال آخر، فإن المسيحيين الأمازيغ
يحللون الطلاق علي الرغم من أن الشريعة المسيحية خاصة الكاثوليكية تحرمه،
وهذا يعود لأن الثقافة الأمازيغة تبيح الطلاق والزواج أكثر من مرة.
الدين والسياسة
تنسب الدولة العبيدية إلي عبيد الله المهدي، الذي يعود نسبه إلي الإمام
إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق، الذي رفض الشيعة الجعفرية إمامته، أما
الذين صدقوا بإمامته عرفوا فيما بعد بالشيعة الإسماعيلية، وقد قاد عبيد
الله المهدي حركة ثورية إسماعيلية في بغداد، إلا أنه تعرض للاضطهاد علي يد
العباسيين ففر ورفاقه إلي بلاد الأمازيغ -شمال أفريقيا- وقد سبقه اليها احد
رجاله -أبوعبد الله الشيعي- الذي كان له دور مهم جدا في نشر الفكر الشيعي
الإسماعيلي بين الأمازيغ خاصة قبيلة “كتامة”، مما ساعد عبيد الله المهدي
فيما بعد لإقامة دولته الشيعية الإسماعيلية بين الأمازيغ وعلي ارضهم سنة
297 هجرية – 908 ميلادية وأسس مدينة “المهدية” لتكون عاصمة له، ويعد
الخليفة المعز لدين الله رابع خلفاء الدولة العبيدية وأول خلفاء الدولة
الفاطمية واشهر خلفاء هذه الدولة.
وظل الفكر الشيعي الإسماعيلي منتشرا بين الأمازيغ مئات السنين إلي أن عادوا مرة أخري إلي المذهب السني بعد سقوط الدولة الفاطمية.
لقد كان الشعب الأمازيغي مهيئاً لنصرة المذهب الإسماعيلي لان التشيع منذ
نشأته اتخذ صبغة مضادة للأمويين، والذين كان الأمازيغ يكرهونهم اشد الكره،
فكما اعتمد الفكر الشيعي في المشرق علي الفرس، اعتمد في المغرب علي
الأمازيغ.
لغة خاصة
يتحدث الشعب الأمازيغي لغة خاصة بهم وتسمي “الأمازيغية”بطبيعة الحال..
يتفرع عن الأمازيغية حوالي 13 لهجة، تتحد جميعها في القاعدة اللغوية
المشتركة ويمكن للناطق بإحدي اللهجات الأمازيغية أن يتعلم لهجة اخري في
ايام قليلة.. وقد تم اعتماد لهجة الطوارق رسميا في المنظومة العامة للتعليم
والثقافة والاعلام باعتبارها اقرب اللهجات للأمازيغية الصحيحة .. ومن أهم
اللهجات الأمازيغية “الطارقية” وهي في دول النيجر ومالي وبوركينافاسو..
و”الريفية” و”السوسية” و”الاطلسية” و”التشليحية” في المغرب… و”القبائلية”
و”الشاوية” و”الميزابية” و”الطارقية” أيضا في الجزائر .. و”الزوارية”
و”الجبالية” و”الغدامسية” في ليبيا .. و”الغوانشية” في جزر كناري..
“السيوية” في مصر.. وعلي الرغم ان العربية والأمازيغية تمازجتا في شمال
أفريقيا وخرجت منهما اللهجات الدارجة في تونس والجزائر والمغرب، إلا ان
القواعد اللغوية لهذه اللهجات الدارجة أمازيغية بحتة، وعلي سبيل المثال لا
يوجد في اللغة الأمازيغية مثني ولكن يوجد مفرد وجمع فقط، واللهجات الشمال
افريقية لا يوجد بها مثني بينما يوجد المثني في اللغة العربية، هذا ولم تنل
اللغة الامازيغية حقها في الاهتمام الاكاديمي علي مر السنين.
عيدً رأس السنة الأمازيغية
يحتفل الشعب الأمازيغي ليلة 13 يناير برأس السنة الأمازيغية ويطلقون علي
هذا العيد القومي “أسكاس أمينو” يعني السنة الجديدة، ويعد هذا العيد أشهر
الاعياد الأمازيغية علي الاطلاق، حيث يعد عطلة رسمية في المغرب وموريتانيا
والولايات الأمازيغية في الجزائر، وهذا العيد له طقوس خاصة للاحتفال به،
حيث تقام ليلة العيد الولائم ويتجمع عليها الاهل والاقارب، وتتكون هذه
الولائم من الاكلات الشعبية الأمازيغية، مثل الكسكسي بالخضروات والعسل
الابيض بالتين المجفف والزبيب والشاي الاخضر، كما يقدم أيضا الديك الرومي
وإن كان تقديمه عاده غير أمازيغية أخذها الأمازيغ عن الرومان، ويتم استقبال
الضيوف بأكواب اللبن، وأشهر طقوس هذا الاحتفال بإشعال النار، التي تمثل
النور والامل في الثقافة الأمازيغية.. وفي صباح يوم العيد، تتزين النساء
والرجال، ويخرجون للاحتفال في الأماكن العامة.
والسنة الأمازيغية هي سنة شمسية، تتكون من 12 شهرًا وهي توازي الشهور
الميلادية، وهي يناير، خبراير، ماغريس، أيقرير، ماقو، يونيو، يوليوز، غشت،
شوتمبر، توبر، دونمبر، دوجمبر، ..ويبدأ التقويم الأمازيغي باعتلاء الملك
الأمازيغي “شيشينق” الأول عرش مصر سنة 950 قبل الميلاد وهو الفارق بين
التقويم الأمازيغي والتقويم الميلادي، حيث إن سنة 2008 ميلادية توافق سنة
2958 أمازيغية.
التاريخ يحركه المطربون أحيانا
ينقسم الشعب الأمازيغي إلي أمازيغ الريف وهم يقطنون شمال غرب المغرب،
ويتحدثون اللهجة الريفية واللهجة الزناتية وهم الذين خاضوا معركة “أنوال”
الشهيرة سنة 1921 أمام الاحتلال الإسباني علي المغرب، ومن مشاهيرهم الأمير
محمد عبدالكريم الخطابي -الزعيم الأمازيغي المغربي- .. وأمازيغ “الشلوح”
يقطنون وسط وغرب الاطلس الكبير وكذلك في الاطلس الصغير في المغرب، وتستخدم
في تلك المناطق اللهجة الشلوحية
أمازيغ “سوس” وهم يقطنون سهل سوس في المغرب الذي يعرف قديما باسم مملكة
جزولة، ويستخدمون اللهجة السوسية.. وكذلك أمازيغ القبائل الذين يقطنون شمال
وشرق الجزائر وأهم مدنهم “تيزي وزو” التي تعد معقل الحركة الانفصالية
الأمازيغية التي يتزعمها حاليا المطرب الأمازيغي القبائلي فرحات مهنا
ويتحدثون اللهجة القبائلية .. ومن مشاهيرهم المطرب العالمي “إيدير” والمطرب
الراحل ” معتوب لوناس” والقديس ” أوغستين” أحد آباء الكنيسة الكاثوليكية
و”لوكيسوس أبوليوس” صاحب رواية الحمار الذهبي التي تعد أول رواية في
التاريخ.. وأمازيغ الاوراس، وهم يقطنون شرق الجزائر قريبا من الحدود
التونسية بجوار الاوراس ويتحدثون اللهجة الاوراسية ومن مشاهيرهم الملك
“أمدغاسين” وابنته الملكة “كاينا”.. وامازيغ الطوارق ويقطنون جنوب الجزائر
وأجزاء من ليبيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو ويتحدثون اللهجة الطارقية،
ومن الجدير بالذكر انهم يتعرضون في النيجر لحرب إبادة واضطهاد عرقي.
“يوبا الثاني”موحد القبائل
للأمازيغ حضارة عريقة يقدرونها هم أنفسهم ب 20 ألف سنة.. لهذا فإن تاريخ
الأمازيغ حافل بعدد كبير من الاحداث والوقائع والشخصيات التي قدمت لهذا
العرق الكثير، مما جعلهم يؤرخون لما قدمته تلك الشخصيات:
يأتي في مقدمة تلك الشخصيات، الملك “يوبا الثاني” موحد القبائل الأمازيغية
الغربية “مملكة موريا وهي موريتانيا والمغرب حاليا” وأنشأ حكمًا ديمقراطيا
نيابيا واتخذ عاصمتين “شرشال” و”ليلي” وقد اهتم يوبا الثاني ومن بعده ابنه
بطليموس بالجانب العلمي والفكري والثقافي، وكانت له مؤلفات كثيرة ومنها
“تاريخ بلاد العرب” و”آثار آشور” و”آثار الرومان القديمة” و”تاريخ المسارح”
و”منابع النيل” و”تاريخ الرسم والرسامين”.. كما وضع كتابا في قواعد النحو
الأمازيغي وقد امتد حكمه لمدة عامين من 25- 23 قبل الميلاد، إلا أنه قد خدم
الثقافة الأمازيغية.
القديس “أغسطين” وولد بمملكة نوميديا – الجزائر حاليا- من أم مسيحية وهي
القديسة “مونيكا” وأب وثني. سافر إلي روما لدراسة الفلسفة اليونانية، وبعد
عودته إلي نوميديا سنة 388 ميلادية أنشأ ديرًا وسار يبشر بين الشعب بعد أن
تنصر وهو في الثالثة والثلاثين من عمره، وفي ظرف 9 سنوات وصل لرتبة الأسقف،
وكرس حياته للكنيسة والتأليف الديني ومن أشهر كتاباته “اعترافاتي ” والذي
يعد أول كتاب في أدب الاعترافات في تاريخ الإنسانية، كما كتب أيضا “مدينة
الإله” و”اعترافات التوبة” و”المراسلات”.. وقد كان القديس “أغسطين” متعاطفا
مع الأمازيغ ويدافع عن هويتهم العرقية، وقد انتهت حياته بالاستشهاد في 9
أغسطس 430 ميلادية وهو التاريخ الذي تحتفل به جميع الكنائس الكاثوليكية في
العالم، وقد مات وهو يدافع عن مدينته عنابه ضد الغزاة “الوندال” الألمان
القدماء.
“العباءة” فرض علي المرأة
تعد العباءة السيوية هي الرداء الرسمي لجميع السيدات السيوية، أما الفتيات
اللواتي لم يتزوجن بعد فلهن أن يرتدين ما شئن من الملابس، بشرط ألا تظهر أي
جزء من جسدها، ولذا تجد النقاب منتشرا بين الفتيات التي لم تتزوج بعد، علي
أساس أن النقاب هو أقرب الملابس إلي العباءة السيوية.. العباءة السيوية
عبارة عن قطعة قماش طويلة.. خفيفة الكثافة.. لونها رمادي في أغلب الحالات..
مصنوعة من القطن للتخفيف من وطأة درجة الحرارة المرتفعة..يتوسطها خط أحمر
بمثابة حزام ..وتباع بمبلغ 250 جنيهًا.. لا يجوز لأي امرأة سيوية أن تخرج
إلي الشارع دون ارتداء تلك العباءة، ولها أن ترتدي تحتها ما شاءت من
الملابس، وفي الغالب تكون “جلبية” ذات ألون زاهية..ومن العيب أن تخرج
المرأة بأي زي يحمل ألوانا غير الأسود والرمادي، لأنه ينظر إليه علي أنه
ليس من الحشمة.. كما يأخذ علي المرأة أن تخرج إلي الشارع بمفردها، إلا أن
يكون معها زوجها، ويتخذون من.. وسيلة للانتقال إلي حيث يقصد الرجل وزوجته
حتي لا يكونا عرضة لأنظار الناس إذا ما ساروا علي الأقدام.. كما تحرص
المرأه أن تغطي وجهها ب….وفي الغالب يكون لونه أسود، ومن لم يكن لديها،
فعليها أن تغلق فتحة العباءة من أعلي علي وجهها بحيث لا يراه أحد.
الهوية علي ثوب قماش
أهم ما يميز لبس الرجل الأمازيغي خاصة في دول شمال أفريقيا… “السلهام” وهو
ما يطلق عليه العرب الجلباب والبورنس، المنتشر في المملكة المغربية..
و”الوشاح” وهو قماشة طويلة تلف حول الرأس وذلك لمقاومة عوامل التعرية..
و”الجلابة” وهي تشبه الجلابية المصرية والجلباب العربي وهي منتشرة بين
الموريتانيين والطوارق ولكن بطراز مختلف.. و”الجرد” وهو عبارة عن قماشة
مستطيلة تلف حول الجسد وهي منتشرة في سيوة وليبيا.. و”العباءة” وهي منشرة
في تونس والجزائر.
الخطوبة والزواج
كان -ومازال- هناك تحفظ شديد علي زواج بنات القبائل من خارج قبائل سيوة،
ومن الشائع خطوبة الفتيات في سن 8 و9 سنوات، حتي أن الخطوبة قد تحدث في
كثير من الحالات بمجرد مولد الفتاة، علي أن تتم قراءة الفاتحة وتحجز
الفتاة- بمقتضي هذا العقد العرفي- للشاب حتي يصل إلي سن الزواج .. ولذا فإن
معدل فترة الخطوبة دائما ما تمتد إلي 10 سنوات وأكثر.. ليس من حق الشاب أن
يري خطيبته علي الإطلاق، مهما طالت فترة الخطوبة، ويقتصر أمر لقائهما في
العيدين فقط “عيد الفطر وعيد الأضحي” علي أن يكون لقاؤهما في حضور والدها
أو أخيها ولا يكون بينهما أي حديث ويقتصر اللقاء علي المصافحة فقط وتقديم
واجب الضيافة من المشروبات..كانت مراسم الزواج تمتد لمدة 7أيام، لكنها
اختزلت الآن في 3 أيام فقط، علي أن ينتقل جميع أقارب العروس إلي بيت العريس
والعكس، ويكون واجب الضيافة هو تقديم الطعام لهم لمدة الـ 3 أيام دون
انقطاع، كما كان من الشائع في الماضي أن يتم الاحتفال بالموسيقي والأغاني،
لكن مع انتشار الفكر السلفي توقف هذا الأمر وبات بينهم محرما.. وتنحو
العلاقة بين القبائل في سيوة إلي عدم المغالاة في المهور، ولذا يعاني
المجتمع السيوي من ارتفاع نسبة الطلاق.. كما يحق للرجل أن يكون علي ذمته
أكثر من امرأة، علي عكس عادات الأمازيغ في دول الشمال الأفريقي التي تمنع
وجود أكثر من مرأة علي ذمة الرجل، احتراما لمكانتها ودورها في المجتمع.
أفضل الأكلات
تعتبر “المخمخ” واحدة من أهم الأكلات التي تعتز بها القبائل، وهي نفسها
أكلة “الرجلة” التي كانت منتشرة منذ فترة ليست ببعيدة في ريف الوجه البحري،
وتعتمد في طبخها علي نبات “الرجلة” الذي ينبت بشكل عشوائي بين الزراعات في
فصل الشتاء.. كذلك “التجلان التيني” وهي تتكون من الدقيق والبلح وزيت
الزيتون، ويعتبرونها من أغني الأكلات بالطاقة التي يحتاجها الجسم عند
العمل.. و”المقطعة” التي تتكون من الدقيق واللبن والسمن البلدي.. لكن معظم
هذه الأكلات قل الاهتمام بها نظرا لأنها تحتاج لمجهود كبير في عمليات
إعدادها، واستسهل أهل سيوة الأكلات المتداولة الآن، والتي لا تنسب لهوية أو
أصل معين
حمودة عمران: مَن أيدوا انضمام سيوة إلي ليبيا «قلة».. ونحن مصريون حتي النخاع
«قيدوم» أمازيغ سيوة في حوار حول التاريخ والجغرافيا وحكايات الأجداد في الواحة
الملك فاروق أفطر معنا بعد أن اشتري من والدي السجائر في رمضان ولم يكن يعرفه أحد .. والسادات ربطنا بالعمران.. ومبارك جاء عام 1996
الشيخ “حمودة عمران ” واحد من كبار الشخصيات في عالم الأمازيغ، ويتبعه أناس
كثيرون، ولا يتحرك منهم أحد إلا بعد مشورته، كما أشار لي الناس هناك..
وبالفعل كنت عند صديقي في الموعد المحدد، فاصطحبني إلي بيت الشيخ العجوز..
وهو بيت واسع جدا، بني علي مساحة يحدها سور طويل، وتستغل المساحات الواسعة
المتبقية داخل حرم السور لتجميع الزيتون وتخزينه.. عندما دخلت من الباب
الرئيس للبيت وجدت الرجل جالسا علي عتبته بجلبابه الأبيض الناصع.. ولحيته
التي لا يختلف لونها كثيرا عن لون الجلباب..وبحفاوة شديدة مد يده- وهو
جالس- يسلم علي زميلي ثم علي.. ثم نهض من جلسته، وإذ أجده منحني الظهر
ويسير ببطء شديد، فتذكرت علي الفور البابا يوحنا بولس الثاني- بابا
الفاتيكان الراحل- لشدة الشبه بين حركتيهما وأسلوب سيرهما، وقد عرفت فيما
بعد من زميلي أنه مصاب بالغضروف منذ زمن.
جلست إلي الرجل الكهل.. فعرفته بنفسي وتعرفت عليه.. وأخذنا نتجاذب أطراف
الحديث، وعندما شرعنا في إجراء الحوار توقف الرجل فجأة وطلب مني تأجيل
الحوار حتي بعد الإفطار لأنه صائم ولا يستطيع أن يتكلم في ظل الصيام..
ذهبت.. ثم عدت إليه مرة أخري ليلا، فكان استقبال الليل أكثر حفاوة من
استقبال النهار.
* جلست إلي الرجل العجوز في المربوعة “غرفة بدوية مخصصة لاستقبال
الضيوف” وسألته سؤالا أكاد أكون أعرف إجابته مسبقا: هل التقيت أياً من
الرؤساء؟
- قال الرجال: لقد جاء هنا معظم الرؤساء تقريبا..الملك فاروق.. الرئيس السادات.. والرئيس مبارك والتقيت بعضهم ورأيت البعض الآخر.
* هل كانت هناك مناسبات معينة لزياراتهم؟
- أول من جاء إلي سيوة كان السلطان عبد الحميد، وذلك في أعقاب سفرية كان
يقوم بها عبر البحر.. وكان أعداؤه قد أجهزوا عليه ووضعوا له “السم” في
القهوة التي طلبها وهو في مركبه، وعندما أمسك بالفنجان.. وقع من يده.. ولما
وصل إلي حيث يقصد رأي رؤية.. بأن رجلا جاء إليه وأبلغه أن القهوة التي كان
سيحتسيها “مسمومة”، وهو الذي أسقطها من يده.. فسأله السلطان: مَنْ تكون؟..
فقال له: أنا سلطان “سيوة”.. فقرر السلطان عبد الحميد زيارة سيوة وبناء
مسجد بها.. وبالفعل جاء إلي هنا وذكر تلك الواقعة ووضع أساس المسجد الذي
أطلق عليه مسجد الملك، لأن الملك فؤاد هو الذي استكمل بناءه.. أما الملك
فاروق فكنا نسمع عنه فقط ولم يكن أحد قد رآه من قبل.. وجاء إلي هنا بــ
«عربية جيب» وكان يرتدي “أفرول” ونضارة ومعه اثنان من الحرس، ووقف أمام
دكانة والدي التي كانت أسفل “شالي” وسأله أحد الحارسين عن السجائر.. فأعطاه
السجائر.. فأخذها الحرس وأعطاها للملك وهو يقول..”تفضل جلالة الملك”.. فلم
يصدق والدي وظل يحيه.. «عاش جلالة الملك».. ثم دع الملك كل من في البلد
للعشاء في الجامع الكبير.. وكان ذلك في شهر رمضان.. أما بالنسبة للرئيس
جمال عبد الناصر فلم يأت إلي هنا، بينما جاء الرئيس السادات وكان في عربته
“الجيب” المكشوفة وأخذ يحيي الناس وجلس معهم في احتفال كبير حضره جميع أهل
البلد ووقتها اتخذ قرار رصف الطريق بين سيوة ومرسي مطروح بسبب شكاوي الناس
من بعدهم عن العمران.. وهكذا حضر الرئيس مبارك أيضا عام 1996.
* كم عدد سكان سيوة في فترة ما قبل الثورة؟
- كان عدد السكان في فترة ما قبل الثورة حوالي 6 آلاف، ثم ارتفع إلي حوالي
10 آلاف في فترة ما بعد الثورة.. وكان ـ ومازال حتي الآن ـ يحكمها العرف
الذي توارثناه عن أجدادنا
* كم عدد القبائل في تلك الفترة؟
- عدد القبائل كان ـ ومازال ـ ثابتاً مع مرور الزمن، وهي 10 قبائل
تقريبا..”الزناين” و”اللحمودات” و”الحدادين” و”أولاد موس” و”أغورمي”
و”الجواسيس” و”الشرامطة” و”السراحنة” و”المراقي”.
* من أين ينحدر العرق الأمازيغي في سيوة؟
- هذا أمر بعيد جدا يعرفه الآباء والأجداد.. فجذورنا تعود إلي دول الشمال،
سواء كانت المغرب أو الجزائر أو تونس، وكل العائلات الموجودة في سيوة- دون
العرب- تعود جذورها إلي تلك الدول، لكن مع مرور الزمن حدث انفصال وبدأت كل
جماعة تنغلق علي الدولة التي تنتمي إليها.. إلا أن أقرب الناس إلينا هم
الليبيون لأن أصلنا واحد ويتحدثون نفس اللغة.. وإن كان عدم التواصل بيننا
تسبب في اختلافات بسيطة بين اللهجتين.
* ولمن كان الولاء ساعة الأزمات..لمصرأم للانتماء العرقي؟
- كان الانتماء لمصر ..وحتي الآن.. ولو سألت أي واحد في سيوة بعيدا عن
أولاد علي- قبيلة كبيرة في سيوة ذات جذور عربية- سيقول لك:”مصر..مصر”.. لكن
ما تقصده ينطبق علي عرب مرسي مطروح، لأنهم قريبون جدا من ليبيا وبينهم
علاقات ود ونسب .
* لماذا توجد حساسيات تاريخية بين العرب والأمازيغ في سيوة؟
- لم يكن هناك عرب في سيوة، لكن حدث أن استقر عرب- رحل- في منطقة المراقي
ونطلق عليهم نحن، «أولاد علي»، وهم نوعان..”علي الأبيض” و”علي الأحمر” حسب
لون الأفراد.. وهذا المسمي نسبة إلي جدهم الأكبر “علي”.. وقد خرجت منهم
قبائل عديدة، تسكن الصحراء وتتنقل باستمرار ولم يستقر منهم إلا أولاد علي
في منطقة المراقي.
* وما سر الاحتقان الدائم بين العرب والأمازيغ..هل هناك بعد تاريخي لهذا الأمر؟
- لا يمكن تحديد سبب معين..ولكن ما يحدث في الانتخابات هو عملية تبادل
أصوات، فنحن لا نعطي أصواتنا لمرشح أي قبيلة إلا إذا اتفقنا علي أن يعطونا
أصواتهم في الانتخابات التالية ..هذا إذا كان لنا مرشح.. لكن واقع الأمر أن
العرب دائما يسعون لجمع الأصوات لصالح مرشحهم دون مقابل..ومع ذلك يبقي
أولاد علي هم أقرب العرب إلي السيويين.
* لماذا تنقسم “سيوة” إلي شرقية وغربية؟
- هذا ما خرجنا فوجدنا آباءنا وأجدادنا عليه..لكن لا أحد يعرف السر في
ذلك.. فمنذ أن ولدت وجدت سيوة الشرقية والغربية، ويخرج هذا التقسيم أحيانا
عندما تقع أزمة.. لكن مع ذلك فإن هذا التقسيم لم يعد في الاعتبار الآن،
فالعلاقة بيننا باتت علاقة نسب وأهل.. وهم يتزوجون منا ونحن نتزوج منهم.
* ما حقيقة مدينة “شالي”؟
- هذه المدينة منذ قديم الزمان..وكان يحكي لي عنها والدي الذي عاش 91 سنة
وعاصر الحياة بداخلها، قبل أن تتوسع “سيوة” بالشكل الذي هي عليه الآن..
فهذه المدينة يمتد عمرها لأكثر من 200 عام وأقامها الأجداد السيويون الذين
كانوا يتحدثون اللغة الأمازيغية وحدها آنذاك علي ارتفاع شديد لرد هجوم
العرب عليهم، وقد أحاطوها بسور كبير وبوابة ضخمة، لمنع دخول أو خروج أي فرد
منها بعد حلول الظلام.. حتي البهائم والأغلال كان يتم إدخالها خوفا من
سرقتها.
* متي تم اطلاق اسم سيوة علي المنطقة؟
- اسم سيوة.. اسم قديم جدا منذ أيام الفراعنة، وقد أطلق علي المدينة قبل أن
تنشأ “شالي”.. ولكن هذا الاسم كان للمنطقة بشكل عام ..أما اسم “شالي” فقد
كان للمدينة التي أنشأها أجدادنا وهي تمثل جزءاً كبيراً من سيوة حتي يكاد
لا توجد مبان في سيوة غيرها آنذاك.
* ماذا كان موقفكم عندما أعلن الرئيس معمر القذافي عن رغبته في ضم سيوة إلي ليبيا؟
- كان غرض القذافي هو ضم سيوة إلي ليبيا بسبب التقارب الذي حدث بين أهل
سيوة والليبيين في الفترة التي أهملت فيها مصر هذه المنطقة، وبسبب وحدة
اللغة بيننا، فكل منا يتحدث اللغة الامازيغية، مع اختلاف اللهجات، كما تعد
سيوة هي أقرب مكان في مصر لليبيا .
* ما موقف السيويين من هذا الطرح آنذاك؟
- عن نفسي.. لم أكن مؤيدا للانضمام إلي ليبيا.
* لكن ما موقف البقية؟
- كانت هناك قلة ترغب في الانضمام إلي ليبيا بسبب اللغة والقرب المكاني..
لكن الأغلبية كانت تفضل البقاء تابعين لمصر ..وحتي يومنا هذا، نحن دائما
نقول:”مصر..مهما حدث فينا”.
* هل تشعر بأنكم ظلمتم عبر العصور؟
- سيوة تعبت.. وهي مظلومة ببعدها عن العمران.. لكني لا أري ظلما قد وقع عليها من الحكام.
* البعض من أبناء “سيوة” مازال يتمني لو تعود إلي عزلتها عن العالم كما
كانت في الماضي للحفاظ علي هويتها وعرقيتها الأمازيغية..فهل تتفق مع هذا
الاتجاه؟
- لا.. فالدنيا تغيرت الآن ..لقد كان يحكمنا في السابق العرف، أما الآن فقد
دخل القانون وبدأ يأخذ مرتبة متقدمة عن العرف في العديد من المشكلات التي
نواجهها…لقد كنا نحكم..فينفذ.. ولا أحد يستطيع الاعتراض علي الحكم…أما الآن
فمن السهل أن أحكم ولا يرضي الخصم بحكمي فأتركه يذهب إلي قسم الشرطة.
* أيهما أفضل برأيك: دولة العرف أم دولة القانون؟
- الدولة سعت لتفكيك العرف.. وقد حدث إلي حد ما، فلم يعد هناك رجال كما كان
في الماضي، بحيث نحكم فيكون الأمر نافذا.. ومع ذلك فإن العرف والقانون ظلا
دائما علي تلك الأرض ومازلنا نأخذ بالعرف حتي الآن قبل أن نصل إلي القانون
الذي يعد المرجع النهائي إذا فشلنا في التوصل إلي حل عرفي .. ويمكن القول
إن القانون بدأ يأخذ مرتبة متقدمة عن العرف .
* علمت أن العقوبة الكبري بين القبائل هي “الجلد”..فهل هي مستقاة من العرف أم من الدين؟
- هذه العقوبة نابعة من العرف وليس لها أي علاقة بالدين .. وهي تطبق في
حالات محددة، وتعد أكثر العقوبات وطأة علي الفرد والقبيلة التي ينتمي
إليها.. ويتم ذلك من خلال مجلس عرفي يضم ممثلين لكل من القبيلتين المعنيتين
بالمشكلة، وتطرح الواقعة علي الحضور ويتم الحكم علي الفرد حسب درجة
الجرم..فقد تكون 40 جلدة أو 50 وقد تصل إلي 80 وقد تستبدل بالغرامة، إذا
كان الفرد قادرا علي دفع المال.
* هل “الجلد” عقوبة لكل التجاوزات؟
- لا.. فهناك مشكلات لا يجوز فيها الجلد.
* هل من الممكن الجمع بين “الجلد” والغرامة معا؟
- لا.. العقوبة إما جلداً أو غرامة.
* هل هناك شروط معينة يجب أن تراعي في عملية الجلد؟
- نعم.. يجب أن يكون الحبل بسمك معين.. وطوله 6 أمتار تقريبا، ويتم طيه إلي
4 طيات، بحيث عندما تضرب تترك أثر 4 خطوط علي ظهر من يتم جلده.. وتتم
عملية الجلد أمام الحاضرين، حيث يجرد الفرد من ملابسه- إلا القليل الذي
يستر عورته- ثم ينبطح علي الأرض ويقوم أحد أفراد عائلته بعملية الجلد،
إرضاء للطرف المتضرر.
* هل هناك سن معينة لتطبيق الجلد؟
- طبعا..سن البلوغ، أما دون ذلك فيترك الأمر لوالد الفرد كي يؤدبه بمعرفته
============
الحلقة الثانية
في الحلقة الثانية من ملف”الأمازيغ” الذي تفتحه البديل علي مدار عدة
حلقات، يوضح الشيخ فتحي الكيلاني شيخ قبيلة “الظناين”، كبري القبائل
الأمازيغية في واحة سيوة عددا من ملامح “الجماعة الأمازيغية في مصر علي
المستويين الثقافي والاجتماعي،خاصة فيما يتعلق بفكرتي “اللغة” و”العرق”،
وهو ما دفعنا بطبيعة الحال للسؤال عن العلاقة بين أمازيغ مصر وباقي
أقربائهم المنتشرين بمنقطة شمال أفريقيا. وكان منطقيا أن تطفو علي السطح
بعض تساؤلات سياسية قرر أن يتصدي لها أمين الحزب الوطني بسيوة، الذي حضر
اللقاء مع الشيخ الكيلاني، والذي اختصر إجابة كل الأسئلة في قوله “كل أهل
سيوة ينتمون للحزب الوطني..وقد فعل الحزب كل شيء لهم”! بينما راحت الباحثة
الأمازيغية أماني الوشاحي_في الحوار الثاني_ في توضيح عدة أبعاد تاريخية
للأمازيغ في مصر، وحاولت إذابة جسور الجليد بين فكرة العرق والمواطنة داخل
هذه الجماعة الصغيرة(21 ألفا في مصر)، وانتهت إلي أن علاقة الأمازيغ بمؤسسة
الدولة الرسمية لم تتلق أي أسافين حتي الآن، ورفضت دعوة عادلي أبادير
لإدراجهم علي أجندته فيما أطلق عليه “أقليات مصر”. وقالت إن لهم هيئة
عالمية تتحدث باسمهم وباسم قضاياهم تدعي “الكونجرس العالمي الأمازيغي”
بالإضافة إلي عدد من الصحف والإذاعات والفضائيات.
فتحي الكيلاني.. شيخ قبيلة «الظناين» السيوية: نطالب «التربية والتعليم» بتدريس اللغة الأمازيغية لأبناء سيوة حتي لا تنقرض
سيوة تضم 11 قبيلة أمازيغية هي قبائل «الظناين» و«الحدادين» و«اللحمودات»
و«الشرامطة» و«الجواسيس» و«أولاد موسي» و«السراحنة» و«الشحايم» و«أغورمي»
و«قرية أم الصغير» و«الشهيبات»
بدأت يومي الثالث في مدينة الأمازيغ بسيوة في مناطق نفوذ قبيلة “الظناين”
الأكبر في تلك المنطقة،حجم القبيلة تطلب أن يتولي أمر المشيخة فيها شيخان
هما الشيخ فتحي الكيلاني والشيخ عبدالرحمن الدميري. اليوم أيضا هو موعد
لقائي مع الشيخ فتحي الكيلاني، لقاء تطلب محاولات مضنية استمرت يومين. الآن
حل المساء علي مدينة الأمازيغ وعلي أن أتوجه إلي بيت الشيخ فتحي الكيلاني،
أمسكت بأدواتي وانطلقت إليه. تقارب الساعة الآن منتصف الليل ورغم ذلك علي
أن ألحق بالشيخ قبل أن يعود إلي دوامة الانشغال بحل القضايا التي يحيلها
إليه قسم الشرطة أو التي يلجأ إليه فيها أبناء قبيلته أو القبائل الأخري.
دخلت إلي المكان الذي يجلس فيه الشيخ ويستقبل ضيوفه، وكان جالسا فنهض
ليصافحني ويرحب بي، وسرعان ما أدرك دون سابق معرفة بيننا أنني الشخص الذي
ينتظره. قررت أن اختصر عليه الطريق وطلبت منه سرعة إجراء الحوار حتي يعود
إلي مشاغله التي تنتظره.. وإلي نص الحوار:
* لماذا يتولي مشيخة قبيلة الظناين اثنان من الشيوخ؟
- لأنها أكبر قبيلة في سيوة، ولابد أن يكون لها شيخان، وقد كان من قبلي في
هذا المنصب الشيخ أحمد سعيد الكيلاني، الذي توفاه الله فتوليت المشيخة خلفا
له، وأيضا الشيخ محمد الدميري، الذي توفاه الله فخلفه ابنه الشيخ عبد
الرحمن الدميري. تولي منصب المشيخة يكون بالانتخاب بين أبناء القبيلة ثم
ترسل نتيجة الانتخاب إلي قسم الشرطة لاعتمادها والتعامل مع الشيخ الجديد
بشكل رسمي من قبل وزارة الداخلية بعد أن تجري التحريات الأمنية المطلوبة
عنه وتتأكد من نزاهته.
* علمت أن رتبة شيخ القبيلة في وزارة الداخلية هي “العمدة”.. ما حقيقة هذا؟
-لا.. نحن علي رتبة شيخ أما رتبة العمدة فتكون بالنسبة للعرب في مرسي مطروح.
*ما القبائل التي تعيش في سيوة وكم يبلغ عددها؟
- يوجد في سيوة 11 قبيلة موجودة منذ عشرات السنين، هي قبائل “الحدادين”
و”اللحمودات” و”الشرامطة” و”الجواسيس” و”أولاد موسي” و”السراحنه”
و”الشحايم” و”أغورمي” و”قرية أم الصغير” و”الشهيبات” و”الظناين”
* ما أقدم قبيلة بين هذه القبائل؟
- لا يمكن تحديد ذلك علي الإطلاق لأن تلك القبائل موجودة منذ زمن بعيد،
فنحن في الأصل عرق أمازيغي ينحدر من دول شمال أفريقيا، لكن جئنا إلي هنا
منذ آلاف السنين واستقر بنا الحال في سيوة، لذلك من الصعب أن أحدد أيهم
أقدم من الأخري في النزول إلي سيوة.
* متي نزل الأمازيغ إلي سيوة؟
- كان هذا منذ زمن بعيد جدا، لكن في عصر قريب كان جبل “شالي” هو الموطن
الأساسي الذي يضم جميع القبائل، وكان محاطا بسور ضخم لرد أي هجوم من العرب
أو الرحالة في الصحراء. وعدد القبائل حينها -في عصر “شالي” – حوالي 7 قبائل
هي “الظناين” و”اللحمودات” و”الحدادين” و”أولاد موسي” و”الشحايم”
و”أغورمي” و”الشرامطة” ثم انضم لهم ثلاث قبائل أخري في الفترة الأخيرة.
* هل كانت هناك ملابسات معينة لإنشاء تلك المدينة؟
- كان السبب الرئيسي لإنشائها هو رد الغزو القادم من ليبيا والعرب، فأنشأوا
تلك المدينة علي منطقة عالية منعا لوصول الأعداء إليهم، ولكن مع مرور
الوقت وانتهاء الغارات علي المدينة وتزايد عدد السكان، بدأوا بالنزول إلي
البلد والعيش فيها. كانت سيوة بأكملها أراضي زراعية حتي منطقة السوق
الموجودة في وسط المدينة كانت منطقة زراعات، ولم يكن في سيوة كلها إلا جبل
“شالي” الذي تسكنه القبائل، لكننا الآن أصبحنا نعيش حياة غير التي كنا
عليها في الماضي من الانفتاح والاختلاط بالآخرين.
* من المعروف أن العلاقة بين أهل سيوة الشرقية والغربية شهدت توترات قلت حدتها الآن.. فهل هناك أسباب محددة لهذا التقارب؟
- يرجع الفضل في هذا إلي رجل فاضل هو الشيخ أحمد الظافر حيث حاول الصلح بين
الشرقيين والغربيين من خلال تنظيم خلوة للرجال من الطرفين في منطقة
الدكرور -تبعد عن سيوة حوالي 5 كيلومترات- للجلوس معا علي أن تستمر تلك
الخلوة لمدة 3 أيام متواصلة هي الأيام القمرية من شهر أكتوبر أي أنها أيام
13و 14و 15 من الشهر الهجري المتزامن مع شهر أكتوبر، وخلالها يأكلون
ويشربون معا. وقد أطلق الشيخ الظافر علي هذه الخلوة اسم “عيد الصلح”، وقد
نجحت تلك الفكرة في إزالة الحواجز والحساسيات بين الطرفين، وبات تنظيم هذا
العيد يتم بشكل سنوي، وقد سمي بـ “عيد الحصاد” لأنه يأتي متواكبا مع حصاد
التمر والزيتون في شهر أكتوبر.
* من أين ينحدر الشيخ أحمد الظافر؟
-كان من ليبيا.. وجاء إلي سيوة وأقام في منطقة “براني” لكنه كان رجلا صالحا واستطاع أن يؤثر علي الناس ويصنع الصلح بينهم.
* ما سبب الانفصال بين أبناء العرق الأمازيغي الموجود في سيوة ونظيره الموجود في المغرب والجزائر وليبيا؟
- حدث شبه انفصال بيننا وبين أمازيغ شمال أفريقيا منذ زمن ليس بالبعيد، وهو
ما أدي بدوره إلي اختلاف اللهجة، وفي هذا الشأن فأمازيغ شمال أفريقيا
يعتبرون أنفسهم أصل اللغة والعرق في حين نعتبر أنفسنا نحن الأصل. لقد
زارتني هنا العديد من الشخصيات الأمازيغية من المغرب والجزائر وكنا نتحدث
معا بكل سهولة مع وجود بعض الاختلافات اللغوية البسيطة النابعة من البعد
وعدم التواصل، كما أن اللغة الأمازيغية لديهم تكتب وتنطق وتدرس في المدارس،
في حين تبقي الأمازيغية هنا منطوقة فقط.
* البعض يتحدث أن اللغة الأمازيغية مهددة الآن بالانقراض.. فلماذا لم تحدث حركة تدوين لها؟
- هذا الأمر يرجع إلي وزارة التربية والتعليم فعليها أن تخصص حصصاً دراسية
في المدارس لتدريس الأمازيغية والحفاظ عليها من خطر التحلل والضياع بمرور
الزمن. يتحدث الطفل هنا اللغة السيوية منذ نعومة أظافره، فهي اللغة رقم
واحد في التعامل بيننا، ولذلك لا أعتقد أنها ستنتهي مهما زاد عدد الوافدين
إلي سيوة لأن السيويين أيضا في تزايد، ونحن حريصون علي بقاء لغتنا.
* لماذا أصبحت اللغة الأمازيغية جامدة لا تتطور حتي باتت معظم المصطلحات الحديثة باللغة العربية؟
- هذا أمر يمكن طرحه للنقاش بين القبائل لأن المصطلحات العربية باتت كثيرة جدا في اللغة السيوية.
* إلي أي مدي يوجد تواصل بين أبناء العرق الأمازيغي في سيوة وأقاربهم في المغرب والجزائر؟
-التواصل موجود لكن السبب الرئيس وراء حالة الانعزال هو البعد والانشغال
أما بالنسبة لأهل سيوة فهناك مشكلة لدي من يهجرها ويقرر الانضمام إلي
العمران مثل الإسكندرية لأن أبناءه يتكلمون فيما بعد العامية المصرية ولا
يكون هناك حرص من آبائهم علي تعليمهم اللغة السيوية.
السؤال القادم مثل مرحلة فاصلة في الحوار مع الشيخ فتحي الكيلاني حيث قرر
أمين الحزب الوطني في سيوة أن يتدخل ويجيب علي الأسئلة بدلا من الشيخ، كان
أمين الحزب الوطني يجلس بجوار الشيخ فتحي الكيلاني وتبدو عليه علامات
الثراء والوجاهة وظل ملازما لنا طول فترة إجراء الحوار. لا أعرف علي وجه
التحديد إذا كان الشيخ فتحي هو الذي استدعاه لحضور الحوار أم أن حضوره كان
مصادفة لكنه ظل “رقيبا” علي الحوار الذي دار بيني وبين الشيخ وكان يتدخل في
بعض الأحيان إذا كان السؤال محرجا.. الآن قررت أن أوجه له عددا من الأسئلة
:
* ما أسباب الحساسيات الدائمة بين الأمازيغ والعرب؟
- بدأ الشيخ فتحي يجيب عن السؤال لكن مهدي المشري أمين الحزب الوطني بسيوة
هم بمقاطعة الشيخ وتدخل قائلا : “مهلا يا شيخ فتحي.. الكلام ده هينشر”..
وواصل بقوله: “شوف ياأستاذ.. نحن لا توجد بيننا وعرب مرسي مطروح أي
حساسيات، فهم أهلنا وعشيرتنا وهناك علاقة ود ونسب ممتد بيننا”.
* قلت له أنا لم أقصد أن هناك حساسيات في التعامل في العصر الحالي ولكني
أتحدث عن وضع تاريخي بين الأمازيغ والعرب تذكره الكتب حتي اليوم؟
- فرد مهدي المشري قائلا: دعنا نبعد عن الكتب وما يذكر فيها، وعلينا أن
نتحدث عن الوضع القائم الذي لا يحمل أي عداوة بيننا والعرب، أما بالنسبة
للبعد التاريخي فإن السبب الذي جعل أهل سيوة يقيمون قلعة “شالي” كان الغزو
الذي يتعرضون له من قطاع طرق جاءوا من ليبيا، ودعم هذا الأمر غياب الأمن عن
المنطقة لكن تلك الاحتياطات لم تكن بهدف رد العرب الموجودين هنا.
* هنا توقفت عن حواري مع الشيخ فتحي الكيلاني وتوجهت لحوار في مجال آخر
مع أمين الحزب الوطني.. وسألته: لماذا تتسم الحياة في سيوة بعدم التعددية
الحزبية.. فلا يوجد إلا الحزب الوطني فقط؟
- فرد قائلا: ولماذا توجد أحزاب أخري إذا كان الحزب الوطني “عامل كل حاجة
ومش مخلي حاجة معملهاش؟”.إن جميع أهل سيوة ينتمون إلي الحزب الوطني عن
اقتناع لأنهم لم يروا أي تقصير من حكومة الحزب في سيوة وإلا كان هناك ناس
تسربوا إلي أحزاب المعارضة.
* هل هناك أحزاب سياسية حاولت العمل في سيوة أم أنها لم تحاول من الأساس؟
- هناك بعض الأحزاب السياسية التي حاولت لكنها لم تجد لنفسها أرضية، فرحلت لأنها لم تج
السبت يوليو 27, 2019 4:19 am من طرف طلعت شرموخ
» كنوز الفراعنه
السبت مايو 18, 2019 1:00 am من طرف طلعت شرموخ
» الثقب الاسود
السبت أبريل 13, 2019 1:22 am من طرف طلعت شرموخ
» طفل بطل
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:15 am من طرف طلعت شرموخ
» دكتور زاكي الدين احمد حسين
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:12 am من طرف طلعت شرموخ
» البطل عبدالرؤوف عمران
الإثنين أبريل 01, 2019 9:17 pm من طرف طلعت شرموخ
» نماذج مشرفه من الجيش المصري
الإثنين أبريل 01, 2019 9:12 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» دجاجة القاضي
الخميس فبراير 28, 2019 5:34 am من طرف طلعت شرموخ
» اخلاق رسول الله
الأربعاء فبراير 27, 2019 1:50 pm من طرف طلعت شرموخ
» يوم العبور في يوم اللا عبور
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:59 pm من طرف طلعت شرموخ
» من اروع ما قرات عن السجود
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:31 pm من طرف طلعت شرموخ
» قصه وعبره
الأربعاء فبراير 20, 2019 11:12 am من طرف طلعت شرموخ
» كيف تصنع شعب غبي
الخميس فبراير 14, 2019 12:55 pm من طرف طلعت شرموخ