"مراد الثاني"
(السلطنة الأولى)
(824-848هـ/1421-1444م)
824هـ/1421م
جلوس "مراد الثاني" على سدة الحكم في "بورصا"
لقد توجه الأمير "مراد بك"، الابن الأكبر للسلطان "محمد الأول" وولي عهده، بالتحرك من ولايته، "آماسيا" إلى "بورصا"، ما إن سمع بنبأ وفاة والده، وجلس على سدة الحكم العثماني. ويسمى هذا السلطان، في المصادر العثمانية، "مراداً الثاني".
وبناءً على ولادة "مراد الثاني" في 806هـ/1403-1404م، فإنه كان في الثامنة عشرة من العمر، عند ارتقائه العرش العثماني.
وبموجب الرواية التقليدية، التي لا تعدّ "سليمان جلبي" و"موسى جلبي" من السلاطين العثمانيين، فإن "مراداً الثاني" هذا، هو السلطان السادس في سلسلة سلاطين الدولة العثمانية. فإذا عدّ "سليمان" و"موسى جلبي" في تلك السلسلة، يكون "مراد الثاني" هو الثامن في تلك السلسلة. إلا أنه بالنظر إلى عدم تمكن "سليمان" و"موسى جلبي" من السيطرة على أراضي الدولة العثمانية، في "الروملي" والأناضول، في وقت واحد، فلا يصح عدهما من السلاطين العثمانيين. ووالدة السلطان "مراد الثاني"، هي "أمينة خاتون"، ابنة "سلي بك"، حاكم "دولقادر".
إن إخفاء نبأ وفاة السلطان "محمد الأول"، واحداً وأربعين يوماً، وتوجه "مراد الثاني" إلى "بورصا"، من دون ذهابه إلى "أدرنة"، وجلوسه على سدة الحكم في "بورصا"، يتعلق بظهور الأمير "مصطفى"، للمرة الثانية؛ بغية الاستيلاء على الحكم في "الروملي". ولذلك، فإن سلطنة "مراد الثاني"، بدت وكأنها قضاء على عهد فترة (أي عهد الفترة : عهد الفوضى) ثانية.
جلوس الأمير "مصطفى جلبي" على سدةالحكم في "أدرنة"
إن ظهور الأمير "مصطفى جلبي" وجلوسه على سدة الحكم في "أدرنة"، بعد جلوس ابن أخيه، "مراد الثاني" في "بورصا"، بفترة قصيرة ـ هو لعبة سياسية غريبة، من الإمبراطورية البيزنطية. وبناءً على الرواية الواردة في هذا الصدد، فإن الإمبراطور البيزنطي، "مانوئيل الثاني"، أرسل، أولاً، وفداً إلى "مراد الثاني" لتهنئته بالحكم؛ محاولة منه للتلاؤم معه. وبهذه المناسبة، طلب "مانوئيل" من "مراد الثاني"، بناءً على وصية والده، إرسال أخويه: "محمود" و"يوسف" إلى بيزنطة. والحقيقة أن طلب الإمبراطور للأميرين الصغيرين، كان بهدف إبقائهما رهينتين بيده، أكثر من تنفيذ وصية السلطان "محمد الأول". ويروى أن "بايزيد باشا"، رد على ذلك الطلب، بأن الإسلام لا يسمح بإيداع أولاد المسلمين لتربيتهم عند النصارى. وبناءً على ذلك الرد، فقد أرسل "ديمتريوس لاسكاريس"، الذي كان سفيراً لدى السلطان "محمد الأول"، مع عشر سفن، إلى جزيرة "ليمني"؛ وأخرج الأمير "مصطفى جلبي" ابن "يلدرم بايزيد"، مع أتباعه، إلى البر في سواحل "كلي بولي". وقد أخلي سبيل "جنيد بك بن إزمير أغلو"، الذي كان قد زجَّ به في دير، مع إخلاء سبيل الأمير "مصطفى" أيضاً، مع أتباعه.
وبناءً على رواية أخرى، فإن الأمير "مصطفى جلبي"، جُلب إلى "إستانبول"، فعقدت معه معاهدة، تعهد بموجبها "مصطفى جلبي"، أنه إذا تمكن من زمام أمور الحكم، فإنه يعيد لبيزنطة "كلي بولي" و"تساليا" وبعض المواقع في سواحل البحر الأسود.
وبتلك الصورة، استند "مصطفى جلبي" إلى مساعدة بيزنطة، وجمع من حوله العديد من أمراء "الروملي"، وذهب إلى "أدرنة"، معلناً سلطنته. ويروى أن "جنيد بن إزمير إغلو"، أصبح وزيراً للأمير "مصطفى جلبي".
وبناءً على ما جرى، فقد اتصل الإمبراطور البيزنطي، "مانوئيل الثاني"؛ "مصطفى جلبي"، وطلب منه الإيفاء بالمعاهدة، التي بموجبها تعاد "كلي بولي" وغيرها من المواقع إلى الإمبراطورية. غير أن "مصطفى جلبي" و"جنيد بك"، رفضا ذلك الطلب رفضاً قاطعاً، قائلين: لا يجيز الإسلام التنازل عن أراضي المسلمين لصالح النصارى؛ وإنهما مضطران إلى القيام بفتح البلاد النصرانية الأخرى أيضاً.
وبناءً على ذلك، ولما رجع الوفد البيزنطي بسلاح حاف جاف، قام الإمبراطور البيزنطي، هذه المرة، بإجراء المذاكرات مع السلطان "مراد الثاني". ولكن، بالنظر إلى إصراره على مسألة الأميرين الصغيرين، فقد بقيت المذاكرات من دون نتيجة. واتفق "مراد الثاني" مع جنويي "فوجا" على نقل الجنود العثمانيين إلى "الروملي"، ضد عمه فيها. وهذا يعني، كما هو أمر طبيعي، أن السلطان "مراداً الثاني"، أصبح مواجهاً لعمه، "مصطفى" من جهة؛ ولبيزنطة، من جهة ثانية.
تشكيل صنف جديد من المشاة، باسم "الأعزب"
لقد أحدث هذا الصنف من الجنود، الذين قاموا بأدوار كبيرة في المعارك العثمانية، التي ستنشب، فيما بعد ـ الأمير "مصطفى جلبي" الحقيقي، الذي أطلق عليه، زوراً وبهتاناً، "المزور"، من دون أي وجه حق. ويروى أنه خصص كلاً من أفراد هذا الصنف الجديد من الجنود، بخمسين آقجة.
============================================================================
حادثة "أولوباد"، بين "مراد الثاني" و"مصطفى جلبي"
يذكر أن أولى بوادر الخصومة، بين العم وابن الأخ، قد صدرت من ابن الأخ، "مراد الثاني". وبناءً على هذه الرواية، فإن "مصطفى جلبي"، ما إن ظهر في "الروملي"، في عام 824هـ/1421م، حتى ساق "مراد الثاني" قوة، بقيادة الوزير الأعظم "بايزيد باشا"، فقابل "مصطفى جلبي" هذه القوة، في "سازلي درة"؛ وقام في وجه العساكر، خطيباً، وما إن كلمهم عدة كلمات، حتى التحق به كل العساكر؛ فقبض على "بايزيد باشا" وأعدم. ولكن، بناءً على رواية ثانية، فإن "بايزيد باشا" قتل في أثناء نشوب المعركة؛ بل إنه بموجب رواية ثالثة، فإن "بايزيد باشا"، لم يقتل في "سازلي درة"، وإنما قتل في "كلي بولي"، في أثناء دفاعه عنها. وبناءً على رواية رابعة، فإنه لما انتقل إلى "الروملي"، في عام 824هـ/1421م، التحق بـ"مصطفى جلبي"؛ غير أنه أعدم، في عام 825هـ/1422م، بسبب عدم حصوله على ثقة سيده، "مصطفى جلبي". ويبدو، كما هو أمر محقق، أن "مراداً الثاني"، لم يستفد شيئاً من تلك المحاولة، التي قام بها "بايزيد باشا"؛ بل على العكس من ذلك، أصبحت هذه المحاولة وسيلة لقيام "مصطفى جلبي" بالتوجه إلى الأناضول، حيث انتقل، مع العديد من أمراء "الروملي"، من قناة الدردنيل (جنق قلعة) إلى الأناضول. و"بايزيد باشا"، هو أول وزير أعظم في الدولة العثمانية، يقتل في الحرب.
والتقى جيشا العم وابن الأخ، في موقع "أولوباد". وأخذ كل طرف من الطرفين جانباً من جسر "أولوباد". وبما أن بعض المؤامرات السياسية، دخلت في المسألة، فقد حُلت من دون وقوع حرب. فيروى أن "مراداً الثاني"، الذي وجد مقدم عمه بقوات كبيرة، اتخذ تدبيرين اثنين:
أولهما: جلب "محمد بك"، ابن "ميخال"، من "توقاد"، حيث سبق أن نفي، لما أصبح "موسى جلبي" أمير الأمراء.
ثانيهما: مخادعة "جنيد بك بن إزمير أغلو"، الذي بات وزيراً للأمير "مصطفى جلبي".
فلقد تمت الاستفادة من مجيء "محمد الثاني"، ابن "ميخال"، بسبب نفوذه الكبير على حراس الثغور، المعروفين بـ"آقنجيلر"، وكذلك على الأمراء في "الروملي"؛ بل إنه بناءً على رواية "عاشق باشا زاده"، الذي حضر في تلك الحادثة شخصياً، فقد اتفق ابن "ميخال"، في هذا الطرف من الضفة، وأمراء "الروملي"، في الضفة الثانية من النهر، ووقع بينهما الاتفاق. وعلى الرغم من ورود رواية، تفيد بمخادعة "جنيد بك بن إزمير أغلو" في هذا الحادثة، فإن هناك اختلافات في تفصيلاتها. ومن جهة ثانية، أرسل "لحاج عوض باشا" من وزراء "مراد الثاني"، خطاباً إلى "مصطفى جلبي"، تظاهر فيه بأنه من أتباعه، وحدثه عن خيانة أمراء "الروملي". فكل تلك الأمور، أدت بـ"مصطفى جلبي" إلى فهم حقيقة الخطر الداهم، فاضطر إلى الهروب، أولاً" إلى "إزمير"، ثم منها، بالسفينة، إلى "كلي بولي". وبناءً على رواية ثانية، فإن "مصطفى جلبي"، لم يذهب إلى "إزمير"، وإنما وصل إلى "كلي بولي"، بشق الأنفس، خلال ثلاثة أيام؛ بل تزيد الرواية، أن قاضي "بيغا"، تعاون معه، أثناء هروبه، فأمر السلطان "مراد الثاني"، بإعدامه بسبب ذلك.
حملة "مراد الثاني" على "الروملي"،وإعدام "مصطفى جلبي"
لقد انتقل "مراد الثاني" من الأناضول إلى "الروملي"؛ بغية متابعة عمه، بمساعدة السفن، التي وفرها من جنويي "فوجا". وعلى الرغم من قيام "مصطفى جلبي"، الذي كان موجوداً في "الروملي"، بضرب سفن ابن أخيه، "مراد الثاني"، فإنه لم يتمكن من منع قواته من النزول في تلك المنطقة. وبناءً على ذلك، بدأ "مراد الثاني" بوضع الحصار على "كلي بولي". ويروى أن "مصطفى جلبي"، الذي تيقن بعدم إمكانية مقاومة ابن أخيه، فر من "كلي بولي"، متجهاً إلى "أدرنة"، حيث أخذ خزينته وذهب باتجاه "الأفلاق".
وعلى الرغم من تأكد القبض على "مصطفى جلبي"، بجوار "ينيجة قزل آغاج"، إلا أن هناك اختلافاً في التفاصيل؛ فتفيد إحدى الروايات، أنه لما وصل إلى هذا الموقع، تم تسليمه للرجال المتابعين لأثره، على أيدي رجاله، الذين خانوه. وبناءً على رواية أخرى، فإن "مراد الثاني"، وجد عمه مختبئاً وراء أدغال، فأخرجه منها بيديه، وجلبه معه إلى "أدرنة"، حيث علقه بأحد أبراج القلعة، مصلوباً. أما المؤرخ "إيوركا"، فيذكر أن "مصطفى جلبي"، لم يقتل في ذلك التاريخ؛ وإنما أعدم في عام 829هـ/1426م.
وإذا عدّ "سليمان" و"موسى جلبي" من سلاطين الدولة العثمانية، فينبغي أن يعدّ "مصطفى جلبي" أيضاً منهم؛ فهذا أيضاً أقام الحكم في "الروملي"، مثلهم، بل إنه سك النقود أيضاً. غير أنه بالنظر إلى عدم تمكن أحد من هؤلاء الثلاثة من أراضي الدولة العثمانية، في الأناضول و"الروملي"، في وقت واحد، فلا يجوز هذا الإطلاق.
وفاة "سليمان جلبي"، صاحب "المولد"
إن هذا الشاعر الكبير، "سليمان جلبي"، الذي سمي أيضاً باسم "سليمان دده"، يعد أسطع الوجوه الأدبية التركية وأشرقها. كان والده، "أحمد باشا"، من وزراء "مراد الأول"، وجده الشيخ "محمود". وقد أم "سليمان جلبي" جامع "يلدرم بايزيد" في "بورصا". تاريخ ميلاده غير معلوم. ويقع قبره في "بورصا" على طريق (حي) "جكرغة".
ومؤلَّفه الخالد، الذي لا يموت، ولا يقدم، والذي يحتفي به الأدب التركي، منذ العصور الخالية، بتقديس جم، ليس وثيقة مهمة لتاريخ الأدب التركي فحسب، بل إنه وثيقة قيمة حتى لتاريخ اللغة التركية أيضاً.
وضع الحصار السادس على "إستانبول"
كانت الحصارات الأربعة الأولى على "إستانبول"، ضربت في عهد "يلدرم بايزيد"؛ والخامس في عهد "موسى جلبي".
ويبدو من المؤكد، أن شروع السلطان "مراد الثاني" بضرب هذا الحصار السادس على "إستانبول"، كان يستهدف الانتقام من الإمبراطور البيزنطي، "مانوئيل الثاني"، الذي أحدث مشكلة "مصطفى جلبي" بشكل مقصود؛ بل إن المشكلة ما إن أخمدت، حتى قام الإمبراطور بإرسال وفد إلى "مراد الثاني"، بغية إمرار العاصفة بسلام، نظراً إلى معرفته بالمصيبة، التي يتعرض لها. إذ إن الوالد الباسل للسلطان "محمد الفاتح"، لم يكن له أن يضع مسمعه لذلك الوفد، بل إنه لم يترك الوفد يغادر، حتى أكمل كل استعدادات الحصار.
وكان الإمبراطور الكهل على بيزنطة، "مانوئيل الثاني"، قد ترك أمور الدولة لشريكه في الحكم، وابنه، "يؤانس الثامن"، مشتغلاً بتأليف بعض الكتب. أما ابنه، "يؤانس الثامن"، فكان مشغولاً بعداوة الأتراك. إلا أنه بالنظر إلى عدم مقدرته على الدفاع عن البلاد، تجاه ما يقوم به الجيش التركي إزاءها، فإن الابن أيضاً، وقع في ربكة من أمره، مثل والده تماماً.
كان الجيش التركي، الذي تم تجهيزه بأدوات الحصار والمدافع الكبيرة، قام بتنظيف المنطقة المجاورة لـ"إستانبول" أولاً، ثم ضرب حصاراً شديداً على المدينة، وبدأ بالتضييق عليها.
بدأ هذا الحصار السادس على "إستانبول"، في شهر جمادى الآخرة، الموافق لشهر يونيه من هذه السنة. واستمر حتى نهايات شهر شوال، الموافق لشهر سبتمبر، حيث استمر أربعة أشهر، على وجه التقريب.
ولقد شارك "شمس الدين البخاري"، المشهور بلقب "أمير سلطان"، في هذا الحصار، مع خمسمائة نفر من مريديه، وشجع بذلك الجيش العثماني بنفوذه المعنوي.
أما البيزنطيون، فقد دافعوا عن بلادهم، على أحسن وجه. وقاموا بعمليات اقتحام، حتى النساء شاركن في الدفاع عن المدينة.
ويروى أن أشد هجوم، تعرضت له "إستانبول"، كان في يوم الإثنين، السادس من رمضان، الموافق لـ 24 أغسطس من هذه السنة. غير أن هذا الهجوم أيضاً، لم يسفر عن شيء.
والحقيقة أن رفع الحصار، قبل فتح المدينة، في الوقت الذي كانت "إستانبول" قاب قوسين أو أدنى من السقوط ـ كان بسبب قيام الأمير "مصطفى"، وهو الأخ الصغير لـ"مراد الثاني"، بالتمرد في وجه أخيه، بحجة ادعاء السلطنة. فهذا الأمير، الذي يعرف بـ"مصطفى الصغير"، كان شاباً صغيراً، وتحمس لإغواء العدو بسهولة، حيث دخلت المؤامرة البيزنطية في المسألة، وأصبح "بنو قره مان" و"بنو كرميان" أيضاً، عوامل مهمة في نشوب هذا التمرد.
وبناءً على ذلك الوضع، فقد تم رفع الحصار، ونجت مدينة "إستانبول" بعد عشرين سنة من كارثة "أنقرة"، من هذه الكارثة الكبيرة، التي تعرضت لها. وبقيت في حوزة الإمبراطورية البيزنطية لمدة إحدى وثلاثين سنة أخرى، إلى أن تم فتحها على يدي السلطان "محمد الفاتح". وكان هذا الحصار السادس، هو آخر حصار مفروض على "إستانبول"، قبل الفتح. ولقد شرح البيزنطيون هذه النجاة من الحصار السادس بخرافة فحواها أن السيدة "مريم"، وقفت على الأسوار، و دافعت عنها، ولذلك نجت المدينة من المسلمين !!
=======================================================
(السلطنة الأولى)
(824-848هـ/1421-1444م)
824هـ/1421م
جلوس "مراد الثاني" على سدة الحكم في "بورصا"
لقد توجه الأمير "مراد بك"، الابن الأكبر للسلطان "محمد الأول" وولي عهده، بالتحرك من ولايته، "آماسيا" إلى "بورصا"، ما إن سمع بنبأ وفاة والده، وجلس على سدة الحكم العثماني. ويسمى هذا السلطان، في المصادر العثمانية، "مراداً الثاني".
وبناءً على ولادة "مراد الثاني" في 806هـ/1403-1404م، فإنه كان في الثامنة عشرة من العمر، عند ارتقائه العرش العثماني.
وبموجب الرواية التقليدية، التي لا تعدّ "سليمان جلبي" و"موسى جلبي" من السلاطين العثمانيين، فإن "مراداً الثاني" هذا، هو السلطان السادس في سلسلة سلاطين الدولة العثمانية. فإذا عدّ "سليمان" و"موسى جلبي" في تلك السلسلة، يكون "مراد الثاني" هو الثامن في تلك السلسلة. إلا أنه بالنظر إلى عدم تمكن "سليمان" و"موسى جلبي" من السيطرة على أراضي الدولة العثمانية، في "الروملي" والأناضول، في وقت واحد، فلا يصح عدهما من السلاطين العثمانيين. ووالدة السلطان "مراد الثاني"، هي "أمينة خاتون"، ابنة "سلي بك"، حاكم "دولقادر".
إن إخفاء نبأ وفاة السلطان "محمد الأول"، واحداً وأربعين يوماً، وتوجه "مراد الثاني" إلى "بورصا"، من دون ذهابه إلى "أدرنة"، وجلوسه على سدة الحكم في "بورصا"، يتعلق بظهور الأمير "مصطفى"، للمرة الثانية؛ بغية الاستيلاء على الحكم في "الروملي". ولذلك، فإن سلطنة "مراد الثاني"، بدت وكأنها قضاء على عهد فترة (أي عهد الفترة : عهد الفوضى) ثانية.
جلوس الأمير "مصطفى جلبي" على سدةالحكم في "أدرنة"
إن ظهور الأمير "مصطفى جلبي" وجلوسه على سدة الحكم في "أدرنة"، بعد جلوس ابن أخيه، "مراد الثاني" في "بورصا"، بفترة قصيرة ـ هو لعبة سياسية غريبة، من الإمبراطورية البيزنطية. وبناءً على الرواية الواردة في هذا الصدد، فإن الإمبراطور البيزنطي، "مانوئيل الثاني"، أرسل، أولاً، وفداً إلى "مراد الثاني" لتهنئته بالحكم؛ محاولة منه للتلاؤم معه. وبهذه المناسبة، طلب "مانوئيل" من "مراد الثاني"، بناءً على وصية والده، إرسال أخويه: "محمود" و"يوسف" إلى بيزنطة. والحقيقة أن طلب الإمبراطور للأميرين الصغيرين، كان بهدف إبقائهما رهينتين بيده، أكثر من تنفيذ وصية السلطان "محمد الأول". ويروى أن "بايزيد باشا"، رد على ذلك الطلب، بأن الإسلام لا يسمح بإيداع أولاد المسلمين لتربيتهم عند النصارى. وبناءً على ذلك الرد، فقد أرسل "ديمتريوس لاسكاريس"، الذي كان سفيراً لدى السلطان "محمد الأول"، مع عشر سفن، إلى جزيرة "ليمني"؛ وأخرج الأمير "مصطفى جلبي" ابن "يلدرم بايزيد"، مع أتباعه، إلى البر في سواحل "كلي بولي". وقد أخلي سبيل "جنيد بك بن إزمير أغلو"، الذي كان قد زجَّ به في دير، مع إخلاء سبيل الأمير "مصطفى" أيضاً، مع أتباعه.
وبناءً على رواية أخرى، فإن الأمير "مصطفى جلبي"، جُلب إلى "إستانبول"، فعقدت معه معاهدة، تعهد بموجبها "مصطفى جلبي"، أنه إذا تمكن من زمام أمور الحكم، فإنه يعيد لبيزنطة "كلي بولي" و"تساليا" وبعض المواقع في سواحل البحر الأسود.
وبتلك الصورة، استند "مصطفى جلبي" إلى مساعدة بيزنطة، وجمع من حوله العديد من أمراء "الروملي"، وذهب إلى "أدرنة"، معلناً سلطنته. ويروى أن "جنيد بن إزمير إغلو"، أصبح وزيراً للأمير "مصطفى جلبي".
وبناءً على ما جرى، فقد اتصل الإمبراطور البيزنطي، "مانوئيل الثاني"؛ "مصطفى جلبي"، وطلب منه الإيفاء بالمعاهدة، التي بموجبها تعاد "كلي بولي" وغيرها من المواقع إلى الإمبراطورية. غير أن "مصطفى جلبي" و"جنيد بك"، رفضا ذلك الطلب رفضاً قاطعاً، قائلين: لا يجيز الإسلام التنازل عن أراضي المسلمين لصالح النصارى؛ وإنهما مضطران إلى القيام بفتح البلاد النصرانية الأخرى أيضاً.
وبناءً على ذلك، ولما رجع الوفد البيزنطي بسلاح حاف جاف، قام الإمبراطور البيزنطي، هذه المرة، بإجراء المذاكرات مع السلطان "مراد الثاني". ولكن، بالنظر إلى إصراره على مسألة الأميرين الصغيرين، فقد بقيت المذاكرات من دون نتيجة. واتفق "مراد الثاني" مع جنويي "فوجا" على نقل الجنود العثمانيين إلى "الروملي"، ضد عمه فيها. وهذا يعني، كما هو أمر طبيعي، أن السلطان "مراداً الثاني"، أصبح مواجهاً لعمه، "مصطفى" من جهة؛ ولبيزنطة، من جهة ثانية.
تشكيل صنف جديد من المشاة، باسم "الأعزب"
لقد أحدث هذا الصنف من الجنود، الذين قاموا بأدوار كبيرة في المعارك العثمانية، التي ستنشب، فيما بعد ـ الأمير "مصطفى جلبي" الحقيقي، الذي أطلق عليه، زوراً وبهتاناً، "المزور"، من دون أي وجه حق. ويروى أنه خصص كلاً من أفراد هذا الصنف الجديد من الجنود، بخمسين آقجة.
============================================================================
825هـ/1422م
حادثة "أولوباد"، بين "مراد الثاني" و"مصطفى جلبي"
يذكر أن أولى بوادر الخصومة، بين العم وابن الأخ، قد صدرت من ابن الأخ، "مراد الثاني". وبناءً على هذه الرواية، فإن "مصطفى جلبي"، ما إن ظهر في "الروملي"، في عام 824هـ/1421م، حتى ساق "مراد الثاني" قوة، بقيادة الوزير الأعظم "بايزيد باشا"، فقابل "مصطفى جلبي" هذه القوة، في "سازلي درة"؛ وقام في وجه العساكر، خطيباً، وما إن كلمهم عدة كلمات، حتى التحق به كل العساكر؛ فقبض على "بايزيد باشا" وأعدم. ولكن، بناءً على رواية ثانية، فإن "بايزيد باشا" قتل في أثناء نشوب المعركة؛ بل إنه بموجب رواية ثالثة، فإن "بايزيد باشا"، لم يقتل في "سازلي درة"، وإنما قتل في "كلي بولي"، في أثناء دفاعه عنها. وبناءً على رواية رابعة، فإنه لما انتقل إلى "الروملي"، في عام 824هـ/1421م، التحق بـ"مصطفى جلبي"؛ غير أنه أعدم، في عام 825هـ/1422م، بسبب عدم حصوله على ثقة سيده، "مصطفى جلبي". ويبدو، كما هو أمر محقق، أن "مراداً الثاني"، لم يستفد شيئاً من تلك المحاولة، التي قام بها "بايزيد باشا"؛ بل على العكس من ذلك، أصبحت هذه المحاولة وسيلة لقيام "مصطفى جلبي" بالتوجه إلى الأناضول، حيث انتقل، مع العديد من أمراء "الروملي"، من قناة الدردنيل (جنق قلعة) إلى الأناضول. و"بايزيد باشا"، هو أول وزير أعظم في الدولة العثمانية، يقتل في الحرب.
والتقى جيشا العم وابن الأخ، في موقع "أولوباد". وأخذ كل طرف من الطرفين جانباً من جسر "أولوباد". وبما أن بعض المؤامرات السياسية، دخلت في المسألة، فقد حُلت من دون وقوع حرب. فيروى أن "مراداً الثاني"، الذي وجد مقدم عمه بقوات كبيرة، اتخذ تدبيرين اثنين:
أولهما: جلب "محمد بك"، ابن "ميخال"، من "توقاد"، حيث سبق أن نفي، لما أصبح "موسى جلبي" أمير الأمراء.
ثانيهما: مخادعة "جنيد بك بن إزمير أغلو"، الذي بات وزيراً للأمير "مصطفى جلبي".
فلقد تمت الاستفادة من مجيء "محمد الثاني"، ابن "ميخال"، بسبب نفوذه الكبير على حراس الثغور، المعروفين بـ"آقنجيلر"، وكذلك على الأمراء في "الروملي"؛ بل إنه بناءً على رواية "عاشق باشا زاده"، الذي حضر في تلك الحادثة شخصياً، فقد اتفق ابن "ميخال"، في هذا الطرف من الضفة، وأمراء "الروملي"، في الضفة الثانية من النهر، ووقع بينهما الاتفاق. وعلى الرغم من ورود رواية، تفيد بمخادعة "جنيد بك بن إزمير أغلو" في هذا الحادثة، فإن هناك اختلافات في تفصيلاتها. ومن جهة ثانية، أرسل "لحاج عوض باشا" من وزراء "مراد الثاني"، خطاباً إلى "مصطفى جلبي"، تظاهر فيه بأنه من أتباعه، وحدثه عن خيانة أمراء "الروملي". فكل تلك الأمور، أدت بـ"مصطفى جلبي" إلى فهم حقيقة الخطر الداهم، فاضطر إلى الهروب، أولاً" إلى "إزمير"، ثم منها، بالسفينة، إلى "كلي بولي". وبناءً على رواية ثانية، فإن "مصطفى جلبي"، لم يذهب إلى "إزمير"، وإنما وصل إلى "كلي بولي"، بشق الأنفس، خلال ثلاثة أيام؛ بل تزيد الرواية، أن قاضي "بيغا"، تعاون معه، أثناء هروبه، فأمر السلطان "مراد الثاني"، بإعدامه بسبب ذلك.
حملة "مراد الثاني" على "الروملي"،وإعدام "مصطفى جلبي"
لقد انتقل "مراد الثاني" من الأناضول إلى "الروملي"؛ بغية متابعة عمه، بمساعدة السفن، التي وفرها من جنويي "فوجا". وعلى الرغم من قيام "مصطفى جلبي"، الذي كان موجوداً في "الروملي"، بضرب سفن ابن أخيه، "مراد الثاني"، فإنه لم يتمكن من منع قواته من النزول في تلك المنطقة. وبناءً على ذلك، بدأ "مراد الثاني" بوضع الحصار على "كلي بولي". ويروى أن "مصطفى جلبي"، الذي تيقن بعدم إمكانية مقاومة ابن أخيه، فر من "كلي بولي"، متجهاً إلى "أدرنة"، حيث أخذ خزينته وذهب باتجاه "الأفلاق".
وعلى الرغم من تأكد القبض على "مصطفى جلبي"، بجوار "ينيجة قزل آغاج"، إلا أن هناك اختلافاً في التفاصيل؛ فتفيد إحدى الروايات، أنه لما وصل إلى هذا الموقع، تم تسليمه للرجال المتابعين لأثره، على أيدي رجاله، الذين خانوه. وبناءً على رواية أخرى، فإن "مراد الثاني"، وجد عمه مختبئاً وراء أدغال، فأخرجه منها بيديه، وجلبه معه إلى "أدرنة"، حيث علقه بأحد أبراج القلعة، مصلوباً. أما المؤرخ "إيوركا"، فيذكر أن "مصطفى جلبي"، لم يقتل في ذلك التاريخ؛ وإنما أعدم في عام 829هـ/1426م.
وإذا عدّ "سليمان" و"موسى جلبي" من سلاطين الدولة العثمانية، فينبغي أن يعدّ "مصطفى جلبي" أيضاً منهم؛ فهذا أيضاً أقام الحكم في "الروملي"، مثلهم، بل إنه سك النقود أيضاً. غير أنه بالنظر إلى عدم تمكن أحد من هؤلاء الثلاثة من أراضي الدولة العثمانية، في الأناضول و"الروملي"، في وقت واحد، فلا يجوز هذا الإطلاق.
وفاة "سليمان جلبي"، صاحب "المولد"
إن هذا الشاعر الكبير، "سليمان جلبي"، الذي سمي أيضاً باسم "سليمان دده"، يعد أسطع الوجوه الأدبية التركية وأشرقها. كان والده، "أحمد باشا"، من وزراء "مراد الأول"، وجده الشيخ "محمود". وقد أم "سليمان جلبي" جامع "يلدرم بايزيد" في "بورصا". تاريخ ميلاده غير معلوم. ويقع قبره في "بورصا" على طريق (حي) "جكرغة".
ومؤلَّفه الخالد، الذي لا يموت، ولا يقدم، والذي يحتفي به الأدب التركي، منذ العصور الخالية، بتقديس جم، ليس وثيقة مهمة لتاريخ الأدب التركي فحسب، بل إنه وثيقة قيمة حتى لتاريخ اللغة التركية أيضاً.
وضع الحصار السادس على "إستانبول"
كانت الحصارات الأربعة الأولى على "إستانبول"، ضربت في عهد "يلدرم بايزيد"؛ والخامس في عهد "موسى جلبي".
ويبدو من المؤكد، أن شروع السلطان "مراد الثاني" بضرب هذا الحصار السادس على "إستانبول"، كان يستهدف الانتقام من الإمبراطور البيزنطي، "مانوئيل الثاني"، الذي أحدث مشكلة "مصطفى جلبي" بشكل مقصود؛ بل إن المشكلة ما إن أخمدت، حتى قام الإمبراطور بإرسال وفد إلى "مراد الثاني"، بغية إمرار العاصفة بسلام، نظراً إلى معرفته بالمصيبة، التي يتعرض لها. إذ إن الوالد الباسل للسلطان "محمد الفاتح"، لم يكن له أن يضع مسمعه لذلك الوفد، بل إنه لم يترك الوفد يغادر، حتى أكمل كل استعدادات الحصار.
وكان الإمبراطور الكهل على بيزنطة، "مانوئيل الثاني"، قد ترك أمور الدولة لشريكه في الحكم، وابنه، "يؤانس الثامن"، مشتغلاً بتأليف بعض الكتب. أما ابنه، "يؤانس الثامن"، فكان مشغولاً بعداوة الأتراك. إلا أنه بالنظر إلى عدم مقدرته على الدفاع عن البلاد، تجاه ما يقوم به الجيش التركي إزاءها، فإن الابن أيضاً، وقع في ربكة من أمره، مثل والده تماماً.
كان الجيش التركي، الذي تم تجهيزه بأدوات الحصار والمدافع الكبيرة، قام بتنظيف المنطقة المجاورة لـ"إستانبول" أولاً، ثم ضرب حصاراً شديداً على المدينة، وبدأ بالتضييق عليها.
بدأ هذا الحصار السادس على "إستانبول"، في شهر جمادى الآخرة، الموافق لشهر يونيه من هذه السنة. واستمر حتى نهايات شهر شوال، الموافق لشهر سبتمبر، حيث استمر أربعة أشهر، على وجه التقريب.
ولقد شارك "شمس الدين البخاري"، المشهور بلقب "أمير سلطان"، في هذا الحصار، مع خمسمائة نفر من مريديه، وشجع بذلك الجيش العثماني بنفوذه المعنوي.
أما البيزنطيون، فقد دافعوا عن بلادهم، على أحسن وجه. وقاموا بعمليات اقتحام، حتى النساء شاركن في الدفاع عن المدينة.
ويروى أن أشد هجوم، تعرضت له "إستانبول"، كان في يوم الإثنين، السادس من رمضان، الموافق لـ 24 أغسطس من هذه السنة. غير أن هذا الهجوم أيضاً، لم يسفر عن شيء.
والحقيقة أن رفع الحصار، قبل فتح المدينة، في الوقت الذي كانت "إستانبول" قاب قوسين أو أدنى من السقوط ـ كان بسبب قيام الأمير "مصطفى"، وهو الأخ الصغير لـ"مراد الثاني"، بالتمرد في وجه أخيه، بحجة ادعاء السلطنة. فهذا الأمير، الذي يعرف بـ"مصطفى الصغير"، كان شاباً صغيراً، وتحمس لإغواء العدو بسهولة، حيث دخلت المؤامرة البيزنطية في المسألة، وأصبح "بنو قره مان" و"بنو كرميان" أيضاً، عوامل مهمة في نشوب هذا التمرد.
وبناءً على ذلك الوضع، فقد تم رفع الحصار، ونجت مدينة "إستانبول" بعد عشرين سنة من كارثة "أنقرة"، من هذه الكارثة الكبيرة، التي تعرضت لها. وبقيت في حوزة الإمبراطورية البيزنطية لمدة إحدى وثلاثين سنة أخرى، إلى أن تم فتحها على يدي السلطان "محمد الفاتح". وكان هذا الحصار السادس، هو آخر حصار مفروض على "إستانبول"، قبل الفتح. ولقد شرح البيزنطيون هذه النجاة من الحصار السادس بخرافة فحواها أن السيدة "مريم"، وقفت على الأسوار، و دافعت عنها، ولذلك نجت المدينة من المسلمين !!
=======================================================
826هـ/1423م
التنكيل بتمرد "مصطفىالصغير"
"مصطفى الصغير"، هو أحد إخوان "مراد الثاني". كان ولداً صغيراً، تشجع لتحريكات "بني قره مان" و"بني كرميان" له. ويذكر أنه كان في الثالثة عشرة من العمر، آنذاك. وهذا الولد الصغير، الذي يقال إنه كان والياً على ولاية "حميد"، منذ عهد والده، كان له مربٍّ، يدعى "إلياس بك شرابدار". فهذا المربي، هو الذي يدير كل أمور الصغير. وإضافة إلى ذلك، يقال إن "يعقوب الثاني"، حاكم "كرميان"، كان قد تبنى "مصطفى الصغير" هذا. ويبدو، في حقيقة الأمر، أن مسؤولية القيام بالتمرد، لا تقع على هذا الولد الصغير؛ وإنما على مربيه؛ فهذا المربي هو الذي غوى بتحريكات "قره مان" و"كرميان" وبيزنطة.
وهذه الحركة التمردية، التي أخذت شكلاً جدياً، بالمساعدات العسكرية، التي قدمت لها من لدن مشجعيها، أدت الاستيلاء على "إزنيق" وضرب الحصار على "بورصا".
وبناءً على هذا الوضع، رفع "مراد الثاني" الحصار عن "إستانبول"، على الفور. واضطر إلى الانتقال إلى الأناضول مباشرة.
وعلى الرغم من وضع مدينة "إزنيق" تحت الحصار، فإنه لم تقع معركة ذات أهمية. وكان السبب في ذلك، هو الوصول إلى "إلياس بك شرابدار". فبموجب الرواية، التي تورد النبأ، أنه حين جرت مصادمة بسيطة، حمل "إلياس بك" "مصطفى الصغير" على فرسه، وسأله الأمير: لماذا تمسكني هكذا؟ فرد عليه "إلياس" الخائن: أوصلك إلى أخيك. فقال له "مصطفى الصغير": لا تسلمني لأخي، فإنه سوف يقتلني. إلا أن المربي الخائن، لم يسمع لكلامه، بل ذهب به إلى "مراد الثاني" على الفور، وسلمه إياه. فتم إعدام هذا الأمير الصغير المسكين، على الفور، وذلك بتعليقه على شجرة تين، في مدخل مدينة "إزنيق". وفي النتيجة، فإن خلاص الإمبراطورية البيزنطية من الحصار التركي السادس، المفروض عليها، كان على حساب دم هذا الولد الصغير. وكانت السياسة المتبعة لدى الأعداء، بعد معركة "أنقرة"، نشوب النزاعات بين الأمراء، على ذلك النحو السابق. وقد أرخت حادثة "مصطفى الصغير" أيضاً بعام 827هـ/1424م.
الحملات على "الأفلاق" و"ألبانيا" و"المورة"
لقد كلف القيام بالحملة على "الأفلاق"، الواقعة في الشمال، "فيروز بك"، من الأمراء؛ وعلى "ألبانيا" و"المورة"، الواقعتين في الغرب والجنوب، "عيسى بك"، ابن "أفرنوس". وتذكر بعض المصادر الأجنبية، أن اسم ابن أفرنوس، "طورخان بك".
لقد تغيرت بعض الأمور في إمارة "الأفلاق"؛ فقد قام "ولاد دراكول"، من أقرباء الأمير "دان"، الذي آلت إليه الإمارة، بعد "ميرجه"، بالانقلاب على "دان" وإعدامه، فانتقلت بذلك إمارة "الأفلاق" إلى "ولاد" المذكور. ولقب "دراكول"، الذي لقب به هذا الأمير، يعني الشيطان. فهذا الأمير الشيطان، الذي لم يكن له أن يجلس في راحة، قام بالعديد من الحملات على الأراضي العثمانية. ونظراً إلى أنه كان يترقب للقيام بمزيد من تلك الحملات، فقد وجب التنكيل به. ولهذا السبب، أرسل "فيروز بك" عليه. ولقد انهزم "دراكول" أمام القوات التركية، وفرض عليه الخراج؛ كما أخذ تحت التبعية العثمانية. وهناك رواية تفيد، أنه اضطر أيضاً إلى ترك اثنين من أولاده رهينة لدى العثمانيين.
وكان استرداد "ألبانيا"، التي خرجت بسبب عهد الفترة (الفوضى)، والاستيلاء عليها كلها، أصبح ضرورة، للسيطرة على البلقان. ولذلك، فقد أولى "مراد الثاني" اهتماماً خاصاً لهذه المسألة. ولذلك، فقد أرسِل "عيسى بك بن أفرنوس" إلى "ألبانيا"، وتحت إمرته قوة كبيرة. وهذا الأمير، تقدم حتى سواحل الأدرياتكي، كما كان في السابق. ويروى أنه، بناءً على انتصار، حققه ابن "أفرنوس" في هذه الحملة، فإنه قد أنشأ عموداً من ثمانمائة رأس.
وكان أمير "ميرتدا"، الواقعة في شمال "ألبانيا"، وهو والد "إسكندر بك"، "جيون كاستريوت" الشهير - قد انهزم في هذه الحملة، ودخل تحت الطاعة، واضطر إلى ترك أربعة من أولاده رهائن لدى العثمانيين. وبناءً على إحدى الروايات، ترك فقط ابنه الرابع، "يوركي". و"إسكندر بك"، الذي سيشغل الدولة العثمانية، فيما بعد، سنوات طويلة، من خلال خلقه مشكلة كبيرة، أوجعت رأس الدولة ـ هو "يوركي كاستريوت" هذا. ولقد اهتدى إلى الإسلام، في قصر "أدرنة"، وأخذ اسم "إسكندر"؛ إلا أنه ارتد عن الإسلام، فيما بعد.
توجه "عيسى بك بن أفرنوس" إلى الجنوب، بعد حملة "ألبانيا"، فهدم سور "كورنتوس"، الذي سماه الأتراك "كوردوس"، الذي بناه البيزنطيون؛ بغية منع الفتوحات العثمانية من التقدم إلى الأمام. ودخل إلى "المورة"، في يوم السبت، 20 جمادى الأولى، الموافق للأول من مايو من هذه السنة. وتم الاستيلاء على منطقة "لاكده مونيا"، في هذه الحملة.
التنكيل بتمرد "مصطفىالصغير"
"مصطفى الصغير"، هو أحد إخوان "مراد الثاني". كان ولداً صغيراً، تشجع لتحريكات "بني قره مان" و"بني كرميان" له. ويذكر أنه كان في الثالثة عشرة من العمر، آنذاك. وهذا الولد الصغير، الذي يقال إنه كان والياً على ولاية "حميد"، منذ عهد والده، كان له مربٍّ، يدعى "إلياس بك شرابدار". فهذا المربي، هو الذي يدير كل أمور الصغير. وإضافة إلى ذلك، يقال إن "يعقوب الثاني"، حاكم "كرميان"، كان قد تبنى "مصطفى الصغير" هذا. ويبدو، في حقيقة الأمر، أن مسؤولية القيام بالتمرد، لا تقع على هذا الولد الصغير؛ وإنما على مربيه؛ فهذا المربي هو الذي غوى بتحريكات "قره مان" و"كرميان" وبيزنطة.
وهذه الحركة التمردية، التي أخذت شكلاً جدياً، بالمساعدات العسكرية، التي قدمت لها من لدن مشجعيها، أدت الاستيلاء على "إزنيق" وضرب الحصار على "بورصا".
وبناءً على هذا الوضع، رفع "مراد الثاني" الحصار عن "إستانبول"، على الفور. واضطر إلى الانتقال إلى الأناضول مباشرة.
وعلى الرغم من وضع مدينة "إزنيق" تحت الحصار، فإنه لم تقع معركة ذات أهمية. وكان السبب في ذلك، هو الوصول إلى "إلياس بك شرابدار". فبموجب الرواية، التي تورد النبأ، أنه حين جرت مصادمة بسيطة، حمل "إلياس بك" "مصطفى الصغير" على فرسه، وسأله الأمير: لماذا تمسكني هكذا؟ فرد عليه "إلياس" الخائن: أوصلك إلى أخيك. فقال له "مصطفى الصغير": لا تسلمني لأخي، فإنه سوف يقتلني. إلا أن المربي الخائن، لم يسمع لكلامه، بل ذهب به إلى "مراد الثاني" على الفور، وسلمه إياه. فتم إعدام هذا الأمير الصغير المسكين، على الفور، وذلك بتعليقه على شجرة تين، في مدخل مدينة "إزنيق". وفي النتيجة، فإن خلاص الإمبراطورية البيزنطية من الحصار التركي السادس، المفروض عليها، كان على حساب دم هذا الولد الصغير. وكانت السياسة المتبعة لدى الأعداء، بعد معركة "أنقرة"، نشوب النزاعات بين الأمراء، على ذلك النحو السابق. وقد أرخت حادثة "مصطفى الصغير" أيضاً بعام 827هـ/1424م.
الحملات على "الأفلاق" و"ألبانيا" و"المورة"
لقد كلف القيام بالحملة على "الأفلاق"، الواقعة في الشمال، "فيروز بك"، من الأمراء؛ وعلى "ألبانيا" و"المورة"، الواقعتين في الغرب والجنوب، "عيسى بك"، ابن "أفرنوس". وتذكر بعض المصادر الأجنبية، أن اسم ابن أفرنوس، "طورخان بك".
لقد تغيرت بعض الأمور في إمارة "الأفلاق"؛ فقد قام "ولاد دراكول"، من أقرباء الأمير "دان"، الذي آلت إليه الإمارة، بعد "ميرجه"، بالانقلاب على "دان" وإعدامه، فانتقلت بذلك إمارة "الأفلاق" إلى "ولاد" المذكور. ولقب "دراكول"، الذي لقب به هذا الأمير، يعني الشيطان. فهذا الأمير الشيطان، الذي لم يكن له أن يجلس في راحة، قام بالعديد من الحملات على الأراضي العثمانية. ونظراً إلى أنه كان يترقب للقيام بمزيد من تلك الحملات، فقد وجب التنكيل به. ولهذا السبب، أرسل "فيروز بك" عليه. ولقد انهزم "دراكول" أمام القوات التركية، وفرض عليه الخراج؛ كما أخذ تحت التبعية العثمانية. وهناك رواية تفيد، أنه اضطر أيضاً إلى ترك اثنين من أولاده رهينة لدى العثمانيين.
وكان استرداد "ألبانيا"، التي خرجت بسبب عهد الفترة (الفوضى)، والاستيلاء عليها كلها، أصبح ضرورة، للسيطرة على البلقان. ولذلك، فقد أولى "مراد الثاني" اهتماماً خاصاً لهذه المسألة. ولذلك، فقد أرسِل "عيسى بك بن أفرنوس" إلى "ألبانيا"، وتحت إمرته قوة كبيرة. وهذا الأمير، تقدم حتى سواحل الأدرياتكي، كما كان في السابق. ويروى أنه، بناءً على انتصار، حققه ابن "أفرنوس" في هذه الحملة، فإنه قد أنشأ عموداً من ثمانمائة رأس.
وكان أمير "ميرتدا"، الواقعة في شمال "ألبانيا"، وهو والد "إسكندر بك"، "جيون كاستريوت" الشهير - قد انهزم في هذه الحملة، ودخل تحت الطاعة، واضطر إلى ترك أربعة من أولاده رهائن لدى العثمانيين. وبناءً على إحدى الروايات، ترك فقط ابنه الرابع، "يوركي". و"إسكندر بك"، الذي سيشغل الدولة العثمانية، فيما بعد، سنوات طويلة، من خلال خلقه مشكلة كبيرة، أوجعت رأس الدولة ـ هو "يوركي كاستريوت" هذا. ولقد اهتدى إلى الإسلام، في قصر "أدرنة"، وأخذ اسم "إسكندر"؛ إلا أنه ارتد عن الإسلام، فيما بعد.
توجه "عيسى بك بن أفرنوس" إلى الجنوب، بعد حملة "ألبانيا"، فهدم سور "كورنتوس"، الذي سماه الأتراك "كوردوس"، الذي بناه البيزنطيون؛ بغية منع الفتوحات العثمانية من التقدم إلى الأمام. ودخل إلى "المورة"، في يوم السبت، 20 جمادى الأولى، الموافق للأول من مايو من هذه السنة. وتم الاستيلاء على منطقة "لاكده مونيا"، في هذه الحملة.
السبت يوليو 27, 2019 4:19 am من طرف طلعت شرموخ
» كنوز الفراعنه
السبت مايو 18, 2019 1:00 am من طرف طلعت شرموخ
» الثقب الاسود
السبت أبريل 13, 2019 1:22 am من طرف طلعت شرموخ
» طفل بطل
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:15 am من طرف طلعت شرموخ
» دكتور زاكي الدين احمد حسين
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:12 am من طرف طلعت شرموخ
» البطل عبدالرؤوف عمران
الإثنين أبريل 01, 2019 9:17 pm من طرف طلعت شرموخ
» نماذج مشرفه من الجيش المصري
الإثنين أبريل 01, 2019 9:12 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» دجاجة القاضي
الخميس فبراير 28, 2019 5:34 am من طرف طلعت شرموخ
» اخلاق رسول الله
الأربعاء فبراير 27, 2019 1:50 pm من طرف طلعت شرموخ
» يوم العبور في يوم اللا عبور
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:59 pm من طرف طلعت شرموخ
» من اروع ما قرات عن السجود
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:31 pm من طرف طلعت شرموخ
» قصه وعبره
الأربعاء فبراير 20, 2019 11:12 am من طرف طلعت شرموخ
» كيف تصنع شعب غبي
الخميس فبراير 14, 2019 12:55 pm من طرف طلعت شرموخ