alquseyaمنتدى أبناء القوصيه

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى ثقاقي-اجتماعي-يطمح الى الارتقاء بالقوصيه وتطويرها المنتدى منبر لكل ابناء القوصيه

منتدى ابناء القوصيه يدعو شرفاء اسيوط الى كشف اي تجاوزات تمت من اي من موظفي النظام الفاسد وتشرها في منبرنا الحر
حسبنا الله ونعم الوكيل لقد خطفت منا مصر مره اخري

تدفق ال RSS


Yahoo! 
MSN 
AOL 
Netvibes 
Bloglines 

المواضيع الأخيرة

» سيف الدين قطز
سيرة السلطان العثماني مراد الثاني I_icon_minitimeالسبت يوليو 27, 2019 4:19 am من طرف طلعت شرموخ

» كنوز الفراعنه
سيرة السلطان العثماني مراد الثاني I_icon_minitimeالسبت مايو 18, 2019 1:00 am من طرف طلعت شرموخ

» الثقب الاسود
سيرة السلطان العثماني مراد الثاني I_icon_minitimeالسبت أبريل 13, 2019 1:22 am من طرف طلعت شرموخ

» طفل بطل
سيرة السلطان العثماني مراد الثاني I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 10, 2019 10:15 am من طرف طلعت شرموخ

» دكتور زاكي الدين احمد حسين
سيرة السلطان العثماني مراد الثاني I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 10, 2019 10:12 am من طرف طلعت شرموخ

» البطل عبدالرؤوف عمران
سيرة السلطان العثماني مراد الثاني I_icon_minitimeالإثنين أبريل 01, 2019 9:17 pm من طرف طلعت شرموخ

» نماذج مشرفه من الجيش المصري
سيرة السلطان العثماني مراد الثاني I_icon_minitimeالإثنين أبريل 01, 2019 9:12 pm من طرف طلعت شرموخ

» حافظ ابراهيم
سيرة السلطان العثماني مراد الثاني I_icon_minitimeالسبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ

» حافظ ابراهيم
سيرة السلطان العثماني مراد الثاني I_icon_minitimeالسبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ

» دجاجة القاضي
سيرة السلطان العثماني مراد الثاني I_icon_minitimeالخميس فبراير 28, 2019 5:34 am من طرف طلعت شرموخ

» اخلاق رسول الله
سيرة السلطان العثماني مراد الثاني I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 27, 2019 1:50 pm من طرف طلعت شرموخ

» يوم العبور في يوم اللا عبور
سيرة السلطان العثماني مراد الثاني I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 26, 2019 5:59 pm من طرف طلعت شرموخ

» من اروع ما قرات عن السجود
سيرة السلطان العثماني مراد الثاني I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 26, 2019 5:31 pm من طرف طلعت شرموخ

» قصه وعبره
سيرة السلطان العثماني مراد الثاني I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 20, 2019 11:12 am من طرف طلعت شرموخ

» كيف تصنع شعب غبي
سيرة السلطان العثماني مراد الثاني I_icon_minitimeالخميس فبراير 14, 2019 12:55 pm من طرف طلعت شرموخ


    سيرة السلطان العثماني مراد الثاني

    ابو محمد
    ابو محمد
    مشرف الحضاره والتاريخ
    مشرف الحضاره والتاريخ


    عدد المساهمات : 1008
    تاريخ التسجيل : 15/11/2010
    العمر : 58

    سيرة السلطان العثماني مراد الثاني Empty سيرة السلطان العثماني مراد الثاني

    مُساهمة من طرف ابو محمد السبت يناير 01, 2011 10:50 pm

    "مراد الثاني"
    (
    السلطنة الأولى)



    (824-848هـ/1421-1444م)
    824هـ/1421م




    جلوس "مراد الثاني" على سدة الحكم في "بورصا"

    لقد توجه الأمير "مراد بك"، الابن الأكبر للسلطان "محمد الأول" وولي عهده، بالتحرك من ولايته، "آماسيا" إلى "بورصا"، ما إن سمع بنبأ وفاة والده، وجلس على سدة الحكم العثماني. ويسمى هذا السلطان، في المصادر العثمانية، "مراداً الثاني".

    وبناءً على ولادة "مراد الثاني" في 806هـ/1403-1404م، فإنه كان في الثامنة عشرة من العمر، عند ارتقائه العرش العثماني.

    وبموجب الرواية التقليدية، التي لا تعدّ "سليمان جلبي" و"موسى جلبي" من السلاطين العثمانيين، فإن "مراداً الثاني" هذا، هو السلطان السادس في سلسلة سلاطين الدولة العثمانية. فإذا عدّ "سليمان" و"موسى جلبي" في تلك السلسلة، يكون "مراد الثاني" هو الثامن في تلك السلسلة. إلا أنه بالنظر إلى عدم تمكن "سليمان" و"موسى جلبي" من السيطرة على أراضي الدولة العثمانية، في "الروملي" والأناضول، في وقت واحد، فلا يصح عدهما من السلاطين العثمانيين. ووالدة السلطان "مراد الثاني"، هي "أمينة خاتون"، ابنة "سلي بك"، حاكم "دولقادر".

    إن إخفاء نبأ وفاة السلطان "محمد الأول"، واحداً وأربعين يوماً، وتوجه "مراد الثاني" إلى "بورصا"، من دون ذهابه إلى "أدرنة"، وجلوسه على سدة الحكم في "بورصا"، يتعلق بظهور الأمير "مصطفى"، للمرة الثانية؛ بغية الاستيلاء على الحكم في "الروملي". ولذلك، فإن سلطنة "مراد الثاني"، بدت وكأنها قضاء على عهد فترة (أي عهد الفترة : عهد الفوضى) ثانية.

    جلوس الأمير "مصطفى جلبي" على سدةالحكم في "أدرنة"

    إن ظهور الأمير "مصطفى جلبي" وجلوسه على سدة الحكم في "أدرنة"، بعد جلوس ابن أخيه، "مراد الثاني" في "بورصا"، بفترة قصيرة ـ هو لعبة سياسية غريبة، من الإمبراطورية البيزنطية. وبناءً على الرواية الواردة في هذا الصدد، فإن الإمبراطور البيزنطي، "مانوئيل الثاني"، أرسل، أولاً، وفداً إلى "مراد الثاني" لتهنئته بالحكم؛ محاولة منه للتلاؤم معه. وبهذه المناسبة، طلب "مانوئيل" من "مراد الثاني"، بناءً على وصية والده، إرسال أخويه: "محمود" و"يوسف" إلى بيزنطة. والحقيقة أن طلب الإمبراطور للأميرين الصغيرين، كان بهدف إبقائهما رهينتين بيده، أكثر من تنفيذ وصية السلطان "محمد الأول". ويروى أن "بايزيد باشا"، رد على ذلك الطلب، بأن الإسلام لا يسمح بإيداع أولاد المسلمين لتربيتهم عند النصارى. وبناءً على ذلك الرد، فقد أرسل "ديمتريوس لاسكاريس"، الذي كان سفيراً لدى السلطان "محمد الأول"، مع عشر سفن، إلى جزيرة "ليمني"؛ وأخرج الأمير "مصطفى جلبي" ابن "يلدرم بايزيد"، مع أتباعه، إلى البر في سواحل "كلي بولي". وقد أخلي سبيل "جنيد بك بن إزمير أغلو"، الذي كان قد زجَّ به في دير، مع إخلاء سبيل الأمير "مصطفى" أيضاً، مع أتباعه.

    وبناءً على رواية أخرى، فإن الأمير "مصطفى جلبي"، جُلب إلى "إستانبول"، فعقدت معه معاهدة، تعهد بموجبها "مصطفى جلبي"، أنه إذا تمكن من زمام أمور الحكم، فإنه يعيد لبيزنطة "كلي بولي" و"تساليا" وبعض المواقع في سواحل البحر الأسود.

    وبتلك الصورة، استند "مصطفى جلبي" إلى مساعدة بيزنطة، وجمع من حوله العديد من أمراء "الروملي"، وذهب إلى "أدرنة"، معلناً سلطنته. ويروى أن "جنيد بن إزمير إغلو"، أصبح وزيراً للأمير "مصطفى جلبي".

    وبناءً على ما جرى، فقد اتصل الإمبراطور البيزنطي، "مانوئيل الثاني"؛ "مصطفى جلبي"، وطلب منه الإيفاء بالمعاهدة، التي بموجبها تعاد "كلي بولي" وغيرها من المواقع إلى الإمبراطورية. غير أن "مصطفى جلبي" و"جنيد بك"، رفضا ذلك الطلب رفضاً قاطعاً، قائلين: لا يجيز الإسلام التنازل عن أراضي المسلمين لصالح النصارى؛ وإنهما مضطران إلى القيام بفتح البلاد النصرانية الأخرى أيضاً.

    وبناءً على ذلك، ولما رجع الوفد البيزنطي بسلاح حاف جاف، قام الإمبراطور البيزنطي، هذه المرة، بإجراء المذاكرات مع السلطان "مراد الثاني". ولكن، بالنظر إلى إصراره على مسألة الأميرين الصغيرين، فقد بقيت المذاكرات من دون نتيجة. واتفق "مراد الثاني" مع جنويي "فوجا" على نقل الجنود العثمانيين إلى "الروملي"، ضد عمه فيها. وهذا يعني، كما هو أمر طبيعي، أن السلطان "مراداً الثاني"، أصبح مواجهاً لعمه، "مصطفى" من جهة؛ ولبيزنطة، من جهة ثانية.

    تشكيل صنف جديد من المشاة، باسم "الأعزب"

    لقد أحدث هذا الصنف من الجنود، الذين قاموا بأدوار كبيرة في المعارك العثمانية، التي ستنشب، فيما بعد ـ الأمير "مصطفى جلبي" الحقيقي، الذي أطلق عليه، زوراً وبهتاناً، "المزور"، من دون أي وجه حق. ويروى أنه خصص كلاً من أفراد هذا الصنف الجديد من الجنود، بخمسين آقجة.
    ============================================================================

    825هـ/1422م





    حادثة "أولوباد"، بين "مراد الثاني" و"مصطفى جلبي"

    يذكر أن أولى بوادر الخصومة، بين العم وابن الأخ، قد صدرت من ابن الأخ، "مراد الثاني". وبناءً على هذه الرواية، فإن "مصطفى جلبي"، ما إن ظهر في "الروملي"، في عام 824هـ/1421م، حتى ساق "مراد الثاني" قوة، بقيادة الوزير الأعظم "بايزيد باشا"، فقابل "مصطفى جلبي" هذه القوة، في "سازلي درة"؛ وقام في وجه العساكر، خطيباً، وما إن كلمهم عدة كلمات، حتى التحق به كل العساكر؛ فقبض على "بايزيد باشا" وأعدم. ولكن، بناءً على رواية ثانية، فإن "بايزيد باشا" قتل في أثناء نشوب المعركة؛ بل إنه بموجب رواية ثالثة، فإن "بايزيد باشا"، لم يقتل في "سازلي درة"، وإنما قتل في "كلي بولي"، في أثناء دفاعه عنها. وبناءً على رواية رابعة، فإنه لما انتقل إلى "الروملي"، في عام 824هـ/1421م، التحق بـ"مصطفى جلبي"؛ غير أنه أعدم، في عام 825هـ/1422م، بسبب عدم حصوله على ثقة سيده، "مصطفى جلبي". ويبدو، كما هو أمر محقق، أن "مراداً الثاني"، لم يستفد شيئاً من تلك المحاولة، التي قام بها "بايزيد باشا"؛ بل على العكس من ذلك، أصبحت هذه المحاولة وسيلة لقيام "مصطفى جلبي" بالتوجه إلى الأناضول، حيث انتقل، مع العديد من أمراء "الروملي"، من قناة الدردنيل (جنق قلعة) إلى الأناضول. و"بايزيد باشا"، هو أول وزير أعظم في الدولة العثمانية، يقتل في الحرب.

    والتقى جيشا العم وابن الأخ، في موقع "أولوباد". وأخذ كل طرف من الطرفين جانباً من جسر "أولوباد". وبما أن بعض المؤامرات السياسية، دخلت في المسألة، فقد حُلت من دون وقوع حرب. فيروى أن "مراداً الثاني"، الذي وجد مقدم عمه بقوات كبيرة، اتخذ تدبيرين اثنين:

    أولهما: جلب "محمد بك"، ابن "ميخال"، من "توقاد"، حيث سبق أن نفي، لما أصبح "موسى جلبي" أمير الأمراء.

    ثانيهما: مخادعة "جنيد بك بن إزمير أغلو"، الذي بات وزيراً للأمير "مصطفى جلبي".

    فلقد تمت الاستفادة من مجيء "محمد الثاني"، ابن "ميخال"، بسبب نفوذه الكبير على حراس الثغور، المعروفين بـ"آقنجيلر"، وكذلك على الأمراء في "الروملي"؛ بل إنه بناءً على رواية "عاشق باشا زاده"، الذي حضر في تلك الحادثة شخصياً، فقد اتفق ابن "ميخال"، في هذا الطرف من الضفة، وأمراء "الروملي"، في الضفة الثانية من النهر، ووقع بينهما الاتفاق. وعلى الرغم من ورود رواية، تفيد بمخادعة "جنيد بك بن إزمير أغلو" في هذا الحادثة، فإن هناك اختلافات في تفصيلاتها. ومن جهة ثانية، أرسل "لحاج عوض باشا" من وزراء "مراد الثاني"، خطاباً إلى "مصطفى جلبي"، تظاهر فيه بأنه من أتباعه، وحدثه عن خيانة أمراء "الروملي". فكل تلك الأمور، أدت بـ"مصطفى جلبي" إلى فهم حقيقة الخطر الداهم، فاضطر إلى الهروب، أولاً" إلى "إزمير"، ثم منها، بالسفينة، إلى "كلي بولي". وبناءً على رواية ثانية، فإن "مصطفى جلبي"، لم يذهب إلى "إزمير"، وإنما وصل إلى "كلي بولي"، بشق الأنفس، خلال ثلاثة أيام؛ بل تزيد الرواية، أن قاضي "بيغا"، تعاون معه، أثناء هروبه، فأمر السلطان "مراد الثاني"، بإعدامه بسبب ذلك.

    حملة "مراد الثاني" على "الروملي"،وإعدام "مصطفى جلبي"

    لقد انتقل "مراد الثاني" من الأناضول إلى "الروملي"؛ بغية متابعة عمه، بمساعدة السفن، التي وفرها من جنويي "فوجا". وعلى الرغم من قيام "مصطفى جلبي"، الذي كان موجوداً في "الروملي"، بضرب سفن ابن أخيه، "مراد الثاني"، فإنه لم يتمكن من منع قواته من النزول في تلك المنطقة. وبناءً على ذلك، بدأ "مراد الثاني" بوضع الحصار على "كلي بولي". ويروى أن "مصطفى جلبي"، الذي تيقن بعدم إمكانية مقاومة ابن أخيه، فر من "كلي بولي"، متجهاً إلى "أدرنة"، حيث أخذ خزينته وذهب باتجاه "الأفلاق".

    وعلى الرغم من تأكد القبض على "مصطفى جلبي"، بجوار "ينيجة قزل آغاج"، إلا أن هناك اختلافاً في التفاصيل؛ فتفيد إحدى الروايات، أنه لما وصل إلى هذا الموقع، تم تسليمه للرجال المتابعين لأثره، على أيدي رجاله، الذين خانوه. وبناءً على رواية أخرى، فإن "مراد الثاني"، وجد عمه مختبئاً وراء أدغال، فأخرجه منها بيديه، وجلبه معه إلى "أدرنة"، حيث علقه بأحد أبراج القلعة، مصلوباً. أما المؤرخ "إيوركا"، فيذكر أن "مصطفى جلبي"، لم يقتل في ذلك التاريخ؛ وإنما أعدم في عام 829هـ/1426م.

    وإذا عدّ "سليمان" و"موسى جلبي" من سلاطين الدولة العثمانية، فينبغي أن يعدّ "مصطفى جلبي" أيضاً منهم؛ فهذا أيضاً أقام الحكم في "الروملي"، مثلهم، بل إنه سك النقود أيضاً. غير أنه بالنظر إلى عدم تمكن أحد من هؤلاء الثلاثة من أراضي الدولة العثمانية، في الأناضول و"الروملي"، في وقت واحد، فلا يجوز هذا الإطلاق.

    وفاة "سليمان جلبي"، صاحب "المولد"

    إن هذا الشاعر الكبير، "سليمان جلبي"، الذي سمي أيضاً باسم "سليمان دده"، يعد أسطع الوجوه الأدبية التركية وأشرقها. كان والده، "أحمد باشا"، من وزراء "مراد الأول"، وجده الشيخ "محمود". وقد أم "سليمان جلبي" جامع "يلدرم بايزيد" في "بورصا". تاريخ ميلاده غير معلوم. ويقع قبره في "بورصا" على طريق (حي) "جكرغة".

    ومؤلَّفه الخالد، الذي لا يموت، ولا يقدم، والذي يحتفي به الأدب التركي، منذ العصور الخالية، بتقديس جم، ليس وثيقة مهمة لتاريخ الأدب التركي فحسب، بل إنه وثيقة قيمة حتى لتاريخ اللغة التركية أيضاً.

    وضع الحصار السادس على "إستانبول"

    كانت الحصارات الأربعة الأولى على "إستانبول"، ضربت في عهد "يلدرم بايزيد"؛ والخامس في عهد "موسى جلبي".

    ويبدو من المؤكد، أن شروع السلطان "مراد الثاني" بضرب هذا الحصار السادس على "إستانبول"، كان يستهدف الانتقام من الإمبراطور البيزنطي، "مانوئيل الثاني"، الذي أحدث مشكلة "مصطفى جلبي" بشكل مقصود؛ بل إن المشكلة ما إن أخمدت، حتى قام الإمبراطور بإرسال وفد إلى "مراد الثاني"، بغية إمرار العاصفة بسلام، نظراً إلى معرفته بالمصيبة، التي يتعرض لها. إذ إن الوالد الباسل للسلطان "محمد الفاتح"، لم يكن له أن يضع مسمعه لذلك الوفد، بل إنه لم يترك الوفد يغادر، حتى أكمل كل استعدادات الحصار.

    وكان الإمبراطور الكهل على بيزنطة، "مانوئيل الثاني"، قد ترك أمور الدولة لشريكه في الحكم، وابنه، "يؤانس الثامن"، مشتغلاً بتأليف بعض الكتب. أما ابنه، "يؤانس الثامن"، فكان مشغولاً بعداوة الأتراك. إلا أنه بالنظر إلى عدم مقدرته على الدفاع عن البلاد، تجاه ما يقوم به الجيش التركي إزاءها، فإن الابن أيضاً، وقع في ربكة من أمره، مثل والده تماماً.

    كان الجيش التركي، الذي تم تجهيزه بأدوات الحصار والمدافع الكبيرة، قام بتنظيف المنطقة المجاورة لـ"إستانبول" أولاً، ثم ضرب حصاراً شديداً على المدينة، وبدأ بالتضييق عليها.

    بدأ هذا الحصار السادس على "إستانبول"، في شهر جمادى الآخرة، الموافق لشهر يونيه من هذه السنة. واستمر حتى نهايات شهر شوال، الموافق لشهر سبتمبر، حيث استمر أربعة أشهر، على وجه التقريب.

    ولقد شارك "شمس الدين البخاري"، المشهور بلقب "أمير سلطان"، في هذا الحصار، مع خمسمائة نفر من مريديه، وشجع بذلك الجيش العثماني بنفوذه المعنوي.

    أما البيزنطيون، فقد دافعوا عن بلادهم، على أحسن وجه. وقاموا بعمليات اقتحام، حتى النساء شاركن في الدفاع عن المدينة.

    ويروى أن أشد هجوم، تعرضت له "إستانبول"، كان في يوم الإثنين، السادس من رمضان، الموافق لـ 24 أغسطس من هذه السنة. غير أن هذا الهجوم أيضاً، لم يسفر عن شيء.

    والحقيقة أن رفع الحصار، قبل فتح المدينة، في الوقت الذي كانت "إستانبول" قاب قوسين أو أدنى من السقوط ـ كان بسبب قيام الأمير "مصطفى"، وهو الأخ الصغير لـ"مراد الثاني"، بالتمرد في وجه أخيه، بحجة ادعاء السلطنة. فهذا الأمير، الذي يعرف بـ"مصطفى الصغير"، كان شاباً صغيراً، وتحمس لإغواء العدو بسهولة، حيث دخلت المؤامرة البيزنطية في المسألة، وأصبح "بنو قره مان" و"بنو كرميان" أيضاً، عوامل مهمة في نشوب هذا التمرد.

    وبناءً على ذلك الوضع، فقد تم رفع الحصار، ونجت مدينة "إستانبول" بعد عشرين سنة من كارثة "أنقرة"، من هذه الكارثة الكبيرة، التي تعرضت لها. وبقيت في حوزة الإمبراطورية البيزنطية لمدة إحدى وثلاثين سنة أخرى، إلى أن تم فتحها على يدي السلطان "محمد الفاتح". وكان هذا الحصار السادس، هو آخر حصار مفروض على "إستانبول"، قبل الفتح. ولقد شرح البيزنطيون هذه النجاة من الحصار السادس بخرافة فحواها أن السيدة "مريم"، وقفت على الأسوار، و دافعت عنها، ولذلك نجت المدينة من المسلمين !!
    =======================================================
    826هـ/1423م


    التنكيل بتمرد "مصطفىالصغير"

    "مصطفى الصغير"، هو أحد إخوان "مراد الثاني". كان ولداً صغيراً، تشجع لتحريكات "بني قره مان" و"بني كرميان" له. ويذكر أنه كان في الثالثة عشرة من العمر، آنذاك. وهذا الولد الصغير، الذي يقال إنه كان والياً على ولاية "حميد"، منذ عهد والده، كان له مربٍّ، يدعى "إلياس بك شرابدار". فهذا المربي، هو الذي يدير كل أمور الصغير. وإضافة إلى ذلك، يقال إن "يعقوب الثاني"، حاكم "كرميان"، كان قد تبنى "مصطفى الصغير" هذا. ويبدو، في حقيقة الأمر، أن مسؤولية القيام بالتمرد، لا تقع على هذا الولد الصغير؛ وإنما على مربيه؛ فهذا المربي هو الذي غوى بتحريكات "قره مان" و"كرميان" وبيزنطة.

    وهذه الحركة التمردية، التي أخذت شكلاً جدياً، بالمساعدات العسكرية، التي قدمت لها من لدن مشجعيها، أدت الاستيلاء على "إزنيق" وضرب الحصار على "بورصا".

    وبناءً على هذا الوضع، رفع "مراد الثاني" الحصار عن "إستانبول"، على الفور. واضطر إلى الانتقال إلى الأناضول مباشرة.

    وعلى الرغم من وضع مدينة "إزنيق" تحت الحصار، فإنه لم تقع معركة ذات أهمية. وكان السبب في ذلك، هو الوصول إلى "إلياس بك شرابدار". فبموجب الرواية، التي تورد النبأ، أنه حين جرت مصادمة بسيطة، حمل "إلياس بك" "مصطفى الصغير" على فرسه، وسأله الأمير: لماذا تمسكني هكذا؟ فرد عليه "إلياس" الخائن: أوصلك إلى أخيك. فقال له "مصطفى الصغير": لا تسلمني لأخي، فإنه سوف يقتلني. إلا أن المربي الخائن، لم يسمع لكلامه، بل ذهب به إلى "مراد الثاني" على الفور، وسلمه إياه. فتم إعدام هذا الأمير الصغير المسكين، على الفور، وذلك بتعليقه على شجرة تين، في مدخل مدينة "إزنيق". وفي النتيجة، فإن خلاص الإمبراطورية البيزنطية من الحصار التركي السادس، المفروض عليها، كان على حساب دم هذا الولد الصغير. وكانت السياسة المتبعة لدى الأعداء، بعد معركة "أنقرة"، نشوب النزاعات بين الأمراء، على ذلك النحو السابق. وقد أرخت حادثة "مصطفى الصغير" أيضاً بعام 827هـ/1424م.

    الحملات على "الأفلاق" و"ألبانيا" و"المورة"

    لقد كلف القيام بالحملة على "الأفلاق"، الواقعة في الشمال، "فيروز بك"، من الأمراء؛ وعلى "ألبانيا" و"المورة"، الواقعتين في الغرب والجنوب، "عيسى بك"، ابن "أفرنوس". وتذكر بعض المصادر الأجنبية، أن اسم ابن أفرنوس، "طورخان بك".

    لقد تغيرت بعض الأمور في إمارة "الأفلاق"؛ فقد قام "ولاد دراكول"، من أقرباء الأمير "دان"، الذي آلت إليه الإمارة، بعد "ميرجه"، بالانقلاب على "دان" وإعدامه، فانتقلت بذلك إمارة "الأفلاق" إلى "ولاد" المذكور. ولقب "دراكول"، الذي لقب به هذا الأمير، يعني الشيطان. فهذا الأمير الشيطان، الذي لم يكن له أن يجلس في راحة، قام بالعديد من الحملات على الأراضي العثمانية. ونظراً إلى أنه كان يترقب للقيام بمزيد من تلك الحملات، فقد وجب التنكيل به. ولهذا السبب، أرسل "فيروز بك" عليه. ولقد انهزم "دراكول" أمام القوات التركية، وفرض عليه الخراج؛ كما أخذ تحت التبعية العثمانية. وهناك رواية تفيد، أنه اضطر أيضاً إلى ترك اثنين من أولاده رهينة لدى العثمانيين.

    وكان استرداد "ألبانيا"، التي خرجت بسبب عهد الفترة (الفوضى)، والاستيلاء عليها كلها، أصبح ضرورة، للسيطرة على البلقان. ولذلك، فقد أولى "مراد الثاني" اهتماماً خاصاً لهذه المسألة. ولذلك، فقد أرسِل "عيسى بك بن أفرنوس" إلى "ألبانيا"، وتحت إمرته قوة كبيرة. وهذا الأمير، تقدم حتى سواحل الأدرياتكي، كما كان في السابق. ويروى أنه، بناءً على انتصار، حققه ابن "أفرنوس" في هذه الحملة، فإنه قد أنشأ عموداً من ثمانمائة رأس.

    وكان أمير "ميرتدا"، الواقعة في شمال "ألبانيا"، وهو والد "إسكندر بك"، "جيون كاستريوت" الشهير - قد انهزم في هذه الحملة، ودخل تحت الطاعة، واضطر إلى ترك أربعة من أولاده رهائن لدى العثمانيين. وبناءً على إحدى الروايات، ترك فقط ابنه الرابع، "يوركي". و"إسكندر بك"، الذي سيشغل الدولة العثمانية، فيما بعد، سنوات طويلة، من خلال خلقه مشكلة كبيرة، أوجعت رأس الدولة ـ هو "يوركي كاستريوت" هذا. ولقد اهتدى إلى الإسلام، في قصر "أدرنة"، وأخذ اسم "إسكندر"؛ إلا أنه ارتد عن الإسلام، فيما بعد.

    توجه "عيسى بك بن أفرنوس" إلى الجنوب، بعد حملة "ألبانيا"، فهدم سور "كورنتوس"، الذي سماه الأتراك "كوردوس"، الذي بناه البيزنطيون؛ بغية منع الفتوحات العثمانية من التقدم إلى الأمام. ودخل إلى "المورة"، في يوم السبت، 20 جمادى الأولى، الموافق للأول من مايو من هذه السنة. وتم الاستيلاء على منطقة "لاكده مونيا"، في هذه الحملة.
    ابو محمد
    ابو محمد
    مشرف الحضاره والتاريخ
    مشرف الحضاره والتاريخ


    عدد المساهمات : 1008
    تاريخ التسجيل : 15/11/2010
    العمر : 58

    سيرة السلطان العثماني مراد الثاني Empty رد: سيرة السلطان العثماني مراد الثاني

    مُساهمة من طرف ابو محمد السبت يناير 01, 2011 10:51 pm

    إخضاع "إسفنديار بك"، ابن "جاندار"، تحت الطاعة

    لقد
    قام حاكم "قسطموني" و"سينوب"، "إسفنديار بن جاندار"، باسترداد "جانكري"
    و"توسيا" و"قلعه جيك"، التي ألحقت بالدولة العثمانية، في عهد السلطان "محمد
    الأول"؛ وذلك بالاستفادة من انشغال السلطان "مراد الثاني" بمشكلة "مصطفى
    الصغير". واستولى، بعد ذلك، على "بولو" و"طاراقلي" والمنطقة المجاورة لهما.
    والحملة التي قام بها "مراد الثاني" ضد "إسفنديار بك"، كانت بسبب ذلك
    التصرف منه.

    ولقد قام السلطان العثماني، في هذه الحملة، باسترداد
    تلك الأماكن، وانهزم "إسفنديار بك"، وفر هارباً إلى "سينوب". ويروى أن
    "قاسم بك بن إسفنديار" المؤيد للعثمانيين، والذي تم تعيينه والياً على
    "جانكري"، في عهد "محمد الأول"، قام في هذه الحملة بتقديم العون إلى "مراد
    الثاني" ضد والده.

    وبناءً على ما جرى، فلم يبق أمام "إسفنديار بك"
    سوى الخضوع للسلطان العثماني؛ فقام بدفع التعويضات، من جهة، واضطر إلى ترك
    جبال "قسطموني"، الثرية بمعادن النحاس، من جهة ثانية؛ كما اضطر إلى تقديم
    حفيدته المشهورة بجمالها، إلى "مراد الثاني"، من جهة ثالثة.

    وبناءً
    على صك وقفي، فإن اسم هذه الأميرة الجاندارية، هو "خديجة"؛ غير أن بعض
    المصادر، تشير إلى أن اسمها "حليمة". وإذا كانت الروايتان صحيحتين، ينبغي
    أن يكون اسمها "خديجة حليمة". وعلى الرغم من وجود رواية، تفيد أن هذه
    الأميرة التركية، التي هي ابنة "إبراهيم بن إسفنديار"، هي والدة فاتح
    "إستانبول"، السلطان "محمد الفاتح"، فإن تلك الرواية غير صحيحة.

    ولقد
    زوجت بنات آل عثمان أيضاً لبني "جاندار"، بتلك المناسبة؛ فعلى سبيل
    المثال، تم تزويج أخت "مراد الثاني"، "سلجوق سلطان" لـ"إبراهيم بن
    إسفنديار"؛ كما زوج أختاً له أخرى لـ"قاسم بن إسفنديار"، الشهير بميله إلى
    العثمانيين. وبناءً على رواية أخرى، فإن "مراداً الثاني"، تزوج "خديجة
    خاتون"، ابنة "إبراهيم بن إسفنديار"، وزوج إحدى أخواته لـ"قاسم بن
    إسفنديار"؛ وأخرى لابن "خليل باشا جاندارلي" أو أخيه، "محمود جلبي". فإذا
    كانت هذه الرواية صحيحة، فهذا يعني أن "إبراهيم بن إسفنديار"، لم يصبح
    نسيباً للعثمانيين.

    وهناك رواية تفيد، أن "مراداً الثاني" تزوج ابنة "إسفنديار"، في عام 830هـ/1426م؛ ولكنها رواية ضعيفة.

    وجرت
    حفلة العرس في "بورصا"؛ حيث أرسل "مراد الثاني"، "ألفان بك"، رئيس ذواقي
    طعام السلطان، وغيره من الأمراء، مع حريم السلطان. ولقد قبلت زوجة حاكم
    "كرميان"، "يعقوب الثاني"، القيام بوظيفة المرافقة. ويذكر أن السلطان
    "مراداً"، كان يحترم هذه السيدة (زوجة "يعقوب الثاني")، وأنه كان يناديها
    بـ"الوالدة شاه" (شاه آنا).



    *********************



    الصلح العثماني - البيزنطي

    يروى
    أن هذا الصلح، جرى في يوم الثلاثاء، 21 ربيع الأول827هجرية ، الموافق 22
    فبراير 1424 -- وبموجب شروط هذا الصلح، الذي احتوى مواد ثقيلة على
    الإمبراطورية البيزنطية، تتخلى بيزنطة عن كل الأراضي، الواقعة ما وارء
    "تركوس" و"سلفري"، للأتراك. وتقرر فيها أيضاً دفع الإمبراطورية البيزنطية
    إلى الدولة العثمانية، سنوياً، ثلاثين ألف دوقة ذهباً. وهذا يعني أن
    الفوائد، التي جلبتها الإمبراطورية البيزنطية، بعد كارثة "أنقرة"، قد انتهت
    بتلك الصورة.



    عقد المعاهدات مع "صربيا" و"الأفلاق" و"المجر"

    يذكر
    أن الملك الصربي، "ستيفان لازارفيج"؛ وأمير "الأفلاق"، "ولاد دراكول"،
    ذهبا شخصياً إلى "أدرنة"، وجددا معاهدة التابعية. وهناك رواية تفيد زيادة
    مبلغ الخراج، الذي كانا يدفعانه إلى الدولة العثمانية.

    وبعد فترة
    وجيزة، أي في شهر شعبان، الموافق لشهر يوليه من هذه السنة، تم تبادل
    الهدايا والسفراء مع الملك المجري، "سيجسموند"، كما تم تقديم التهنئة لهذا
    الملك، الذي انتخب للإمبراطورية الألمانية، وعقدت معه معاهدة سلمية، لمدة
    سنتين.





    التنكيل بـ"جنيد بك بن إزمير أغلو"

    تعاون
    "جنيد بن إزمير أغلو" مع الأمير "مصطفى الحقيقي"، الذي أطلق عليه "مصطفى
    المزور"، وأصبح وزيراً له. إلا أنه قام بالخديعة في حادثة "أولوباد"،
    فانتقل بذلك إلى طرف "مراد الثاني"، ومنح؛ بناءً على ذلك، إمارة "إزمير".

    وبتلك
    الصورة، فقد حصل "جنيد بك" على إمارة "إزمير"، مرة أخرى. غير أنه، بالنظر
    إلى عدم جلوسه في الحكم، على نحو مريح ومرتاح، فقد كان يقوم، بين الحين
    والآخر، بالتعرض للأراضي العثمانية، ولا سيما أنه قام بالاستيلاء على بلاد
    أمير "آياسلوك"، "مصطفى" ابن "آيدين"، الذي كان تحت التابعية العثمانية.
    وبناءً على ذلك، فقد توافرت الحاجة إلى القيام بالتنكيل بـ"جنيد بك".

    ولقد
    كلف بإدارة هذه الحملة "خليل يحشي بك". و"يحشي بك"، هو نسيب "بايزيد
    باشا"، الذي أعدم أثناء وزارة "جنيد بك" لـ"مصطفى جلبي". وقد أفادت روايات،
    أن عدد أفراد الجيش العثماني، الذي كان تحت إمرة "خليل يحشي بك"، كان
    بحدود أربعين ألف نفر؛ إلا أن ذلك مبالغ فيه.

    ولقد جرت، أولاً،
    معركة في وادي "آق حصار". ثم تم القبض على "جنيد بك"، من دون إرسال قوات
    عليه، فأخذ، هو أو ابنه، رهينة، أو هما معاً، وأرسلا إلى "أدرنة". ويروى
    أنهما قتلا، خنقاً، بعد مدة.

    وبناءً على رواية أخرى، فقد طلب من
    "جنيد بك"، قبل إرسال القوات عليه، إرسال ابنه، "قورت حسن بك". ولما رفض
    الطلب، تم البدء بالحملة.

    ____________________________________________________________


    829هـ/1425-1426م




    إعدام جنيد بك ابن إزمير أغلو

    كما
    تبين من الفقرة السابقة، فإن "جنيد بك"، خسر معركة "آق حصار"، أمام قوات
    "خليل يحشي بك"؛ وتم القبض فيها على ابنه وأخيه، وتم إعدامهما. وبناءً على
    تلك الهزيمة، فإن "جنيد بك"، أغلق على نفسه في قلعة "إبسيلي/هبسلي"،
    المواجهة لجزيرة "سيسام". وبموجب هذه الرواية، فقد تم قطع المواصلات عنه،
    من البر والبحر، بغية اضطراره إلى الاستسلام. وعلى الرغم من استسلامه، بشرط
    عدم المس بحياته؛ إلا أنه يروى، أن "خليل يحشي بك"، وبحس الانتقام، قام
    بخنقه، مع كل أفراد أسرته.

    وبناءً على رواية ثالثة أيضاً، فإن
    "جنيد بك"، قاوم تلك القوات طويلاً؛ فتم تقوية القوات الموجودة تحت قيادة
    "خليل يحشي بك" بقوات "أوروج بن تيمورطاش" و"حمزة بك"، أخي "بايزيد باشا".
    وحصلت مصادمات متعددة بين الطرفين، واضطر "جنيد بك" إلى قبول الاستسلام،
    بشرط عدم المس بحياته. ويبدو، كما يتبين من الأحداث، أن "جنيد بك"، قاوم
    حتى عام 829هـ/1426م. وبناءً على إعدام "جنيد بك"، وأفراد أسرته، فإن نسل
    بني "إزمير"، أصبح في خبر كان.





    الاستيلاء على إمارة "منتشه"

    بناءً
    على معركة "أنقرة"، كان من بين الإمارات التركية في الأناضول، التي أسسها
    "تيمورلنك"، من جديد، إمارة "منتشه". ولما استقر السلطان "محمد جلبي الأول"
    على الحكم، أخضع إمارة "منتشه"، مثل بعض الإمارات الأخرى، للحكم العثماني.
    بل إن أمير "منتشه"، "مظفر الدين إلياس بك"، الذي سبق أن خضع لـ"تيمور"،
    قام بضرب المسكوكات باسم السلطان العثماني. وكان لـ"إلياس بك" هذا ولدان:
    "ليث" و"أحمد". وقد أرسِلا إلى القصر العثماني، رهينتين. ولما توفي
    السلطان، "محمد الأول"، في عام 824هـ/1421م، توفي أيضاً أمير "منتشه"،
    "إلياس بك"؛ فاستفاد الأميران: "ليث" و"أحمد" من الفرصة، وهربا من القصر
    العثماني، متوجهين إلى بلادهما، حيث قسما تركة والدهما. ونظراً إلى وجود
    مسكوكاتهما، فمن المؤكد أن الأخوين حكما الإمارة.

    وبناءً على الشرح
    الوارد في المصادر العثمانية، التي سمت "ليث بك" بـ"أويس"، فإن هذين
    الأميرين من أمراء "منتشه"، لم يحكما؛ وإنما تم القبض عليهما، في هذه
    السنة، التي توفي فيها والدهما، ونفيا إلى "توقاد"، وزج بهما في السجن
    المسمى "بدوي جارداغي" (أي خيمة البدوي). غير أن هذه الرواية غير صحيحة؛ إذ
    إن المؤكد، أن "إلياس بك"، توفي في عام 824هـ/1421م؛ وأن ولديه، اللذين
    استلما الحكم، ضربا مسكوكات؛ بل إن هناك سكاً، ضربه "ليث بك"، في ذلك
    التاريخ. وبناءً على ما سبق، فإذا كانت الروايات، الواردة في المصادر
    العثمانية، صحيحة، فينبغي أن يكون الأخوان، قد قبض عليهما في عام
    827هـ/1424م، ونفيا إلى "توقاد"؛ لأن هناك رواية أيضاً، تفيد أنهما مكثا في
    "توقاد" سنتين. وبموجب الشرح الوارد في المصادر العثمانية، فإن الأخوين:
    "ليث" و"أحمد بك"، حاولا الفرار من "توقاد"، في عام 829هـ/1426م، إلا أن
    "ليث بك" تم القبض عليه، فأعدم. ووفق "أحمد بك" في الفرار، حيث التجأ إلى
    "آق قيونليلر". ويتضح من الأبحاث المتأخرة، أن "أحمد بك"، استفاد من انشغال
    الدولة العثمانية بمشكلة "جنيد بن إزمير أغلو"، فتوجه إلى بلده، ونجح في
    استرداد تخته. ولكن، بناءً على انتهاء مشكلة "جنيد بك"، فقد تم إنهاء
    إمارته. ويمكن أن يكون "أحمد بك" التجأ إلى "آق قيونليلر"، بعد ما ما خسر
    بلاده، للمرة الثانية.

    وبناءً على هذا الاستيلاء النهائي على إمارة
    "منتشه"، فقد أفادت إحدى الروايات، أن "مراداً الثاني"، حولها إلى سنجق،
    وعين عليها "بالابان باشا". ويبدو أن تلك الروايات، ينبغي قبولها بنوع من
    الحذر والاحتياط.

    ____________________________________________________________



    830هـ/1426م

    الاستيلاء على إمارة "تكه"

    كان
    على رأس هذه الإمارة، التي سميت بإمارة "تكه"، نسبة إلى عشيرة "تكه"، التي
    قطنت في منطقة "أنطاليا"، في عهد السلاجقة ـ أحد أفخاذ أسرة "بني حميد"؛
    وذلك بموجب أقوى الروايات. وكانت هذه الإمارة أيضاً من بين الإمارات، التي
    أنشأها "تيمورلنك"، من جديد، بعد معركة "أنقرة". إلا أن مدينة "أنطاليا"،
    التي كانت تابعة لها، قد ألحقت، في ذلك الوقت، بإمارة "بني قره مان". وعلى
    الرغم مما جرى، فقد انتقلت مدينة "أنطاليا"، فيما بعد، إلى الإدارة
    العثمانية. وعين عليها محافظ، يدعى "فيروز بك". ويروى أن أمير "تكه"،
    "عثمان جلبي"، بذل جهوداً مضنية، لاسترداد "أنطاليا" من "فيروز بك". وبناءً
    على وفاة "فيروز بك"، في نهاية الأمر، طلب "عثمان جلبي" المساعدة من "بني
    قره مان"، بغية الاستيلاء على "أنطاليا"؛ غير أنه قبل وصول تلك الإمدادات،
    قتل (أي عثمان بك) على يدي "حمزة بك"، ابن "فيروز بك"، والذي حل محله بعد
    وفاته؛ وذلك بهجوم مباغت، في جهة "قورقود الي".

    وبناءً على ذلك
    الحادث، فقد انقرضت إمارة "تكه" نهائياً، وانتقلت أراضيها إلى الدولة
    العثمانية. غير أن هناك اختلافاً في تاريخ ذلك الانتقال، فعلى سبيل المثال،
    روي عام 826هـ/1423م، وعام 827هـ/1424م.

    مقتل حاكم "قره مان"، "محمد الثاني"، أثناء حصار "أنطاليا"

    لقد
    قاد "محمد الثاني" حملة على "أنطاليا"، بناءً على قيام "حمزة بن فيروز
    بك"، محافظ أنطاليا، بقتل أمير "تكه" "عثمان بك". وتبرز هذه الحملة في
    المصادر بأنها للانتقام. ثمة اختلاف في تاريخ هذه الحملة. حيث روي عام
    826هـ/1423م، وعام 827هـ/1424م.

    ولقد توفي حاكم "قره مان"، "محمد
    الثاني"، في هذه المعركة، حيث أصيب بقذيفة مدفع. وبناءً على استشهاد "محمد
    الثاني"، فقد أصبح أخوه، "علاء الدين علي بك" حاكماً على "قره مان". فالتجأ
    ابنا "محمد الثاني": "إبراهيم" و"عيسى بك" إلى السلطان العثماني "مراد
    الثاني"، ضد عمهما. وتزوجا من أختي السلطان "مراد". وقد منح لـ"عيسى بك"
    إمارة سنجق، في "الروملي"؛ ونصب "إبراهيم بك" مكان والده، بشرط التنازل عن
    منطقة "إسبارطة"، التي كانت تتكون من إمارة "حميد"، في السابق. أما "علي
    بك"، الذي أسقط من تخته، فقد منح سنجق "صوفيا"؛ وهذا يعني أن حكومة "قره
    مان"، أصبحت تحت النفوذ العثماني.

    ____________________________________________________________


    831هـ/1427-1428م

    إلحاق دولة "كرميان" بالدولة العثمانية

    السلطان
    "مراد الثاني"، هو حفيد أخت حاكم "كرميان"، "يعقوب الثاني". ويذكر أن
    "يعقوب بك" العقيم، كان يحب ابنة أخيه حباً جماً؛ بل إن "مراداً الثاني"
    لما تزوج حفيدة "إسفنديار بك"، ذهبت زوجة "يعقوب بك" لجلب العروس، من
    "قسطموني" إلى "بورصا"، وذلك باسم السلطان العثماني. ويروى أن "مراداً
    الثاني"، كان يخاطب هذه السيدة بـ"والدة شاه". ويبدو أن هذه الأميرة
    المسنة، كانت تحب أولاد إخوانها؛ والدليل على ذلك توجه حاكم "كرميان"،
    "يعقوب الثاني"، في هذه السنة، إلى "أدرنة"، عن طريق "بورصا" و"كلي بولي"،
    لزيارة "مراد الثاني". ويروى أن هذا الحاكم المسن، كلما مر بمدينة عثمانية،
    أقيمت حفلة تكريماً له، ولا سيما في "أدرنة"، حيث أقيمت حفلات كبيرة،
    واستمرت مدة من الوقت. ولقد قدم "مراد الثاني" كل تقدير واحترام لخاله
    المسن هذا.

    كان "يعقوب" في تلك الفترة، تجاوز الثمانين من العمر.
    ونظراً إلى عدم وجود أولاد له، (أي أنه كان عقيماً)، فإنه لم يكن له وارث
    مباشر. ومع أنه كان له أخوان: "إلياس" و"خضر"، وأبناؤهما، فإنه رجح ابن
    أخته" "مراداً الثاني"، الذي كانت نسبته إليه من طرف البنت، على أولاد
    أخويه من طرف الولد. ولا ينبغي أن ينسى أن تأثير عدم وجود المقاومة للحكم
    العثماني لديه، كان كبيراً على هذا الترجيح. حتى لو كان الأمر كذلك، فإن
    عودة هذا الحاكم المسن من "أدرنة"، بعد أن ترك وصية مبينة بترك إرثه
    لـ"مراد الثاني"، تدل على مقامه الكبير، الذي لا يمكن أن ينسى.

    ولما
    توفي "يعقوب الثاني"، بعد عودته من "أدرنة" بفترة وجيزة، التحقت بلاده
    كافة بالدولة العثمانية، بموجب وصيته. وهناك رواية تفيد، أن "يعقوب بك"،
    توفي بعد ذلك بسنة.

    وهذا يعني، أن الوحدة التركية، التي فتتها "تيمور"، قبل ست وعشرين سنة، بدأت تتحقق، من جديد، تحت الحكم العثماني.

    ____________________________________________________________



    832هـ/1428-1429م

    وفاة الشاعر "شيخي"

    تاريخ
    ميلاد هذا الشاعر، الذي يعد من أبرز شخصيات الأدب الديواني التركي، غير
    معلوم. اسمه الحقيقي، هو "يوسف سنان"، وقد اشتهر، في الأدب، بلقبه الشعري:
    "شيخي". وكانت مهنته الطب، التي أتاحت له مداواة السلطان "محمد الأول" في
    أثناء حملته على "قره مان"، والانتساب إلى القصر العثماني، بعد ذلك؛ بسبب
    نجاحه في تلك المداواة.

    ولـ"شيخي" بعض المؤلفات، الدينية والطبية.
    أما مؤلفاته الأدبية فأهمها: ديوانه، الذي نشره مجمع اللغة التركية، عام
    1942م؛ و"قصة حُسرو وشرين"، التي ترجمها عن "نظامي"، بأمر من "مراد
    الثاني"؛ وكتابه الشهير في الهجو، بعنوان: "هار نامه". وتعد لغة "شيخي" في
    النثر، مصدراً قيماً للغة التركية.

    ويروى أن هذا الشاعر الكبير،
    توفي في "كوتاحيا"؛ وقبره في "دولوبنار" وعلى الرغم من إشارة المصادر
    القديمة إلى وفاته، بأنها كانت في عام 826هـ/1423م، فإنه يتضح من الأبحاث
    الجديدة، أنه توفي بعد هذا التاريخ بخمس سنوات.
    ____________________________________________________________



    833هـ/1430م


    فتح "سلانيك"، وانتصار "كلي بولي" للأسطول التركي ضد البنادقة

    مات
    الإمبراطور البيزنطي، "مانوئيل الثاني" في يوم السبت، 5 رمضان 828هـ،
    الموافق لـ 21 يوليه 1425م؛ وكان له من العمر سبعة وسبعون عاماً. وحل محله
    ابنه، وشريكه في الحكم، "يؤانس الثامن"، إمبراطوراً على بيزنطة بمفرده.
    وكان لهذا الإمبراطور أربعة إخوان: منهم "تيودور الثاني" أميراً على
    "المورة"؛ و"آندرونيكوس"، والياً على "سلانيك". أما الآخران، فكان اسميهما
    "كوستانتيونوس" و"ديمتريوس". ويروى أن أمير "سلانيك"، "آندرونيكوس"، كان
    إنساناً بطيئاً، كَسِلاً للغاية. وفي شأن الدفاع عن المدينة، لم يكن
    للأهالي ثقة بهذا الأمير، ولا للأمير ثقة بالأهالي؛ فعوملت المدينة معاملة
    تجارية غريبة، حيث بيعت "سلانيك" لجمهورية "البندقية"، مقابل مبلغ من
    المال. ويذكر أن البنادقة، كانوا يتحدثون عن قيامهم بالدفاع عن الميناء
    التجاري، ضد الأتراك، من جهة؛ ويقومون، في الوقت عينه، بتحويله إلى "بندقية
    أخرى" من خلال إعماره، من جهة ثانية. إلا أنه لم يمر وقت طويل، حتى عرف
    أهالي "سلانيك"، بمرارة قلب، أنهم مخدوعون؛ فقد تحولت المدينة، بعد فترة
    قصيرة، إلى مسرح للأحداث، بين الروم واللاتين، وبين الأرثوذكس والكاثوليك،
    بحيث لا يمكن العيش فيها. وقد عامل البنادقة أروام "سلانيك" معاملة سيئة،
    بل إنهم قاموا بطردهم، وإحلال المهاجرين اللاتين محلهم. وهذا هو السبب،
    الذي أدى بأهالي "سلانيك" إلى الميل إلى الأتراك، ضد البنادقة.

    ويذكر،
    من جهة ثانية، أن هذا التغيير، الذي حصل في الأوضاع البلقانية، كان يراه
    "مراد الثاني" تجاوزاً على حقوقه. وهذا هو السبب، الذي أدى القيام بتنظيم
    الحملة على "سلانيك". وعلى الرغم من قيام البنادقة بتوسيط الإمبراطور
    البزنطي، "يؤانس الثامن"، بينهم وبين العثمانيين، لحل المسألة سلمياً، فإن
    "مراداً الثاني" لم يقبل ذلك، بل قام بالحملة على "سلانيك" وضرب الحصار
    عليها. ويروى أن أهالي "سلانيك"، الذين لم يرتاحوا إلى البنادقة، أيدوا
    الأتراك في هذه الحملة.

    ولقد بدأ حصار "سلانيك" في شهر جمادى
    الأولى، الموافق لشهر فبراير من هذه السنة. ونظراً إلى فتح المدينة في شهر
    جمادى الآخرة، الموافق لشهر مارس، يكون الحصار قد استمر شهراً واحداً.

    وعلى
    الرغم من قيام الأسطول البندقي، تحت قيادة "آندريا موكينيكو"، بالتعرض
    للأسطول التركي، في "كلي بولي"، فإن البحارة الأتراك، الذين حاربوا ببسالة
    تامة وشجاعة فائقة، هزموهم شر هزيمة. بل إنهم قسموا سفينة الأدميرال إلى
    شطرين، وأغرقوها. وهذا يعني الانتقام للهزيمة، التي تعرض لها الأسطول
    التركي، قبل أربعة عشر عاماً، في أول معركة بحرية مع البنادقة. ويذكر أن
    الانتصار البحري في "كلي بولي" قد رفع معنويات الجيش المشغول بالحصار في
    "سلانيك"، وأنه بناءً على ذلك التشجيع، تكلل الهجوم الذي قام به على
    المدينة بالنجاح، وكان عاملاً رئيسياً في فتحها.

    وبعد أن تم فتح
    "سلانيك" بالهجوم العام، تم تحويل بعض الكنائس إلى مساجد. وقام بعض رهبان
    الروم بتنظيم أشعار رثاء بهذه المناسبة. ودخل الرعب في قلوب الأوروبيين،
    خوفاً من الاستيلاء التركي.

    وقد وردت رواية، تفيد أن فتح "سلانيك"، كان في عام 832هـ/1429م؛ إلا أنها غير صحيحة.

    وعلى
    الرغم من استيلاء الأتراك على مدينة "سلانيك"، قبل ذلك، مرة أو مرتين،
    فإنها بهذا الفتح النهائي، دخلت تحت الحكم التركي بصورة قطعية.

    أما
    خروج "سلانيك" من حوزة العثمانيين، في المرة الأخيرة، فكان بسبب كون
    "سلانيك" ضمن الأماكن، التي أعادها "سليمان جلبي"، ابن "بايزيد الأول"،
    الذي جلس على سدة الحكم في "أدرنة"، في عهد الفترة، بموجب الاتفاق، الذي
    عقده مع الإمبراطورية البيزنطية.



    ____________________________________________________________

    835هـ/1431م

    فتح "يانيا"

    كان
    يحكم منطقة "أبير"، في تلك الفترة، أسرة "توكو" الإيطالية. ونظراً إلى
    وفاة "كارلو توكو الأول"، في عام 833هـ/1430م، فقد حل محله ابن أخيه،
    "كارلو توكو الثاني"، أميراً على "أبير". غير أن أولاد "كارلو توكو الأول"،
    غير الشرعيين، بدأوا بالنزاع فيما بينهم على التركة. ويذكر أن الشعب، ضاق
    ذرعاً بتلك المنازعات، وأصبح لا يبالي بالأسرة الإيطالية. وبناءً على ذلك،
    فقد أرسل أهل "يانيا"، الموجودين، آنذاك، في موقع "كليدي"، بجوار "سلانيك"
    ممثلين لهم إلى "مراد الثاني"، وسلموا له مفاتيح المدينة، مقابل الحصول على
    فرمان منه، يتصل بالحقوق الشخصية والحريات. ويطلق، في المصادر العثمانية،
    على مثل هذه التسليمات: "فتح بالفيرة".

    ويروى أن تاريخ تسليم "يانيا"، يصادف يوم الثلاثاء، الأول من صفر، الموافق لـ9 من أكتوبر من هذه السنة.

    وهذا الحدث، يدل بشكل واضح، على مدى التأثير الإيجابي، الذي تركته الإدارة التركية وعدلها في البلقان.

    وعلى
    الرغم من ذلك، فقد بدأ في "ألبانيا" حركات المقاومة ضد الأتراك؛ بسبب
    المصالح الخاصة لبعض الأسر الأهلية، ولا سيما بتشجيع وتحريك البنادقة؛ وعلى
    وجه الخصوص، فإن الحركة، التي بدأت في عام 835هـ/1431-1432م، بتعاون من
    أمير "ألبانيا" الوسطى، "آندريه ثوبيا دوكاكين"، وأسرة "آرانيتي" ـ أصبحت
    تتوسع، يوماً بعد يوم، إلى أن باتت حركة شعبية عامة، وأصبحت مشكلة عارمة
    وكبيرة، في وجه العثمانيين، استمرت حتى نهايات عهد السلطان "محمد الفاتح".
    ابو محمد
    ابو محمد
    مشرف الحضاره والتاريخ
    مشرف الحضاره والتاريخ


    عدد المساهمات : 1008
    تاريخ التسجيل : 15/11/2010
    العمر : 58

    سيرة السلطان العثماني مراد الثاني Empty رد: سيرة السلطان العثماني مراد الثاني

    مُساهمة من طرف ابو محمد السبت يناير 01, 2011 10:52 pm

    هـ/1432م
    ليلة
    السبت/الأحد 26/27 رجب، الموافق لـ 29/30 مارس شهدت ميلاد السلطان "محمد
    الفاتح" ابن "مراد الثاني"، من أكبر الرجال في تاريخ العالم، وفاتح
    "إستانبول"، في قصر "أسكي سراي" في "أدرنة"
    وقد روي أيضاً
    أنه ولد في رجب 830هـ، الموافق لشهر مايو 1427م؛ وكذلك شهر رجب 832هـ/ مايو
    1429م؛ وأيضاً رجب 833هـ/ أبريل 1430م؛ وأيضاً رجب 834هـ/مارس ـ أبريل
    1431م.
    وعلى الرغم من وجود الاختلاف في السنة، فإن الإجماع
    على أنها في شهر رجب الهجري. أما في تاريخ اليوم، فيذكر أن فيه اختلافاً من
    اليوم السادس وحتى السادس والعشرين من رجب.

    وهناك
    اختلاف أيضاً في المكان، الذي ولد فيه "محمد الفاتح"؛ وعلى الرغم من أن
    أقوى الروايات تشير إلى "أدرنة"، فإنه يذكر أيضاً "بورصا" و"مغنيسيا"
    و"ديمتوقا".

    والتاريخ الذي اتخذ، هنا، أساساً، وهو ليلة
    السبت/الأحد 26/27 رجب 835هـ، الموافق لـ 29/30 مارس 1432م، هو الوارد في
    القيودات المدونة في المصادر العثمانية، من جهة؛ والمستند على الأبحاث
    الأخيرة في هذا الصدد، من جهة ثانية. وكان البحث الأخير في هذا، أجراه
    الأستاذ الدكتور "سهيل أونور"؛ ففي المقال، الذي نشره في جريدة "جمهوريت"،
    الصادرة في 16 أكتوبر 1943م، تحت عنوان: "أين ولد الفاتح؟ ومتى؟"، استند في
    ذلك على دليلين اثنين. أولهما، مخطوطة محفوظة في قاعة "أسعد أفندي"،
    بمكتبة السليمانية، تحت الرقم 1997. والثاني، رسالة لمنجم، يدعى "سعد الله
    أفندي"، محفوظة ضمن مجموعة في مكتبة المرصد، تحت الرقم 204/هـ 49. فهذان
    المؤلفان بدآ من تاريخ ولادة السلطان "محمد الفاتح"؛ بغية الاطلاع على
    طالعه (أي من خلال علم التنجيم). والمنجم "جيلاني"، المعاصر للسلطان "محمد
    الفاتح"، أرخ ميلاده، بمساء السبت، 26 رجب 835هـ، الموافق لـ 29 مارس
    1432م. أما المنجم الثاني، فقد أشار إلى ذلك بـ 27 من الشهر نفسه، الموافق
    لـ 30 مارس. يضاف إلى ذلك، أن المنجم الثاني أشار إلى وقت ميلاد الفاتح،
    بأنه كان في وقت السحر، في "الساعة الثامنة وأربع دقائق". والفرق بين
    الروايتين يوم واحد. وألف الأستاذ "سهيل أونور" بين الروايتين، فشرح ذلك
    بأنه ليلة الجمعة/السبت، 26/27 رجب. غير أن الأستاذ، ونظراً إلى عدم تحويله
    التاريخ الهجري إلى تاريخ ميلادي، فقد وقع في غفلة يسيرة؛ لأن 26 رجبِ من
    تلك السنة لا يوافق يوم الجمعة؛ وإنما يوم السبت 29 مارس، ويوافق يوم 27
    رجب يوم الأحد 30 مارس. ولذلك السبب، ينبغي أن تكون ليلة ولادة "الفاتح" هي
    ليلة السبت/الأحد، وليس الجمعة/السبت. وكون المنجم الأول، قال ليلة السبت
    26 رجب، ومصادفة 26 ليوم السبت؛ وحديث المنجم الثاني عن ليلة السبت 27 رجب،
    فإنه يمكن توضيحهما بأن القصد من ذلك، الليلة التي تربط بين السبت والأحد.
    وسنة الميلاد، التي دونها هذان المنجمان، تتوافق مع ما ذكره بعض المصادر
    العثمانية، من مثل "مرآة الكائنات"، المعروف بـ"تاريخ نيشانجي". ويبدو أن
    الاتفاق على تاريخ الشهر بشكل عام، وكون الأغلبية قد ركزوا في يومي 26 و27
    من رجب، هما من الأدلة، التي تقوي قيودات المنجمين، التي أوردها الأستاذ
    "سهيل أونور".
    ومسألة والدة السلطان "محمد الفاتح" أيضاً
    مهمة للغاية؛ لأن هناك بعض الادعاءات، التي لا تمت إلى الحقيقة، عن هذه
    المرأة السعيدة، بأنها أجنبية. فبناءً على أحد هذه الادعاءات، التي تعد في
    الحقيقة أمراً مضحكاً، أن والدة "محمد الفاتح"، هي زوجة "مراد الثاني"،
    الأميرة الصربية، "مارا". وبما أن السلطان "محمد الفاتح"، لما رقي سدة
    الحكم قد أعاد هذه الأميرة، ابنة الأمير الصربي، "برانكوفيج"، إلى بلادها،
    فوراً، فلا يمكن أن تكون هذه المرأة، التي خرجت عن الآداب العامة، هي والدة
    السلطان. وقيام بعض المؤرخين العثمانيين المتأخرين، بنقل هذا الادعاء، من
    دون أي تمحيص، إلى كتبهم ـ أمر مؤسف للغاية. أما بموجب الادعاء الثاني،
    الذي ذكره "هنري ماتوي"، في المجلد الأول من كتابه La Turque et ses
    differents peuples، فإن والدة "محمد الفاتح"، لم تكن صربية؛ وإنما كانت
    ابنة إيطالية، تدعى "ستيلا"؛ فهذه البنت الإيطالية، لما كانت في السابعة من
    عمرها، أسرت على أيدي القراصنة الجزائريين، ثم تزوجت، في نهاية المطاف،
    "مراداً الثاني"، وولد "محمد الفاتح" من هذا الزواج، وإنه أخذ تربيته
    الفكرية الأولى، حسب هذا الادعاء، من والدته الموهومة تلك؛ بل إن معرفة
    "الفاتح" باللغة الإيطالية لذلك السبب. ومن الطبيعي، أن هذا الادعاء
    الثاني، مثل الادعاء الأول، لا يستند إلى وثيقة. وهناك ادعاء ثالث شبيه
    بهما، وقد رفضته المصادر العثمانية التاريخية؛ فهذا الادعاء الأخير، الذي
    يشير إلى أن "محمد الفاتح" ولد من أميرة فرنسية، هو في الحقيقة محض خيال
    أحد السفراء الفرنسيين. وهناك فصل كامل، في المجلد الأول من تاريخ "بجوي"،
    والمجلد الثاني من تاريخ "جوري"، خصصا للرد على هذا الافتراء. وبناءً على
    الحكاية الفرنسية، التي أوردها "إبراهيم بجوي"، فإن "السلطان الفرنسي"، زوج
    ابنته الجميلة، مثل الحورية، في أحد الأيام، أحد الملوك. فأركبت الأميرة
    الجميلة، مع جهازها، في سفينة كبيرة، وخرجت السفينة للإبحار، فتعرض لها
    القراصنة الأتراك، واستولوا على السفينة، فأرسلت الابنة الجميلة للسلطان
    الفرنسي إلى "مراد الثاني". فأعجب السلطان "مراد" بالبنت، وتزوجها، فولد له
    من ابنة الملك، التي ورد ذكرها في الحكاية الفرنسية، "محمد الفاتح". إلا
    أنه نظراً إلى عدم إسلام هذه الأميرة، فقد أغلق قبرها، الموجود في "غلطة"،
    ووضع عليه القفل، ولم يكن يقرأ القرآن لروحها بعدُ. ولقد قام "إبراهيم
    بجوي" في أحد الأيام بالحديث إلى السفير الفرنسي، آنذاك، حول هذه المسألة.
    وقد جرى هذا الحديث الغريب على هذا النحو:
    "هذا العبد الحقير
    كثير التقصير. كنتُ جالساً في غرفة تقديم المعروضات، في وزارة "حافظ
    باشا". فجاء السفير الفرنسي.. فلما خرج الوزير الأعظم، خارج الغرفة، جرى
    حوار بيني وبين بعض السفراء، لمدة ساعة. فأدلوا بالحديث، مفتخرين، قائلين
    إن السلاطين، الذين أتوا بعد السلطان "محمد الفاتح"، هم أقرباء للملك
    الفرنسي؛ وإنه في الوقت الذي كانت فيه أراضينا متصلة بأراضي آل عثمان، لم
    يظهر منا لقلاعها وحكامها سوى الصداقة. وملوكنا يشيرون إلى حقوق القرابة،
    بأنهم كانوا يرعونها حق الرعاية؛ وإن تلك الأميرة الجميلة، لم تدخل
    الإسلام، ولذلك، فقد أقفل على قبرها، وهو الآن مغلق. ونحن لما نمر
    بـ"غلطة"، نمر كذلك بحرم الجامع، وننظر إلى قبرها.."
    وإزاء
    هذه الحكاية الغريبة، التي تزور، وتقول بقرابة ملوك فرنسا لآل عثمان، قام
    "إبراهيم بجوي" بالتقاء أصحابه وحدثهم عن الحكاية، وقرر أن يمحص فيها
    البحث. فذهب، في أحد الأيام، إلى القبر الموجود في "غلطة"، والذي تحدث عنه
    السفير، ولقي حارس القبر، فاتضح له أن القرآن يقرأ على القبر، كل صباح؛
    وأنه لا أثر لأي شيء مما ذكره السفير الفرنسي. ولذلك، فقد قرر أن يشرح
    الموضوع للسفير: "وقد قررتُ أن أبلغ السفير بذلك؛ إلا أنه أصر على رأيه،
    ولم يرجع عن اعتقاده".
    أما ما ورد في المجلد الثاني من تاريخ
    "جوري"، فهو عبارة عن ملخص لما سبق. غير أنه في مقابل تلك الحكايات
    الأجنبية، هناك أدلة صريحة على أن والدة السلطان "محمد الفاتح" تركية. من
    ذلك على سبيل المثال، ما أورده "الخوجه سعد الدين"، في كتابه "تاج
    التواريخ"، المجلد الأول، الصفحة 512، حيث يقول:
    "لقد قبل
    السلطان "مراد" ابنة ابن "إسفنديار" زوجة له. بل إن فاتح "إستانبول"،
    السلطان "محمد خان"، قد ولد من تلك المرأة."
    فالأميرة
    التركية، التي ذكر في تلك الفقرة أنها والدة "محمد الفاتح"، هي حفيدة
    "إسفنديار بك" الشهير، الذي ينتسب إلى "آل جاندار"، "حليمة"، أو بالأحرى
    "خديجة خاتون". وبناءً على "إسفنديار بك" هذا، فقد سمى المؤرخون العثمانيون
    بني "جاندار" بـ"أبناء إسفنديار". وهذه السيدة، التي ذكر أنها والدة
    السلطان "محمد الفاتح"، هي، بموجب إحدى الروايات، ابنة "إسفنديار بك"،
    "حليمة"؛ وبموجب رواية أخرى حفيدته، أي ابنة ابنه، "خديجة خاتون". وقد اتخذ
    "خليل أدهم بك" الرواية الأولى، في كتابه "الدول الإسلامية". أما "أحمد
    توحيد بك"، ففي البحث، الذي نشره في "مجمع التاريخ العثماني"، بعنوان: "بنو
    إسفنديار أو قزل أحمديين"، استند إلى الرواية الثانية. فقد استند "أحمد
    توحيد بك"، إلى نص وقفي لعام 906هـ/1500-1501م، حيث أثبت أن "خديجة سلطان"،
    المدفونة في القبر الواقع مقابل "يني قابلجه"، في "بورصا"، هي ابنة
    "إبراهيم" ابن "إسفنديار". غير أنه لم يشر إلى أن "محمداً الفاتح" ولد
    منها. أما "خليل أدهم بك"، فحين تحدث عن "حليمة خاتون"، اكتفى بالقول:
    "إنها والدة السلطان "محمد الفاتح"، بموجب أعلى الروايات". وبناءً على
    رواية أخرى، فإن "مراداً الثاني"، تزوج أميرة من أسرة "دولقادر"، تسمى
    "عليمة خاتون"؛ وإن "محمداً الفاتح" ولد من هذا الزواج. غير أنه، بعد إجراء
    البحث في سجلات محكمة "بورصا"، تبين أن والدة "محمد الفاتح"، هي "هما
    خاتون". ويقع قبر هذه المرأة السعيدة في حديقة، تقع شرق جامع "مرادية" في
    "بورصا"، الواقع في جهة الشرق من المار على الطريق، المتوجه من الجامع إلى
    السوق. وهذا القبر، الذي أطلق عليه أهالي "بورصا" اسم "التربة الخاتونية"،
    يقع على بعد مائة متر من الجامع المذكور. وفي الكتاب، الذي نشر من لدن بيوت
    الشعب في "بورصا" لمؤلفه "ممدوح طرغوت قيون أغلو"، بعنوان" "تاريخ إزنيق
    وبورصا"، ذكر في الصفحتين 152و153، تحت عنوان "مرقد الختونية"، أن السلطان
    "محمداً الفاتح"، قام ببناء هذا المرقد لوالدته، التي توفيت، وكان والده،
    "مراد الثاني"، حياً يرزق، حيث بناه في عام 853هـ/1449م؛ والكتابة
    بالعربية، وتتكون من ثلاثة أسطر، على النحو الآتي:
    1. الحمد لله،
    بنيت هذه التربة المنورة، في أيام مولانا السلطان الأعظم، والخاقان المعظم،
    السلطان ابن السلطان، "مراد بن محمد بايزيد خان" ـ خلّده الله ـ.
    2.
    ملكه، بأمر ولده، وقرة عينه، سميّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
    السعيد النجيب، السلطان "محمد جلبي" ـ أربط الله أطناب دولته بأوتاد.

    3. الخلود، وشيّد أركان عزه إلى اليوم الموعود، لوالدته المرحومة، سيدة
    الخواتين ـ طاب ثراها ـ. الفراغ في رجب الفرد من شهور سنة ثلث وخمسين
    وثمانمائة 853.
    وتكمن القيمة الكبرى لهذه الكتابة، في كون
    والدة السلطان "محمد الفاتح"، لم تدفن في "إستانبول"، كما هو ادعاء
    الروايات الأجنبية السابقة؛ وإنما في "بورصا". وإن قبرها لم يكن مغلقاً،
    كما ادعت تلك الروايات الأجنبية أيضاً. وإنها كانت مسلمة، كما أكدت الكتابة
    التاريخية، وهي شاهد قبرها، بحيث لا يبقى أي تردد في ثبوت ذلك، ويقطع الشك
    باليقين. إلا أن الكتابة خالية من اسم السيدة. غير أن الاسم وجد في سجلات
    المحكمة الشرعية، في "بورصا"، في الدفاتر الأرقام 201 و31 و370، في الصفحات
    64 و35 و40. واسم والدة السلطان "محمد الفاتح" هو "هما خاتون".
    __________________________________________________________________________________________________


    839هـ/1435-1436م


    التنكيل بـ"إبراهيم بك"، حاكم "قره مان"، الذي اتفق مع حكومات "المجر" و"الصرب" و"الأفلاق"، ضد العثمانيين
    يذكر أن هذا الاتفاق، عقد بتشجيع من الملك المجري، "سجيسموند"،
    وتحريكه. وهذا يعني نشوب مشكلة كبيرة في "الروملي"، في الوقت نفسه.
    وكان على مملكة "صربيا" "جورجس برانكوفيج". وعلى إمارة "الأفلاق" "ولاد دراكول".
    وكان، هؤلاء المتفقون الأربعة، باستثناء الملك المجري، قد قبلوا،
    من قبل، الحكم العثماني. إلا أنه قد طرأ تغير برغبته في "صربيا"، حيث حل
    محل "ستيفان لازارفيج" "جورجس برانكوفيج".
    ويمكن تعليل قبول
    حاكم "قره مان"، "إبراهيم بك"، الدخول في اتفاق من هذا القبيل، برغبته في
    العودة إلى وضعه السابق، حيث لم يبق له استقلال؛ بل إنه اضطر إلى التخلي عن
    بعض الأراضي للعثمانيين.
    وبعد أن عقد هذا الاتفاق السري، بدأ "إبراهيم بك" بالهجوم على الأراضي العثمانية، بحجة سرقة خيل.
    وبناءً على ذلك، فإن "مراداً الثاني"، الذي اتحد مع "بني
    دولقادر"، قام بالحملة على "قره مان"، بجيش عرمرم. وكان السبب، الذي أدى
    اتحاد "بني دولقادر" مع العثمانيين في هذه الحملة، كون "بني قره مان" قد
    قاموا، قبل فترة وجيزة، بالاستيلاء على مدينة "قيصري"، التابعة لـ"بني
    دولقادر"، أكثر من علاقة النسب، التي تربطهم بالعثمانيين. وذلك يعني وجود
    وحدة في المصلحة بين الطرفين.
    ويروى أن حاكم "دولقادر"، "ناصر الدين محمد بك"، أرسل ابنه، "سليمان بك" إلى السلطان "مراد الثاني"، وعقد الاتفاق معه.
    وهناك اختلاف في النتائج المتوخاة من هذه الحملة. فتذكر المصادر
    العثمانية بشكل عام، أنه بالنظر إلى الاستيلاء على "قونية"، فإن "إبراهيم
    بك"، اضطر إلى الهروب إلى "تاش إيلي"؛ إلا أنه بالنظر إلى تشفع زوجته، التي
    هي أخت "مراد الثاني"، في الموضوع، أعيد إلى بلاده، مع الاضطرار إلى ترك
    ابنه رهينة لدى العثمانيين، مع دفع بعض التعويضات. وبناءً على إحدى
    الروايات، تم الاستيلاء على مدينة "قيصري"، وأعادها "مراد الثاني" إلى "بني
    دولقادر". وعلى الرغم من ذلك، يروى أنه مع عقد الصلح، بين "مراد الثاني"
    وابن "قره مان"، وإجلاء القوات العثمانية عن الموقع، فإن "سليمان بن
    دولقادر"، قد اشتغل، فترة طويلة، بحصار "قيصري"؛ إلا أنه لم يوفق في فتحها.
    ويبدو أن هذه المسألة غامضة.
    ويذكر أن منطقة "آق شهر"، التي كانت تحت إدارة "قره مان"، قد ألحقت بالدولة العثمانية، في هذه الحملة.
    وما جرى في هذه الحملة، يعني أن السياسة، التي اتبعتها الدول
    النصرانية، بإشغال العثمانيين بالقرمانيين، قد أفلست، مرة أخرى.


    تأديب حاكمي "صربيا" و"الأفلاق"
    لقد تحرك "مراد الثاني"، بعد انتصاره على "قره مان"، إلى "صربيا"
    و"الأفلاق". وتفيد الروايات، أن "مراداً الثاني"، ونظراً إلى الأميرة
    الصربية، التي تزوجها "يلدرم بايزيد"، كان قد ادعى حق الوراثة في "صربيا".
    ولما تيقن الملك الصربي، "برانكوفيج"، أنه لا يستطيع مقاومة
    العثمانيين، وفق في إخماد الكارثة، التي ستحل به، من خلال تقديم ابنته،
    "مارا" إلى "مراد الثاني"، وقبول الحكم العثماني، مع التخلي عن بعض الأراضي
    للدولة العثمانية. ويروى أن هذه الصورة من التسوية، تمت في عام
    841هـ/1437م.
    أما أمير "الأفلاق"، "ولاد دراكول"، فقد قبل،
    من جديد، الحكم العثماني والخضوع له، وتعهد بالخدمة مع جيشه في الحملات
    العثمانية.
    وبتلك الصورة، جردت "المجر" من حليفاتها، في الأناضول و"الروملي"، وبقيت وحيدة.
    ________________________________________________________________________
    841هـ/1437م


    الحملة الكبيرة، التي استمرت خمسة وأربعين يوماً، على "المجر"
    بعد ما قام "مراد الثاني" بتأديب المتحالفين مع الملك المجري
    سجيسموند، وأدخلهم تحت خدمته، وذلك من خلال الاتفاق، الذي عقده معهم، والذي
    مر معنا في أحداث عام 839هـ/1435-1436م، قرر الانتقام من هذا الملك، الذي
    أصبح وحيداً، حيث أمر "علي بك"، ابن "أفرنوس"، بالقيام بحملة كبيرة على
    "المجر". ونظراً إلى تلقي المتحالفين القدامى مع المجر، الذين اضطروا إلى
    الدخول في خدمة العثمانيين - أمراً بالحضور مع "علي بك بن أفرنوس"، فقد
    التحق الملك الصربي، "برانكوفيج"؛ وأمير "الأفلاق"، "دراكول" بمعية "علي
    بك"، على الفور.
    ولقد تركت فرق "آقنجيلر"، الذين اجتازوا نهر
    "طونا"، وانتقلوا من "دمير قابي"، منطقة "أردل/ترانسلفانيا"، تحت سيل من
    الدماء والنيران. حيث قاموا بضرب الحصار على "هرمانستاد"، التي سماها
    المؤرخون العثمانيون "زبينه". كما قاموا بالإغارة على مدينتي "مدياش"
    و"شوسبورج"، ونهبوهما وهدموهما، وحصلوا على سبعين ألف أسير، وعادوا بذلك من
    هذه الحملة المدهشة بالعديد من الغنائم. وقد أرخت هذه الحملة أيضاً بعام
    842هـ/1438م.

    ميلاد "سينان باشا"، صاحب "التعرضات"
    ويروى له أيضاً عام 844هـ/1440م.
    إن "يوسف سينان باشا"، الذي يعد أكبر وأول أستاذ للإنشاء
    العثماني، هو ابن "خضر بك"، أول قاضٍ للسلطان "محمد الفاتح" في "إستانبول".

    لقد ولد "سينان باشا" في "بورصا".
    وهذا
    المنشىء العظيم، أضفى على الإنشاء العثماني طابعاً ظريفاً من الفن، ولم يقع
    في الجمل الطويلة والمتعبة للمنشئين المتأخرين؛ بل استخدم الجمل القصيرة،
    ولم يستخدم التركيبات، العربية والفارسية، وكلماتهما، مثل معقبيه، كثيراً.
    وأهم مؤلف له، هو كتابه الشهير "التعرضات" (تعرض نامه). ولقد نشر بعض أقسام هذا الكتاب، "أبو الضياء توفيق".
    و"سينان باشا"، إضافة إلى ذلك، متصوف ورياضي.
    وهو صديق حميم للسلطان "محمد الفاتح"، ووزير له. وهناك رواية
    تفيد، أنه بناءً على عزل "محمود باشا الثاني"، في عام 878هـ/1473م، عين
    وزيراً أعظم.
    _______________________________________________________________________

    843هـ/1439م
    سجن أمير "الأفلاق"، "دراكول" في "كلي بولي"، وفتح "سمندره"، عاصمة "برانكوفيج"، الملك الصربي، الذي التجأ إلى الملك المجري
    لقد قام الملك الصربي، "برانكوفيج"، الذي قدم ابنته إلى "مراد
    الثاني"، ودخل تحت التبعية العثمانية، وبدأ بالعمل مع الجيش العثماني في
    حملاته - بإحكام عاصمته، "سمندره"، في الوقت، الذي بدأ فيه أمير "الأفلاق"،
    "دراكول"، بالاتصالات مع "المجر"، حيث بدأ التمهيد لعقد تحالف مجري - صربي
    - أفلاقي، ضد العثمانيين. وفي تلك الفترة، جرى تغيير في الحكم، في
    "المجر"، حيث حل محل "سيجسموند" في الحكم على المجر، الإمبراطور الألماني،
    "آلبرت الثاني"؛ وقام هذا الخلف بالتعجيل في سياسة سلفه، التي كانت تستهدف
    العمل ضد الأتراك. وبناءً على هذا الوضع، الذي اشتكى منه "إسحاق بك"، بن
    "فيروز"، طلب "مراد الثاني" مفاتيح "سمندره" من "برانكوفيج". ونظراً إلى
    رفض الملك الصربي هذا الطلب، فقد تحرك الجيش العثماني؛إلا أن "برانكوفيج"،
    ترك الدفاع عن عاصمته لابنه الكبير، "جريجوار"، والتجأ إلى الملك المجري،
    "آلبرت الثاني".
    ويذكر أن الحصار على "سمندره"، استمر ثلاثة
    أشهر. وفتحت القلعة يوم الخميس، 16 ربيع الأول، الموافق لـ 27 أغسطس من هذه
    السنة.
    ولما تم فتح "سمندره"، اكتفي بفقء عيني "جريجوار"،
    الابن الأكبر لـ"برانكوفيج"، الذي دافع عن القلعة ضد متبوعه، ولم يقتل.
    وكان للملك الصربي ابنان آخران: الابن الصغير، الذي يحمل اسم "لازار"،
    وتوجد عنه روايتان اثنتان؛ فبموجب إحداهما، أن "لازار"، هذا كان رهينة في
    قصر "أدرنة"، منذ انقياد والده للسلطان العثماني، وأنه فقئت عيناه أيضاً.
    أما الرواية الثانية، فإن "لازار"، الذي هرب مع والده إلى المجر، لم يعاقب
    بأي جزاء. إلا أن الابن الأوسط، الذي كان رهينة في "أدرنة" عوقب. ويبدو،
    كما يتضح من عقوبات التمرد تلك، أن السلطان "مراداً الثاني"، لم يبق تحت
    نفوذ زوجته الصربية وتأثيرها، بعكس جده، "يلدرم بايزيد". ويروى أن الأمراء
    الصرب، الذين فقئت عيونهم، أرسلوا إلى قلعة "توقاد" أو "ديمتوقا"، وزج بهم
    في السجن.
    أما أمير "الأفلاق"، "ولاد دراكول"، فنظراً إلى
    تيقنه بعدم مقدرته على القيام في وجه القوات التركية، لم يجد ملاذاً له من
    أن يتقدم إلى الجيش العثماني، ويلجأ إلى "مراد الثاني" دخيلاً، للشفقة
    عليه. وبذلك نجا من الموت، وخرج من الموضوع، بالسجن في قلعة "كلي بولي".
    وهذا الأمير، أعيد إلى منصبه، من جديد، بعد فترة، وبعد أن قدم اثنين من
    أولاده، رهينة للعثمانيين. ويروى أن الرهينتين أرسلا إلى قلعة "أغريبوز"،
    الواقعة في ولاية "كرميان"، وسجنا هناك. وقد روي لهذه الأحداث أيضاً عام
    841هـ/1437، وعام 842هـ/1438م
    ابو محمد
    ابو محمد
    مشرف الحضاره والتاريخ
    مشرف الحضاره والتاريخ


    عدد المساهمات : 1008
    تاريخ التسجيل : 15/11/2010
    العمر : 58

    سيرة السلطان العثماني مراد الثاني Empty رد: سيرة السلطان العثماني مراد الثاني

    مُساهمة من طرف ابو محمد السبت يناير 01, 2011 10:53 pm

    انهزام الإمبراطور الألماني والملك المجري، "آلبرت الثاني"

    لقد وصل نبأ اقتراب "آلبرت الثاني"، الذي قاد جيشه، لتخليص
    "سمندره" من يد العثمانيين، بعد أن تمكنوا من فتحها بفترة وجيزة. فقام
    الجيش، الذي كان يقوده "إسحاق بك" و"عثمان جلبي بن تيمورطاش"، المكلفان
    بالحملة على "المجر" بالهجوم على العدو، من حينه. ويذكر أن الجيش العثماني،
    لما بان في الأفق، بدأ "المجر" بالصرخة: "الذئب قادم"، ولاذوا بالفرار.
    إلا أنه على الرغم من ذلك، فقد التقى الجمعان، ونشبت معركة شديدة. ونظراً
    إلى انهزام الجيش المجري هزيمة نكراء، فقد هرب "آلبرت الثاني"، وبذلك نجا
    من الموت المحقق.
    ولقد كان عدد الأسرى كبيراً، والغنائم
    كثيرة، إلى درجة أن الواحد منهم كان يباع في "أسكوب" بخمس "آقجات". ونظراً
    إلى اشتراك "عاشق باشا زاده"، وهو من أقدم المؤرخين العثمانيين، في هذه
    المعركة، فإن التصوير، الذي صور به انتصارات ذلك العهد، يعد من الوثائق
    القيمة، حيث يقول:
    "تشبع الغزاة للغاية، إلى درجة أن
    الجارية، كانت تباع بحذاء. ولقد اشتريت أنا أيضاً ولداً جيداً (أسيراً)
    بمائة آقجة. وقد قيل منذ عهد الإسلام الأول، لم تقع غزوة على هذا الغرار.
    وهذا حقيقة. وقد كنت أيضاً مشاركاً في تلك الحملة. وذهبت، يوماً، إلى
    السلطان، فمنحني أسيراً. فقلت له: سيدي، دولة السلطان، يحتاج الأمر لجلب
    هذا الأسير إلى فرس، ومبلغ من المال في الطريق. فأعطاني خمسة آلاف آقجة
    وفرسين. فوصلت إلى "أدرنة" مع تسعة أسرى وأربعة أفراس. فبعت الواحد منهم
    بثلاثمائة آقجة، وبعضهم بمائتي آقجة".
    إلا أن "عاشق باشا زاده"، يشير إلى تاريخ ذلك الانتصار بعام 842هـ/1438م. ويحتمل أن يكون هذا النسيان من المستنسخين.
    وبعض المصادر تذكر، أن حملة "مراد الثاني" على "بلجراد"، كانت بعد هذا الانتصار مباشرة، في هذه السنة؛ ولكن هذا غير صحيح.


    رفع مبلغ الخراج على "البوسنة"
    لما علم ملك "البوسنه"، "تفرتكو الثاني"، اقتراب الخطر منه، بعد
    انتصار "سمندره"، اضطر إلى اقتراح رفع المبلغ، الذي كان يدفعه إلى
    العثمانيين؛ بغية تخليص وضعه. فرفع المبلغ، الذي كان يدفعه، سنوياً، وقدره
    عشرون ألف دوقة ذهباً، إلى خمسة وعشرين ألفاً، في السنة.


    --------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

    845هـ/1441م
    الحصار على "بلجراد"


    توفي الإمبراطور الألماني والملك المجري، "آلبرت الثاني"، في يوم
    الثلاثاء، 18 جمادى الأولى 843هـ، الموافق 27 أكتوبر 1439م؛ بسبب مرض
    الصفراء، الذي انتقل إليه من الجيش. فحصل، بناءً على ذلك، أزمة على الحكم
    في "المجر"، استمرت سنتين. وضرب الحصار على "بلجراد" في تلك الفترة.

    وهذا الملك المجري والإمبراطور الألماني "ألبرت الثاني"، المتوفى،
    هو نسيب الملك المجري السابق، "سجيسموند". فلما توفي، وأعلنت سلطنة ابنه،
    الذي ولد من زوجته، وأطلق عليه "لاديسلاس"، قام في وجهه الملك البولوني،
    "فلاديسلاس"، مدعياً أن الحكم له. حيث استند إلى بعض المؤيدين له. ويذكر أن
    الاتفاق، الذي قدمه "مراد الثاني"، رفضه ملك "بولونيا"، "فلاديسلاس". فكان
    وضع الحصار على "بلجراد"، قد حصل تحت تلك الظروف.
    ويروى أن
    هذا الحصار، الذي استمر ستة أشهر، كان يديره "علي بك بن أفرنوس". أما
    "بلجرا" فقد دافع عنها، في مواجهة "علي بك"، راهب راكوزي، يدعى "زوان".
    وعلى الرغم من نجاح الأتراك في الدخول إلى المدينة، في أحد الأوقات، فإن
    المدافعين عنها ردوهم. والنقطة المؤكدة، هي عدم الحصول على نتيجة في حصار
    "بلجراد" هذا.
    وقد روي أيضاً عام 843هـ/1439م، تاريخاً لحصار "بلجراد".
    -----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------


    845هـ/1442م
    أول انتصار لـ"يانكو هونياد" على العثمانيين

    إن أسرة "هونياد جانوس" الصغيرة، التي ترد في المصادر العثمانية
    "يانكو هونياد"، أسرة عريقة، وشهيرة. وتذكرها المصادر الغربية
    بـ"جان-كورفين هونياد". وهناك اختلاف بين المصادر، حول أصل هذا الجندي
    الباسل ونسبه. فمثلاً، تذكر رواية أنه روماني، من "الأفلاق". ومع أن نسبه
    "هونياد"، إلا أنه ينتسب، من طريق غير شرعي، إلى أسرة "بالأولوغوس"
    البيزنطية؛ أو أنه الابن السري لملك "المجر"، "سجيسموند". وبناءً على هذه
    الرواية الأخيرة، فإن "هونياد جانوس"، ولد من خليلة الملك "سجيسموند"، التي
    تدعى "أليزابت مورسيناي"؛ ولذلك، لم يأخذ لقب والده؛ وإنما أخذ اسم
    المكان، الذي ولد فيه. ويبدو أن هذه النقطة غامضة.
    ولد "يانكو هونياد"، في عام 803هـ/1400، على وجه التقريب. ومات في عام 860هـ/1456م.
    ونظراً إلى الشجاعة، التي أبرزها في المعارك، فإن الملك المجري،
    في تلك الفترة، "لاديسلاس الرابع"، عينه أميراً على إمارة
    "ترانسلفانيا/أردل"، وقائداً عاماً للقوات المجرية، في الوقت عينه. ولما
    قتل "لاديسلاس الرابع"، في معركة "فارنا"، عمل اثني عشر عاماً في حكم
    "لاديسلاس الخامس"، الذي كان صغيراً، في ذلك الوقت؛ حيث استلم زمام الأمور
    بصفته نائباً للملك. وبناءً على الدور الفعال، الذي قام به في تاريخ
    "المجر"، فقد أصبح ابنه، "ماتياس"، فيما بعد، ملكاً على "المجر".

    وتلقّب "يانكو هانياد" بالبطولة الشعبية؛ نظراً إلى الانتصارات، التي
    حققها في المعارك، التي خاضها ضد الأتراك. وعلى الرغم من تلك الانتصارات،
    فإنه لم ينج من الهزائم الساحقة، التي ألحقت به، في معركتي "فارنا"
    و"كوسوفا" الثانية.
    ففي المعركة الأولى، التي انتصر فيها
    "يانكو هونياد" على الأتراك، تغلب على رئيس اصطبلات "مراد الثاني"، "مزيد
    بك". ولقد ذكر "هاممر" هوية "مزيد بك" هذا، على نحو خاطىء، ووقع لديه الخلط
    بينه وبين "مزيد بك"، الذي كان نسيباً للقاضي "برهان الدين"، ودخل في خدمة
    السلطان "محمد الأول"، قبل نحو أربعين عاماً، لما كان أميراً على "سيواس".
    والحقيقة أنه، بموجب شاهد قبر "مزيد بك"، في "توقاد"، كان قد توفي قبل هذا
    التاريخ بتسع سنوات، أي في عام 836هـ/1433م. و"مزيد بك"، الذي انهزم أمام
    "يانكو هونياد"، هو رئيس اصطبلات "مراد الثاني". وهو يختلف أيضاً عن "مزيد
    بك"، الذي عين محافظاً على "آلاجه حصار"؛ إذ "مزيد بك"، الأول، قاد قوة من
    "الآقنجيلر"، وكانت تقدر بخمسة وعشرين ألف نسمة، فاجتاز، في يوم الأحد، 6
    ذي القعدة، الموافق لـ 18 مارس من هذه السنة، حدود "ترانسلفانيا/أردل"،
    وقام بضرب الحصار على مدينة "هرمانسدات"، بعد أن تغلب على قوة مجرية. وفي
    أثناء ذلك الحصار، تعرض لهجوم من "يانكو هونياد"، وبقي بذلك مطوقاً بين
    قوتين. وعلى الرغم من ذلك، فإنه استمر في قتاله بشجاعة تامة؛ غير أنه انهزم
    أمام قوات العدو، التي كانت تفوق قواته عدداً. ويروى أنه وقع من الجيش
    العثماني، في هذه المعركة، عشرون ألف شهيد. ونظراً إلى كون القوات الموجودة
    تحت إمرة "مزيد بك"، كانت مؤلفة من خمسة وعشرين ألفاً، فإن خسارة عشرين
    ألف شهيد، تعدّ مبالغاً فيها. ولقد استشهد "مزيد بك" أيضاً، مع ابنه
    المرافق له، في المعركة. وبعد ما قام "يانكو هونياد" بطرد المتبقين من فرق
    "الآقنجيلر" إلى الضفة الثانية من نهر "طونا"، أمر بإعدام الأسرى الأتراك،
    الواحد تلو الآخر، وهو إلى طاولة الطعام يمرح. ويروى أيضاً أن هذا القائد
    المجري، عمل من رؤس الأتراك أبراجاً.
    وبعد هذا الانتصار،
    الذي حققه "يانكو هونياد"، قام بالهجوم على "الأفلاق"، وأحرق ضفتي نهر
    "طونا"، ثم رجع إلى بلاده. ويذكر أن "يانكو"، اكتسب لقب "المخلص للوطن"، في
    هذا الانتصار الأول، الذي حققه ضد الأتراك. وقد روي لهذا الحدث تاريخ آخر،
    هو عام 844هـ/1440م؛ ولكنه غير صحيح.

    ---------------------------------------------------------



    -----------------------------------------------------------------------------------------------


    846هـ/1442م
    الانتصار الثاني لـ"يانكو هونياد"


    كلف "مراد الثاني" أمير أمراء "الروملي"، "قوله شاهين باشا"، أو
    "خادم شهاب الدين باشا" بالقيام بحملة ثانية. وساق الجيش، للانتقام من
    الهزيمة، التي لحقت بالعثمانيين في "هرمانسدات". ويذكر أن هذا الجيش كان
    يتألف من ثمانين ألف رجل.
    وهذا الجيش الثاني، تعرض لهجوم من
    "يانكو هونياد"، في شهر جمادى الأولى، الموافق لشهر سبتمبر من هذه السنة،
    في موقع "جالوميتشا"، أو "فاساك"، وانهزم هذا الجيش، مثل سابقه. ويعزى
    انهزام هذا الجيش، في المصادر العثمانية، إلى تقدم قائد الجيش، من دون أخذ
    التدابير اللازمة، حيث كان يفتخر بالعدد الضخم، إضافة إلى كون القائد، كان
    يشتهر بالسكر.
    وعلى الرغم من ورود روايات، تفيد أن عدد قوات
    "يانكو" في هذه المعركة كان في حدود عشرين - خمسة وعشرين ألف نسمة، فإن هذه
    الرواية، ينبغي أن تقبل بحذر واحتياط.
    ولقد وقع "خادم شهاب
    الدين" أو "قوله شاهين باشا" أسيراً في المعركة. واستشهد الأمير الشهير
    "عثمان جلبي بن تيمورطاش باشا". ويروى أن خسارة العثمانيين في هذه المعرك،
    كانت أكثر من سابقتها.
    ولقد أيقظ انتصار "يانكو هونياد" هذا بين المجريين روح الانتعاش والفرح الكبير.
    ويذكر أن الجيش العثماني، خرج من المعركة بخسارة مائتي سنجق،
    وخمسة آلاف وخمسمائة أسير. إلا أن مثل هذه الروايات، يجب أن يقبل بحذر.
    وبعد هذا التاريخ، انتشرت شهرة "يانكو هونياد"، في العالم الغربي
    كله أجمع. وعدّ هذا القائد، الذي كان يتسم بقوة الحكم والطالع، أكبر مدافع
    عن النصرانية، ضد الإسلام.


    --------------------------------------------------------------------------------------------



    847هـ/1443م
    انتصار الجيش الصليبي بقيادة "يانكو هونياد"، في "نيش" و"إزلادي"
    لقد ترك الانتصاران المتواليان للبطل المجري الوطني، "هونياد
    جانوس/يانكو" هونياد، اللذان حققهما في عام 845-846هـ/1442م، تهييجاً عاماً
    في كل أوروبا النصرانية. وأراد البابا "إيكوين الرابع" استغلال هذه
    الفرصة، فقام بمحاولة تشكيل جيش صليبي، مثل أسلافه. ويروى أن الكاردينال
    "كازاريني"، قام بدور فعال في هذا الصدد، ممثلاً للبابا. وكان الهدف من هذه
    المحاولة، طرد الأتراك من أوروبا. وكان من الشخصيات البارزة في هذا
    التشكيل الصليبي العسكري، ملك "المجر"، "لاديسلاس"، والقائد العام "يانكو
    هونياد"؛ والملك الصربي الفار، المتمرد، "برانكوفيج"؛ وأمير "الأفلاق"،
    "ولاد دراكول"؛ ووكيل البابوية، الكاردينال "جيساريني". ومعظم المشاركين في
    هذه الحملة، هم من شعوب "المجر" و"الصرب" والألمان والرومانيين. ويذكر
    وجود عدد من الإيطاليين والألبان.
    ونظراً إلى بدء حاكم "قره
    مان" بالتعرض للأراضي العثمانية في الأناضول، من جديد، فقد اضطر "مراد
    الثاني" إلى الانتقال إلى الأناضول، وترك أمر الدفاع عن "الروملي" لقواده؛
    بناءً على إحدى الروايات الواردة في هذا الصدد.
    ولقد استمرت
    هذه الحملة الصليبية خمسة أشهر. ونتج منها انتصار الأعداء في موقعين،
    أولهما في جوار "نيش"، والثاني في "إزلاندي".
    فلقد تحرك
    الجيش الصليبي من "بودين"، في يوم الإثنين، 24 ربيع الأول، الموافق لـ22
    يوليه من هذه السنة، واجتاز نهر "طونا"، من موقع بين "سمندره" و"بلجراد"،
    وبدأ بالتقدم في الأراضي الصربية. وقع أول اصطدام بينه وبين الجيش
    العثماني، بجوار "نيش"، على ساحل "مورافا". وتاريخ هذه المعركة، هو الأحد،
    10 من رجب، الموافق لـ 3 من نوفمبر. وكان أهم قواد القوات التركية في هذه
    المعركة، أمير أمراء "الروملي"، "قاسم باشا"؛ والوزير الأعظم، "داماد محمود
    باشا"، أخا "خليل باشا جاندارلي"؛ و"علي بك بن تيمورطاش"؛ و"عيسى بك بن
    أفرنوس"؛ وأمير "توقاد"، "بالابان بك"؛ وغيرهم. وكان تفوق عدد العدو أدى
    خسارة المعركة، حيث ترك الجيش العثماني ألفي شهيد، وأربعة آلاف أسير، وتسعة
    سناجق. وبناءً على إحدى الروايات، فإن "مراد الثاني"، شارك في هذه المعركة
    بنفسه. وعلى الرغم من أن الجيش العثماني، خسر الحرب، فإنه لم يقع فيه هروب
    أو فوضى، وانسحب الجيش إلى ما وراء جبال البلقان.
    وحتى يتم
    منع قوات العدو من الانتقال إلى هذا الطرف من الجبل، تم وضع الاستحكامات
    اللازمة على الممر، الذي يسميه الأتراك: "قابولي دربند"، "تراجان". ويوجد
    في هذا الممر الجبلي الشهير بوغازان (أي ممران). يطلق على أحدهما
    "سوجي/سولو دربند"، وعلى الثاني "سلاتتزا/إزلادي دربند". وقد روي أن
    الممرين أغلقا تماماً بصخور كبيرة؛ بل إنه بالنظر إلى مرور المياه، في
    الليل، من جانب بوابة "تراجان"، التي تقع في "سولي دربند"، فقد أصبح في
    الصباح جداراً ثلجياً. فالجيش الصليبي، الذي تابع إثر الجيش التركي،
    واستولى على "صوفيا"، أصبح مواجهاً لهذين الممرين.
    وتفيد إحدى الروايات، أن "مراد الثاني"، الذي لم يشارك في معركة "نيش"، وصل إلى هذا الموقع، فأصبح يترأس الجيش فيه.
    ولما رأى "يانكو هونياد" عدم إمكانية اجتيازهم "سولي دربند، الذي
    أصبح جداراً من الثلج، توجه إلى "دربند إزلادي"؛ نظراً إلى كونه أوسع من
    سابقه. وقد جرت في هذا الموقع الأخير، معركة شديدة، بين الطرفين؛ ونجح
    الجيش الصليبي في اجتياز الممر، وذلك في يوم الثلاثاء، 2 رمضان، الموافق
    لـ24 ديسمبر من هذه السنة. وهذا يعني أن الجيش الصليبي، أصبح مسيطراً على
    "بلغاريا" وسهول "تراقيا". إلا أن اضطرار جيش العدو، في هذه المعركة، التي
    استمرت تسعة أيام، إلى الرجعة، قد نجّى الوضع، في نهاية الأمر.


    معركة "يالفاج"
    ولقد استمر الجيش الصليبي في حركته التقدمية إلى الأمام، وذلك
    بعد معركة "إزلادي"، فوصل إلى جوار"يالفاج/يالوفاز". ووقعت المعركة
    الأخيرة، بينه وبين الجيش العثماني، في نطاق جبل "كانوفيجا/كونوبيزا". وهذه
    المعركة، وقعت يوم الخميس، 11 رمضان، الموافق لـ 2 يناير.

    وقد استبسل الجيش العثماني في هذا الموقع، وأبدى مقاومة كبيرة، حيث تغلبت
    قوات "محمود جلبي جاندارلي" على قوات الملك الصربي، "برانكوفيج"؛ إلا أنه،
    مع أمير أمراء "الروملي"، "قاسم باشا"، وقعا أسيرين في يد "يانكو هونياد".
    ويذكر أن "يانكو"، قام بإعدام مائة وسبعين أسيراً تركياً، على الفور. إلا
    أنه، على الرغم من ذلك، لم يهزم الجيش العثماني، واضطر الصليبيون إلى
    الرجعة، حتى لا يتعرضوا لخطر أكبر. وقد أخذوا معهم "قاسم باشا" و"محمود
    جلبي"، من دون إعدامهما، وذلك بغية التشهير بهما، في الاستعراض الانتصاري
    للجيش.
    ومن حيث النتيجة، فإن هذه المعركة، قد أنقذت "الروملي" من خطر كبير.
    وتبرز بعض المصادر الغربية معركة "يالفاج"، بأنها انتصار كبير
    للصليبيين؛ إلا أن ذلك ليس صحيحاً. فمن المؤكد أن اضطرارهم إلى الرجعة، كان
    بسبب هذه المعركة.


    التنكيل بابن "قره مان"
    على أثر تمرد حاكم "قره مان"، "إبراهيم بك" على متبوعه، في أثناء
    محاربة الصليبيين، انتقل "مراد الثاني" إلى الأناضول، تاركاً الدفاع عن
    "الروملي"، كما تفيد إحدى الروايات. وتذكر رواية أخرى، أن السلطان
    "مراداً"، لم ينتقل إلى الأناضول؛ وإنما أرسل إليها ابنه، "علاء الدين بك".

    ويذكر أن حاكم "قره مان"، كان متفقاً مع ما يجري في
    البلقان، وأنه أرسل وفوداً، ودخل في الحلف، الذي انعقد برئاسة "المجر"،
    وأنه، بناءً على ذلك، بدأت الحركة ضد العثمانيين. وهذا يعني أن "إبراهيم
    بك" يدخل للمرة الثانية إلى التحالف البلقاني.
    وكان "إبراهيم
    بك"، ابن "قره مان"، قد دمر الأماكن الواقعة بين "أنقرة" و"كوتاحيا"؛ وقام
    أيضاً بالاستيلاء على "آق حصار" و"آق شهر" و"بي شهر" وغيرها من البلدات
    العثمانية. ولذلك، فقد أمر "مراد الثاني"، في حملته على "قونية"، بتدمير
    الأماكن الواقعة حتى "قونية"، انتقاماً من ابن "قره مان". واضطر "إبراهيم
    بك" إلى الانسحاب إلى "تاش إيلي" من جديد. إلا أنه وفق في عقد الصلح مع
    العثمانيين، بعد أن أرسل زوجته، التي هي أخت "مراد الثاني"؛ ووزيره، معلناً
    خضوعه، وتحت طائلة من الشروط القاسية. وكان من ضمن تلك الشروط، إعادة
    الأراضي العثمانية، التي استولى عليها، ودفع التعويضات، وقبول التبعية
    العثمانية.
    وهناك اختلاف، بين المصادر العثمانية والمصادر
    البيزنطية، حول تاريخ حملة "قره مان" هذه. فعلى سبيل المثال، يذكر، خطأً،
    عام 846هـ/1442م؛ وكذلك عام 848هـ/1444م. فالمصادر العثمانية، تظهر هذا
    الحدث بأنه كان بعد المعارك، التي جرت في البلقان، مباشرة. ويبدو أن هذه
    الرواية العثمانية، هي الصحيحة، بالنظر إلى تسلسل الأحداث والوقائع.


    ----------------------------------------------------------------------------------------------------------


    848هـ/1444م



    صلح "سزه كدين"
    يذكر أن هذه المعاهدة السلمية، عقدت بين الدولة العثمانية،
    والمملكة المجرية، في يوم الأحد، 25 ربيع الأول، الموافق لـ12 يوليه من هذه
    السنة.
    نظراً إلى المقاومة العثمانية، من جهة؛ واقتراب فصل
    الشتاء، وتأثيره المناخي الكبير في البلقان، من جهة أخرى، قبل الملك
    المجري، "لاديسلاس" الاقتراح، الذي قدمه "مراد الثاني"، لعقد الصلح بين
    الطرفين، وذلك بناءً على عدم مجيء القوات الجديدة، التي كان ينتظرها
    "لاديسلاس"، من أوروبا، وإنهاءً للحملة، التي استمرت خمسة أشهر. وهذا الصلح
    كان ثقيلاً على العثمانيين؛ فبموجب المعاهدة، التي كانت مدتها عشر سنوات،
    تعاد مدينة "سمندرةه"، وغيرها من المدن، إلى "صربيا"؛ ويُصادَق على حكم
    "برانكوفيج"، ويعاد ابناه، الرهينتان لدى العثمانيين، إليه؛ ويقبل حكم
    "المجر" على "الأفلاق"، التي أعيدت غلى "ولاد دراكول"؛ ودفع سبعين ألف دوقة
    ذهباً، لفك أسر "الداماد محمود جلبي"، الذي هو أخو "خليل باشا جاندارلي".
    وكان الهدف من ذلك، إعطاء المجال للجيش للتنظيم والتنسيق، من جديد.



    تخلي "مراد الثاني" عن الحكم
    لقد تخلى "مراد الثاني"، باختياره، عن الحكم لابنه، الذي سيصبح
    فاتح "إستانبول"، "محمد الثاني"؛ وذلك بناءً على الانهزامات المتوالية،
    التي تعرض لها الجيش في عهده، من جهة؛ ووفاة ابنه، "علاء الدين"، من جهة
    أخرى. فانزوى في "مغنيسيا"، تاركاً أمر السلطنة لابنه، "محمد الثاني"؛
    وينبغي البحث إن كانت هناك أسباب أخرى لهذا التفرغ أم لا.
    ولما توجه "مراد الثاني" إلى "مغنيسيا"، أخذ معه "إسحاق باشا" و"شرابدار حمزة بك"، من أوثق رجاله.
    وبموجب أقوى الروايات، فإن هذا السلطان العظيم، قد ولد في عام
    806هـ/1403-1404م. وذلك يعني أنه انسحب من الحكم، وله من العمر 40-41 سنة.
    وقد استمرت هذه الفترة الأولى من حكم "مراد الثاني"، ثلاثاً وعشرين سنة، بدءاً من عام 824هـ/1421م.
    وقد روي أيضاً تاريخ لهذا التخلي، هو عام 844هـ/1440م؛ وعام
    846هـ/1442م؛ وكذلك عام 847هـ/1443م؛ وعام 849هـ/1445م، وغيرها من
    التواريخ. ونظراً إلى ثبوت فترة حكمه الأول بالكتابات التاريخية، في أثناء
    وجوده في الحكم، في عام 847-848هـ/1443-1444م، فإن تلك الروايات خاطئة
    ابو محمد
    ابو محمد
    مشرف الحضاره والتاريخ
    مشرف الحضاره والتاريخ


    عدد المساهمات : 1008
    تاريخ التسجيل : 15/11/2010
    العمر : 58

    سيرة السلطان العثماني مراد الثاني Empty رد: سيرة السلطان العثماني مراد الثاني

    مُساهمة من طرف ابو محمد السبت يناير 01, 2011 10:55 pm

    انهزام الإمبراطور الألماني والملك المجري، "آلبرت الثاني"

    لقد وصل نبأ اقتراب "آلبرت الثاني"، الذي قاد جيشه، لتخليص
    "سمندره" من يد العثمانيين، بعد أن تمكنوا من فتحها بفترة وجيزة. فقام
    الجيش، الذي كان يقوده "إسحاق بك" و"عثمان جلبي بن تيمورطاش"، المكلفان
    بالحملة على "المجر" بالهجوم على العدو، من حينه. ويذكر أن الجيش العثماني،
    لما بان في الأفق، بدأ "المجر" بالصرخة: "الذئب قادم"، ولاذوا بالفرار.
    إلا أنه على الرغم من ذلك، فقد التقى الجمعان، ونشبت معركة شديدة. ونظراً
    إلى انهزام الجيش المجري هزيمة نكراء، فقد هرب "آلبرت الثاني"، وبذلك نجا
    من الموت المحقق.
    ولقد كان عدد الأسرى كبيراً، والغنائم
    كثيرة، إلى درجة أن الواحد منهم كان يباع في "أسكوب" بخمس "آقجات". ونظراً
    إلى اشتراك "عاشق باشا زاده"، وهو من أقدم المؤرخين العثمانيين، في هذه
    المعركة، فإن التصوير، الذي صور به انتصارات ذلك العهد، يعد من الوثائق
    القيمة، حيث يقول:
    "تشبع الغزاة للغاية، إلى درجة أن
    الجارية، كانت تباع بحذاء. ولقد اشتريت أنا أيضاً ولداً جيداً (أسيراً)
    بمائة آقجة. وقد قيل منذ عهد الإسلام الأول، لم تقع غزوة على هذا الغرار.
    وهذا حقيقة. وقد كنت أيضاً مشاركاً في تلك الحملة. وذهبت، يوماً، إلى
    السلطان، فمنحني أسيراً. فقلت له: سيدي، دولة السلطان، يحتاج الأمر لجلب
    هذا الأسير إلى فرس، ومبلغ من المال في الطريق. فأعطاني خمسة آلاف آقجة
    وفرسين. فوصلت إلى "أدرنة" مع تسعة أسرى وأربعة أفراس. فبعت الواحد منهم
    بثلاثمائة آقجة، وبعضهم بمائتي آقجة".
    إلا أن "عاشق باشا زاده"، يشير إلى تاريخ ذلك الانتصار بعام 842هـ/1438م. ويحتمل أن يكون هذا النسيان من المستنسخين.
    وبعض المصادر تذكر، أن حملة "مراد الثاني" على "بلجراد"، كانت بعد هذا الانتصار مباشرة، في هذه السنة؛ ولكن هذا غير صحيح.


    رفع مبلغ الخراج على "البوسنة"
    لما علم ملك "البوسنه"، "تفرتكو الثاني"، اقتراب الخطر منه، بعد
    انتصار "سمندره"، اضطر إلى اقتراح رفع المبلغ، الذي كان يدفعه إلى
    العثمانيين؛ بغية تخليص وضعه. فرفع المبلغ، الذي كان يدفعه، سنوياً، وقدره
    عشرون ألف دوقة ذهباً، إلى خمسة وعشرين ألفاً، في السنة.


    --------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

    845هـ/1441م
    الحصار على "بلجراد"


    توفي الإمبراطور الألماني والملك المجري، "آلبرت الثاني"، في يوم
    الثلاثاء، 18 جمادى الأولى 843هـ، الموافق 27 أكتوبر 1439م؛ بسبب مرض
    الصفراء، الذي انتقل إليه من الجيش. فحصل، بناءً على ذلك، أزمة على الحكم
    في "المجر"، استمرت سنتين. وضرب الحصار على "بلجراد" في تلك الفترة.

    وهذا الملك المجري والإمبراطور الألماني "ألبرت الثاني"، المتوفى،
    هو نسيب الملك المجري السابق، "سجيسموند". فلما توفي، وأعلنت سلطنة ابنه،
    الذي ولد من زوجته، وأطلق عليه "لاديسلاس"، قام في وجهه الملك البولوني،
    "فلاديسلاس"، مدعياً أن الحكم له. حيث استند إلى بعض المؤيدين له. ويذكر أن
    الاتفاق، الذي قدمه "مراد الثاني"، رفضه ملك "بولونيا"، "فلاديسلاس". فكان
    وضع الحصار على "بلجراد"، قد حصل تحت تلك الظروف.
    ويروى أن
    هذا الحصار، الذي استمر ستة أشهر، كان يديره "علي بك بن أفرنوس". أما
    "بلجرا" فقد دافع عنها، في مواجهة "علي بك"، راهب راكوزي، يدعى "زوان".
    وعلى الرغم من نجاح الأتراك في الدخول إلى المدينة، في أحد الأوقات، فإن
    المدافعين عنها ردوهم. والنقطة المؤكدة، هي عدم الحصول على نتيجة في حصار
    "بلجراد" هذا.
    وقد روي أيضاً عام 843هـ/1439م، تاريخاً لحصار "بلجراد".
    -----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------


    845هـ/1442م
    أول انتصار لـ"يانكو هونياد" على العثمانيين

    إن أسرة "هونياد جانوس" الصغيرة، التي ترد في المصادر العثمانية
    "يانكو هونياد"، أسرة عريقة، وشهيرة. وتذكرها المصادر الغربية
    بـ"جان-كورفين هونياد". وهناك اختلاف بين المصادر، حول أصل هذا الجندي
    الباسل ونسبه. فمثلاً، تذكر رواية أنه روماني، من "الأفلاق". ومع أن نسبه
    "هونياد"، إلا أنه ينتسب، من طريق غير شرعي، إلى أسرة "بالأولوغوس"
    البيزنطية؛ أو أنه الابن السري لملك "المجر"، "سجيسموند". وبناءً على هذه
    الرواية الأخيرة، فإن "هونياد جانوس"، ولد من خليلة الملك "سجيسموند"، التي
    تدعى "أليزابت مورسيناي"؛ ولذلك، لم يأخذ لقب والده؛ وإنما أخذ اسم
    المكان، الذي ولد فيه. ويبدو أن هذه النقطة غامضة.
    ولد "يانكو هونياد"، في عام 803هـ/1400، على وجه التقريب. ومات في عام 860هـ/1456م.
    ونظراً إلى الشجاعة، التي أبرزها في المعارك، فإن الملك المجري،
    في تلك الفترة، "لاديسلاس الرابع"، عينه أميراً على إمارة
    "ترانسلفانيا/أردل"، وقائداً عاماً للقوات المجرية، في الوقت عينه. ولما
    قتل "لاديسلاس الرابع"، في معركة "فارنا"، عمل اثني عشر عاماً في حكم
    "لاديسلاس الخامس"، الذي كان صغيراً، في ذلك الوقت؛ حيث استلم زمام الأمور
    بصفته نائباً للملك. وبناءً على الدور الفعال، الذي قام به في تاريخ
    "المجر"، فقد أصبح ابنه، "ماتياس"، فيما بعد، ملكاً على "المجر".

    وتلقّب "يانكو هانياد" بالبطولة الشعبية؛ نظراً إلى الانتصارات، التي
    حققها في المعارك، التي خاضها ضد الأتراك. وعلى الرغم من تلك الانتصارات،
    فإنه لم ينج من الهزائم الساحقة، التي ألحقت به، في معركتي "فارنا"
    و"كوسوفا" الثانية.
    ففي المعركة الأولى، التي انتصر فيها
    "يانكو هونياد" على الأتراك، تغلب على رئيس اصطبلات "مراد الثاني"، "مزيد
    بك". ولقد ذكر "هاممر" هوية "مزيد بك" هذا، على نحو خاطىء، ووقع لديه الخلط
    بينه وبين "مزيد بك"، الذي كان نسيباً للقاضي "برهان الدين"، ودخل في خدمة
    السلطان "محمد الأول"، قبل نحو أربعين عاماً، لما كان أميراً على "سيواس".
    والحقيقة أنه، بموجب شاهد قبر "مزيد بك"، في "توقاد"، كان قد توفي قبل هذا
    التاريخ بتسع سنوات، أي في عام 836هـ/1433م. و"مزيد بك"، الذي انهزم أمام
    "يانكو هونياد"، هو رئيس اصطبلات "مراد الثاني". وهو يختلف أيضاً عن "مزيد
    بك"، الذي عين محافظاً على "آلاجه حصار"؛ إذ "مزيد بك"، الأول، قاد قوة من
    "الآقنجيلر"، وكانت تقدر بخمسة وعشرين ألف نسمة، فاجتاز، في يوم الأحد، 6
    ذي القعدة، الموافق لـ 18 مارس من هذه السنة، حدود "ترانسلفانيا/أردل"،
    وقام بضرب الحصار على مدينة "هرمانسدات"، بعد أن تغلب على قوة مجرية. وفي
    أثناء ذلك الحصار، تعرض لهجوم من "يانكو هونياد"، وبقي بذلك مطوقاً بين
    قوتين. وعلى الرغم من ذلك، فإنه استمر في قتاله بشجاعة تامة؛ غير أنه انهزم
    أمام قوات العدو، التي كانت تفوق قواته عدداً. ويروى أنه وقع من الجيش
    العثماني، في هذه المعركة، عشرون ألف شهيد. ونظراً إلى كون القوات الموجودة
    تحت إمرة "مزيد بك"، كانت مؤلفة من خمسة وعشرين ألفاً، فإن خسارة عشرين
    ألف شهيد، تعدّ مبالغاً فيها. ولقد استشهد "مزيد بك" أيضاً، مع ابنه
    المرافق له، في المعركة. وبعد ما قام "يانكو هونياد" بطرد المتبقين من فرق
    "الآقنجيلر" إلى الضفة الثانية من نهر "طونا"، أمر بإعدام الأسرى الأتراك،
    الواحد تلو الآخر، وهو إلى طاولة الطعام يمرح. ويروى أيضاً أن هذا القائد
    المجري، عمل من رؤس الأتراك أبراجاً.
    وبعد هذا الانتصار،
    الذي حققه "يانكو هونياد"، قام بالهجوم على "الأفلاق"، وأحرق ضفتي نهر
    "طونا"، ثم رجع إلى بلاده. ويذكر أن "يانكو"، اكتسب لقب "المخلص للوطن"، في
    هذا الانتصار الأول، الذي حققه ضد الأتراك. وقد روي لهذا الحدث تاريخ آخر،
    هو عام 844هـ/1440م؛ ولكنه غير صحيح.

    ---------------------------------------------------------



    -----------------------------------------------------------------------------------------------


    846هـ/1442م
    الانتصار الثاني لـ"يانكو هونياد"


    كلف "مراد الثاني" أمير أمراء "الروملي"، "قوله شاهين باشا"، أو
    "خادم شهاب الدين باشا" بالقيام بحملة ثانية. وساق الجيش، للانتقام من
    الهزيمة، التي لحقت بالعثمانيين في "هرمانسدات". ويذكر أن هذا الجيش كان
    يتألف من ثمانين ألف رجل.
    وهذا الجيش الثاني، تعرض لهجوم من
    "يانكو هونياد"، في شهر جمادى الأولى، الموافق لشهر سبتمبر من هذه السنة،
    في موقع "جالوميتشا"، أو "فاساك"، وانهزم هذا الجيش، مثل سابقه. ويعزى
    انهزام هذا الجيش، في المصادر العثمانية، إلى تقدم قائد الجيش، من دون أخذ
    التدابير اللازمة، حيث كان يفتخر بالعدد الضخم، إضافة إلى كون القائد، كان
    يشتهر بالسكر.
    وعلى الرغم من ورود روايات، تفيد أن عدد قوات
    "يانكو" في هذه المعركة كان في حدود عشرين - خمسة وعشرين ألف نسمة، فإن هذه
    الرواية، ينبغي أن تقبل بحذر واحتياط.
    ولقد وقع "خادم شهاب
    الدين" أو "قوله شاهين باشا" أسيراً في المعركة. واستشهد الأمير الشهير
    "عثمان جلبي بن تيمورطاش باشا". ويروى أن خسارة العثمانيين في هذه المعرك،
    كانت أكثر من سابقتها.
    ولقد أيقظ انتصار "يانكو هونياد" هذا بين المجريين روح الانتعاش والفرح الكبير.
    ويذكر أن الجيش العثماني، خرج من المعركة بخسارة مائتي سنجق،
    وخمسة آلاف وخمسمائة أسير. إلا أن مثل هذه الروايات، يجب أن يقبل بحذر.
    وبعد هذا التاريخ، انتشرت شهرة "يانكو هونياد"، في العالم الغربي
    كله أجمع. وعدّ هذا القائد، الذي كان يتسم بقوة الحكم والطالع، أكبر مدافع
    عن النصرانية، ضد الإسلام.


    --------------------------------------------------------------------------------------------



    847هـ/1443م
    انتصار الجيش الصليبي بقيادة "يانكو هونياد"، في "نيش" و"إزلادي"
    لقد ترك الانتصاران المتواليان للبطل المجري الوطني، "هونياد
    جانوس/يانكو" هونياد، اللذان حققهما في عام 845-846هـ/1442م، تهييجاً عاماً
    في كل أوروبا النصرانية. وأراد البابا "إيكوين الرابع" استغلال هذه
    الفرصة، فقام بمحاولة تشكيل جيش صليبي، مثل أسلافه. ويروى أن الكاردينال
    "كازاريني"، قام بدور فعال في هذا الصدد، ممثلاً للبابا. وكان الهدف من هذه
    المحاولة، طرد الأتراك من أوروبا. وكان من الشخصيات البارزة في هذا
    التشكيل الصليبي العسكري، ملك "المجر"، "لاديسلاس"، والقائد العام "يانكو
    هونياد"؛ والملك الصربي الفار، المتمرد، "برانكوفيج"؛ وأمير "الأفلاق"،
    "ولاد دراكول"؛ ووكيل البابوية، الكاردينال "جيساريني". ومعظم المشاركين في
    هذه الحملة، هم من شعوب "المجر" و"الصرب" والألمان والرومانيين. ويذكر
    وجود عدد من الإيطاليين والألبان.
    ونظراً إلى بدء حاكم "قره
    مان" بالتعرض للأراضي العثمانية في الأناضول، من جديد، فقد اضطر "مراد
    الثاني" إلى الانتقال إلى الأناضول، وترك أمر الدفاع عن "الروملي" لقواده؛
    بناءً على إحدى الروايات الواردة في هذا الصدد.
    ولقد استمرت
    هذه الحملة الصليبية خمسة أشهر. ونتج منها انتصار الأعداء في موقعين،
    أولهما في جوار "نيش"، والثاني في "إزلاندي".
    فلقد تحرك
    الجيش الصليبي من "بودين"، في يوم الإثنين، 24 ربيع الأول، الموافق لـ22
    يوليه من هذه السنة، واجتاز نهر "طونا"، من موقع بين "سمندره" و"بلجراد"،
    وبدأ بالتقدم في الأراضي الصربية. وقع أول اصطدام بينه وبين الجيش
    العثماني، بجوار "نيش"، على ساحل "مورافا". وتاريخ هذه المعركة، هو الأحد،
    10 من رجب، الموافق لـ 3 من نوفمبر. وكان أهم قواد القوات التركية في هذه
    المعركة، أمير أمراء "الروملي"، "قاسم باشا"؛ والوزير الأعظم، "داماد محمود
    باشا"، أخا "خليل باشا جاندارلي"؛ و"علي بك بن تيمورطاش"؛ و"عيسى بك بن
    أفرنوس"؛ وأمير "توقاد"، "بالابان بك"؛ وغيرهم. وكان تفوق عدد العدو أدى
    خسارة المعركة، حيث ترك الجيش العثماني ألفي شهيد، وأربعة آلاف أسير، وتسعة
    سناجق. وبناءً على إحدى الروايات، فإن "مراد الثاني"، شارك في هذه المعركة
    بنفسه. وعلى الرغم من أن الجيش العثماني، خسر الحرب، فإنه لم يقع فيه هروب
    أو فوضى، وانسحب الجيش إلى ما وراء جبال البلقان.
    وحتى يتم
    منع قوات العدو من الانتقال إلى هذا الطرف من الجبل، تم وضع الاستحكامات
    اللازمة على الممر، الذي يسميه الأتراك: "قابولي دربند"، "تراجان". ويوجد
    في هذا الممر الجبلي الشهير بوغازان (أي ممران). يطلق على أحدهما
    "سوجي/سولو دربند"، وعلى الثاني "سلاتتزا/إزلادي دربند". وقد روي أن
    الممرين أغلقا تماماً بصخور كبيرة؛ بل إنه بالنظر إلى مرور المياه، في
    الليل، من جانب بوابة "تراجان"، التي تقع في "سولي دربند"، فقد أصبح في
    الصباح جداراً ثلجياً. فالجيش الصليبي، الذي تابع إثر الجيش التركي،
    واستولى على "صوفيا"، أصبح مواجهاً لهذين الممرين.
    وتفيد إحدى الروايات، أن "مراد الثاني"، الذي لم يشارك في معركة "نيش"، وصل إلى هذا الموقع، فأصبح يترأس الجيش فيه.
    ولما رأى "يانكو هونياد" عدم إمكانية اجتيازهم "سولي دربند، الذي
    أصبح جداراً من الثلج، توجه إلى "دربند إزلادي"؛ نظراً إلى كونه أوسع من
    سابقه. وقد جرت في هذا الموقع الأخير، معركة شديدة، بين الطرفين؛ ونجح
    الجيش الصليبي في اجتياز الممر، وذلك في يوم الثلاثاء، 2 رمضان، الموافق
    لـ24 ديسمبر من هذه السنة. وهذا يعني أن الجيش الصليبي، أصبح مسيطراً على
    "بلغاريا" وسهول "تراقيا". إلا أن اضطرار جيش العدو، في هذه المعركة، التي
    استمرت تسعة أيام، إلى الرجعة، قد نجّى الوضع، في نهاية الأمر.


    معركة "يالفاج"
    ولقد استمر الجيش الصليبي في حركته التقدمية إلى الأمام، وذلك
    بعد معركة "إزلادي"، فوصل إلى جوار"يالفاج/يالوفاز". ووقعت المعركة
    الأخيرة، بينه وبين الجيش العثماني، في نطاق جبل "كانوفيجا/كونوبيزا". وهذه
    المعركة، وقعت يوم الخميس، 11 رمضان، الموافق لـ 2 يناير.

    وقد استبسل الجيش العثماني في هذا الموقع، وأبدى مقاومة كبيرة، حيث تغلبت
    قوات "محمود جلبي جاندارلي" على قوات الملك الصربي، "برانكوفيج"؛ إلا أنه،
    مع أمير أمراء "الروملي"، "قاسم باشا"، وقعا أسيرين في يد "يانكو هونياد".
    ويذكر أن "يانكو"، قام بإعدام مائة وسبعين أسيراً تركياً، على الفور. إلا
    أنه، على الرغم من ذلك، لم يهزم الجيش العثماني، واضطر الصليبيون إلى
    الرجعة، حتى لا يتعرضوا لخطر أكبر. وقد أخذوا معهم "قاسم باشا" و"محمود
    جلبي"، من دون إعدامهما، وذلك بغية التشهير بهما، في الاستعراض الانتصاري
    للجيش.
    ومن حيث النتيجة، فإن هذه المعركة، قد أنقذت "الروملي" من خطر كبير.
    وتبرز بعض المصادر الغربية معركة "يالفاج"، بأنها انتصار كبير
    للصليبيين؛ إلا أن ذلك ليس صحيحاً. فمن المؤكد أن اضطرارهم إلى الرجعة، كان
    بسبب هذه المعركة.


    التنكيل بابن "قره مان"
    على أثر تمرد حاكم "قره مان"، "إبراهيم بك" على متبوعه، في أثناء
    محاربة الصليبيين، انتقل "مراد الثاني" إلى الأناضول، تاركاً الدفاع عن
    "الروملي"، كما تفيد إحدى الروايات. وتذكر رواية أخرى، أن السلطان
    "مراداً"، لم ينتقل إلى الأناضول؛ وإنما أرسل إليها ابنه، "علاء الدين بك".

    ويذكر أن حاكم "قره مان"، كان متفقاً مع ما يجري في
    البلقان، وأنه أرسل وفوداً، ودخل في الحلف، الذي انعقد برئاسة "المجر"،
    وأنه، بناءً على ذلك، بدأت الحركة ضد العثمانيين. وهذا يعني أن "إبراهيم
    بك" يدخل للمرة الثانية إلى التحالف البلقاني.
    وكان "إبراهيم
    بك"، ابن "قره مان"، قد دمر الأماكن الواقعة بين "أنقرة" و"كوتاحيا"؛ وقام
    أيضاً بالاستيلاء على "آق حصار" و"آق شهر" و"بي شهر" وغيرها من البلدات
    العثمانية. ولذلك، فقد أمر "مراد الثاني"، في حملته على "قونية"، بتدمير
    الأماكن الواقعة حتى "قونية"، انتقاماً من ابن "قره مان". واضطر "إبراهيم
    بك" إلى الانسحاب إلى "تاش إيلي" من جديد. إلا أنه وفق في عقد الصلح مع
    العثمانيين، بعد أن أرسل زوجته، التي هي أخت "مراد الثاني"؛ ووزيره، معلناً
    خضوعه، وتحت طائلة من الشروط القاسية. وكان من ضمن تلك الشروط، إعادة
    الأراضي العثمانية، التي استولى عليها، ودفع التعويضات، وقبول التبعية
    العثمانية.
    وهناك اختلاف، بين المصادر العثمانية والمصادر
    البيزنطية، حول تاريخ حملة "قره مان" هذه. فعلى سبيل المثال، يذكر، خطأً،
    عام 846هـ/1442م؛ وكذلك عام 848هـ/1444م. فالمصادر العثمانية، تظهر هذا
    الحدث بأنه كان بعد المعارك، التي جرت في البلقان، مباشرة. ويبدو أن هذه
    الرواية العثمانية، هي الصحيحة، بالنظر إلى تسلسل الأحداث والوقائع.


    ----------------------------------------------------------------------------------------------------------


    848هـ/1444م



    صلح "سزه كدين"
    يذكر أن هذه المعاهدة السلمية، عقدت بين الدولة العثمانية،
    والمملكة المجرية، في يوم الأحد، 25 ربيع الأول، الموافق لـ12 يوليه من هذه
    السنة.
    نظراً إلى المقاومة العثمانية، من جهة؛ واقتراب فصل
    الشتاء، وتأثيره المناخي الكبير في البلقان، من جهة أخرى، قبل الملك
    المجري، "لاديسلاس" الاقتراح، الذي قدمه "مراد الثاني"، لعقد الصلح بين
    الطرفين، وذلك بناءً على عدم مجيء القوات الجديدة، التي كان ينتظرها
    "لاديسلاس"، من أوروبا، وإنهاءً للحملة، التي استمرت خمسة أشهر. وهذا الصلح
    كان ثقيلاً على العثمانيين؛ فبموجب المعاهدة، التي كانت مدتها عشر سنوات،
    تعاد مدينة "سمندرةه"، وغيرها من المدن، إلى "صربيا"؛ ويُصادَق على حكم
    "برانكوفيج"، ويعاد ابناه، الرهينتان لدى العثمانيين، إليه؛ ويقبل حكم
    "المجر" على "الأفلاق"، التي أعيدت غلى "ولاد دراكول"؛ ودفع سبعين ألف دوقة
    ذهباً، لفك أسر "الداماد محمود جلبي"، الذي هو أخو "خليل باشا جاندارلي".
    وكان الهدف من ذلك، إعطاء المجال للجيش للتنظيم والتنسيق، من جديد.



    تخلي "مراد الثاني" عن الحكم
    لقد تخلى "مراد الثاني"، باختياره، عن الحكم لابنه، الذي سيصبح
    فاتح "إستانبول"، "محمد الثاني"؛ وذلك بناءً على الانهزامات المتوالية،
    التي تعرض لها الجيش في عهده، من جهة؛ ووفاة ابنه، "علاء الدين"، من جهة
    أخرى. فانزوى في "مغنيسيا"، تاركاً أمر السلطنة لابنه، "محمد الثاني"؛
    وينبغي البحث إن كانت هناك أسباب أخرى لهذا التفرغ أم لا.
    ولما توجه "مراد الثاني" إلى "مغنيسيا"، أخذ معه "إسحاق باشا" و"شرابدار حمزة بك"، من أوثق رجاله.
    وبموجب أقوى الروايات، فإن هذا السلطان العظيم، قد ولد في عام
    806هـ/1403-1404م. وذلك يعني أنه انسحب من الحكم، وله من العمر 40-41 سنة.
    وقد استمرت هذه الفترة الأولى من حكم "مراد الثاني"، ثلاثاً وعشرين سنة، بدءاً من عام 824هـ/1421م.
    وقد روي أيضاً تاريخ لهذا التخلي، هو عام 844هـ/1440م؛ وعام
    846هـ/1442م؛ وكذلك عام 847هـ/1443م؛ وعام 849هـ/1445م، وغيرها من
    التواريخ. ونظراً إلى ثبوت فترة حكمه الأول بالكتابات التاريخية، في أثناء
    وجوده في الحكم، في عام 847-848هـ/1443-1444م، فإن تلك الروايات خاطئة
    ابو محمد
    ابو محمد
    مشرف الحضاره والتاريخ
    مشرف الحضاره والتاريخ


    عدد المساهمات : 1008
    تاريخ التسجيل : 15/11/2010
    العمر : 58

    سيرة السلطان العثماني مراد الثاني Empty رد: سيرة السلطان العثماني مراد الثاني

    مُساهمة من طرف ابو محمد السبت يناير 01, 2011 10:56 pm

    مراد الثاني
    (الفترة الثانية للحكم)
    849-855هـ/1445-1451م
    849هـ/1445م


    جلوس "مراد الثاني" على سدة الحكم، في "أدرنة"
    ويروى أيضاً حدوثه عام 847هـ/1443م، وعام 848هـ/1444م.
    وقد
    أثبتت المسكوكات، التي تعود للفترة الأولى من حكم "محمد الثاني"، والتي
    ضربت عام 848هـ/1444م، أن التاريخ الأول خطأ. أما الرواية الثانية (أي
    التاريخ الثاني)، فهي ضعيفة.
    وعلى الرغم مما قاله الأمير آلاي "علي بك"،
    في "مجلة مجمع التاريخ العثماني"، بالاستناد إلى الفلوس المضروبة في
    "تيرة" و"آماسيا" و"بورصا"، في عام 848هـ/1444م، وحكم على جلوس "مراد
    الثاني"، للمرة الثانية، في هذا التاريخ، فيمكن أن تكون تلك الفلوس، ضربت
    قبل تخليه الأول عن الحكم بفترة وجيزة.
    وبناءً على أقوى الروايات، فإن "مراداً الثاني"، الذي ولد عام 806هـ/1403-1404م، كان له من العمر، في هذا الجلوس الثاني، 41-42 سنة.
    وكانت
    الفترة الأولى لحكم السلطان "مراد الثاني" ثلاثاً وعشرين سنة؛ وذلك من عام
    824هـ/1421م وحتى 848هـ/1444م. أما الفترة الانتقالية، بين حكمه الأول
    وحكمه الثاني، وهي الفترة الأولى من حكم "محمد الثاني"، فهي سنة أو ما يزيد
    عليها قليلاً.
    وتشرح المصادر العثمانية مسألة تخلي السلطان "مراد" عن
    الحكم، ثم جلوسه، للمرة الثانية، بصورتين اثنتين: فبموجب إحدى الروايات،
    شارك السلطان "مراد" في معركة "فارنا"، لا بصفة السلطان؛ وإنما بصفته
    قائداً عاماً، ممثلاً لابنه الجالس على سدة الحكم، في "أدرنة". فانتصر في
    الحرب، فعُلم، في أثناء عودته من فارنا إلى "أدرنة"، أن له ميلاً في الحكم،
    فقام السلطان "محمد الثاني" بتقديم اقتراح إلى والده بالعودة إلى الحكم؛
    وذلك بتلقين من الوزير الأعظم، "خليل باشا جاندارلي". وترجى منه كل أركان
    الدولة، ومال إليه الجنود، وبعد تردد طويل، قبل "مراد الثاني" العودة إلى
    تولي الحكم، من جديد، فأرسل ابنه، "محمداً الثاني" إلى "مغنيسيا"، على
    الفور. إلا أن "محمداً الثاني"، الذي توهم من كلام الوزير الأعظم، "خليل
    باشا"، أن والده لن يقبل العودة إلى الحكم ـ لم يسر بتلك النتيجة، ولم يكن
    ينتظرها؛ بل إنه قال للقاضي عسكر الشهير "ملا خسرو"، الذي رافقه إلى
    "مغنيسيا" مشتكياً من "خليل باشا": كيف خدعني هذا الرجل! فطيب "الملا خسرو"
    خاطره. إلا أن هذه الحيلة من "خليل باشا" توطنت في نفس "محمد الفاتح"،
    فأبغضه حتى النهاية؛ بل إن هذا البغض والضغينة على "الباشا" كان لهما تأثير
    في مصيره.
    أما الرواية الثانية، الواردة في المصادر العثمانية، فهي
    مختلفة عن الرواية الأولى؛ فبناءً على هذه الرواية الثانية، فإن "مراداً
    الثاني" غادر "مغنيسيا"، وجاء إلى "أدرنة"، فجلس، للمرة الثانية، وذهب إلى
    معركة "فارنا"، بصفته سلطاناً، ورجع منها كذلك. إلا أنه تخلى عن عرضه،
    للمرة الثانية، وذهب إلى "مغنيسيا". وبتلك الصورة، وبناءً على انتصار
    "فارنا"، جلس "محمد الثاني" على سدة الحكم، للمرة الثانية. إلا أنه بعد مضي
    فترة من الوقت، ونظراً إلى الحريق الكبير، الذي نشب في "أدرنة"، قام
    الإنكشارية بتمرد، بحجة نقص وزن الآقجة العثمانية، التي ضربت في الفترة
    الأولى من حكم "محمد الثاني"، طالبين رفع وزن الآقجة. فمنحوا نصف الآقجة
    زيادة، وتم تسكين هياجهم. إلا أن الوزير الأعظم، "خليل جاندارلي"، الذي
    تيقن أن هذه الأزمة، لا يمكن أن تستمر على هذا النحو، وغيره من الوزراء،
    أرسلوا دعوة سرية إلى السلطان "مراد الثاني" للحضور. فقام "مراد الثاني"،
    بناءً على ذلك، بالانتقال، على وجه السرعة، إلى "كلي بولي" متوجهاً إلى
    "أدرنة". ودخل المدينة، بعد أن أُسقط ابنه، "محمد الثاني" من السلطة؛ فجلس
    على سدة الحكم، للمرة الثالثة. وأرسل "محمد الثاني" إلى "مغنيسيا"، من
    جديد، مع "صاروجا باشا"، الذي عين مربياً له. ويروى أن "زاغانوس باشا"،
    الذي كان مؤيداً للسلطان الصغير، أحيل إلى التقاعد، وأرسل إلى "باليكسير".
    ولما علم "محمد الثاني" دور الوزير الأعظم، "خليل باشا جاندارلي" فيما بعد،
    عقد عقدة عليه في قلبه بصورة دائمة.
    فإذا كان هذا الشرح الأخير
    صحيحاً، فإن "مراداً الثاني" وابنه، "محمداً الثاني"، لم يجلسا مرتين،
    وإنما جلس كل منهما ثلاث مرات على سدة الحكم. وهذا يعني أن الروايتين
    متفقتان على وجود نزاع ومنافسة، بين الأب والابن، في الحكم.
    ويبدو أن كل تلك الروايات الغريبة، والأوضاع المختلطة، لا يمكن توضيحها بدقة، إلا إذا وجدت وثائق جديدة في المسألة.


    --------------------------------------------------------------------------------
    850هـ/1446م


    حملة "مراد الثاني" على "المورة"، وفرض الخراج عليها

    مات
    أمير "المورة"، "تيودورس الثاني" في عام 847هـ/1443م، وحل محله أخو
    الإمبراطور البيزنطي، "يؤانس الثامن"، "كوستانتينوس دراغاسيس" و"توماس
    بالأولوغوس". والحقيقة أن هذين الأميرين، كانا مديرين لقسم من "المورة" من
    السابق. فبناءً على وفاة "تيودورس الثاني"، بقيت الأراضي البيزنطية في هذه
    المنطقة، بيد الأميرين المذكورين. وكان "كوستانتينوس"، الذي يطلق عليه
    "دراغاسيس"، أصبح، فيما بعد، خلفاً للإمبراطور البيزنطي، "يؤانس الثامن"،
    وهو الإمبراطور الأخير للإمبراطورية البيزنطية، الذي انهزم أمام السلطان
    "محمد الفاتح". وقد رقي كرسي الإمبراطورية البيزنطية بعد سنتين، لما مات
    "يؤانس الثامن".
    وكان السبب، الذي أدى بالسلطان "مراد الثاني" إلى
    القيام بالحملة على "المورة"، قيام أمير "المورة" "كوستانتينوس" بالاستيلاء
    على المدن المورية، التي كانت للعثمانيين، مستفيداً من الحروب البلقانية.
    ولم يكتف بذلك، بل استمر في التوجه إلى شمال اليونان، حيث استولى على بعض
    الأماكن في "تساليا". بل تذكر رواية، أنه تجاوز الحدود إلى درجة أنه قام
    بمطالبة السلطان "مراد الثاني"، بالتخلي عن الأراضي الواقعة في شمال برزخ
    "كورنتوس".
    ويوجد في برزخ "كورنتوس" سد كبير، على امتداده، بغية منع
    الأتراك من القيام بالاستيلاء على "المورة"، وذلك منذ عهد الإمبراطور
    البيزنطي، "مانوئيل الثاني". وهذا السد، الذي سماه البيزنطيون
    بـ"أكسامليون"، والأتراك بـ"كرمة حصار"، كان قد استحكم بالعديد من الأبراج
    المنيعة، كما حفر على أطرافه خندق عميق. وتقع بلدة "كورنتوس"، التي سماها
    الأتراك "كوردوس"، خلف هذا السد. وبناءً على اسم المدينة واسم السد، أطلق
    الأتراك على هذا "كرمة حصار"، "سد كوردوس". غير أن تلك الاستحكامات
    الكبيرة، قد تم هدمها من لدن الأتراك، بعد ثماني سنوات من بنائه. ولقد قام،
    هذه المرة، أميرا "المورة" الأخوان بتجديد السد وتعميره؛ بغية الدفاع عن
    "المورة" ضد الاستيلاء التركي. فبناءً على هذا الوضع، قام "مراد الثاني"
    بالحملة على "المورة".
    في هذه الفترة، لم تكن كل "المورة" بيد الأمراء
    البيزنطيين؛ فعلى الرغم من قيام هذين الأخوين باسترداد المدن المورية، التي
    كانت تحت إدارة اللاتين، فإن "كورون" و"مودن"، الواقعتين في الجنوب، ما
    زالتا في حكم المستعمرات البندقية. بل يذكر أن البنادقة، طلبوا منهما ترك
    مدينة "كرمة حصار" لهم؛ بغية القيام بالدفاع عنها ضد الأتراك، على وجه أحسن
    من دفاعهما عنها. ومن جهة أخرى، فقد طلب أمير "أتينا"، الفلورانسي "نري"،
    الذي تعرض لتهديد أميرَيْ "المورة"، حماية الدولة العثمانية، ودخل تحت
    تبعيتها.
    ولقد فتح "مراد الثاني"، تحت ضغط نيران المدفعية، ثقوباً في
    سور "كرمة حصار"، فاستولى على بلدة "كورندوس/كوردس"، أولاً، ثم استولى على
    "المورة"، من أقصاها إلى أقصاها. ولقد تم الحصول على الأسرى، إلى درجة "أن
    الجارية الجميلة، كانت تباع بمائة آقجة". وتم استرداد مدينة "باتراس"، التي
    سماها الأتراك "باليابادرة"، ووضعت عليها قطع من المحافظين.
    ولما تردت
    الأوضاع على هذا النحو، لم يجد أمير "المورة"، "كوستانتينوس بالأولوغوس"،
    ملاذاً من اللجوء إلى "مراد الثاني"، حيث أمن على كيانه، من خلال الموافقة
    على الشروط، التي فرضت عليه، ومنها هدم الأماكن السليمة من سد "كرمة حصار"،
    وقبول الحكم العثماني، ودفع خراج سنوي إلى الخزينة العثمانية.


    -----------------------------------------------------------------------------------
    [size=24]851هـ/1447م


    تمرد "إسكندر بك" في ألبانيا، ووضع الحصار الأول على "كرويا/آقجة حصار"
    إن
    مدينة "كرويا /كروجا"، التي سماها الأتراك "آقجة حصار"، كانت مركزاً
    وقاعدة أساسية لأمير "ألبانيا"، الذي اشتهر، في المصادر الغربية، باسم
    "سكاندربرج"، نظراً إلى الحروب، التي خاضها ضد العثمانيين، في عهدي "مراد
    الثاني" و"محمد الثاني" (الفاتح). وهذا الأمير الألباني، الذي سماه الألبان
    بـ"سكاندربكا"، ينتسب إلى أسرة "كاستريو"، التي كانت تحكم شمالي ألبانيا.
    واسمه الحقيقي "جورجس كاستريوت". وهو ابن "جيون كاستريوت"، أمير "ميرديتا"،
    الواقعة في شمالي "ألبانيا". وفي حملة على "ألبانيا"، قبل أربع وعشرين
    سنة، قبل "جيون كاستريوت" الحكم العثماني، واضطر إلى ترك أربعة من أولاده
    رهائن لدى العثمانيين، وذلك بموجب رواية؛ أو أنه ترك أصغر أولاده "جورج
    كاستريوت"، بموجب رواية أخرى. وهذا الأمير، الذي ربي، منذ ذلك الوقت، في
    القصر العثماني، يروى أنه اهتدى إلى الإسلام، وأخذ اسم "إسكندر بك"، بعده
    اسماً إسلامياً. وقد استخدم في الجيش التركي سنوات عديدة، بل إنه أصبح
    قائداً لبعض القطاعات العسكرية.
    ولما مات والد "إسكندر بك"، "جيون
    كاستريوت"، لم تمنح إمارة "ميرديتا"، التي كانت تحت الحكم العثماني لابنه،
    "إسكندر"؛ وإنما ألحقت مباشرة بالدولة، بعد أن تم الاستيلاء عليها. فيروى
    أن "إسكندر بك"، تأثر بهذا التصرف، وقام بالتمرد في وجه الدولة.
    يشار
    إلى أن هروب "إسكندر بك"، من الجيش العثماني، وتوجهه إلى "ألبانيا"، كان في
    الفترة، التي تجري فيها معركة "إزلادي"، عام 847هـ/1443م.
    وبناءً على
    إحدى الروايات، فإنه بعد مرور أسبوع واحد على تلك المعركة، التي وقعت في
    يوم الأحد، 10 رجب، الموافق 3 نوفمبر 1443هرب "إسكندر بك" من الجيش
    العثماني، مستفيداً من خضم الأوضاع، التي أعقبت تلك الهزيمة.
    ومع ذلك،
    فهناك رواية أخرى، تفيد أنه هرب قبل المعركة بفترة وجيزة، أي يوم الإثنين، 4
    رجب، الموافق لـ 28 أكتوبر. بل يذكر أنه لما هرب، هدد رئيس الكتاب، أو
    صاحب طغراء "مراد الثاني"، بالخنجر، وأخذ منه مرسوماً مزوراً بتسليم "آقجة
    حصار" إليه؛ ثم قام بقتل الرجل، الذي كتب له المرسوم، وتوجه إلى البلد.
    وبناءً على هذه الرواية الغريبة، ذهب، "إسكندر بك"، مع ابن أخيه، "حمزة
    بك"، إلى "ألبانيا الشرقية"، وأبرز الوثيقة المزورة لمحافظ القلعة، حيث
    تمكن من التوطن في "آقجة حصار". ثم قام بقتل كل الأتراك فيها، وجمع حوله
    أمراء "ألبانيا"، وارتد عن الإسلام إلى النصرانية، من جديد؛ وترك اسمه
    السابق "إسكندر بك"، وأخذ اسمه القديم "جورجس كاستريوت". وبتلك الصورة،
    أصبح قائد الحركة الوطنية الألبانية.
    حتى ينجح "إسكندر بك" في محاولته،
    استند، أولاً، إلى البنادقة، حيث قام بجمع ممثلي الأسر الألبانية، في
    كنيسة "سنت نيكولاس" في بلدة "لش/آلسيو"، التي كانت تحت إدارة البنادقة،
    وذلك في يوم الأحد، 11 من ذي القعدة 847هـ، الموافق للأول من مارس 1444م.
    وعلى الرغم من أنه أقنعهم بانتخابه قائداً عاماً، فإنه لم يستطع إقناع كل
    الألبان بقيادته. وعلى سبيل المثال، فإن أسرة "دوكاكين"، لم تعترف به
    قائداً عاماً أبداً. وعلى الرغم من ذلك، فإن الذين تمكن من جمعهم حوله،
    ضمنوا له القيام بالتمرد، حيث التقى "علي بك بن أفرنوس" في أول معركة له ضد
    القوات التركية، في يوم الإثنين، 12 ربيع الأول 848هـ، الموافق لـ 29
    يونيه 1444م في قرية "تورفيوللي"، بجوار مدينة "دبرة"، وخاض فيها أهم معركة
    له. ومع أنه خسر في هذه المعركة نحو أربعة آلاف مقاتل، فإنه نجا من الموت؛
    وعد الألبان هذه النجاة انتصاراً.
    قد بدأت الحملة، التي قام بها "مراد
    الثاني" على "ألبانيا"، بسبب ذلك التمرد المستمر، حيث تم استرداد بعض
    المواقع والاستيلاء عليها. وعلى الرغم من ضرب الحصار على قلعة "آقجة حصار"،
    فإنه لم يتم الاستيلاء عليها، بسبب منعة استحكاماتها. ونظراً إلى عدم
    التمكن من القبض على "إسكندر بك"، الذي فر إلى الجبال، فقد استمرت المشكلة
    الألبانية لمدة خمس وعشرين سنة، وذلك في عهدي "مراد الثاني" و"محمد
    الفاتح". وبموجب الروايات العثمانية، فإن "آقجة حصار"، استسلمت بعد مرور
    شهرين على الحصار، نظراً إلى نفاد المياه.
    يذكر مختلف الروايات، أن
    "إسكندر بك" هذا، هو من السلافيين، سواء من جهة الأب أو من جهة الأم. وكان
    الموقع الأصلي لأسرة "كاستريوت" هو "ماتيا". وهذه الأسرة، لم تتمكن من
    مدينة "آقجة حصار/كرويا"، إلا من خلال المرسوم المزور. ولذلك، فإن إشارة
    بعض المصادر إلى أن قيام "إسكندر بك" بالاستيلاء على "آقجة حصار"، بالحيلة،
    في يوم الأربعاء، 20 رجب، الموافق لـ12 نوفمبر، إنما كان استرداداً لملك
    آبائه ـ غير صحيحة. وهناك أسطورة أخرى، شبيهة بتلك؛ تفيد أن ممثلي الأسر
    الألبانية، الذين اجتمعوا في بلدة "لش/آلسيو"، أعلنوا "إسكندر بك" ملكاً
    على "ألبانيا". والحقيقة أن "إسكندر بك"، لم يصبح ملكاً، في وقت من
    الأوقات. إلا أنه لقب بالقائد العام الألباني ضد الأتراك.


    ميلاد الأمير بايزيد بن "محمد الثاني"
    لأمير
    "بايزيد" هذا، هو، الذي رقي العرش العثماني، بعد والده "محمد الثاني"
    (الفاتح)؛ وهو والد السلطان "سليم"؛ الملقب بـ"الياوز". ويذكر أيضاً أن
    ميلاده كان في عام 856هـ/1452م، أو في عام 857هـ/1453م.
    بموجب إحدى
    الروايات، فإن اسم أمه، هو "جول بهار خاتون". إلا أن هناك رواية أقوى منها،
    تفيد أن أم "بايزيد الثاني"، هي أميرة من بني "دولقادر"، اسمها "مكرمة
    خاتون". إلا أن تاريخ زواج والده هذه الأميرة، كان يصادف عام 853هـ/1449م؛
    وإذا كانت هذه الرواية الثانية صحيحة، فينبغي أن يكون "بايزيد الثاني" قد
    ولد في إحدى السنتين المذكورتين. واحتمال تصحيح هذا التاريخ وارد، من خلال
    السجلات الوقفية الثابتة.

    ----------------------------------------------------------------------------------------------------


    852هـ/1448م

    معركة "كوسوفا" الثانية


    أراد
    البطل الوطني المجري، "يانكو هونياد" الاستفادة من المشكلة الألبانية،
    بغية الانتقام للضربة الموجعة، التي أصابته في معركة "فارنا". وقد تولدت
    معركة "كوسوفا" الثانية من رغبة المجر في الانتقام. وفي هذه المرة، طلب
    "يانكو هونياد" المساعدة من الأوروبيين، ووفق في تشكيل قوة، تشكلت من
    الألمان والإيطاليين والمجر والتشيكيين والرومانيين. ويذكر أن عدداً من
    الألبان أيضاً، كانوا موجودين في هذا التشكيل. بل يشار إلى أن الفارس
    الألباني الشهير "إسكندر"، تعهد بالالتحاق بالجيش، على رأس قوة. إلا أن
    الحركة السريعة، التي قام بها الجيش التركي، لم تمنح أي فرصة لتحقيق ذلك.
    ونظراً إلى وفاء الملك الصربي، "برانكوفيج"، والإمبراطور البيزنطي، "يؤانس
    الثامن" بما عاهدا عليه "مراداً الثاني"، فإن في هذه المرة، العساكر الروم
    والصرب، لم يشتركوا في معركة "كوسوفا" الثانية. وكانت معركة "كوسوفا"
    الأولى، قد وقعت في عهد "مراد الأول".
    تذكر بعض المصادر الغربية، أن
    عدد أفراد الجيش التركي، في معركة "كوسوفا" الثانية هذه، كان مائة وخمسين
    ألفاً؛ في الوقت، الذي كان فيه عدد الجيش الصليبي، بين 24 و25 ألف نسمة.
    ولقد تأكد عدم صحة هذه الأرقام، من خلال الأبحاث الأخيرة؛ إذ إن الحقيقة أن
    عدد جيوش الطرفين، كانت بحدود الخمسين ألفاً.
    لقد أرسل حاكم دولة "قره مان" في هذه المعركة، قوات مساندة للعثمانيين؛ على الرغم من أن "مراداً الثاني"، لم يطلبها.
    بما أن الملك المجري، في تلك الفترة، كان صغيراً، فقد قاد "يانكو هونياد" الحرب بصفته نائباً عن الملك.
    كان
    الجيش المجري، الذي تقدم إلى الأمام، بعد أن اجتاز نهر "طونا"، بدأ
    بالاستيلاء على "صربيا"، التي كانت تحت الحماية العثمانية. وكان هذا الجيش،
    يود أن يتحد مع القوات، التي يأتى بها "إسكندر بك"، بغية الاستيلاء على
    "مقدونية".
    بما أن "مراداً الثاني"، قد أخبر بهذه السياسة، في حينها،
    فقد تقدم إلى الأمام، حتى صحراء "كوسوفا"، فالتقى العدو. وبناءً على هذا
    الوضع، فإن "يانكو هونياد"، لم ينتظر مجيء قوات "إسكندر بك"، واضطر إلى خوض
    الحرب.
    لقد استمرت معركة "كوسوفا" ثلاثة أيام. وقد مر اليوم الأول،
    الذي يصادف يوم الخميس، 18 شعبان، الموافق لـ17 أكتوبر من هذه السنة، ببعض
    المصادمات. أما في اليوم الثاني، الجمعة، 19 شعبان، الموافق لـ 18 أكتوبر،
    فقد وقعت معركة كبيرة، لاذ، على إثرها، الرومانيون والمجر بالفرار، في حالة
    بائسة. بل يذكر أن "يانكو هونياد"، لم يجد أمامه، في تلك الليلة، سوى
    الهروب؛ للنجاة بروحه من موت محقق. وفي اليوم الثالث، الذي يوافق السبت، 20
    شعبان، الموافق لـ19 أكتوبر، تم تدمير القوات الألمانية، التي كانت تستند
    إلى المدافع، وتم الحصول على العديد من الأسرى.
    يذكر أن فاتح
    "إستانبول" المستقبلي، "محمد الثاني"، شارك والده في هذه المعركة. وبما أن
    المؤرخ الشهير، "عاشق باشا زاده"، قد شارك في المعركة، فإنه يذكر أنه قتل
    أحد الكفار بيده.
    بما أن "يانكو هونياد" قد هرب، مع بعض أتباعه، في هذه
    المعركة، وأنقذ روحه، كما كان أمره في معركة "فارنا" ـ فقد أفل نجمه
    الساطع تماماً، بل إنه اتهم بالخيانة أيضاً.
    ابو محمد
    ابو محمد
    مشرف الحضاره والتاريخ
    مشرف الحضاره والتاريخ


    عدد المساهمات : 1008
    تاريخ التسجيل : 15/11/2010
    العمر : 58

    سيرة السلطان العثماني مراد الثاني Empty رد: سيرة السلطان العثماني مراد الثاني

    مُساهمة من طرف ابو محمد السبت يناير 01, 2011 10:57 pm

    853هـ/1449م
    حفلة عرس "محمد الثاني"، في "أدرنة"

    لقد
    تزوج فاتح "إستانبول" المستقبلي، "محمد الثاني"، "الست مكرمة خاتون"، ابنة
    حاكم "دولقادر"، "سليمان بك". ويذكر أن العرس الحافل، الذي أقيم له،
    استمر ثلاثة أشهر؛ حيث جرى في هذه الفترة العديد من الأفراح، اشترك فيها الأهالي والعساكر.
    ويوجد اختلاف في تاريخ هذه الحفلة؛ وقد قيل إنها كان في عام 850هـ/1446م؛ وقيل في عام 854هـ/1450م.
    وهذا
    العرس الحافل، استمر من يوم الإثنين، 27 رجب، الموافق لـ 15 سبتمبر من هذه
    السنة، لثلاثة أشهر، حيث انتهى في يوم الإثنين، 29 شوال، الموافق لـ15
    ديسمبر. ورجع بعدها "محمد الثاني" من "أدرنة" إلى مركز ولايته، "مغنيسيا".
    وبناءً على أقوى الروايات، فإن محمداً الثاني، الذي ولد في عام 835هـ/1432م، كان له من العمر، في تلك الفترة، سبعة عشر عاماً.
    وبتلك
    الصورة، فقد أسس العثمانيون قرابة سياسية مع بني "دولقادر"، وللمرة
    الثانية، ضد بني "قره مان" و"آق قيونليلر". وأول من تزوج من هذه الأسرة، من
    سلاطين الدولة العثمانية، هو "محمد الأول". ويذكر أنه تزوج "أمينة خاتون"،
    ابنة حاكم "دولقادر"، "سُلي بك"؛ وأن "مراداً الثاني"، كان قد ولد من هذا
    الزواج. وبناءً على هذا الوضع، فإن "محمداً الثاني" تزوج ابنة من أسرة
    جدته.
    وأم "بايزيد الثاني"، هي هذه، "مكرمة"، أو "مكرمة خاتون". وعلى
    الرغم من أن هذه الرواية، تستند إلى بعض النصوص الوقفية، فإن التأليف بينها
    وبين هذا التاريخ غير ممكن؛ لأنه بناءً على أقوى الروايات، فإن "بايزيد
    الثاني"، ولد قبل هذا التاريخ بسنتين، أي في عام 851هـ/1447م. وعلى الرغم
    من أن والدته، هي "مكرمة خاتون"، فيبدو أن التاريخ، الذي أشير إلى أنه
    تاريخ زواج "محمد
    الثاني" (الفاتح)، وهو عام 850هـ/1446م ـ ينبغي أن يكون صحيحاً؛ ثم أن يكون تاريخ 853هـ/1449م، الذي روي بوجه أقوى، خاطئاً.
    وبموجب رواية أخرى، فإن والدة "بايزيد الثاني"، ليست هي "مكرّمة" أو "مكرمة خاتون"؛ وإنما هي "جول بهار خاتون".
    -------------------------------------------------------------------------------------------
    فتوحات "ألبانيا" :

    في
    الوقت، الذي كان يقوم فيه القائد الألباني، "جورج كاستريوت/إسكندر بك"،
    بالمقاومة ضد الأتراك، كان يعمل اتحاداً مع البنادقة ضد الأتراك أيضاً. بل
    إنه بذلك التصرف، كان يدخل في وضع كأنه موظف مرتزق لدى البنادقة. فعلى سبيل
    المثال، كان، بموجب معاهدة، عقدها في يوم الجمعة، 5 شعبان 852هـ، الموافق
    لـ 4 أكتوبر 1448م، مع البنادقة، خصص هو وورثته البنين، في السنة، بـ1400
    دوقة ذهباً، وإضافة إلى أنه ترك المدينة، مقابل هذا المبلغ الزهيد،
    للبنادقة، فقد تعهد للمتملكين، أنه لن يقوم بهجوم عليهم أبداً. وهذا يعني
    أن حملة "مراد الثاني" على "ألبانيا"، كانت ضرورة فرضتها الظروف. ولقد تم
    في هذه الحملة الاستيلاء على مدينتي "دبرة" و"سفتيجراد"؛ كما تم الحصول على
    بعض الأسرى؛ إلا أنه لم يتم القبض على "إسكندر"، بسبب وجوده في الجبال.
    -----------------------------------------------------------
    548هـ/1450م

    الحملة
    الأخيرة لـ"مراد الثاني"، والحصار الثاني لـ"كروفا/آقجه حصار" وبما أن عام
    853هـ/1449م، يذكر أيضاً تاريخاً لهذه الحملة، فإن فتوحات "ألبانيا"،
    الواردة في الفقرة السابقة، قد تكون هذه الحملة استمراراً لها.
    والمصادر، الشرقية والغربية، تخلط بينهما.
    ويذكر أن عدد أفراد الجيش العثماني، في هذه الحملة، هو مائة ألف رجل، أو مائتا ألف؛ ولكن المؤكد وجود مبالغة كبيرة في هذه الأرقام.

    وبما
    أن الرواية الواردة، تفيد أن حصار "كرويا/آقجة حصار"، قد استمر خمسة أشهر،
    ثم رفع في شهر شوال، الموافق لشهر نوفمبر، فإنه ينبغي أن يكون بدؤها في
    شهر جمادى الآخرة، الموافق لشهر يوليه.
    ويذكر أنه بالإضافة إلى
    المحاصَرين، كان الألمان والفرنسيون والإنجليز والصرب، يدافعون عن القلعة.
    وكانت ثلاثون مدفعاً استخدمت في القلعة، بإدارة فرنسية. وهذا الموقع
    الصربي، المستحكم، الذي اتخذه العاصي "إسكندر بك"، أو بالأحرى "جورجس
    كاستريوت"، مركزاً للمقاومة ـ كان يقوم، في تلك الفترة، بوظيفة إزعاج الجيش
    التركي، من خلال حرب العصابات، من الخارج. وكان يوجد على محافظة القلعة
    الكونت "أورانا".
    ويذكر أن ولي العهد، "محمداً الثاني"، كان موجوداً أيضاً في حصار "آقجة حصار" مع والده "مراد الثاني".
    والسبب
    الذي أدى رفع الحصار عن القلعة، التي تقع على تلة مرتفعة، قبل فتحها، بعد
    أن تم ضربها بالمدافع، التي تزن قذيفتها قنطارين، ولمدة خمسة أشهر متواصلة
    ـ كان وصول الأنباء، التي تفيد باستعدادات القوات المجرية، للقيام بهجوم
    جديد على الجيش العثماني. ولذلك، فإن حملة "مراد الثاني" الأخيرة على
    "ألبانيا"، قد انتهت بفتح "برات".
    وقد ذكرت بعض المصادر الغربية، أن السلطان "مراداً الثاني"، قد مات في هذا الحصار؛ إلا أن ذلك غير صحيح.


    ==============================================

    855هـ/1451م
    وفاة "مراد الثاني"
    لقد توفي السلطان "مراد الثاني" في "أدرنة".

    والروايات،
    التي تورد نبأ وفاته، مختلفة؛ فبناءً على إحدى الروايات، فإنه في أثناء
    تجوله في جزيرة "كرشيجي"، الواقعة على نهر "مريج"، وفي عودته منها راكباً
    فرسه، أخذ البرد، فمرض.
    وبموجب رواية أقوى منها، أنه توفي إثر إصابته بمرض النزلة. ويروى أن والده، "محمداً الأول"، مات أيضاً بهذا المرض.

    وإن
    كان هناك اتفاق في سنة الوفاة بشكل عام، فإن هناك اختلافاً في تاريخ اليوم
    والشهر. فبموجب المصادر العثمانية، توفي في أول أربعاء من شهر المحرم،
    وذلك بعد أن وقع طريح الفراش، لمدة ثلاثة أيام، حيث مات في اليوم الثالث؛
    وأول يوم من المحرم، يصادف يوم الأربعاء، الثالث من شهر فبراير، والثالث
    من المحرم، يوافق يوم الجمعة، الخامس من شهر فبراير. ويذكر في بعض المصادر
    الغربية يوم الثلاثاء، 7 المحرم، الموافق لـ 9 فبراير؛ إلا أنه بالنظر إلى
    الكتابة الموجودة على قبره، في "بورصا"؛ وهي لرواية الصحيحة، فإن الوفاة
    حصلت الأربعاء، الأول من المحرم، الموافق لـ3 فبراير في وقت الضحى، أي ما
    بين الساعتين 10 و11 صباحاً.
    وبناءً على ميلاد السلطان "مراد"، بموجب
    أقوى الروايات، في عام 806هـ/1403-1404م، فإنه لما توفي، كان له من العمر
    47-48 سنة. وأمه هي "أمينة خاتون"، ابنة حاكم "دولقادر"، "سُلي بك".

    وقد حكم السلطان "مراد الثاني"، في الفترة الأولى من سلطته، ثلاثاً وعشرين سنة، من عام 824هـ/1421م، وحتى عام 848هـ/1444م.
    أما الفترة الثانية، فقد كانت ست سنوات، من عام 849هـ/1445م، وحتى عام
    855هـ/1451م؛ وبذلك حكم الدولة العثمانية، بمجموعهما، تسعاً وعشرين سنة.
    ويذكر
    أن السلطان "مراداً"، قد سجل وصيته، قبل وفاته. وذكر فيها، أن خلفه في
    الحكم، هو "محمد الثاني"؛ وأنه عين الوزير الأعظم، "خليل باشا جاندارلي"
    وصياً عليه؛ وأنه أبرز هذه الوثيقة لوزرائه، على فراش الموت، حتى يكونوا
    شهداء عليها. بل يذكر أنه وصى بأن فتح "إستانبول"، هو أهم أساس، ينبغي
    العمل على تحقيقه.
    ويعد هذا السلطان أول من أرسل "الصرة" إلى أهالي
    الحرمين الشريفين، حيث أصبح ذلك سياسة إسلامية متبعة لديه؛ حتى يكسب
    مرضاتهم. وعلى الرغم من ذلك، فهناك رواية تفيد، أن تنظيم "الصرة"، بدأ في
    عهد سلفه "محمد الأول".
    ومن ضمن أهم الآثار العمرانية، التي قام ببنائها السلطان "مراد الثاني":1-الجامع الموجود في "أدرنة" بثلاث شرفات
    2-جسر "أركنة".

    ويعد السلطان "مراد" مهماً أيضاً، من حيث تاريخ التتريك؛ إذ
    إنه أمر بكتابة وترجمة العديد من المؤلفات باللغة التركية، ووضع شعراء
    الأتراك وعلماءهم تحت حمايته. وبذلك، أصبح باكورة لحركة الثقافة الوطنية،
    التي قال عنها المستشرقون: أولى الحركة الأدبية التركية.


    وكان من أهم المؤلفات التركية، التي كتبت بأمر السلطان "مراد الثاني":
    1- كتاب "تواريخ آل سلجوق"، الذي يحوي تقاليد قبيلة "أوغوز" (الغز)، لمؤلفه "علي أفندي يازيجي أغلو"،
    2- كتاب "دانشمند نامه"، الذي يتناول فتح الأناضول، في القرن الحادي عشر الميلادي، لمؤلفه "ملا عارف علي"؛
    3-كتاب "حسرو وشرين"، لمؤلفه "شيخي"؛
    4-كتاب "قابوس نامه"، لمؤلفه "مرجمك أحمد"؛
    والسلطان
    "مراد الثاني" مؤيد للغة التركية الواضحة؛ إذ إن كتاب "قابوس نامه"، الذي
    ترجمه "مرجمك أحمد" من اللغة الفارسية، وجد مترجمه أن السلطان لم يرض
    بالترجمة، التي قام بها شخص غيره، وأنه لما حضر مجلس السلطان، في "كلي
    بولي" في أحد الأيام، قال له:ـ ترجمه شخص، إلا أنه ليس ولي روشن.
    ثم قال، بعد ذلك:ـ لو كان هناك أحد، وقام بترجمة واضحة.
    واستجابة للسلطان قام ( مرجمك أحمد) بترجمة جديدة للكتاب باللغة التركية.


    5- كتاب "المحمدية"، الذي يعد كتاباً نادراً، من حيث الأدب الديني، لمؤلفه "محمد أفندي يازيجي أغلو".



    والسلطان "مراد الثاني"، هو أول من قام بضرب المسكوكات العثمانية، التي تحوي "أن أتراك الأوغوز (الغز) هم من فخذ قايي".
    والحقيقة
    أن الحديث عن ارتباط النسب العثماني، أول مرة، بنسل "قايي خان"، يبدأ في
    هذا العهد؛ بل إن إضافة أسماء، مثل: "أوغوز" و"قورقود"، إلى التاريخ التركي
    ما قبل الميلاد ـ كانت امتداداً لحركة التتريك، التي شكلها "مراد الثاني".
    وبناءً على رأي "بول ويتك"، فإن "مراداً الثاني"، أخذ هذه الآراء القومية
    في شبابه، لما كان والياً على منطقة "آماسيا"؛ فمنذ عهد الدانشمنديين، كانت
    هذه المنطقة محافظة على التقاليد والعادات التركية، حيث أصبحت أهم عامل في
    قيام الدولة العثمانية، بعد تجميع أوصالها بالروح الوطنية، التي منحتها
    للسلطان "محمد جلبي الأول"، بعد كارثة "أنقرة". ثم لقنت ابنه، "مراداً
    الثاني" شعوراً وطنياً قوياً، بحيث يقوم بفتح تيار التتريك.

    ويبدو
    أن السلطان "مراداً الثاني"، يعد وجهاً مهماً، ومشرقاً، وله مكانته العالية
    في تاريخ القومية التركية. ولذلك، فإن هذا الموضوع يحتاج إلى بحث وتمحيص.

    ويعد "مراد الثاني" هو أول شاعر من بين السلاطين العثمانيين.

    ولما
    توفي السلطان "مراد الثاني"، أخفي نبأ موته 12-13 يوماً؛ أو بموجب رواية
    أخرى، 16 يوماً، إلى حين وصول ابنه، "محمد الثاني" من "مغنيسيا" إلى
    "أدرنة".

    ثم نقلت جثته إلى "بورصا"؛ والسلطان "مراد الثاني" هو آخر السلاطين العثمانيين المدفونين في "بورصا".


    والسلطان "مراد الثاني"، هو ثاني سلطان عثماني، يخفى نبأ موته، بعد السلطان "محمد الأول".

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 08, 2024 1:52 am