حين حاز جائزة الدولة التقديرية
قبل سنوات, تبرع بثلاثة أضعاف قيمتها لطلاب العمارة بجامعة القاهرة,
واكتفي بالمعني الأدبي للجائزة.
<="" div="" border="0">
لكنه هذه المرة يعتبر نفسه محظوظا حين جاءت إليه جائزة النيل باسمها
الأصلي, وآية سعادته أنها اعتراف من الدولة والمثقفين بأن العمارة أم
الفنون, حيث تنطوي علي كافة الفنون.
ولأنها جاءت بعد ستة عقود متصلة من التدريس بجامعة القاهرة, وعدد هائل من
التصميمات التي وضع فيها أفكارا معمارية, جعلته يشعر أن البنايات تقتبس من
مشاعر مصممها, كما تحتفظ المساكن بأنفاس قاطنيها.
فالبنايات عنده ليست موادا صلبة, يصممها المهندسون بحياد, ويراكمها
البناؤون وفق الرسم وحسب, بل تصبح جزءا من روح المكان ترتفع فيه, إذا
توافقت مع محيطها بذوق, وباحترام لخصوصية البشر, والشكل, واللون, والعلو,
والدور الاجتماعي, ما يمنح علي العمارة فيضا إنسانيا.
فإذا وقع النقيض. فإن المسخ التجاري الفج للبنايات يفشي قبحا تنقبض له
الصدور, وتتأذي منه الأبصار, ويثقل وجدان الناظرين بإحباط خفي.
علي رأفت أحد البنائين الكبار الذين أدركوا مبكرا أن الغني ليس السبيل
الوحيد لإقامة عمارة سليمة حضاريا, ويؤمن بالمقابل أن مساكن الفقراء يمكنها
ضم البساطة والجمال بقلبها, وبكلفة زهيدة, وأن الحفاظ علي آدمية الناس
ممكن.
>> من أبرز ما قدمته الحضارة المصرية القديمة للإنسانية فنون
العمارة, في المعابد والقصور والبيوت والمقابر, أي أننا أصحاب أول بصمة
معمارية في التاريخ, فلماذا وصل بنا الحال إلي هذا الوضع العشوائي المقبض
معماريا؟
< الحضارة المصرية القديمة أصل العمارة الكلاسيكية, كل العمارات
القديمة نبعت من حضارتنا المصرية القديمة, مثل اليونانية والرومانية
والآشورية والبابلية والفينيقية والفلسطينية, وأخذت رموز العمارة المصرية
وطبقتها وطورتها قليلا, واستمرت هذه الحالة إلي عصر النهضة والباروك, وإلي
اليوم في العمارة المعاصرة في القرنين التاسع عشر والعشرين, رجعوا إلي
العمارة المصرية فيما بعد في فرنسا بعد الحملة الفرنسية فيما سمي
بالمصريات( الإجبتلوجي), وأيضا في أوقات بعث العمارات القديمة في القرنين
التاسع عشر والعشرين. والعمارة في عمومها انعكاس للمفهوم الحاكم الذي يتكون
من العقيدة والإيدلوجيا والثقافة والتكنولوجيا, وترتبط به سلبا واجابا,
تنهض مع نهوض ثقافة المجتمع, وتهبط معها, وأي تجمد ينعكس بالضرورة علي
العمارة, وما حدث عندنا هو هبوط مستوي أركان العمارة, المعماري والمطور
والسلطة والمتلقي, والتعليم هبط بسبب التنسيق ودخول الجامعة بالمجموع,
والمطور المعماري انحاز للاتجاه التجاري, وتذبذب القوانين أضعف السلطة,
والمتلقي لا يمتلك ذائقة سليمة, فالمتلقي متيسر الحال ينظر إلي المعمار
الغربي كتعبير عن الغني والسطوة والثقافة, ويري العمارة المحلية دليلا علي
التأخر والفقر, أما المتلقي الفقير فيقبل كل ما يعرض عليه بطيبته المعهودة
ومن دون أي اعتراض علي يعطي له, لأن كل ما يطمع فيه أربعة حوائط وسقف, مع
أننا يمكن أن نعطيه هذا كله مع الذوق.
>> البيئة عامل حاسم في العمارة, فالموقع, ودرجة الحرارة, واتجاه
الريح, وسطوع الشمس, وحتي غيوم الشتاء يمكن أن تؤثر في تصميم مبني, والراحل
الكبيرس س تصميماته, فلماذا أهملنا مدرسته المعمارية, وسلمنا أنفسنا
للعوامل التجارية في البناء؟
<يمكننا أخذ دروس كثيرة من عمارة أجدادنا في القرنين التاسع عشر
والعشرين, العمارة التي لم تعتمد علي تكييف الهواء, بل اعتمدت علي المنطق
السليم في معالجة المناخ, وتمتعوا بجو صحي, مهواة صيفا, دافئة شتاء, بعمل
الأحواش الداخلية والحوائط السميكة وملاقف الهواء والشوارع الضيقة المظللة
للمشاة فقط, بجوار الشوارع الواسعة للعربات مما يضاعف حركة الهواء من مناطق
الضغط العالي الباردة في الشوارع الضيقة, إلي مناطق الضغط المنخفض الساخنة
في الشوارع الواسعة, ولا ننسي المناطق المحببة لاجتماعات جداتنا الممتدة
مع جاراتهن علي مداخل الشقق وأبيار السلالم حيث تنخفض الحرارة لأكثر من عشر
درجات عن الجو الخارجي, وكل هذا تركناه واتجهنا إلي الزجاج والألوميتال
والحوائط الرقيقة والتكييف المركزي, وإن كان هذا لايمنع استخدام التكييف
بعد استيفاء شروط التكييف الطبيعي لتخفيض الأحمال الكهربائية؟
>> ما كل هذه الفوضي في الطرز, والواجهات, والألوان, والتنافر بين البناء والمكان, هل ثمة سبيل لتدارك هذا الخلل؟
<الألوان في العمارة كانت موحدة في السابق, وكانت باللون البيج أو
البني الفاتح أو الرماديات, وهي من ألوان الحجارة, وفي بعض الأحيان كانت
تعمل علي فكرة البناء الأبلق الذي انتقل من العمارة الإسلامية إلي العمارة
القوطية في مباني بيزا وفلورنس في إيطاليا, واسبانيا وغيرهما, واستخدام
الألوان بدأ نهاية القرن التاسع عشر بحيطة وحذر في عمارة الملكة فكتوريا,
وعصر الباروك الفرنسي, ثم منعت الألوان في العمارة المعاصرة واقتصرت علي
الألوان الأساسية الأحمر والأزرق والأخضر علي أن يكون هناك لون غالب,
وألوان مساعدة, ولون متناقض, ولهذا أصول وقواعد, واستخدم الكمبيوتر مؤخرا
للتحكم في درجة اللون ونوعه للوصول إلي التوافق الذي لم يراع في التلوين
خاصة بعد ازدياد امكانات التلوين الحديث, مما أدي لتقبيح العمارة في مصر,
فكل من لديه بلكونة يلونها كما يريد من دون مراعاة للمحيط البيئي كما يظهر
بوضوح عندنا في الطريق الدائري والمحور, وللأسف جهاز التنسيق الحضاري لا
يمتلك القدرة اللازمة, ونرجو أن يتم تفعيل قانون البناء الموحد, لإنهاء هذه
المشكلة الحضارية.
>> لماذا تبدو مساكن الفقراء في بلادنا وكأنها عقوبة لسكانها, أليست
هناك إمكانية حقيقية للمزاوجة بين البساطة والجمال في حدها الأدني حرصا
علي آدمية الناس؟
< ليست هناك مساكن للفقراء, ولا يمكن أن نسمي العشوائيات مساكن, لأن
المسكن هو المكان الذي يحميك من كافة المخاطر, ويوفر لك سبل الراحة, وعوامل
الأمان, وهذا أقل ما يمكن توافره في المسكن, وهذا غير موجود للأسف في
الأحياء العشوائية, ويجب أن تتضافر جميع الجهود لتوفير ذلك الأمان
الاجتماعي والاقتصادي, وهو الهدف الأول لللثورة, ولقد تعجبت للآراء التي
تقول إننا يجب أن نبتعد عن الشقق مساحة70 مترا وغيرها, وكأن الحل في
المساحة والأرقام, فإذا اقتصرنا علي هذا فلن نصل إلا إلي حلول مظهرية لا
واقعية, والاسكان مشكلة اقتصادية لأن الانسان لا يمكن أن ينفق أكثر من ربع
دخله علي السكن, وإذا كان متوسط دخل الفرد في مصر مثلا1000 جنيه فلن
تكون250 جنيها كافية للصرف علي وحدة سكنية في الشهر, ولا يجوز الاعتماد علي
القروض ولا المعونات لحل المشكلة, فالحل يجب أن يكون علميا واجتماعيا,
وأول سبيل لذلك هو استغلال المساحات بشكل أمثل, بزيادة السعة في أضيق
المساحات, بمبدأ تعدد الاستعمالات داخل الوحدات السكنية, والقواطيع
المتحركة والأركان, وتحويل الأرائك إلي أسرة, واستخدام الأسرة ذات الدورين,
وما إلي ذلك من حسن استغلال المساحات الضيقة قليلة الكلفة, علي أن نراعي
الجوانب الجمالية قدر الإمكان لنجعل الحياة محتملة.
>> حتي المباني العامة زمان كان لها طابعا رصينا, مثل الوزارات,
ودارالقضاء العالي, والمتاحف, لكنها الآن تعاني انحدارا معماريا, فلماذا
لايكون عندنا طرز محترمة يتم الإلتزام بها ؟
المسألة ليست في الطرز, بل مشكلة الطاقة المعمارية التي تأتي من الاهتمام
المهني والفني والفكري المعماري, فمهما كان الطراز وتتوافر فيه مواصفات
التوافق في الارتفاع والألوان والمواد فسيكون المبني رصينا ووقورا, وفيه
متعة فنية, وأيضا أن يتوائم التصميم من ناحية المواد واللون والعلاقات
الشكلية والفراغية مع الغرض من إقامة المبني فلن يكون هناك تعارض بين مبني
معاصر أوقديم, لكن للأسف المجهود المبذول في المباني المعاصرة لا يمنحها
الطاقة المعمارية, فتبدو مبان هشة وغير متناسقة ولا تعبر عن دورها
الاجتماعي, وتكون النتيجة المنطقية هي التشوه المعماري الذي نراه حولنا.
* حتي البيوت في الريف والمناطق البدوية أصبحت مسخا شائها من بيوت المدينة القبيحة, فما علاج هذه الفوضي بتقديرك ؟
بيوت الريف أصبحت تقلد بيوت المدينة القبيحة, بل أصبحت أكثر قبحا, وفقدت
طابعها الريفي الجميل, لكني أعتبر منظر القري المصرية بوضعها الحالي أجمل
وأمتع من مباني الضواحي العشوائية في القاهرة, التي تظهر من دون تشطيب
عارية, بالطوب الحمر والخرسانة كما يظهر في المباني المحيطة بالطريق
الدائري, وهي حالة تحتاج لتدخل المعماريين والفنانين التشكيليين لإخفاء هذا
القبح, وتحويلها إلي أعمال فنية متنوعة ومتناقضة, وسبق أن قدمت الهند
تجربة ناجحة في هذا السياق, وأحالت الأحياء الفقيرة إلي مساحات للتعبير
الفني الطريف والمتناقض والفريد, بعمل نقاط صارخة للفت النظر تشكل بقية
التفاصيل خلفية لها, وأتمني أن نفعل مثلهم يوما ما لنتخفف من ضغط القبح
المعماري علي أرواحنا.
قبل سنوات, تبرع بثلاثة أضعاف قيمتها لطلاب العمارة بجامعة القاهرة,
واكتفي بالمعني الأدبي للجائزة.
<="" div="" border="0">
لكنه هذه المرة يعتبر نفسه محظوظا حين جاءت إليه جائزة النيل باسمها
الأصلي, وآية سعادته أنها اعتراف من الدولة والمثقفين بأن العمارة أم
الفنون, حيث تنطوي علي كافة الفنون.
ولأنها جاءت بعد ستة عقود متصلة من التدريس بجامعة القاهرة, وعدد هائل من
التصميمات التي وضع فيها أفكارا معمارية, جعلته يشعر أن البنايات تقتبس من
مشاعر مصممها, كما تحتفظ المساكن بأنفاس قاطنيها.
فالبنايات عنده ليست موادا صلبة, يصممها المهندسون بحياد, ويراكمها
البناؤون وفق الرسم وحسب, بل تصبح جزءا من روح المكان ترتفع فيه, إذا
توافقت مع محيطها بذوق, وباحترام لخصوصية البشر, والشكل, واللون, والعلو,
والدور الاجتماعي, ما يمنح علي العمارة فيضا إنسانيا.
فإذا وقع النقيض. فإن المسخ التجاري الفج للبنايات يفشي قبحا تنقبض له
الصدور, وتتأذي منه الأبصار, ويثقل وجدان الناظرين بإحباط خفي.
علي رأفت أحد البنائين الكبار الذين أدركوا مبكرا أن الغني ليس السبيل
الوحيد لإقامة عمارة سليمة حضاريا, ويؤمن بالمقابل أن مساكن الفقراء يمكنها
ضم البساطة والجمال بقلبها, وبكلفة زهيدة, وأن الحفاظ علي آدمية الناس
ممكن.
>> من أبرز ما قدمته الحضارة المصرية القديمة للإنسانية فنون
العمارة, في المعابد والقصور والبيوت والمقابر, أي أننا أصحاب أول بصمة
معمارية في التاريخ, فلماذا وصل بنا الحال إلي هذا الوضع العشوائي المقبض
معماريا؟
< الحضارة المصرية القديمة أصل العمارة الكلاسيكية, كل العمارات
القديمة نبعت من حضارتنا المصرية القديمة, مثل اليونانية والرومانية
والآشورية والبابلية والفينيقية والفلسطينية, وأخذت رموز العمارة المصرية
وطبقتها وطورتها قليلا, واستمرت هذه الحالة إلي عصر النهضة والباروك, وإلي
اليوم في العمارة المعاصرة في القرنين التاسع عشر والعشرين, رجعوا إلي
العمارة المصرية فيما بعد في فرنسا بعد الحملة الفرنسية فيما سمي
بالمصريات( الإجبتلوجي), وأيضا في أوقات بعث العمارات القديمة في القرنين
التاسع عشر والعشرين. والعمارة في عمومها انعكاس للمفهوم الحاكم الذي يتكون
من العقيدة والإيدلوجيا والثقافة والتكنولوجيا, وترتبط به سلبا واجابا,
تنهض مع نهوض ثقافة المجتمع, وتهبط معها, وأي تجمد ينعكس بالضرورة علي
العمارة, وما حدث عندنا هو هبوط مستوي أركان العمارة, المعماري والمطور
والسلطة والمتلقي, والتعليم هبط بسبب التنسيق ودخول الجامعة بالمجموع,
والمطور المعماري انحاز للاتجاه التجاري, وتذبذب القوانين أضعف السلطة,
والمتلقي لا يمتلك ذائقة سليمة, فالمتلقي متيسر الحال ينظر إلي المعمار
الغربي كتعبير عن الغني والسطوة والثقافة, ويري العمارة المحلية دليلا علي
التأخر والفقر, أما المتلقي الفقير فيقبل كل ما يعرض عليه بطيبته المعهودة
ومن دون أي اعتراض علي يعطي له, لأن كل ما يطمع فيه أربعة حوائط وسقف, مع
أننا يمكن أن نعطيه هذا كله مع الذوق.
>> البيئة عامل حاسم في العمارة, فالموقع, ودرجة الحرارة, واتجاه
الريح, وسطوع الشمس, وحتي غيوم الشتاء يمكن أن تؤثر في تصميم مبني, والراحل
الكبيرس س تصميماته, فلماذا أهملنا مدرسته المعمارية, وسلمنا أنفسنا
للعوامل التجارية في البناء؟
<يمكننا أخذ دروس كثيرة من عمارة أجدادنا في القرنين التاسع عشر
والعشرين, العمارة التي لم تعتمد علي تكييف الهواء, بل اعتمدت علي المنطق
السليم في معالجة المناخ, وتمتعوا بجو صحي, مهواة صيفا, دافئة شتاء, بعمل
الأحواش الداخلية والحوائط السميكة وملاقف الهواء والشوارع الضيقة المظللة
للمشاة فقط, بجوار الشوارع الواسعة للعربات مما يضاعف حركة الهواء من مناطق
الضغط العالي الباردة في الشوارع الضيقة, إلي مناطق الضغط المنخفض الساخنة
في الشوارع الواسعة, ولا ننسي المناطق المحببة لاجتماعات جداتنا الممتدة
مع جاراتهن علي مداخل الشقق وأبيار السلالم حيث تنخفض الحرارة لأكثر من عشر
درجات عن الجو الخارجي, وكل هذا تركناه واتجهنا إلي الزجاج والألوميتال
والحوائط الرقيقة والتكييف المركزي, وإن كان هذا لايمنع استخدام التكييف
بعد استيفاء شروط التكييف الطبيعي لتخفيض الأحمال الكهربائية؟
>> ما كل هذه الفوضي في الطرز, والواجهات, والألوان, والتنافر بين البناء والمكان, هل ثمة سبيل لتدارك هذا الخلل؟
<الألوان في العمارة كانت موحدة في السابق, وكانت باللون البيج أو
البني الفاتح أو الرماديات, وهي من ألوان الحجارة, وفي بعض الأحيان كانت
تعمل علي فكرة البناء الأبلق الذي انتقل من العمارة الإسلامية إلي العمارة
القوطية في مباني بيزا وفلورنس في إيطاليا, واسبانيا وغيرهما, واستخدام
الألوان بدأ نهاية القرن التاسع عشر بحيطة وحذر في عمارة الملكة فكتوريا,
وعصر الباروك الفرنسي, ثم منعت الألوان في العمارة المعاصرة واقتصرت علي
الألوان الأساسية الأحمر والأزرق والأخضر علي أن يكون هناك لون غالب,
وألوان مساعدة, ولون متناقض, ولهذا أصول وقواعد, واستخدم الكمبيوتر مؤخرا
للتحكم في درجة اللون ونوعه للوصول إلي التوافق الذي لم يراع في التلوين
خاصة بعد ازدياد امكانات التلوين الحديث, مما أدي لتقبيح العمارة في مصر,
فكل من لديه بلكونة يلونها كما يريد من دون مراعاة للمحيط البيئي كما يظهر
بوضوح عندنا في الطريق الدائري والمحور, وللأسف جهاز التنسيق الحضاري لا
يمتلك القدرة اللازمة, ونرجو أن يتم تفعيل قانون البناء الموحد, لإنهاء هذه
المشكلة الحضارية.
>> لماذا تبدو مساكن الفقراء في بلادنا وكأنها عقوبة لسكانها, أليست
هناك إمكانية حقيقية للمزاوجة بين البساطة والجمال في حدها الأدني حرصا
علي آدمية الناس؟
< ليست هناك مساكن للفقراء, ولا يمكن أن نسمي العشوائيات مساكن, لأن
المسكن هو المكان الذي يحميك من كافة المخاطر, ويوفر لك سبل الراحة, وعوامل
الأمان, وهذا أقل ما يمكن توافره في المسكن, وهذا غير موجود للأسف في
الأحياء العشوائية, ويجب أن تتضافر جميع الجهود لتوفير ذلك الأمان
الاجتماعي والاقتصادي, وهو الهدف الأول لللثورة, ولقد تعجبت للآراء التي
تقول إننا يجب أن نبتعد عن الشقق مساحة70 مترا وغيرها, وكأن الحل في
المساحة والأرقام, فإذا اقتصرنا علي هذا فلن نصل إلا إلي حلول مظهرية لا
واقعية, والاسكان مشكلة اقتصادية لأن الانسان لا يمكن أن ينفق أكثر من ربع
دخله علي السكن, وإذا كان متوسط دخل الفرد في مصر مثلا1000 جنيه فلن
تكون250 جنيها كافية للصرف علي وحدة سكنية في الشهر, ولا يجوز الاعتماد علي
القروض ولا المعونات لحل المشكلة, فالحل يجب أن يكون علميا واجتماعيا,
وأول سبيل لذلك هو استغلال المساحات بشكل أمثل, بزيادة السعة في أضيق
المساحات, بمبدأ تعدد الاستعمالات داخل الوحدات السكنية, والقواطيع
المتحركة والأركان, وتحويل الأرائك إلي أسرة, واستخدام الأسرة ذات الدورين,
وما إلي ذلك من حسن استغلال المساحات الضيقة قليلة الكلفة, علي أن نراعي
الجوانب الجمالية قدر الإمكان لنجعل الحياة محتملة.
>> حتي المباني العامة زمان كان لها طابعا رصينا, مثل الوزارات,
ودارالقضاء العالي, والمتاحف, لكنها الآن تعاني انحدارا معماريا, فلماذا
لايكون عندنا طرز محترمة يتم الإلتزام بها ؟
المسألة ليست في الطرز, بل مشكلة الطاقة المعمارية التي تأتي من الاهتمام
المهني والفني والفكري المعماري, فمهما كان الطراز وتتوافر فيه مواصفات
التوافق في الارتفاع والألوان والمواد فسيكون المبني رصينا ووقورا, وفيه
متعة فنية, وأيضا أن يتوائم التصميم من ناحية المواد واللون والعلاقات
الشكلية والفراغية مع الغرض من إقامة المبني فلن يكون هناك تعارض بين مبني
معاصر أوقديم, لكن للأسف المجهود المبذول في المباني المعاصرة لا يمنحها
الطاقة المعمارية, فتبدو مبان هشة وغير متناسقة ولا تعبر عن دورها
الاجتماعي, وتكون النتيجة المنطقية هي التشوه المعماري الذي نراه حولنا.
* حتي البيوت في الريف والمناطق البدوية أصبحت مسخا شائها من بيوت المدينة القبيحة, فما علاج هذه الفوضي بتقديرك ؟
بيوت الريف أصبحت تقلد بيوت المدينة القبيحة, بل أصبحت أكثر قبحا, وفقدت
طابعها الريفي الجميل, لكني أعتبر منظر القري المصرية بوضعها الحالي أجمل
وأمتع من مباني الضواحي العشوائية في القاهرة, التي تظهر من دون تشطيب
عارية, بالطوب الحمر والخرسانة كما يظهر في المباني المحيطة بالطريق
الدائري, وهي حالة تحتاج لتدخل المعماريين والفنانين التشكيليين لإخفاء هذا
القبح, وتحويلها إلي أعمال فنية متنوعة ومتناقضة, وسبق أن قدمت الهند
تجربة ناجحة في هذا السياق, وأحالت الأحياء الفقيرة إلي مساحات للتعبير
الفني الطريف والمتناقض والفريد, بعمل نقاط صارخة للفت النظر تشكل بقية
التفاصيل خلفية لها, وأتمني أن نفعل مثلهم يوما ما لنتخفف من ضغط القبح
المعماري علي أرواحنا.
السبت يوليو 27, 2019 4:19 am من طرف طلعت شرموخ
» كنوز الفراعنه
السبت مايو 18, 2019 1:00 am من طرف طلعت شرموخ
» الثقب الاسود
السبت أبريل 13, 2019 1:22 am من طرف طلعت شرموخ
» طفل بطل
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:15 am من طرف طلعت شرموخ
» دكتور زاكي الدين احمد حسين
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:12 am من طرف طلعت شرموخ
» البطل عبدالرؤوف عمران
الإثنين أبريل 01, 2019 9:17 pm من طرف طلعت شرموخ
» نماذج مشرفه من الجيش المصري
الإثنين أبريل 01, 2019 9:12 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» دجاجة القاضي
الخميس فبراير 28, 2019 5:34 am من طرف طلعت شرموخ
» اخلاق رسول الله
الأربعاء فبراير 27, 2019 1:50 pm من طرف طلعت شرموخ
» يوم العبور في يوم اللا عبور
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:59 pm من طرف طلعت شرموخ
» من اروع ما قرات عن السجود
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:31 pm من طرف طلعت شرموخ
» قصه وعبره
الأربعاء فبراير 20, 2019 11:12 am من طرف طلعت شرموخ
» كيف تصنع شعب غبي
الخميس فبراير 14, 2019 12:55 pm من طرف طلعت شرموخ