الثورة المصرية تلهم الانتفاضة العالمية ضد الرأسمالية المتوحشة
وسط
الانتفاضة العالمية ضد الرأسمالية المتوحشة والممارسات المنفلتة التى أفضت
للأزمة المالية التى مازالت تضرب العالم- يحق لكل مصرى أن يفخر بثورته
التى ألهمت هذه الانتفاضة الكثير من شعاراتها ومطالبها.
وعلى غرار الربيع العربى وفى القلب منه ثورة يناير الشعبية
المصرية-تسعى جماهير الانتفاضة العالمية الحالية فى العديد من مدن الغرب
لإحداث تغيير جذرى وبشكل سلمى لمنح وجه أكثر إنسانية وبراءة للرأسمالية
وتطهيرها من الجموح اللاأخلاقى الذى تسبب فى وصفها بأنها باتت "متوحشة
ومنفلتة من اى ضوابط أخلاقية أو حتى قانونية".
ووسط حالة الفوضى المالية العالمية والأزمات الاقتصادية المتوالية فى
عديد الدول- يسعى المفكرون والخبراء فى تخصصات عديدة لاتقتصر على الاقتصاد
لمحاولة الوصول لجذور الأزمة وأصل العلة على أمل علاجها فيما يتبلور تيار
جديد يرفض تشخيص أسباب الأزمة بما عرف بانفجار الفقاعة العقارية الأمريكية
ومشكلة التسليف والاقتراض فى عامى 2007 و2008.
وهكذا تدور الآن رحى معركة جديدة بين انصار الفكر التقليدى والمتحمسين
للفكر الجديد حول تشخيص العلة التى أدت لحالة الفوضى المالية العالمية.
وكانت الاحتجاجات ضد الأوضاع الاقتصادية السيئة وتوحش الرأسمالية قد
امتدت امس "الأحد" الى 951 مدينة فى 82 دولة فيما اعتقلت الشرطة الأمريكية
اكثر من 70 شخصا بنيويورك من المشاركين فى المظاهرات الحاشدة المناهضة
للممارسات المصرفية الجشعة والتى تجرى تحت شعار "احتلوا وول ستريت".
وبدأت حملة "احتلوا وول ستريت" منذ نحو شهر لتمتد من الولايات المتحدة
الى العديد من الدول الأوروبية ومن بينها بريطانيا وايطاليا والمانيا فضلا
عن استراليا وحتى جنوب افريقيا فيما ترتكز الحملة على شعارات اقامة العدل
وتوفير الوظائف والحد من البطالة وظاهرة التفاوت الكبير فى الأجور.
والملاحظ أن أغلب هذه المظاهرات تتركز عند الرموز العزيزة للرأسمالية
مثل البورصات وأسواق المال والمصارف الكبرى والتى تتحمل بممارساتها الجشعة
الكثير من المسئولية عن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية والتى بدأت
تصل الى مايسمى بدول الاقتصاديات الصاعدة.
وفى كتاب "مخاطرة طائشة:كيف ادت الطموحات المغالى فيها والجشع والفساد
للخراب الاقتصادى؟"- يقول المؤلفان جريتشين مورجينسون وجوشوا روزنر إن جذور
الأزمة ترجع إلى النصف الأول من العقد الأخير فى القرن الماضي عندما شجعت
إدارة الرئيس الأمريكى بيل كلينتون المنتمين للشرائح المتوسطة والمحدودة
الدخل على الاقتراض.
ويعتبر المؤلفان فى كتابهما الجديد أن إدارة كلينتون مسئولة عما يمكن
وصفه بثقافة استسهال الاقتراض التى أفضت بأمريكا فى القرن الحادى والعشرين
للدخول فى أسوأ دوامة اقتصادية منذ سنوات الكساد العظيم فى عشرينيات
وثلاثينيات القرن العشرين.
غير أن المحللين جيف مادريك وفرانك بارتونى يعتبران أن سلوكيات اقطاب
بورصة وول ستريت والمصارف الكبرى فى نيويورك، حيث اقترن الفساد بالجشع
والانفلات من أى ضوابط فى ظل ثقافة السوق والرأسمالية المتوحشة هى المسئولة
عن الكارثة، وليست إدارة كلينتون بنواياها الحسنة حيال الفئات المحدودة
الدخل فى الولايات المتحدة.
وأشار مادريك وبارتونى فى سياق دراسة جديدة حول الأزمة المالية
الأمريكية وضرباتها الارتدادية وتوابعها فى العالم إلى أن اساطين البورصة
والبنوك الكبرى، لم يكترثوا حتى بالحد الأدنى من الضوابط التى وضعها
المشرعون فى الكونجرس كممثلين للشعب الأمريكى معتبرين أن الوقت قد حان
لتفعيل وتعزيز الهيئات والوكالات الرقابية للتصدى لجموح الرأسمالية
المتوحشة.
ولفتا إلى العلاقة بين أساطين الرأسمالية المنفلتة والمتوحشة وأطراف
نافذة فى الحياة السياسية عبر التبرعات المالية والهبات والدعم المباشر
وغير المباشر للقوى التى تعبر عنها هذه الأطراف النافذة فيما لم يخل كتاب
"مخاطرة متهورة" من ذكر حالات حصل فيها بعض الساسة على تسهيلات عقارية من
مصارف وشركات تعمل بمنطق رأسمالى متوحش وبممارسات مريبة.
ولعل أكثر الأسئلة التى يثيرها هذا الكتاب الجديد خطورة هو سبب عدم
محاكمة بعض الشخصيات فى عالم وول ستريت والتى تتواتر الأدلة والقرائن حول
تورطها فى ممارسات مشبوهة أدت للأزمة المالية الأمريكية التى انتقلت لبقية
العالم.
ويبدو أن هذا السؤال حاضر فى اذهان ومطالب المشاركين فى المظاهرات
الحاشدة تحت شعار "احتلوا وول ستريت" فيما لا يخفى المتظاهرون فى نيويورك
وبقية المدن الكبرى فى الغرب تأثرهم بمبادىء وشعارات ومطالب جماهير الربيع
العربى وفى القلب منها الثورة الشعبية المصرية التى اسقطت تحالف الفساد
والاستبداد.
ونوه الدكتور حازم الببلاوى نائب رئيس الوزراء ووزير المالية فى سياق
حوار مع جريدة الأهرام نشرته اليوم الاثنين بأن الموقف الحالى بالغ الخطورة
والأهمية "فمصر دخلت بعد الثورة الى منحنى هائل وتغير نوعى ممكن ان يدفعها
دفعات كبيرة للتقدم الاقتصادى والسياسى والاجتماعى والثقافى" مؤكدا على
أنها مهيأة منذ سنوات لتكون من الدول الرائدة.
ورأى الدكتور حازم الببلاوى ان الاقتصاد المصرى بخير وسيتعافى قريبا
وأعرب عن تفاؤله بالمستقبل موضحا أن المشكلة الرئيسية الآن تتمثل فى نقص
السيولة فى ظل تراجع واضح فى إيرادات الدولة والاستثمارات الأجنبية
المباشرة.
وأضاف الببلاوى أن الأزمات المالية التى يعانى منها العالم حاليا لن
تؤثر مباشرة على مصر وإنما سنعانى منها بصورة غير مباشرة وذلك لعدم قدرة
حكومات الدول الكبرى على مساعدتنا بصورة مباشرة حيث لا توجد لديها موارد
كافية بسبب متاعبها الاقتصادية الداخلية.
وأشار إلى أن تصوراته حول الحد الأقصى للأجور واضحة وتقوم على مبدأين
هما الشفافية والافصاح ووضع علاقة مباشرة بين الحدين الأقصى والأدنى للأجور
فى الجهات الحكومية المختلفة بحيث لايزيد الحد الأقصى فى اى جهة حكومية عن
36 ضعف الحد الأدنى المطبق فى هذه الجهة، فيما من المنتظر البدء فى تطبيق
هذه القواعد الجديدة اعتبارا من بداية العام المقبل.
وفى مقاربة مغايرة للعلاقة بين الثقافة والسياسة والاقتصاد- رأى المفكر
الاقتصادى المصرى والعالمى البارز سمير أمين فى كتابه "ثورة مصر" أن ثورة
يناير تشكل انطلاقة موجة مد جديدة فى التاريخ المصرى معتبرًا أن حركة
التاريخ كأمواج المد والجزر مابين ارتفاع المد الوطنى للمطالبة بالاستقلال
والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وموجات الجزر التى تتراجع فيها هذه
التوجهات.
واعتبر سمير أمين أن الثورة الشعبية المصرية لم تكن بعيدة عن ازمة
الرأسمالية العالمية وتداعياتها مؤكدًا على أهمية صياغة برنامج اقتصادى
جديد كبديل لما كان سائدا من فساد واندماج سلبى فى المنظومة العالمية، كما
نوه بأهمية انفتاح مصر على التجارب التنموية فى بعض دول آسيا وأمريكا
اللاتينية وخصص فى كتابه الجديد حيزا وافيا لدراسة تجارب الدول الصاعدة
والبلدان البازغة.
ويبدو أن تأثير الثورة المصرية وانعكاساتها على الانتفاضة العالمية
المناوئة للرأسمالية المتوحشة وممارسات الجموح والانفلات بذريعة حرية
السوق، ستكون موضع كتب ودراسات وتحليلات متعمقة على مستوى العالم.
فهاهى الثورة المصرية تبشر بربيع عالمى بعد الربيع العربى ويستلهم شباب
الانتفاضة العالمية ضد الرأسمالية المتوحشة والمنفلتة حلمها النبيل فى
مضمون حقيقى للحرية والعدالة..انها مصر التى علمت الانسانية فى المبتدأ ولن
تتخلى عن دورها.
وفيما بلغت مصر بثورتها لحظة الحقيقة فاتحة افقا جديدا للحرية والعدالة
فى عالم تفترسه أزمات متعددة فإن شعبها العظيم يدرك بفطرته النقية أن
رهانات النهضة وإقامة دولة الحرية والعدالة والفعل الجذرى فى المعادلات
الدولية تتوقف على وحدته وتماسكه المجتمعى، وهو قادر بثقافته الأصيلة وحسه
الحضارى على التمييز بسهولة بين الثورة والفوضى.
السبت يوليو 27, 2019 4:19 am من طرف طلعت شرموخ
» كنوز الفراعنه
السبت مايو 18, 2019 1:00 am من طرف طلعت شرموخ
» الثقب الاسود
السبت أبريل 13, 2019 1:22 am من طرف طلعت شرموخ
» طفل بطل
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:15 am من طرف طلعت شرموخ
» دكتور زاكي الدين احمد حسين
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:12 am من طرف طلعت شرموخ
» البطل عبدالرؤوف عمران
الإثنين أبريل 01, 2019 9:17 pm من طرف طلعت شرموخ
» نماذج مشرفه من الجيش المصري
الإثنين أبريل 01, 2019 9:12 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» دجاجة القاضي
الخميس فبراير 28, 2019 5:34 am من طرف طلعت شرموخ
» اخلاق رسول الله
الأربعاء فبراير 27, 2019 1:50 pm من طرف طلعت شرموخ
» يوم العبور في يوم اللا عبور
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:59 pm من طرف طلعت شرموخ
» من اروع ما قرات عن السجود
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:31 pm من طرف طلعت شرموخ
» قصه وعبره
الأربعاء فبراير 20, 2019 11:12 am من طرف طلعت شرموخ
» كيف تصنع شعب غبي
الخميس فبراير 14, 2019 12:55 pm من طرف طلعت شرموخ