جلال الدين أبو الفتح محمد أكبر هو أحد السلاطين المغول الكبار الذين حكموا الهند عاش بين عامي 1556 و 1605، وسّع رقعة بلاده فسيطر على شمال الهند وباكستان ووصل البنغال،
عرف بسياسته المميزة في الحكم، حيث عامل الهنود كمواطني دولة بدل ان
يعاملهم كسكان أراضي مفتوحة. ودخل هو وعائلته في علاقة مصاهرة مع المجموعات
الدينية والإثنية المختلفة في الهند مما وطّد حكمه. كما منع إجبار أحد على
الإسلام، خلفه بعد وفاته عام 1605، ابنه جهانگير. حفيد تيمورلنك من الدرجة السادسة. وثالث السلاطين التيموريين في الهند. مولده بإحدى قلاع السند في أثناء فرار والده «هُمايون» من مغتصب عرشه شيرشاه آل سور الأفغاني. وأمه حميدة بنت علي أكبر جامي. ترك هُمايون ابنه، وهو في عامه الأول مع زوجته في قندهار وتابع فراره إلى إيران. ولم يجتمع بابنه إلا بعد ثلاثة عشر عاماً في كابل، وهو عائد لاسترجاع ملكه. ولما وُفق إلى ذلك عام 962هـ/1555م، جعل ابنه حاكماً على الپنجاب.
ولما توفي همايون نودي بأكبر سلطاناً على الهند وهو في الرابعة عشرة فتولى
الوصاية عليه بيرم خان وزير أبيه. وكانت الأخطار تتهدد الدولة فهناك آل
سور الطامعون باسترجاع نفوذهم، وحكام الأقاليم الطامحون إلى الانفصال،
والأوبئة التي ذهبت بأعداد كبيرة من السكان.
حدود دولة المغول في نهاية عهد أكبر.
المصدر: الموسوعة العربية
[1]
كان راعيًا عظيمًا للمعمار والفن والأدب، وكان بلاطه غنيًا بالثقافة
والثروة المادية. أقنعت شهرته إليزابيث الأولى ملكة إنجلترا بإرسال سفيرها
السير توماس رو إلى المنطقة. وما زال العديد من بنايات أكبر موجودة حتى
اليوم، وتشمل القلعة الحمراء في أَكرا ومدينة فتحبور سيكري التي يحيط بها
سور طوله عشرة كيلو مترات. ورغم أنه كان أميًا لايعرف القراءة والكتابة إلا
أنه جمع آلافًا من المخطوطات، التي تتميز بالخط الجميل والرسومات. أحاط
نفسه بالكتاب والعلماء والموسيقيين والرسامين والمترجمين. ورغم أنه لم يهجر
معتقداته الإسلامية، إلا أنه كان يستمتع بالمناظرات الدينية. وفي نهاية
الأمر كون مذهبًا جديدًا سماه الدين الإلهي وكان يمثل له وحدة كل المعتقدات
الدينية.[2].
الإمبراطورية المغولية في عهد جلال الدين أكبر
ولد في أوماركوت بالسند
وهي الآن إحدى محافظات باكستان. توفي والده الإمبراطور همايون، وكان عمره
آنذاك ثلاثة عشر عامًا. أصبح حاكمًا لأجزاء من شمالي الهند وهو في مقتبل
العمر. كان فخورًا باثنين من أسلافه المشهورين جنكيز خان وتيمورلنك،
وهما من أبطال المغول الفاتحين، دُرِّبَ أكبر كقائد عسكري منذ طفولته،
وعندما بلغ العاشرة من عمره منح القيادة العسكرية الأولى في حياته. وعلى
الرغم من عدم تمتعه بقامة طويلة، إلا أنه كان قويًا وسليم الجسم. وكان يبدو
مثيرًا للإعجاب في ثيابه الفخمة.
يقسم عهد أكبر إلى ثلاثة أدوار: الأول عندما كان تحت وصاية بيرم خان،
وانتهى بعزل هذا الوزير (967هـ/1560م)، متهماً إياه بتعصبه لأنصار الشيعة،
وتعيينهم في مناصب الدولة. والثاني لما وقع أكبر تحت نفوذ نساء القصر
اللائي سعين للتخلص من بيرم خان، وعلى رأسهنّ أم السلطان ومرضعته. والثالث
عندما بدأ السلطان الشاب يمارس سلطانه بنفسه منذ عام 969هـ/1562م.
أدرك أكبر خطر بقاء الدولة ولايات متفرقة، وأن الاستقرار يكون بقيام
حكومة مركزية قوية. وقد مرّت حروبه في سبيل ذلك بثلاثة أطوار: سعى في الطور
الأول للتخلص من أمراء آل سور، فاسترجع منهم دهلي (دلهي) وأگرا. وتوالت الحروب معهم بين عامي 964 - 983هـ/1556 - 1576م، حتى انتزع منهم البنغال في الشرق، وأما في الغرب فقد اقتحم حصون الراجبوت المنيعة 976هـ/1568م وگجرات
(980هـ/1572م). والتفت أكبر في الطور الثاني بين عامي 989 و1003هـ/1581
و1595م، إلى ضمان أمن حدود الدولة الشمالية الغربية، مدخل الغزاة إلى
الهند، فتصدى لثورة أخيه ميرزا حكيم، حاكم كابول، الذي أغار على الپنجاب بتشجيع من الاوزبك (989هـ/1581م) طامعاً في العرش فدخل لاهور، ثم اضطر إلى الانكفاء أمام قوات أكبر وأبنائه، ولكنه حظي بعفو أخيه وأعيد إلى منصبه.[1]
ولما حاول الاوزبك استغلال وفاة ميرزا حكيم (992هـ/1584م) للسيطرة على كابل، هزمتهم قوات السلطان أكبر وأَخضعت المنطقة، وألحق في العام نفسه إقليم اوريسة في أقصى الشرق بالدولة. وفي عام 996هـ/1588م أرسل أكبر جيوشه إلى كشمير، ثم قام بزيارتها عام 999هـ/1591م وأشرف على تنظيم إدارتها. واضطر حاكم السند إلى الخضوع له في العام التالي وتبعه حاكم بلوچستان (1003هـ/1595م)، وفي العام نفسه دخلت قوات أكبر إلى قندهار التابعة للصفويين، بحجة الدفاع عنها أمام الاوزبك، في أثناء انشغال عباس الصفوي بحروبه مع العثمانيين.
تطلع أكبر في الطور الثالث من حروبه بين عامي 1004 و1009هـ/1595 و1601م إلى ضم الدكن،
حيث اشتد النزاع بين إماراتها الإسلامية الخمس فزحف إلى إمارة أحمد نفر
(1004هـ/1595م). وحالت المساعدة التي تلقتها الإمارة من خصومها القدامى دون
نجاحه، ولكن حملة عام 1008 - 1009هـ/1601م مكّنت أكبر من فرض سلطته على
إمارات الدكن، ولم يبق خارجاً عن نفوذه فيها سوى ڤيجايانگر Vijayanagar في أقصى الجنوب، وغولكندة (سواحل الدكن الشرقية) وبيجابور (سواحلها الغربية)، فبلغت سلطنة أكبر أقصى اتساعها وأضحت من أعظم دول عصرها قوة وثراء.
سعى أكبر لدعم الوحدة السياسية للدولة، وإلى توحيد المجتمع، بهدم
الفوارق بين الأجناس والأديان، فقرب إليه زعماء الهندوس، وعهد إلى بعضهم
بمناصب عالية في الإدارة والجيش، وأصهر إليهم هو وولي عهده. واستبدل
بالنظام الإقطاعي القائم آنذاك تقسيمات إدارية عسكرية، مقتبسة من الأساليب
الفارسية والمغولية. واتبع سياسة المساواة الاجتماعية، ومساواة الجميع في
التكاليف المالية، فألغى ضريبة الجزية على الهندوس، وضريبة الحج إلى
أماكنهم المقدسة، وخفف كثيراً من الضرائب القديمة، وأعفى الفلاحين من
ديونهم المتأخرة، وعارض مستشاريه في فرض ضرائب جديدة، ثم ضبط حسابات الدولة
في سجلات دقيقة.
عملات فضية لأكبر، منقوش عليها الشهادة.
تشجيعه للثقافة
أدى شغف أكبر بالمسائل الدينية والفلسفية إلى نشاط الحركة الثقافية.
ويشير معاصروه إلى كثرة عدد العلماء الذين حفل بهم بلاطه، حيث المكتبة التي
ضمت 24000 مخطوط في الآداب والعلوم. وقد امتزجت في هذه الحركة العناصر
الفارسية بالهندية. وترجمت إلى الفارسية الشائعة في الهند ـ وهي لغة
الثقافة ـ مؤلفات من الفارسية والعربية والسنسكريتية. وعاش في عصر أكبر مشاهير المؤرخين، كمحمد قاسم فِرشته صاحب التاريخ المعروف باسمه، وعبد القادر بداوني
مؤلف «منتخب التواريخ». ووضعت له كتب في الهيئة والنجوم والموسيقى. دعا
أكبر البرتغاليين من مراكزهم في سواحل الهند الغربية، لإرسال وفودهم إلى
بلاطه بدعوى تعرف المسيحية، وسمح لهم ببناء الكنائس وبالتبشير. ولما ألحق الگجرات
بدولته، أضحى على اتصال مباشر بهم. فمنعهم من توسيع نفوذهم وأخذ عليهم
المواثيق بعدم التعرض للحجاج في البحر وسعى في أن يستفيد من خبرتهم
العسكرية لقتال أعدائه.
تغلغل الإنجليز
بدأ الإنكليز في أواخر عهد أكبر بالتغلغل في الهند فتأسست شركة الهند الشرقية الإنگليزية
(1009هـ/1600م) وبدأ عملاؤها يتصلون به، للحصول على الامتيازات. واستقبل
في بلاطه أول سفير إنكليزي، وعلى الرغم من انتزاع أكبر قندهار من الصفويين،
فقد ظلت علاقاته ودية معهم، بسبب تهديد الأوزبك لكلتا الدولتين.
شخصيته
بلاط أكبر, رسم من أكبر نامه
جلال الدين أكبر
نشأ أكبر أميّاً بسبب أوضاع والده السياسية وافتراقه عنه، ولكنه كان على
قدر كبير من الذكاء وقوة الملاحظة والذاكرة والتأمل، والرغبة في الإصغاء
إلى العلماء ومناظراتهم. فآمن بحرية الرأي والبحث، واندفع بعد اطلاعه على
المسائل الفلسفية والأفكار الصوفية للوصول إلى الحق المجرد، والتمس ذلك
بالسعي لمعرفة ماعند الديانات الأخرى، فتُرجم له الإنجيل وكتب الديانات
الهندية. وآمن، للوصول إلى هدفه، بضرورة التسامح والابتعاد عن القسر
والإكراه، وأن الأديان جميعها رموز تمثل الأسرار المحيطة بالكون. وكان يمضي
أوقاتاً ينفرد فيها في أحد الكهوف للتأمل والمناجاة. وأسس في عاصمته «فاتحپور» (جنوب غرب أگرا)
دار العبادة (عبادة خانه) (983هـ/1575م) لعقد المناظرات بين ممثلي مختلف
الديانات. وبعد عشرين عاماً من حكمه مسلماً تقياً انتهى الأمر به إلى وضع
دين جديد دعاه «دين إلهي»
كان مزيجاً من الديانات التي في الهند يقوم على الاعتقاد بإله واحد، رمزه
الشمس والنار، وأن السلطان هو ظل الله في الأرض والمجتهد الأكبر. وعلى
أتباع الدين الجديد الامتناع عن أكل اللحوم والبصل والثوم. وجعل يوم الأحد
يوم دخول الناس في هذا الدين، كما وضع تقويماً جديداً يبدأ من تاريخ توليه
العرش. وعلى الرغم من نجاح أكبر في تخفيف التعصب بين رعيته ودفع غالبية
الهندوس إلى الالتفاف حول الدين الجديد، فقد لقي مقاومة شديدة من المسلمين
ومن بعض الهندوس.
كان رأي أكبر في الإسلام أنه يستحق الإحترام لكنه أصبح دين عتيق لا يصلح
لهذا الزمان المزدهر وكذلك الهندوسية ويجب أن يعمل علي دين جديد يناسب
عصره.
كان أكبر حاكماً رحيماً حكيماً, وكان ذا أفكار جديدة, وكان ذا رأي صائب في معرفة الناس.
عرف بسياسته المميزة في الحكم، حيث عامل الهنود كمواطني دولة بدل ان
يعاملهم كسكان أراضي مفتوحة. ودخل هو وعائلته في علاقة مصاهرة مع المجموعات
الدينية والإثنية المختلفة في الهند مما وطّد حكمه. كما منع إجبار أحد على
الإسلام، خلفه بعد وفاته عام 1605، ابنه جهانگير. حفيد تيمورلنك من الدرجة السادسة. وثالث السلاطين التيموريين في الهند. مولده بإحدى قلاع السند في أثناء فرار والده «هُمايون» من مغتصب عرشه شيرشاه آل سور الأفغاني. وأمه حميدة بنت علي أكبر جامي. ترك هُمايون ابنه، وهو في عامه الأول مع زوجته في قندهار وتابع فراره إلى إيران. ولم يجتمع بابنه إلا بعد ثلاثة عشر عاماً في كابل، وهو عائد لاسترجاع ملكه. ولما وُفق إلى ذلك عام 962هـ/1555م، جعل ابنه حاكماً على الپنجاب.
ولما توفي همايون نودي بأكبر سلطاناً على الهند وهو في الرابعة عشرة فتولى
الوصاية عليه بيرم خان وزير أبيه. وكانت الأخطار تتهدد الدولة فهناك آل
سور الطامعون باسترجاع نفوذهم، وحكام الأقاليم الطامحون إلى الانفصال،
والأوبئة التي ذهبت بأعداد كبيرة من السكان.
حدود دولة المغول في نهاية عهد أكبر.
المصدر: الموسوعة العربية
[1]
كان راعيًا عظيمًا للمعمار والفن والأدب، وكان بلاطه غنيًا بالثقافة
والثروة المادية. أقنعت شهرته إليزابيث الأولى ملكة إنجلترا بإرسال سفيرها
السير توماس رو إلى المنطقة. وما زال العديد من بنايات أكبر موجودة حتى
اليوم، وتشمل القلعة الحمراء في أَكرا ومدينة فتحبور سيكري التي يحيط بها
سور طوله عشرة كيلو مترات. ورغم أنه كان أميًا لايعرف القراءة والكتابة إلا
أنه جمع آلافًا من المخطوطات، التي تتميز بالخط الجميل والرسومات. أحاط
نفسه بالكتاب والعلماء والموسيقيين والرسامين والمترجمين. ورغم أنه لم يهجر
معتقداته الإسلامية، إلا أنه كان يستمتع بالمناظرات الدينية. وفي نهاية
الأمر كون مذهبًا جديدًا سماه الدين الإلهي وكان يمثل له وحدة كل المعتقدات
الدينية.[2].
الإمبراطورية المغولية في عهد جلال الدين أكبر
وهي الآن إحدى محافظات باكستان. توفي والده الإمبراطور همايون، وكان عمره
آنذاك ثلاثة عشر عامًا. أصبح حاكمًا لأجزاء من شمالي الهند وهو في مقتبل
العمر. كان فخورًا باثنين من أسلافه المشهورين جنكيز خان وتيمورلنك،
وهما من أبطال المغول الفاتحين، دُرِّبَ أكبر كقائد عسكري منذ طفولته،
وعندما بلغ العاشرة من عمره منح القيادة العسكرية الأولى في حياته. وعلى
الرغم من عدم تمتعه بقامة طويلة، إلا أنه كان قويًا وسليم الجسم. وكان يبدو
مثيرًا للإعجاب في ثيابه الفخمة.
يقسم عهد أكبر إلى ثلاثة أدوار: الأول عندما كان تحت وصاية بيرم خان،
وانتهى بعزل هذا الوزير (967هـ/1560م)، متهماً إياه بتعصبه لأنصار الشيعة،
وتعيينهم في مناصب الدولة. والثاني لما وقع أكبر تحت نفوذ نساء القصر
اللائي سعين للتخلص من بيرم خان، وعلى رأسهنّ أم السلطان ومرضعته. والثالث
عندما بدأ السلطان الشاب يمارس سلطانه بنفسه منذ عام 969هـ/1562م.
أدرك أكبر خطر بقاء الدولة ولايات متفرقة، وأن الاستقرار يكون بقيام
حكومة مركزية قوية. وقد مرّت حروبه في سبيل ذلك بثلاثة أطوار: سعى في الطور
الأول للتخلص من أمراء آل سور، فاسترجع منهم دهلي (دلهي) وأگرا. وتوالت الحروب معهم بين عامي 964 - 983هـ/1556 - 1576م، حتى انتزع منهم البنغال في الشرق، وأما في الغرب فقد اقتحم حصون الراجبوت المنيعة 976هـ/1568م وگجرات
(980هـ/1572م). والتفت أكبر في الطور الثاني بين عامي 989 و1003هـ/1581
و1595م، إلى ضمان أمن حدود الدولة الشمالية الغربية، مدخل الغزاة إلى
الهند، فتصدى لثورة أخيه ميرزا حكيم، حاكم كابول، الذي أغار على الپنجاب بتشجيع من الاوزبك (989هـ/1581م) طامعاً في العرش فدخل لاهور، ثم اضطر إلى الانكفاء أمام قوات أكبر وأبنائه، ولكنه حظي بعفو أخيه وأعيد إلى منصبه.[1]
ولما حاول الاوزبك استغلال وفاة ميرزا حكيم (992هـ/1584م) للسيطرة على كابل، هزمتهم قوات السلطان أكبر وأَخضعت المنطقة، وألحق في العام نفسه إقليم اوريسة في أقصى الشرق بالدولة. وفي عام 996هـ/1588م أرسل أكبر جيوشه إلى كشمير، ثم قام بزيارتها عام 999هـ/1591م وأشرف على تنظيم إدارتها. واضطر حاكم السند إلى الخضوع له في العام التالي وتبعه حاكم بلوچستان (1003هـ/1595م)، وفي العام نفسه دخلت قوات أكبر إلى قندهار التابعة للصفويين، بحجة الدفاع عنها أمام الاوزبك، في أثناء انشغال عباس الصفوي بحروبه مع العثمانيين.
تطلع أكبر في الطور الثالث من حروبه بين عامي 1004 و1009هـ/1595 و1601م إلى ضم الدكن،
حيث اشتد النزاع بين إماراتها الإسلامية الخمس فزحف إلى إمارة أحمد نفر
(1004هـ/1595م). وحالت المساعدة التي تلقتها الإمارة من خصومها القدامى دون
نجاحه، ولكن حملة عام 1008 - 1009هـ/1601م مكّنت أكبر من فرض سلطته على
إمارات الدكن، ولم يبق خارجاً عن نفوذه فيها سوى ڤيجايانگر Vijayanagar في أقصى الجنوب، وغولكندة (سواحل الدكن الشرقية) وبيجابور (سواحلها الغربية)، فبلغت سلطنة أكبر أقصى اتساعها وأضحت من أعظم دول عصرها قوة وثراء.
سعى أكبر لدعم الوحدة السياسية للدولة، وإلى توحيد المجتمع، بهدم
الفوارق بين الأجناس والأديان، فقرب إليه زعماء الهندوس، وعهد إلى بعضهم
بمناصب عالية في الإدارة والجيش، وأصهر إليهم هو وولي عهده. واستبدل
بالنظام الإقطاعي القائم آنذاك تقسيمات إدارية عسكرية، مقتبسة من الأساليب
الفارسية والمغولية. واتبع سياسة المساواة الاجتماعية، ومساواة الجميع في
التكاليف المالية، فألغى ضريبة الجزية على الهندوس، وضريبة الحج إلى
أماكنهم المقدسة، وخفف كثيراً من الضرائب القديمة، وأعفى الفلاحين من
ديونهم المتأخرة، وعارض مستشاريه في فرض ضرائب جديدة، ثم ضبط حسابات الدولة
في سجلات دقيقة.
عملات فضية لأكبر، منقوش عليها الشهادة.
تشجيعه للثقافة
أدى شغف أكبر بالمسائل الدينية والفلسفية إلى نشاط الحركة الثقافية.
ويشير معاصروه إلى كثرة عدد العلماء الذين حفل بهم بلاطه، حيث المكتبة التي
ضمت 24000 مخطوط في الآداب والعلوم. وقد امتزجت في هذه الحركة العناصر
الفارسية بالهندية. وترجمت إلى الفارسية الشائعة في الهند ـ وهي لغة
الثقافة ـ مؤلفات من الفارسية والعربية والسنسكريتية. وعاش في عصر أكبر مشاهير المؤرخين، كمحمد قاسم فِرشته صاحب التاريخ المعروف باسمه، وعبد القادر بداوني
مؤلف «منتخب التواريخ». ووضعت له كتب في الهيئة والنجوم والموسيقى. دعا
أكبر البرتغاليين من مراكزهم في سواحل الهند الغربية، لإرسال وفودهم إلى
بلاطه بدعوى تعرف المسيحية، وسمح لهم ببناء الكنائس وبالتبشير. ولما ألحق الگجرات
بدولته، أضحى على اتصال مباشر بهم. فمنعهم من توسيع نفوذهم وأخذ عليهم
المواثيق بعدم التعرض للحجاج في البحر وسعى في أن يستفيد من خبرتهم
العسكرية لقتال أعدائه.
تغلغل الإنجليز
بدأ الإنكليز في أواخر عهد أكبر بالتغلغل في الهند فتأسست شركة الهند الشرقية الإنگليزية
(1009هـ/1600م) وبدأ عملاؤها يتصلون به، للحصول على الامتيازات. واستقبل
في بلاطه أول سفير إنكليزي، وعلى الرغم من انتزاع أكبر قندهار من الصفويين،
فقد ظلت علاقاته ودية معهم، بسبب تهديد الأوزبك لكلتا الدولتين.
شخصيته
بلاط أكبر, رسم من أكبر نامه
جلال الدين أكبر
نشأ أكبر أميّاً بسبب أوضاع والده السياسية وافتراقه عنه، ولكنه كان على
قدر كبير من الذكاء وقوة الملاحظة والذاكرة والتأمل، والرغبة في الإصغاء
إلى العلماء ومناظراتهم. فآمن بحرية الرأي والبحث، واندفع بعد اطلاعه على
المسائل الفلسفية والأفكار الصوفية للوصول إلى الحق المجرد، والتمس ذلك
بالسعي لمعرفة ماعند الديانات الأخرى، فتُرجم له الإنجيل وكتب الديانات
الهندية. وآمن، للوصول إلى هدفه، بضرورة التسامح والابتعاد عن القسر
والإكراه، وأن الأديان جميعها رموز تمثل الأسرار المحيطة بالكون. وكان يمضي
أوقاتاً ينفرد فيها في أحد الكهوف للتأمل والمناجاة. وأسس في عاصمته «فاتحپور» (جنوب غرب أگرا)
دار العبادة (عبادة خانه) (983هـ/1575م) لعقد المناظرات بين ممثلي مختلف
الديانات. وبعد عشرين عاماً من حكمه مسلماً تقياً انتهى الأمر به إلى وضع
دين جديد دعاه «دين إلهي»
كان مزيجاً من الديانات التي في الهند يقوم على الاعتقاد بإله واحد، رمزه
الشمس والنار، وأن السلطان هو ظل الله في الأرض والمجتهد الأكبر. وعلى
أتباع الدين الجديد الامتناع عن أكل اللحوم والبصل والثوم. وجعل يوم الأحد
يوم دخول الناس في هذا الدين، كما وضع تقويماً جديداً يبدأ من تاريخ توليه
العرش. وعلى الرغم من نجاح أكبر في تخفيف التعصب بين رعيته ودفع غالبية
الهندوس إلى الالتفاف حول الدين الجديد، فقد لقي مقاومة شديدة من المسلمين
ومن بعض الهندوس.
كان رأي أكبر في الإسلام أنه يستحق الإحترام لكنه أصبح دين عتيق لا يصلح
لهذا الزمان المزدهر وكذلك الهندوسية ويجب أن يعمل علي دين جديد يناسب
عصره.
كان أكبر حاكماً رحيماً حكيماً, وكان ذا أفكار جديدة, وكان ذا رأي صائب في معرفة الناس.
السبت يوليو 27, 2019 4:19 am من طرف طلعت شرموخ
» كنوز الفراعنه
السبت مايو 18, 2019 1:00 am من طرف طلعت شرموخ
» الثقب الاسود
السبت أبريل 13, 2019 1:22 am من طرف طلعت شرموخ
» طفل بطل
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:15 am من طرف طلعت شرموخ
» دكتور زاكي الدين احمد حسين
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:12 am من طرف طلعت شرموخ
» البطل عبدالرؤوف عمران
الإثنين أبريل 01, 2019 9:17 pm من طرف طلعت شرموخ
» نماذج مشرفه من الجيش المصري
الإثنين أبريل 01, 2019 9:12 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» دجاجة القاضي
الخميس فبراير 28, 2019 5:34 am من طرف طلعت شرموخ
» اخلاق رسول الله
الأربعاء فبراير 27, 2019 1:50 pm من طرف طلعت شرموخ
» يوم العبور في يوم اللا عبور
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:59 pm من طرف طلعت شرموخ
» من اروع ما قرات عن السجود
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:31 pm من طرف طلعت شرموخ
» قصه وعبره
الأربعاء فبراير 20, 2019 11:12 am من طرف طلعت شرموخ
» كيف تصنع شعب غبي
الخميس فبراير 14, 2019 12:55 pm من طرف طلعت شرموخ