فى سنة 1960 كان الشاب يقيم حفل زفافه وهو فى الثالثة والعشرين من عمره على أكثر تقدير، يبدأ حياته العملية قبل أن يتم عشرين سنة، ويصل غالبا إلى الدرجة الثانية فى الوظيفة وهو فى الثلاثين من عمره، والبعض يصل إلى درجة مدير عام وهو فى الخامسة والعشرين، وبعضهم يعمل بالتجارة ويصبح معلما فى دكانه، وهو لم يبلغ عامه الواحد والعشرين. المصدر هنا تحقيق صحفى من مجلة آخر ساعة نشر فى ديسمبر 1960، وفيه أيضا: أمهات فى العشرين وجدات فى الأربعين، ونساء فى أماكن مرموقة بدون واسطة وبدون الاستعانة بصديق!
انتهيت من قراءة عدد آخر ساعة بنشوة انتهت بمقابلة شاب فى الخامسة والثلاثين يسألنى بكل براءة: هل أؤجل قرارخطوبتى حتى أنتهى من تكوين نفسى؟
يفصلنا عن عام 60 خمسون عاما، لكنها تبدو ألف سنة، كأن هؤلاء الأشخاص الذين قرأت عنهم فى مجلة آخر ساعة بشر من زمن آخر ووطن آخر، شباب بكامل أناقتهم وكل حلمهم وحيويتهم، كانت الحياة بسيطة لكنها جميلة ودافئة وممكنة، فى هذا الزمن كانت التعاسة هى الاستثناء والسعادة هى القاعدة، بيت صغير بإيجار صغير مع وظيفة بمرتب معقول تنشئ حياة، شوارع قصيرة نظيفة، ملابس شغل إيد لكنها أكثر أناقة من بالات الملابس التى نستوردها الآن بمليارات الدولارات، فرش بيتنا خشب دافئ من دمياط من صنع صنايعى ماهر، مقاهٍ قليلة لاتسهر للصباح ولاتستنزف الوقت والفلوس، سينما تعرض فيلما لفاتن حمامة وعمر الشريف وعبد الحليم حافظ، وأم كلثوم تغنى أول كل شهر، زيارات منزلية متبادلة، وعلاقات صداقة حميمية تعرف معدنها الأصيل وقت الشدة، الأشجار محترمة فى الشوارع ممتدة، تحرس كل عابر سبيل، القاهرة 60 بكل عافيتها، ميدان رمسيس كما تراه فى فيلم يوم من عمرى، وأحلام قوية لايأس فيها، المسافات قصيرة بين الناس وبعضها وبين الأحلام وبعضها، وبين الأيام وبعضها، فواتير الحياة سهلة الدفع، وأرض الله واسعة لا يضع يده عليها عصابة تسرقها وتسرق خيرها، القطن يكفينا لنصنع البنطلون والبيجامة والقمح يكفينا لنطمئن أننا لن ننام بدون عشاء.
خمسون عاما فاصلة، قلبت حتى مشاعرنا وتقاليدنا، جعلتنا نعيش حياة باردة لاسعادة فيها، وليتفضل شخص بكامل قواه العقلية مهما كان ويقول لى إنه: سعيد!
أغلب الأغنياء تعساء بقدر تعاسة الفقراء وأكثر، لأنهم يعيشون ثراء وهميا غير حقيقى ليس فى ترابه عرق، خمسون عاما غاب فيها من غاب، فأصبحنا عراة من غطاء الشخصيات الحقيقية التى كانت تعطى للحياة معنى وقيمة، انتشر المغشوش أو للدقة: المغشوش هو الأكثر انتشارا، يبدأ الشاب حياته فى الثلاثين والأربعين والخمسين، وتقول الفتاة علنا أن الوصول للنجاح يبدأ بصاحب مؤقت يأخذها إلى ماتريد، والزوجات يطاردن المستحيل بلقمة العيش مساهمة فى مصاريف العيشة الصعبة ويدفعن ثمنا باهظا من كرامتهن ومن أنوثتهن ومن أمومتهن، وأطفال تربية حضانات، وشغالات مع بيوت باردة تطرد الناس كل ليلة إلى الشوارع والكافيهات.
تم بنجاح ساحق تدمير حياة المصريين من القاع، وسوف تكتشف فى نهاية الفيلم أن الجناة عدد لابأس به، يجلسون فى غرفة مغلقة على ضوء خافت يضحكون.. إن ماخططوا له أن يتم فى ألف سنة.. اختصرناه لهم فى خمسين سنة فقط!
انتهيت من قراءة عدد آخر ساعة بنشوة انتهت بمقابلة شاب فى الخامسة والثلاثين يسألنى بكل براءة: هل أؤجل قرارخطوبتى حتى أنتهى من تكوين نفسى؟
يفصلنا عن عام 60 خمسون عاما، لكنها تبدو ألف سنة، كأن هؤلاء الأشخاص الذين قرأت عنهم فى مجلة آخر ساعة بشر من زمن آخر ووطن آخر، شباب بكامل أناقتهم وكل حلمهم وحيويتهم، كانت الحياة بسيطة لكنها جميلة ودافئة وممكنة، فى هذا الزمن كانت التعاسة هى الاستثناء والسعادة هى القاعدة، بيت صغير بإيجار صغير مع وظيفة بمرتب معقول تنشئ حياة، شوارع قصيرة نظيفة، ملابس شغل إيد لكنها أكثر أناقة من بالات الملابس التى نستوردها الآن بمليارات الدولارات، فرش بيتنا خشب دافئ من دمياط من صنع صنايعى ماهر، مقاهٍ قليلة لاتسهر للصباح ولاتستنزف الوقت والفلوس، سينما تعرض فيلما لفاتن حمامة وعمر الشريف وعبد الحليم حافظ، وأم كلثوم تغنى أول كل شهر، زيارات منزلية متبادلة، وعلاقات صداقة حميمية تعرف معدنها الأصيل وقت الشدة، الأشجار محترمة فى الشوارع ممتدة، تحرس كل عابر سبيل، القاهرة 60 بكل عافيتها، ميدان رمسيس كما تراه فى فيلم يوم من عمرى، وأحلام قوية لايأس فيها، المسافات قصيرة بين الناس وبعضها وبين الأحلام وبعضها، وبين الأيام وبعضها، فواتير الحياة سهلة الدفع، وأرض الله واسعة لا يضع يده عليها عصابة تسرقها وتسرق خيرها، القطن يكفينا لنصنع البنطلون والبيجامة والقمح يكفينا لنطمئن أننا لن ننام بدون عشاء.
خمسون عاما فاصلة، قلبت حتى مشاعرنا وتقاليدنا، جعلتنا نعيش حياة باردة لاسعادة فيها، وليتفضل شخص بكامل قواه العقلية مهما كان ويقول لى إنه: سعيد!
أغلب الأغنياء تعساء بقدر تعاسة الفقراء وأكثر، لأنهم يعيشون ثراء وهميا غير حقيقى ليس فى ترابه عرق، خمسون عاما غاب فيها من غاب، فأصبحنا عراة من غطاء الشخصيات الحقيقية التى كانت تعطى للحياة معنى وقيمة، انتشر المغشوش أو للدقة: المغشوش هو الأكثر انتشارا، يبدأ الشاب حياته فى الثلاثين والأربعين والخمسين، وتقول الفتاة علنا أن الوصول للنجاح يبدأ بصاحب مؤقت يأخذها إلى ماتريد، والزوجات يطاردن المستحيل بلقمة العيش مساهمة فى مصاريف العيشة الصعبة ويدفعن ثمنا باهظا من كرامتهن ومن أنوثتهن ومن أمومتهن، وأطفال تربية حضانات، وشغالات مع بيوت باردة تطرد الناس كل ليلة إلى الشوارع والكافيهات.
تم بنجاح ساحق تدمير حياة المصريين من القاع، وسوف تكتشف فى نهاية الفيلم أن الجناة عدد لابأس به، يجلسون فى غرفة مغلقة على ضوء خافت يضحكون.. إن ماخططوا له أن يتم فى ألف سنة.. اختصرناه لهم فى خمسين سنة فقط!
السبت يوليو 27, 2019 4:19 am من طرف طلعت شرموخ
» كنوز الفراعنه
السبت مايو 18, 2019 1:00 am من طرف طلعت شرموخ
» الثقب الاسود
السبت أبريل 13, 2019 1:22 am من طرف طلعت شرموخ
» طفل بطل
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:15 am من طرف طلعت شرموخ
» دكتور زاكي الدين احمد حسين
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:12 am من طرف طلعت شرموخ
» البطل عبدالرؤوف عمران
الإثنين أبريل 01, 2019 9:17 pm من طرف طلعت شرموخ
» نماذج مشرفه من الجيش المصري
الإثنين أبريل 01, 2019 9:12 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» دجاجة القاضي
الخميس فبراير 28, 2019 5:34 am من طرف طلعت شرموخ
» اخلاق رسول الله
الأربعاء فبراير 27, 2019 1:50 pm من طرف طلعت شرموخ
» يوم العبور في يوم اللا عبور
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:59 pm من طرف طلعت شرموخ
» من اروع ما قرات عن السجود
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:31 pm من طرف طلعت شرموخ
» قصه وعبره
الأربعاء فبراير 20, 2019 11:12 am من طرف طلعت شرموخ
» كيف تصنع شعب غبي
الخميس فبراير 14, 2019 12:55 pm من طرف طلعت شرموخ