كان الروم قد خندقوا خندقًا حول حصنبابليون، وجعلوا للخندق أبوابًا لخروجهم ودخولهم، ونثروا سكك الحديد بأفنيةالأبواب.لم يذكر الرواة أماكن تلك المخارج، ولكنا نرى أنه من المنطق أن تكون تجاهأبواب الحصن، كما أن استعمال صيغة الجمع (أبوابًا) تعني أنها لم تكن تقل عن ثلاثة.ونعلم أنه كان للحصن باب في الجدار الشمالي أمام الجهة التي أقيم بها بعد ذلك جامععمرو بن العاص، وباب في المدخل الجنوبي الذي نشأ أمامه بعد ذلك السوق الكبير، وفىذلك المكان كان النيل يصل إلى جدار الحصن حيث الآن الكنيسة المعلقة، كما كان هناكباب في الجدار الشرقي الذي كان ينفذ منه درب الحجر. أبطأالفتح أمام حصن حصين يلوذ به الروم ولا يخرجون منه إلا إذا أرادوا، ثم يعودون إليهمنهزمين فيعتصمون به. ثم ماذا؟ في عديد من الروايات عن رواة ثقات، قال الزبير بنالعوام: "إني أهب نفسي لله، فأرجو أن يفتح الله بذلك على المسلمين". ووضعسُلَّمًا من الخشب إلى جانب الحصن من ناحية سوق الحمام، وأمر المسلمين إذا سمعواتكبيره أن يجيبوه جميعًا. كان الزبير فدائيًّا شجاعًا لا يدري ما سوف يلقى فوقالسور من قوات الروم، وكان في نحو الخمسين من عمره. ومادام جدار الحصن كان يرتفع حوالي 18 مترًا، فلا بد أن السلم لا يقل عن عشرين مترًاحتى نتصور إمكان استناده مائلاً على جدار الحصن، فهو سلم كبير غير عادي، استغرقبعض الوقت في صناعته، ربما أيامًا، كذلك لا بد أنه كان ثقيلاً، استلزم حمله علىأكتاف عديد من الرجال الأشداء، وعبور الخندق به في صمت تام إلى جدار الحصن حتى لاينتبه الروم، ولا بد أيضًا أنه كان قد تمَّ صنعه في الخلف على مسافة من الحصن،وربما كان ذلك في موقع بني بَلِيّ (250 مترًا أو يزيد)، فهم الذين تسلق رجال منهمالحصن مع الزبير (بنو حرام). وقد صعد مع الزبير إلى أعلى الحصن محمد بن مسلمةالأنصاري، ومالك بن أبي سلسلة، ورجال من بني حرام. وبطبيعةالحال كان ذلك في غفلة من أهل الحصن، فلا نذهب إلى أنه حدث نهارًا، وإنما يتحتمأنه كان ليلاً، ويدعم ذلك أنه كان يوم الجمعة 29 من ذي الحجة20هـ / 7 ديسمبر 641مبما يعني عدم وجود هلال يكشف بسطوعه عملية الاقتراب والتسلق، فضلاً عن أن الفصلشتاء بارد ينشد جنود الروم الدفء فيه، خاصة وأنه قد مضى على وقوف المسلمين أمامالحصن سبعة أشهر، اعتادوا على عدم حدوث شيء من هذا القبيل ولم يخطر لهم على بال،فما شعروا إلا والزبير على رأس الحصن يكبر ومعه سيفه والمسلمون يرددون تكبيره، وقدتسلقوا على السلم حتى نهاهم عمرو خوفًا من أن ينكسر، ثم انحدر الزبير ومن معه إلىداخل الحصن، والأرجح أنهم نزلوا على سلالم البرج، وأصاب الرعب أهل الحصن فهربوا منأمامهم، وعمد الزبير إلى باب الحصن المغلق من الداخل ففتحه واقتحمه المسلمون من الخارج. سقوط حصن بابليون وطلب الروم للصلح
كانالحصن في قلب مصر، وكان أحصن ما بيد الروم في مواجهة جيش المسلمين، فلما سقط بداواضحًا حرج موقف الروم أمام عملية الفتح. نعم ما زال أمام المسلمين أن يعبروامجاريَ مائية خاصة نهر النيل، ولكن أيضًا صار مألوفًا لديهم أن يجدوا حلاًّ أمامكل عقدة. صارالمسلمون وقد أحدق بهم الماء من كل جهة واتجاه، لا يقدرون أن ينفذوا نحو الصعيدولا إلى غير ذلك من المدائن والقرى، والمقوقس يقول لأصحابه: "ألم أعلمكم هذاوأخافه عليكم؟! ما تنظرون؟ فوالله لتجيبنهم إلى ما أرادوا طوعًا، أو لتجيبنهم إلىما هو أعظم منه كرهًا، فأطيعوني من قبل أن تندموا". فلمارأوا منهم ما رأوا وقال لهم المقوقس ما قال، أذعنوا بالجزية ورضوا بذلك على صلحيكون بينهم يعرفونه، وأرسل المقوقس إلى عمرو بن العاص: "إني لم أزل حريصًاعلى إجابتك إلى خصلة من تلك الخصال التي أرسلت إليَّ بها، فأبى ذلك عليَّ من حضرنيمن الروم والقبط، فلم يكن لي أن افْتَاتَ عليهم في أموالهم وقد عرفوا نصحي لهموحبي صلاحهم، ورجعوا إلى قولي، فأعطني أمانًا أجتمع أنا وأنت في نفر من أصحابيوأنت في نفر من أصحابك، فإن استقام الأمر بيننا تمَّ ذلك لنا جميعًا، وإن لم يتمرجعنا إلى ما كنا عليه". فاستشارعمرو أصحابه في ذلك فقالوا: "لا نجيبهم إلى شيء من الصلح ولا الجزية حتى يفتحالله علينا، وتصير الأرض كلها لنا فيئًا وغنيمة كما صار لنا القصر وما فيه". قالعمرو: "قد علمتم ما عهد إليَّ أمير المؤمنين في عهده، فإن أجابوا إلى خصلة منالخصال الثلاث التي عهد إليَّ فيها أجبتهم إليها وقبلت منهم، مع ما قد حال هذاالماء بيننا وبين ما نريد من قتالهم". فجنحالمسلمون إلى الصلح كما عاهدهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، وتمَّعقد الصلح بين المسلمين والرومان، ونذكره كما أورده الطبري: "بسمالله الرحمن الرحيم. هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهموملتهم وأموالهم وكنائسهم وصلبهم، وبرهم وبحرهم، لا يدخل عليهم شيء من ذلك ولاينتقص، ولا يساكنهم النوب، وعلى أهل مصر أن يعطوا الجزية إذا اجتمعوا على هذاالصلح وانتهت زيادة نهرهم خمسين ألف ألف، وعليهم ما جنى لُصوتُهم (جمع لِصْت، وهواللص)، فإن أبى أحد منهم أن يجيب رُفِعَ عنهم من الجزاء بقدرهم، وذمتنا ممن أبىبريئة، وإن نقص نهرهم من غايتهم إذا انتهى رُفع عنهم بقدر ذلك، ومن دخل في صلحهممن الروم والنوب فله مثل ما لهم، وعليه مثل ما عليهم، ومن أبى واختار الذهاب فهوآمن حتى يبلغ مأمنه، أو يخرج من سلطاننا، عليهم ما عليهم أثلاثًا في كل ثلث جبايةثلث ما عليهم، على ما في هذا الكتاب عهد الله وذمته، وذمة رسوله، وذمة الخليفةأمير المؤمنين، وعلى النوبة الذين استجابوا أن يعينوا بكذا وكذا رأسًا، وكذا وكذافرسًا، على ألا يُغْزَوا ولا يُمْنَعُوا من تجارة صادرة ولا واردة". وشرطالمقوقس للروم أن يخيّروا، فمن أحب منهم أن يقيم على مثل هذا أقام على ذلك لازمًاله مفترضًا عليه فيمن أقام بالإسكندرية وما حولها من أرض مصر كلها، ومن أرادالخروج منها إلى أرض الروم خرج، على أن للمقوقس الخيار في الروم خاصة حتى يكتب إلىملك الروم يعلنه ما فعل، وإن قبل ذلك منه ورضيه جاز عليهم، وإلا كانوا جميعًا علىما كانوا عليه، وكتبوا بذلك كتابًا. غضب قيصر الروم.. ودخول المقوقس في المعاهدة
كتبالمقوقس إلى ملك الروم يعلمه بذلك، فجاءه من ملك الروم جوابه على ذلك يقبح رأيهوعجزه ويرد عليه ما فعل، ويقول: "إنما أتاك من العرب اثنا عشر ألفًا، وبمصرمن بها من كثرة عدد القبط ما لا يحصى، فإن كان القبط كرهوا القتال وأحبوا أداءالجزية إلى العرب واختاروهم علينا، فإن عندك بمصر من الروم بالإسكندرية ومن معكأكثر من مائة ألف معهم العدة والقوة، والعرب وحالهم وضعفهم على ما قد رأيت فعجزتعن قتالهم، ورضيت أن تكون أنت ومن معك من الروم على حال القبط أذلاء! ألا تقاتلهمأنت ومن معك من الروم حتى تموت أو تظهر عليهم، فإنهم فيكم -على قدر كثرتكم وقوتكم،وعلى قدر قلتهم وضعفهم- كأكلة، فناهضهم القتال ولا يكون لك رأي غير ذلك". وكتبملك الروم بمثل ذلك إلى جماعة الروم. قالالمقوقس: والله إنهم على قلتهم وضعفهم أقوى وأشد منا على كثرتنا وقوتنا، إن الرجلالواحد منهم ليعدل مائة رجل منا، وذلك أنهم قوم الموت أحب إلى أحدهم من الحياة،يقاتل الرجل منهم وهو مستقتل يتمنى ألا يرجع إلى أهله ولا بلده ولا ولده، ويرون أنلهم أجرًا عظيمًا فيمن قتلوا منا، ويقولون إنهم إن قُتِلُوا دخلوا الجنة، وليس لهمرغبة في الدنيا، ولا لذة إلا قدر بُلْغَة العيش من الطعام واللباس، ونحن قوم نكرهالموت ونحب الحياة ولذتها، فكيف نستقيم نحن وهؤلاء؟! وكيف صبرنا معهم؟! واعلموا -معشرالروم- والله أني لا أخرج مما دخلت فيه ولا صالحت العرب عليه، وأني لأعلم أنكمسترجعون غدًا إلى رأيي وقولي، وتتمنون أن لو كنتم أطعتموني، وذلك أني قد عاينتورأيت وعرفت ما لم يعاين الملك ولم يره ولم يعرفه. ويحكم! أما يرضى أحدكم أن يكونآمنًا في دهره على نفسه وماله وولده بدينارين في السنة؟! ثمأقبل المقوقس على عمرو بن العاص وقال له: إن الملك قد كره ما فعلتُ وعَجَّزني،وكتب إليّ وإلى جماعة الروم ألا نرضى بمصالحتك، وأمرهم بقتالك حتى يظفروا بك أوتظفر بهم، ولم أكن لأخرج مما دخلت فيه وعاقدتك عليه، وإنما سلطاني على نفسي ومنأطاعني، وقد تمَّ صلح القبط بينك وبينهم ولم يأتِ من قِبَلِهم نقض، وأنا مُتمّ لكعلى نفسي، والقبط متمون لك على الصلح الذي صالحتهم عليه وعاهدتهم، وأما الروم فأنامنهم براء. وأنا أطلب إليك أن تعطيني ثلاث خصال". قالعمرو: "ما هن؟"قال:لا تنقض بالقبط وأدخلني معهم وألزمني ما لزمهم، وقد اجتمعت كلمتي وكلمتهم على ماعاهدتك عليه، فهم يتمون لك على ما تحب. وأما الثانية إن سألك الروم بعد اليوم أنتصالحهم فلا تصالحهم حتى تجعلهم فيئًا وعبيدًا؛ فإنهم أهل ذلك لأني نصحتهمفاستغشوني، ونظرت لهم فاتهموني. وأماالثالثة أطلب إليك إن أنا مت أن تأمرهم يدفنونني في كنيسة أبي يُحَنَّسبالإسكندرية". فقال عمرو: "هذه أهونهن علينا". فأنعمله عمرو بن العاص بذلك، وأجابه إلى ما طلب على أن يضمنوا له الجسرين جميعًا، ويقيمواله الأضياف والأنزال والأسواق والجسور ما بين الفسطاط إلى الإسكندرية، ففعلوا.
كانالحصن في قلب مصر، وكان أحصن ما بيد الروم في مواجهة جيش المسلمين، فلما سقط بداواضحًا حرج موقف الروم أمام عملية الفتح. نعم ما زال أمام المسلمين أن يعبروامجاريَ مائية خاصة نهر النيل، ولكن أيضًا صار مألوفًا لديهم أن يجدوا حلاًّ أمامكل عقدة. صارالمسلمون وقد أحدق بهم الماء من كل جهة واتجاه، لا يقدرون أن ينفذوا نحو الصعيدولا إلى غير ذلك من المدائن والقرى، والمقوقس يقول لأصحابه: "ألم أعلمكم هذاوأخافه عليكم؟! ما تنظرون؟ فوالله لتجيبنهم إلى ما أرادوا طوعًا، أو لتجيبنهم إلىما هو أعظم منه كرهًا، فأطيعوني من قبل أن تندموا". فلمارأوا منهم ما رأوا وقال لهم المقوقس ما قال، أذعنوا بالجزية ورضوا بذلك على صلحيكون بينهم يعرفونه، وأرسل المقوقس إلى عمرو بن العاص: "إني لم أزل حريصًاعلى إجابتك إلى خصلة من تلك الخصال التي أرسلت إليَّ بها، فأبى ذلك عليَّ من حضرنيمن الروم والقبط، فلم يكن لي أن افْتَاتَ عليهم في أموالهم وقد عرفوا نصحي لهموحبي صلاحهم، ورجعوا إلى قولي، فأعطني أمانًا أجتمع أنا وأنت في نفر من أصحابيوأنت في نفر من أصحابك، فإن استقام الأمر بيننا تمَّ ذلك لنا جميعًا، وإن لم يتمرجعنا إلى ما كنا عليه". فاستشارعمرو أصحابه في ذلك فقالوا: "لا نجيبهم إلى شيء من الصلح ولا الجزية حتى يفتحالله علينا، وتصير الأرض كلها لنا فيئًا وغنيمة كما صار لنا القصر وما فيه". قالعمرو: "قد علمتم ما عهد إليَّ أمير المؤمنين في عهده، فإن أجابوا إلى خصلة منالخصال الثلاث التي عهد إليَّ فيها أجبتهم إليها وقبلت منهم، مع ما قد حال هذاالماء بيننا وبين ما نريد من قتالهم". فجنحالمسلمون إلى الصلح كما عاهدهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، وتمَّعقد الصلح بين المسلمين والرومان، ونذكره كما أورده الطبري: "بسمالله الرحمن الرحيم. هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهموملتهم وأموالهم وكنائسهم وصلبهم، وبرهم وبحرهم، لا يدخل عليهم شيء من ذلك ولاينتقص، ولا يساكنهم النوب، وعلى أهل مصر أن يعطوا الجزية إذا اجتمعوا على هذاالصلح وانتهت زيادة نهرهم خمسين ألف ألف، وعليهم ما جنى لُصوتُهم (جمع لِصْت، وهواللص)، فإن أبى أحد منهم أن يجيب رُفِعَ عنهم من الجزاء بقدرهم، وذمتنا ممن أبىبريئة، وإن نقص نهرهم من غايتهم إذا انتهى رُفع عنهم بقدر ذلك، ومن دخل في صلحهممن الروم والنوب فله مثل ما لهم، وعليه مثل ما عليهم، ومن أبى واختار الذهاب فهوآمن حتى يبلغ مأمنه، أو يخرج من سلطاننا، عليهم ما عليهم أثلاثًا في كل ثلث جبايةثلث ما عليهم، على ما في هذا الكتاب عهد الله وذمته، وذمة رسوله، وذمة الخليفةأمير المؤمنين، وعلى النوبة الذين استجابوا أن يعينوا بكذا وكذا رأسًا، وكذا وكذافرسًا، على ألا يُغْزَوا ولا يُمْنَعُوا من تجارة صادرة ولا واردة". وشرطالمقوقس للروم أن يخيّروا، فمن أحب منهم أن يقيم على مثل هذا أقام على ذلك لازمًاله مفترضًا عليه فيمن أقام بالإسكندرية وما حولها من أرض مصر كلها، ومن أرادالخروج منها إلى أرض الروم خرج، على أن للمقوقس الخيار في الروم خاصة حتى يكتب إلىملك الروم يعلنه ما فعل، وإن قبل ذلك منه ورضيه جاز عليهم، وإلا كانوا جميعًا علىما كانوا عليه، وكتبوا بذلك كتابًا. غضب قيصر الروم.. ودخول المقوقس في المعاهدة
كتبالمقوقس إلى ملك الروم يعلمه بذلك، فجاءه من ملك الروم جوابه على ذلك يقبح رأيهوعجزه ويرد عليه ما فعل، ويقول: "إنما أتاك من العرب اثنا عشر ألفًا، وبمصرمن بها من كثرة عدد القبط ما لا يحصى، فإن كان القبط كرهوا القتال وأحبوا أداءالجزية إلى العرب واختاروهم علينا، فإن عندك بمصر من الروم بالإسكندرية ومن معكأكثر من مائة ألف معهم العدة والقوة، والعرب وحالهم وضعفهم على ما قد رأيت فعجزتعن قتالهم، ورضيت أن تكون أنت ومن معك من الروم على حال القبط أذلاء! ألا تقاتلهمأنت ومن معك من الروم حتى تموت أو تظهر عليهم، فإنهم فيكم -على قدر كثرتكم وقوتكم،وعلى قدر قلتهم وضعفهم- كأكلة، فناهضهم القتال ولا يكون لك رأي غير ذلك". وكتبملك الروم بمثل ذلك إلى جماعة الروم. قالالمقوقس: والله إنهم على قلتهم وضعفهم أقوى وأشد منا على كثرتنا وقوتنا، إن الرجلالواحد منهم ليعدل مائة رجل منا، وذلك أنهم قوم الموت أحب إلى أحدهم من الحياة،يقاتل الرجل منهم وهو مستقتل يتمنى ألا يرجع إلى أهله ولا بلده ولا ولده، ويرون أنلهم أجرًا عظيمًا فيمن قتلوا منا، ويقولون إنهم إن قُتِلُوا دخلوا الجنة، وليس لهمرغبة في الدنيا، ولا لذة إلا قدر بُلْغَة العيش من الطعام واللباس، ونحن قوم نكرهالموت ونحب الحياة ولذتها، فكيف نستقيم نحن وهؤلاء؟! وكيف صبرنا معهم؟! واعلموا -معشرالروم- والله أني لا أخرج مما دخلت فيه ولا صالحت العرب عليه، وأني لأعلم أنكمسترجعون غدًا إلى رأيي وقولي، وتتمنون أن لو كنتم أطعتموني، وذلك أني قد عاينتورأيت وعرفت ما لم يعاين الملك ولم يره ولم يعرفه. ويحكم! أما يرضى أحدكم أن يكونآمنًا في دهره على نفسه وماله وولده بدينارين في السنة؟! ثمأقبل المقوقس على عمرو بن العاص وقال له: إن الملك قد كره ما فعلتُ وعَجَّزني،وكتب إليّ وإلى جماعة الروم ألا نرضى بمصالحتك، وأمرهم بقتالك حتى يظفروا بك أوتظفر بهم، ولم أكن لأخرج مما دخلت فيه وعاقدتك عليه، وإنما سلطاني على نفسي ومنأطاعني، وقد تمَّ صلح القبط بينك وبينهم ولم يأتِ من قِبَلِهم نقض، وأنا مُتمّ لكعلى نفسي، والقبط متمون لك على الصلح الذي صالحتهم عليه وعاهدتهم، وأما الروم فأنامنهم براء. وأنا أطلب إليك أن تعطيني ثلاث خصال". قالعمرو: "ما هن؟"قال:لا تنقض بالقبط وأدخلني معهم وألزمني ما لزمهم، وقد اجتمعت كلمتي وكلمتهم على ماعاهدتك عليه، فهم يتمون لك على ما تحب. وأما الثانية إن سألك الروم بعد اليوم أنتصالحهم فلا تصالحهم حتى تجعلهم فيئًا وعبيدًا؛ فإنهم أهل ذلك لأني نصحتهمفاستغشوني، ونظرت لهم فاتهموني. وأماالثالثة أطلب إليك إن أنا مت أن تأمرهم يدفنونني في كنيسة أبي يُحَنَّسبالإسكندرية". فقال عمرو: "هذه أهونهن علينا". فأنعمله عمرو بن العاص بذلك، وأجابه إلى ما طلب على أن يضمنوا له الجسرين جميعًا، ويقيمواله الأضياف والأنزال والأسواق والجسور ما بين الفسطاط إلى الإسكندرية، ففعلوا.
السبت يوليو 27, 2019 4:19 am من طرف طلعت شرموخ
» كنوز الفراعنه
السبت مايو 18, 2019 1:00 am من طرف طلعت شرموخ
» الثقب الاسود
السبت أبريل 13, 2019 1:22 am من طرف طلعت شرموخ
» طفل بطل
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:15 am من طرف طلعت شرموخ
» دكتور زاكي الدين احمد حسين
الأربعاء أبريل 10, 2019 10:12 am من طرف طلعت شرموخ
» البطل عبدالرؤوف عمران
الإثنين أبريل 01, 2019 9:17 pm من طرف طلعت شرموخ
» نماذج مشرفه من الجيش المصري
الإثنين أبريل 01, 2019 9:12 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» حافظ ابراهيم
السبت مارس 02, 2019 1:23 pm من طرف طلعت شرموخ
» دجاجة القاضي
الخميس فبراير 28, 2019 5:34 am من طرف طلعت شرموخ
» اخلاق رسول الله
الأربعاء فبراير 27, 2019 1:50 pm من طرف طلعت شرموخ
» يوم العبور في يوم اللا عبور
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:59 pm من طرف طلعت شرموخ
» من اروع ما قرات عن السجود
الثلاثاء فبراير 26, 2019 5:31 pm من طرف طلعت شرموخ
» قصه وعبره
الأربعاء فبراير 20, 2019 11:12 am من طرف طلعت شرموخ
» كيف تصنع شعب غبي
الخميس فبراير 14, 2019 12:55 pm من طرف طلعت شرموخ